كاتب الموضوع | رسالة |
---|
منى الراوى مشرف منتدي السياحة والآثار
ســآعـتي : التسجيل : 04/10/2010 المساهمات : 4915 عدد النقاط : 10549 المزاج : المهنة : الهوايه : الدولة : الأوسمة : التميز :
| موضوع: رد: خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر الإثنين 11 أكتوبر 2010, 11:06 pm | |
| بياتريشيا اللذيذة
ولكي يزجوا به داخل دائرة الجاسوسية من أوسع الأبواب... قذفوا اليه بطفلة يهودية يتيمة في العاشرة من عمرها، طرقت باب شقته في فرانكفورت، ولأنهم زرعوا الكاميرات والأجهزة السرية بها واتخذوا من الشقة المجاورة مكمناً لتسجيل ما سيحدث .. أذهلتهم أغرب مطاردة بين جدران الشقة الصغيرة، بين توماس الذئب الجائع... والطفلة الضعيفة التي كانت تبكي متوسلة إليه، فيتوسل هو إليها ألا تتركه يعاني أكثر من ذلك. وبدا في قمة ضعفه عندما هجم على الطفلة، وصفعها في عنف فانخرست من الخوف، وشرع في الحال في تجريدها من ملابسها ، وبدا واضحاً ارتجاف أطرافها واضطراب أنفاسها اللاهثة، و كان لا يصدق أن فريسته بين يديه، واحتضنها في لهفة الجائع وهو يأمرها ألا تصده، أو تعترض على ما يفعله بها. وفوجئ بهم من حوله، انتزعوا الطفلة من بين يديه فانزوت ترتجف.. بينما أخذ يرجوهم ألا يصحبوه عارياً للشرطة. وأطلعوه على ما لديهم من أدلة شذوذه، فانهار.. ووقع في لمح البصر على عقد يقر فيه بتعاونه مع الموساد، وأنه على استعداد تام لتنفيذ ما يكلف به. هذه هي الموساد .. تتبع أقذر الحيل للسيطرة على عملائها وإخضاعهم، وهذا ليس بأمر جديد على المخابرات الاسرائيلية، فلا شيء يهم طالما ستحقق مآربها وتجند ضعاف النفوس في كل زمان ومكان. في قمة مذلته وشذوذه لم تكن لديه القدرة على أن يفكر أو يقرر، إذ أن إرادته قد شلت ... وانقلب إلى شخص آخر بلا عقل... فقد خلفته المحنة وأزهقته الصدمة، وبسهولة شديدة استسلم لضباط الموساد يتحكمون بأعصابه.. وابتدأوا في تدريبه وإحكام سيطرتهم عليه، وكتب في عدة صفحات بيده كل ما لديه من معلومات اقتصادية يعرفها بحكم عمله وعلاقاته، وأحاطوه بدائرة الخوف فلم يستطع الإفلات، وهددوا بقتل أفراد أسرته إذا ما عاد إلى مصر وأبلغ السلطات... فقد كان من السهل إقناعه بوجود عملاء لهم في القاهرة ينتظرون إشارة منهم ليقوموا باللازم مع عائلته هناك. وتأكيداً لذلك... أرسلوا باقة زهور إلى منزله بمناسبة عيد ميلاد ابنته... وكم كان فزعه شديداً عندما اتصل بالقاهرة فتشكره ابنته على باقة الزهور التي أرسلها.. وأصيب رجل الأعمال المذعور بصدمة عنيفة، وصرخ في هلع مؤكداً بأنه سيقوم بالعمل لصالحهم... وتركوه يسافر ملتاعاً ومرعوباً يحمل تكليفات محددة وأسئلة مطلوب إجاباتها، وكانوا على يقين أنه سقط في شباكهم ولن يمكنه الإفلات أبداً. وفي الطائرة استغرقه تفكير عميق فيما صار إليه حاله، وهل يستطيع النجاة من هذا المأزق أم لا؟ واتصل فور وصوله بصديقه محمد أحمد حسن الذي يشغل منصباً حساساً في مدرسة المدفعية بالقاهرة، وسأله عدة أسئلة تتصل بعمل جهاز المخابرات المصري. وهل بالإمكان حماية شخص ما تورط مع المخابرات الإسرائيلية؟ وكانت إجابات محمد حسن إجابات قاطعة، تؤكد ان المخابرات المصرية من أنشط أجهزة المخابرات في العالم بعد استحداثها وتدريب كوادرها بأقسامها المختلفة، وحسبما يقال فهي تحمي المتورطين إذا ما تقدم بالإبلاغ عما وقع لهم بالخارج. لكن توماس لم يثق بكلامه، وظن أنها دعاية يروجها لا أكثر.. فتملكه الخوف من الانسياق وراء دعاية لن تفيد، وحرص على المضي في طريق الخيانة حتى آخره. بينما انشغل صديقه بالهدايا الثمينة التي جلبها له ولم يسأله عن تفاصيل الأمر. أو عن ذلك الشخص المتورط مع الموساد. لم يضيع توماس وقته في إثارة أعصابه بالتفكير والقلق.. وشرع كما دربوه في دراسة أحوال المحيطين به ليستكشف نقاط ضعف تمكنه من النفاذ اليهم، وكان أول من نصب شباكه حوله – محمد أحمد حسين – الذي كان يدرك جيداً أن المخابرات المصرية أضافت اختصاصات وتكنولوجيا حديثة تمكنها من تعقب الجواسيس والخونة. تناسى الرجل العسكري كل ذلك وعاش في وهم ابتدعه. ولم يعد يفكر سوى في نفسه فقط... وقد طغت هدايا صديقه على أنسجة عقله. كان ذلك في شهر أكتوبر عام 1958 عندما نام ضميره نوم الموات بلا أدنى حياة أو رعشة من شعور... وأسلم مصيره بل حياته كلها لمغامرة طائشة قادته إلى الهلاك. وكانت "بياتريشيا" خطوة أولى في سلم الموت الذي لا مهرب منه ولا منجي على الإطلاق... وبياتريشيا هذه راقصة ألمانية مقيمة بالقاهرة... تربطها بتوماس علاقة قديمة قبل زواجه من كيتي، وفي حين انشغل عنها بعمله اضطر لتجديد علاقته بها بمجرد عودته، لتساعده في تجنيد محمد حسن الذي كان يعرف عنه ميله الشديد للخمر والنساء. فرحت الراقصة المثيرة بعودة توماس إليها وتقابلت الأغراض والنوايا... وبعد سهرة ممتعة بأحد النوادي الليلية... ارتسمت بخيالات محمد حسن صور متعددة لعلاقته ببياتريشيا، أراد ترجمتها إلى واقع فعلي لكن راتبه الضئيل لم يكن ليكفي للإنفاق على بيته... وعلى راقصة مثيرة تجتذب من حولها هواة صيد الحسناوات. وتكررت السهرات الرائعة، التي أصبحت تشكل شبه عادة لديه لم يكن من السهل تبديلها أو الاستغناء عنها، وأغرقته الراقصة في عشقها فازداد اندفاعاً تجاهها، ولم يوقفه سوى ضيق ذات اليد. عند ذلك لم يكن أمامه سوى الالتجاء إلى توماس ليستدين منه، وتضخم الدين حتى توترت حياة محمد حسن... وانتهزها توماس فرصة سانحة لاستغلاله والضغط عليه فرضخ له في النهاية وسقط مخموراً في مصيدة الجاسوسية... مستسلماً بكامل رغبته مقابل راتب شهري – خمسين جنيهاً – خصصه له توماس لينفق على الفاتنة التي أغوته وأسكرته حتى الثمالة. في المقابل لم يبخل محمد حسن بالمعلومات الحيوية عن مدرسة المدفعية... كأعداد الطلاب بها وأسماء المدربين والخطة الاستراتيجية للتدريب.. كل ذلك من أجل عيون الفاتنة الحسناء العميلة.
فيالها من سقطة .. ويالها من مأساة وخيبة !! وفي الوقت الذي نشط فيه توماس كجاسوس يقوم بمهمته، تراءت له فكرة تجنيد عملاء آخرين تتنوع من خلالهم المعلومات التي يسعى للوصول إليها. فكان أن نصب شباكه حول مصور أرمني محترف اسمه جريس يعقوب تانيليان – 43 عاماً ، واستطاع أن يسيطر عليه هو الآخر بواسطة إحدى الساقطات وتدعى – كاميليا بازيان – أوهمته كذباً بفحولة لا يتمتع بها سواه. ولأنه كان ضعيفاً جنسياً... رأى رجولة وهمية بين أحضانها، فهي المرأة الوحيدة التي "أنعشت" رجولته، وبالتالي فقد كان لزاماً عليه إسباغ رجولة أخرى حولها، وهي الإنفاق عليها بسخاء. وفي غضون عدة أشهر استنزفته كاميليا مادياً... فاتبع مسلك محمد حسن باللجوء إلى توماس ليقرضه مالاً، فجنده في لحظات ضعفه وحاجته. ولما اتسع نشاطه.. استأجر توماس شقة بمنطقة روكسي باسم محمد حسن كانت تزهر بأنواع فاخرة من الخمور، وتقام فيها الحفلات الماجنة التي تدعى اليها شخصيات عامة، تتناثر منها المعلومات كلما لعبت الخمر بالرؤوس فتمايلت على صدور الحسان وتمرغت بين أحضانها. وفي إحدى حجرات الشقة أقام جريس تانيليان معملاً مصغراً لتحميض الأفلام وإظهار الصور والخرائط، حيث كان يجلبها محمد حسن من مقر عمله ويعيدها ثانية إلى مكانها. وذات مرة ... عرض توماس على محمد حسن فكرة السفر إلى السويس بالسيارة... ثم إلى بورسعيد لتصوير المواقع العسكرية والتعرف عليها من خلال شروحه... ووافق الأخير ورافقتهما كيتي التي اطلعت على سر مهنة زوجها وشاركته عمله. وكان محمد حسن دليلاً لهما يشرح على الواقع أماكن الوحدات العسكرية.. فيقوم توماس بتصويرها من النافذة وتسجيلها على خريطة معه بينما تقود كيتي السيارة.
المشهد العجيب
وعندما تعثرت أحوال "جورج شفيق دهاقيان" – 45 عاماً – تاجر الملابس، تدخل صديقه توماس بطريقته الخاصة لإنقاذه، وكان المقابل تجنيده للعمل معه في شبكة الجاسوسية. لم يعترض جورج كثيراً في البداية.. فهو يعلم أنه لا يملك معلومات حيوية هامة تساوي مئات الجنيهات التي أخذها من توماس مقابل إيصالات ورهونات. وقد كان توماس الخائن ينظر إلى بعيد... إلى ضابط كبير يقيم أعلى شقة جورج وتربطهما علاقات وطيدة، وكان له دور فعال فيما بعد. ولأن "بوليدور باب زوغلو" تاجر طموح يحلم بامتلاك محل كبير للمجوهرات بوسط القاهرة .. عرض الفكرة على توماس فأبدى موافقته وشجعه على المضي لتحقيق حلمه، والحلم تلزمه مبالغ كبيرة، والخمر تلتهم حصيلة مكسبه أولاً بأول إلى جانب السهرات الماجنة التي تستنزف الكثير من رأسماله. عند ذلك لم يجد توماس صعوبة تذكر في اصطياده أيضاً بعدما رسم له خطوط الحلم المرجو. لقد رأى بوليدور أن لا شيء يجب أن يعوق تنفيذ حلمه الكبير .. حتى ولو كانت الخيانة هي الثمن. هكذا مضى توماس يصطاد ضعاف النفوس... فيمدهم بالمال ويغرقهم في الخمر والجنس ويحصل على مبتغاه من خلالهم.. وانتعشت بذلك شبكة توماس في جمع المعلومات، لا يوقفها خوف من السقوط أو من حبل المشنقة. فالمخابرات الاسرائيلية كانت تؤكد له في كل مرة يزور فيها ألمانيا أن المخابرات المصرية خاملة ضعيفة. نشأت منذ سنوات قليلة ولم تنضج بعد، ومهما أوتيت من علم ومقدرة فمن المستحيل كشفه. هذا الاعتقاد سيطر عليه فأظهر وفاءه لإسرائيل وكراهيته للعرب ولكل ما هو عربي. وكلما استدعوه إلى ألمانيا كانوا يعدون له وليمة يعشقها من الفتيات الصغيرات أو الغلمان. ولم يعد يهمهم تصويره في أوضاعه الشاذة مع الصغار بعد ذلك... فلقد سقط حتى أذنيه وتوسعت شبكته توسعاً مذهلاً حير خبراء الموساد أنفسهم، إذ تعدت الشبكة حدود مصر إلى دول عربية أخرى.. بعدما ازداد توماس علماً بأدق فنون التجسس... وكيفية السيطرة على شركائه بسهولة بواسطة نقاط ضعفهم التي استغلها بمهارة، وبالأموال الطائلة التي ينفقها عليهم، وقد اشتدت حاجتهم اليها، وقد عرفوا أن لكل معلومة ثمناً وقيمة. وذات مرة عاد توماس من إحدى رحلاته في ألمانيا وفي ذهنه صورة "جورج استماتيو" الموظف بمحلات جروبي بالقاهرة. كان استماتيو يشرف على حفلات العشاء التي كانت تقيمها رئاسة الجمهورية للضيوف، ومن خلال دخوله لقصر الرئاسة بشكل رسمي، فقد كان يعد بمثابة سلة معلومات طازجة، تحوي كل ما يدور في الحفلات الرسمية من أسرار وأخبار، ويمكن استخدام هذه المعلومات بشكل أو بآخر، إضافة إلى الاستعانة باستماتيو في تنفيذ أية مخططات مستقبلية. لذلك .. وجدها توماس فرصة لا تعوض .. وكان عنده إصرار متوحش لتجنيده هو الآخر ليحصل منه على معلومات تدر عليه مبالغ خيالية.. خاصة وأن استماتيو – 53 عاماً – يعيش مأساة عجيبة جداً. إذ كان مصاباً بالعنة المؤقتة أو عدم القدرة على الجماع إلا بعد أن يجامعه رجل مثله. حينئذ تعود اليه رجولته ويأتي المرأة بمهارة. اكتشف توماس هذا السر وأخذ يدبر للسيطرة عليه والدخول به لوكر الجواسيس الذي صنعه. وعندما عرض الأمر على ضباط الموساد... تهللت أساريرهم وأمدوه بأجهزة حساسة دُرب عليها لتسجيل هذا المشهد الشاذ العجيب... وعاونه جريس تانيليان في مهمته إلى جانب بياتريشيا التي وافقت على تصوير المشهد للسيطرة على استماتيو.
( يتبع ) | |
|
| |
منى الراوى مشرف منتدي السياحة والآثار
ســآعـتي : التسجيل : 04/10/2010 المساهمات : 4915 عدد النقاط : 10549 المزاج : المهنة : الهوايه : الدولة : الأوسمة : التميز :
| موضوع: رد: خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر الإثنين 11 أكتوبر 2010, 11:07 pm | |
| كيرلس الوطني الشريف
في شقة روكسي تحولت إحدى حجرات النوم في شقة روكسي إلى بلاتوه، وقام أحد الشباب بدور الرجل مع استماتيو المخمور. وكان المشهد الغريب الذي تم تصويره – سبباً لخضوعه... وسقوطه في دائرة الجاسوسية غصباً عنه. ومن خلاله.. تدفقت أسرار قصر الرئاسة وما يجري بين أروقته، وما يتلقطه من أخبار وأسرار وحكايات لا تنشرها الصحف أو يعلم بها أحد. داس توماس على كل القيم والمبادئ لتحقيق أغراضه.. ووصل به الأمر أنه قدم زوجته كيتي دورث هدية إلى بعض المحيطين به لتستخلص منهم أسراراً معينة... ولم يبخل بها على صديقه محمد حسن الذي حمل إليه ذات مرة وثيقة هامة تحوي أسراراً غاية في الخطورة، أراد توماس تصويرها فطلب منه محمد حسن الثمن... زوجته، وأمام رغبته وتصميمه لم يجد بداً من تحقيق مطلبه، وعلى فراشه.
السقوط [/size] [size=21]ونعود مرة أخرى إلى جورج شفيق دهاقيان ... التاجر الذي أنقذه توماس من الإفلاس، لقد كانت تربطه جيرة وصداقة بضابط كبير بالقوات المسلحة اسمه "أديب حنا كيرلس" لاحظ كيرلس تردد جاره دهاقيان على منزله كثيراً في مناسبات عديدة وبدون مناسبات أيضاً. وكان في كل مرة يناقشه في أمور عسكرية حساسة ويحاول الحصول على إجابات لاستفساراته.. بل وإطلاعه على لوحات ووثائق عسكرية تؤكد شروحه. لاحظ كيرلس أيضاً أن جاره يعيد طرح أسئلة بعينها سبق أن أجابه عليها. وشك الضابط في الأمر، فهذا التاجر يريد إجابات تفصيلية لأمور عسكرية حساسة... وكلما أعرض عنه يزداد إلحاحاً عليه... عندئذ... انقلب شكه إلى يقين... وبلا تردد حمل شكوكه إلى جهاز المخابرات المصرية وأطلعهم على كل ما دار من حوارات. وبعد مراقبات دقيقة لدهاقيان .. أمكن التعرف على توماس والمترددين عليه، وكانت مفاجأة غاية في الغرابة... إذ تكشفت شبكة جاسوسية خطيرة كان لا بد من معرفة كل أعضائها. وفي خطة بالغة السرية والحذر ... أمكن الزج بعناصر مدربة إلى الشبكة فاتضح أن لها أذرعاً أخطبوطية تؤلف شبكة جاسوسية تمتد لتشمل دولاً عربية أخرى.. تكونت بها خلايا على اتصال بفروع للموساد في كل من ألمانيا وفرنسا وسويسرا وهولندا وإيطاليا... وكلها تعمل في تناسق مدهش، وتكوّن في مجملها ست شبكات للجاسوسية في القاهرة والاسكندرية ودمشق. وبالقبض على الخونة في 6 يناير 1961 اتضحت حقائق مذهلة .. فغالبية الجواسيس سقطوا في بئر الخيانة بسبب الانحراف والشذوذ. وكانت أدوات التجسس التي ضبطت عبارة عن خمس آلات تصوير دقيقة، وحقيبة سفر ذات قاع سري، وعلبةسجائر جوفاء تخبئ به الوثائق والأفلام، وجهاز إرسال متقدم وجد بسيفون الحمام بشقة خاصة بتوماس في جاردن سيتي. وبموجب القرار الجمهوري رقم 71 لسنة 1961 شكلت محكمة أمن دولة عليا... يشمل اختصاصها كل وقائع التجسس في مصل وسوريا "كانت الوحدة لازالت قائمة" وخلال ستة أشهر.. بلغت جلسات المحاكمة 83 جلسة، وبلغ عدد صفحات ملف القضية حوالي ستة آلاف صفحة، وأدلى 95 شاهداً بأقوالهم منهم الخبراء والفنيون والمختصون، أما عدد المتهمين من المصريين فكان 11 متهماً ومن الأجانب 6 ودافع عنهم 33 محامياً، وجرى ندب طابور طويل من خبراء مصلحة التزيف والتحليل بالطب الشرعي، وخبراء اللاسلكي والإلكترونيات، بالإضافة إلى عدد كبير من الفنيين الذين انتدبوا بمعرفة المحكمة، وعدد من المترجمين بالجهات الرسمية. وفي 25 أكتوبر 1961 أصدرت المحكمة حكماً بإعدام جان ليون توماس شنقاً، ومحمد حسن رمياً بالرصاص، وبالأشغال الشاقة المؤبدة والمؤقتة على الآخرين. أما كيتي دورث فقد أفلتت من العقاب في مصر لأنها سافرت لألمانيا قبل القبض على أفراد الشبكة بعدة أيام، لكن عقاب السماء كان أسرع. إذ صدمتها سيارة مسرعة وقتلت... في الحال بأحد شوارع فرانكفورت... بينما باتريشيا التي عوقبت بالسجن لمدة عامين، فقد أصيبت بسرطان في الثدي امتد إلى صدرها النافر المثير... والتهم هذا الجمال الرائع الذي استغل أسوأ استغلال في اصطياد الخونة والجواسيس. وفي إسرائيل تشكلت لجنة "قعادات" وهو اختصار لاسم "قعادات راشيل هاشيرو تيم" والمؤلفة من رؤساء أجهزة المخابرات في إسرائيل ومستشاري رئيس الوزراء... لدراسة أسباب سقوط هذه الشبكة .. التي كانت تمثل مصدراً حيوياً يتدفق بالمعلومات الاستراتيجية في الجمهورية العربية المتحدة. لقد كان هذا السقوط المفاجئ سبباً في صدمة عنيفة لكبار قادة الاستخبارات الإسرائيلية. إذ تبين لهم بشكل قاطع أن هناك عقولاً عربية تستطيع إرباكهم... وتدمير مخططاتهم القذرة في المنطقة العربية بحيث يجدّون دائماً في البحث عن أساليب جديدة متطورة، تذكي ذلك العالم السري الغامض .. عالم المخابرات والجاسوسية..
و إلى اللقاء مع قصة أخرى | |
|
| |
منى الراوى مشرف منتدي السياحة والآثار
ســآعـتي : التسجيل : 04/10/2010 المساهمات : 4915 عدد النقاط : 10549 المزاج : المهنة : الهوايه : الدولة : الأوسمة : التميز :
| موضوع: رد: خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر الإثنين 11 أكتوبر 2010, 11:10 pm | |
| 9) عمر حموده أقذر الجواسيس
كيف سقط فى عين شمس
حصل عمر حمودة على الثانوية العامة سنة 1971 بمعدل هزيل لم يحقق لها أدنى طموحاته، وكانت أعظم أمانيه في تلك المرحلة من العمر، أن يهنأ بعلاقة مع شاب شاذ يشاركه شذوذه، ويستمتع معه بالحرية الجنسية التي يحلم بتحقيقها. كان عمر حمودة شاذاً سلبياً ، أي يفضل أن يقوم بدور الأنثى. هذا الشذوذ كبر معه منذ الصغر، واستفحل الداء عنده للدرجة التي لا حل معها. وقد ضربه أبوه مرات كثيرة بعدما انتشرت حكاياته وفضائحه، وكان في العادة يبكي بعنف لوالده ويعده بأن يلتزم الأدب . لكن لا فائدة . . إذ كبر شذوذه وفشل معه علاج الطب وعلاج الضرب والإيذاء. فكم تكوم الشاذ في أحد أركان "البلكونة" عقاباً له عشرات الليالي مكبلاً ومحروماً من الطعام والماء، وبمجرد إطلاق سراحه "يسرح" في الخرابات ودور السينما يبحث عن صيد شاذ. وعندما طلب لتأدية الخدمة العسكرية سر كثيراً. لكن .. سلموه شهادة الإعفاء وقالوا له "الجيش يطلب رجالاً فقط" فعاد مقهوراً.. ومرت به الشهور كئيبة. إذ قلما عثر على ضالته لضيق ذات اليد بعدما أمسك والده عنه مصروفه الذي ينفقه على شذوذه. . وكثيراً ما خلا إلى نفسه يبكي ضعفه ويرجو خلاصاً له من العار ولكن هيهات، فداء الشذوذ عنده أقوى من نداء التوبة.
المجد ..!!
أخيراً لملم أشلاء عقله المنهك وقرر أن يغير خطة حياته كلها. وجاءه هذا القرار بعدما قرأ عشرات التقارير عن الشذوذ في الجيش الصهيوني، وشواذ أوروبا الذين لا يخجلون من شذوذهم، ويجهرون به بدعوى الحرية. وامتلأت رأسه بأفكار كثيرة تقوده في النهاية الى حتمية الحياة في مجتمع متفتح يستطيع فيه أن يمارس شذوذه دون إحساس بالنقيصة أو بالانزواء. وعندما أعاد قراءة قصة الجاسوس شاكر فاخوري – الشاذ الايجابي – وكيف طرق بنفسه باب السفارة الصهيونية في نيقوسيا – أدرك أن هناك خطأ ما قاده إلى مصيره المظلم وأن بإمكانه – هو – ألا يخطو خطوة واحدة، دون حساب للخطوة التي تليها. ودفع عن رأسه فكرة محاكاة شاكر. لكن عقله المشوش غامت به الأفكار واحتفظ لنفسه بما قرره، وأعد أوراقه للسفر إلى حيث تبدأ حياة جديدة، بعيداً عن مجتمع يقهر فيه رغبته وشذوذه. تسلم عمر حمودة جواز سفره وحجز تذكرة بالطائرة إلى استنابول . . وأسكرته حقيقة وجوده على أرض أجنبية بلا رقيب يحد من سلوكه أو يراقبه.. واستنشق لأول مرة هواء حريته وتحرره حتى كاد أن يصرخ فرحاً أمام ساحة المطار. . فأضواء المدينة من بعيد كانت تتراقص كأنها حبيبات من اللؤلؤ البراق. . وتصدح بأذنيه أغنيات لا يفهمها ولكن إيقاع الموسيقى يتناغم مع شرقيته ويدعوه إلى الانتشاء. استقل سيارة الى بنسيون "بورال" الواقع في منطقة شعبية تفيض زحاماً وضجيجاً، وقذف بحقيبته داخل الغرفة وخرج كالملهوف يجوب شوارع المدينة الساحرة الواقعة على بحر "مرمره" المخنوق ما بين مضيقي البسفور والدردنيل. تراقصت حواسه تلذذاً بفعل السعادة الغامرة التي تملكته عندما وصل الى أحد الميادين الشاسعة، ودلف إلى الحديقة المظلمة التي تقتطع جزءاً كبيراً منه، واقترب من عشرات "الهيبيز" من الجنسين الذين اتخذوا من الحديقة منتدى لهم ومأوى، ووسط هذا الخضم من المزيج حاول أن يبحث لنفسه عن مكان بينهم. لكن حاجز اللغة منعه وصدمه في بادئ الأمر، حتى اكتشف أن هناك لغة خاصة جداً لا يفهمها سوى الشواذ أمثاله، ومن خلالها تقرب بأحدهم واختلى به جانباً يتذوق على أرض تركيا طعم الحرية التي حرم من مذاقها علانية في مصر. إن لغة الشواذ لا تنطق بلغة واحدة، بل تنطق بكل اللغات بلا حروف أبجدية أو قواعد. إنها لغة الإشارات التي تحس وتفهم تماماً فيما بين مجتمع اللواطيين الذين يجوبون كل مدن أوروبا، ويتخذون من شوارعها وحدائقها منفثاً لإفراغ مخزون قيودهم . . وعقدهم فيتحللون من قواعد السلوك السوي ويصبحون كالكلاب الضالة. أربعة أيام مرت وعمر حمودة يتعاطى الشذوذ في حدائق استانبول، إلى أن سرقه أحدهم فخلت جيوبه من النقود، وفي الحال قرر تنفيذ خطته التي رسمها مرات ومرات في خياله قبل أن يغادر مطار القاهرة. وعندما سأل موظف الاستقبال في البنسيون عن مكان السفارة الصهيونية قال له إن السفارة في العاصمة أنقرة، أما القنصلية الصهيونية فمقرها في استانبول. كانت نيته مبيتة بالفعل على اتخاذ خطوته المجنونة. . لذلك لم يحاول البحث عن عمل أو يسعى من أجل ذلك. . فالفكرة كانت قد اختمرت برأسه وأصبح من الصعب أن يتراجع، وعندما شرع في التنفيذ، لم يطلب القنصلية تليفونياً بل ذهب اليها بنفسه فوجد بابها موصداً، وفكر في الرجوع ثانية الى البنسيون لكنه بعدما خطا عدة خطوات عاد ثانية ودق الجرس، فانفتح الباب فجأة وصدمته المفاجأة، لكنه تسمر مكانه أمام حارس الأمن الذي كرر السؤال عليه عدة مرات: ماذا تريد؟ وفشل في أن يجيب إجابة مفهومة وتعثر في النطق بينما كانت يده تبحث عن ورقة تنقذه من ورطة الموقف. نظر الحارس في الورقة الصغيرة ثم رفع وجهه الى هذا الطارق الغريب، وقام واقفاً وهو يرمقه متفحصاً بدهشة، وتركه بالباب مهرولاً إلى الداخل ليعود بعد لحظات برفقته رجل في نحو الخامسة والأربعين، صالح عمر حمودة وباندهاش سأله بالعربية: هل أنت مصري؟ قال له: نعم. . فجذبه إلى الداخل وانفرد به بعيداً في مكتب أنيق وقال له: قلت في الورقة أنك تريد مقابلة أحد المسؤلين لأمر هام. فماذا تريد؟ أخرج حمود جواز سفره وقدمه إلى الصهيوني وهو يقول: أنا لا أريد العودة إلى مصر. . لقد كرهت مصر وكل ما فيها وكثيراً ما فكرت في البحث عن دولة أخرى أعيش بها وهداني تفكيري إليكم. فقال له الصهيوني متعجباً: لماذا نحن بالذات؟ ولماذا لم تلجأ لدولة عربية بدلاً من إسرائيل التي هي في حالة حرب مع مصر وكل دول العرب؟ أجاب حمودة: أنا أحلم بالحياة في إسرائيل حيث الحرية بلا حدود وفرص العمل متوفرة والعائد المادي كبير جداً قياساً بكل دول العرب. لم يستغرق الحوار دقائق قليلة كما كان حمودة يعتقد.. بل امتد لساعات طويلة في حجرة أخرى مجهزة بأحدث الأجهزة التنصتية، وكاميرات تنقل كل ما يدور لحجرة أخرى بها أجهزة التسجيل، وجيء بعدة أوراق انكب الخائن على كتابة سيرة حياته منذ البداية وتفاصيل وأسماء أقاربه ووظائفهم وآراؤه في كل شيء في مصر. وفي مثل هذه المواقف يعمد ضباط المخابرات إلى إظهار عطفهم، وإضفاء روح التقارب مع الخونة لإزالة حاجز الخوف والرهبة وبث الطمأنينة في نفوسهم. وقام ضابط الموساد في القنصلية بترتيب غرفة رائعة بفندق فخم نزل بها الخائن ضيفاً على القنصلية الصهيونية عدة أيام. كان القصد من تركه هكذا بمفرده تحليل الواقعة تحليلاً منطقياً ونفسياً، خوفاً من أن يكون حمودة عميلاً للمخابرات المصرية يقود الصهاينة إلى شرك محكم. وبعد مراقبته مراقبة لصيقة، ثبت لهم أنه شاب لا انتماء وطني لديه، وبإمكانهم استغلاله في القيام بما يطلب منه مقابل المال. ونتيجة لما توصلوا إليه، زاره أحد الضباط وعرفه باسمه "النقيب سامي" ودارت بينهما حوارات طويلة، قال خلالها حمودة إنه تأثر بقصة شاكر فاخوري الذي وقع في قبضة المخابرات المصرية، وكيف أخطأ شاكر عندما أغدق على الضابط المصري بالهدايا الثمينة في محاولة لتجنيده دون أن يحسب حساباً لوطنيته. أخذ ضابط الموساد يعدد للخائن الخدمات التي قدموها لشاكر فاخوري، وكيف أنهم عرضوا استبداله بعدد من الأسرى المصريين والعرب، وعندما رفضت الحكومة المصرية عرضوا مقابل الافراج عنه ملايين الدولارات فرفضوا أيضا. لكنهم – على حد زعمه – مارسوا ضغوطاً دولية جادة وعنيفة من أجل إنقاذه من حبل المشنقة. أسهب النقيب سامي – كذباً – في تبرير محاولات دولة العدو الصهيوني شراء الجواسيس العرب الذين اكتشف أمرهم، مدعياً أنه لولا وقوف كيانه إلى جانبهم لأعدموا، لكن الحكومة المصرية والحكومات العربية – نظراً لوجود أسرى حرب – فصفقات تبادل الجواسيس عادة ما تتم في السر بعيداً عن الأضواء وأجهزة الإعلام. عندها قال حمودة معقباً: نعم . . نعم . . فلذلك جئت إليكم بنفسي أعرض خدماتي، وأضع نفسي تحت إمرتكم على أن تسمحوا لي بالعيش مدى الحياة في إسرائيل. لم يعقب ضابط المخابرات بل أعطاه النقود وقال له: أنت شاب مغامر لم تجئنا اعتباطاً بل لأنك تعرف جيداً أن المخابرات الاسرائيلية أقوى جهاز مخابرات في العالم. وأن إسرائيل هي واحة الحرية في منطقة عربية محاصرة بالتخلف والقهر والدكتاتورية. وأضاف النقيب سامي: سننظر في أمرك باهتمام بالغ، ولكننا الآن نريد منك أن تساعدنا في مهمة بسيطة ستسافر لإنجازها في لبنان لنتأكد من مدى إخلاصك لنا. في الحال وافق حمودة وأعلن سعادته بهذا التكليف، وبدأ الضابط اليهودي في تدريبه على أعمال التجسس خاصة فيما يتصل بالمهمة المحددة التي سيكلف بها. خلال ذلك كان حمودة لا يكف عن زيارة حديقة الهيبز حيث يلتقي بأمثاله من الشواذ، وكانت هذه اللقاءات هي المصدر الأول لسعادته، إذ أنه بعد كل لقاء كان يصفو ذهنياً ويهيأ لتلقي جرعة الجاسوسية اليومية والتدريبات المهارية، وتتشكل لديه أمام بريق الدولار روح المغامرة والفدائية فيقدم على هضم الدورة المكثفة التي يدرسها في حجرته بالفندق، وعندما ركب الطائرة الى بيروت كانت لديه جرأة عجيبة للعمل لصالح الموساد، وابتدأت المهمة.
( يتبع ) | |
|
| |
منى الراوى مشرف منتدي السياحة والآثار
ســآعـتي : التسجيل : 04/10/2010 المساهمات : 4915 عدد النقاط : 10549 المزاج : المهنة : الهوايه : الدولة : الأوسمة : التميز :
| موضوع: رد: خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر الإثنين 11 أكتوبر 2010, 11:11 pm | |
| مهمة في بيروت
أفرزت نكسة يونيو 1967 عاملاً مهماً على الصعيد العربي يتمثل بالالتفاف الشعبي الهائل حول المقاومة الفلسطينية، خاصة في الوقت الذي أصبحت فيه هذه الظاهرة نقطة بارزة في عملية الصراع العربي – الصهيوني. بالإضافة إلى ما أحرزته المقاومة من ضربات ناجحة ضد العدو في أكثر من موقع، وفي مختلف المجالات. لذلك عمدت الاستخبارات الصهيونية إلى ملاحقة المقاومة الفلسطينية، عبر زرع العملاء والجواسيس في مختلف الأقطار العربية التي تتواجد فيها قواعد المقاومة، بهدف الحصول على المعلومات الضرورية حول تحركاتها ومراكزها وتسلحها وتنقلات قادتها. كما لجأت إلى إحداث عمليات تخريبية سياسية وطائفية لبلبلة الأوضاع في البلاد العربية. فتوجه بذلك أصابع الاتهام إلى المقاومة، وتولد ضدها موجة من العداء والكراهية تستهدف عرقلة مسيرتها وتقدمها. من هذا الاتجاه. . ركزت الاستخبارات الصهيونية جهودها على القرى اللبنانية الحدودية التي يتسلل الفدائيون الفلسطينيون عبرها لتنفيذ عملياتهم ضد مؤسسات العدو ومنشآته وأفراده. ونجحت هذه الاستخبارات في تجنيد بعض الخونة من سكان هذه القرى الحدودية التي تمثل نقطة عبور إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة، وكان من بين هؤلاء العملاء الخونة – نايف المصطفى – اللبناني من قرية "البستان" الحدودية الذي قبض 400 ليرة مقابل خيانته كل شهر. كان هناك أيضاً – أحمد ضاهر – من قرية "عيترون" ونايف البدوي من "بارين" وخميس أحمد بيومي وجميل القرح والعشرات غيرهم. كل هؤلاء الخونة أغدقت عليهم المخابرات الصهيونية واشترتهم، واستفحل الأمر كثيراً حتى أن علي حسن سلامة اكتشف بنفسه 24 عميلاً للموساد جرى إعدامهم في غضون شهور قليلة، مما يؤكد تغلغل الموساد بكثافة داخل الأراضي اللبنانية، لحماية حدودها الشمالية من هجمات الفدائيين الذين لم يكفوا عن التسلل إلى الأرض المحتلة. كانت مهمة عمر حمودة في لبنان مهمة محدودة، وهي الانضمام إلى إحدى المنظمات الفدائية لجمع أكبر قدر من المعلومات عن الفدائيين. وللأسف الشديد جرى تدريبه على استعمال السلاح والمتفجرات في معسر تابع لإحدى المنظمات الفلسطينية تمهيداً لإرساله إلى الأرض المحتلة للقيام بعمليات فدائية داخل المستوطنات الشمالية. وكان الجاسوس الجديد الذي وثق به رجال المنظمة يسجل كل صغيرة وكبيرة في لبنان. . فيما يتعلق بالمقاومة ومسئوليها ومواقع تدريباتها وأسلحتها وعناصرها، بل وعناوين بعض قادتها في حي "الفكهاني" ببيروت والذي يقيم به جمع غفير من الفلسطينيين. كانت هناك أيضاً دلائل على اشتراكه في جمع التحريات والمعلومات عن ثلاثة من قادة منظمة أيلول الأسود الذين جرى اغتيالهم في بيروت في 9 أبريل 1973. . وكانوا يقيمون في عمارة واحدة واشتركوا معاً في تدبير مذبحة ميونيخ في 5 سبتمبر 1972 والتي راح ضحيتها 11 إسرائيلياً. وبعد أن جمع عمر حمودة حصيلة هائلة من المعلومات أراد السفر بها إلى استانبول على وجه السرعة، فادعى لقادة المنظمة أنه مضطر للسفر إلى القاهرة للتصديق على شهادة الثانوية العامة التي يحملها للالتحاق بإحدى كليات جامعة بيروت العربية إلى جانب عمله الفدائي في المنظمة. بسهولة بلا تعقيد وافقوا بالطبع على سفره، ومن مكتب سفريات "بلانكو" في ساحة البرج في بيروت أستقل سيارة إلى دمشق عبر جبال لبنان المكسوة بأشجار الأرز والفاكهة. وفي دمشق زار صديقاً له في ضاحية "دوما" ثم استقل أتوبيساً إلى حلب بالشمال ماراً بمدينة حمص أشهر المدن السورية في طيبةأهلها، وتحاك حولهم النكات اللاذعة كأهل الصعيد في مصر، وفي حلب الشهباء توقف لزيارة أحد معارفه في القصر العدلي ثم عبر الحدود السورية إلى تركيا حيث ينتظره في استانبول ضابط المخابرات الصهيوني – النقيب سامي – فسلمه ما لديه من معلومات وخرائط تفصيلية هامة، توضح الطرق الجبلية التي يسلكها الفدائيون المتطوعون من سوريا إلى لبنان، بالإضافة إلى معلوماته الأخرى عن منظمة التحرير. سر ضابط الارتباط كثيراً لنجاح المهمة الأولى، ونجاح تلميذه المدرب في العودة بحصيلة رائعة من المعلومات من لبنان. وتركه في جناح فاخر بالفندق الفخم حتى تصل أوامر جديدة بخصوصه من تل أبيب، وبعد عدة أيام زاره يحمل إليه هذه المرة خطة جديدة ومهمة أخرى في القاهرة.
إلا القاهرة
احتج عمر حمودة بشدة على أوامر المخابرات الصهيونية، وحاول كثيراً ألا يوافق عليها . . إذ كيف له أن يعود إلى القاهرة وهو الهارب منها؟ وبعد جلسة عاصفة استسلم مرغماً. ففي عالم المخابرات والجاسوسية لا يتنصل عميل من مهام أوكلت إليه على الإطلاق، إذ ليس في الجاسوسية هرج ولا في عمل المخابرات هزل. كان يدرك أنه وقع لا محالة بين فكي رحى لو هرب من هذه، طالته تلك، وكانت مهمته في القاهرة كبيرة ومتعددة. فقد كان المطلوب منه أن ينجح في القاهرة مثلما نجح في بيروت وحقق بها أكثر مما هو مطلوب منه فاستحق مكافأة سخية من المخابرات الصهيونية مع رضاء عن عمله. ولكي ينجح في مهمة القاهرة . . كان لا بد له من معرفة وثيقة بكل مجريات الأحداث داخل أسوار الجامعات، وأيضاً الحركات الطلابية التي نشطت كثيراً في مصر بزعامة طلاب عملوا على بث الروح الوطنية في نفوس زملائهم، وتحفيز الغالبية على الثورة على النظام القائم في مصر حينذاك بعدما كثرت الوعود البراقة بالانتقام من دولة العدو الصهيوني وضربها. لقد كانت المنشورات الحماسية وقتها تجد مناخاً صحياً بين فئات الطلاب، فتنتشر وتؤثر، وبرزت المبادئ الناصرية الحماسية لدى الغالبية منهم، وكلما اعتقلت الداخلية النشطاء البارزين برز غيرهم، واتخذت المواجهات الطلابية مع الشرطة طابع الندية، وعم إحساس مرير بالذلة وبالعار. وضرورة الثأر من العدو الصهيوني. وفي وسط هذا الجو المشحون جاء الجاسوس الشاذ إلى مصر في أول ابريل 1973، يحمل عدة آلاف من الدولارات وبعض الحقائب الكبيرة المنتفخة .. تحوي هدايا لأسرته، وخاصة لأخيه عبد الحميد الطالب بالسنة الرابعة بكلية التربية جامعة عين شمس. كان عبد الحميد يقيم بالمدينة الجامعية المجاورة لوزارة الحربية ولمسجد الزعيم جمال عبد الناصر ، ولكثرة تردده على شقيقه تعرف بالطبع على زملائه بالمدينة الجامعية، الذين أظهروا حفاوة كبيرة بشقيق زميلهم وأكرموه، وأنسوا إليه والى حكاياته عن تركيا و"بنات" استانبول حيث أفاض في سرد أكاذيب ملفقة عن علاقته بهن وسهولة تكوين الصداقات والعلاقات "الخاصة" معهن. وبعد عدة زيارات للمدينة الجامعية للطلاب.. أحس الجاسوس بمدى التقارب الذي نشأ بينه وبين زملاء شقيقه عبد الحميد، فتطرق بعد ذلك إلى موضوعات سياسية أكثر "سخونة"، وينصت مستمعاً إلى ما يلقوا به على مسامعه من أخبار وتحركات وغليان داخل أسوار الجامعة. فكان يبدي اندهاشه كثيراً أمام تلك الأخبار، وكلما اندفعوا بحماسهم ازداد حماساً هو الآخر، وقد أضفى على نفسه هالة من البطولة والوطنية مدعياً بأنه ضد النظام القائم في مصر مثل غالبية المصريين، بل إن حماسه اشتعل أكثر وأكثر وزعم أنه كُلف من قبل المخابرات الصهيونية بحرق القنصلية المصرية في بني غازي، وذلك في هوجة المظاهرات العادية لمصر التي وقعت في ليبيا في تلك الفترة. وبهدوء شديد انتبه الطلاب لما يقوله، وأظهروا له أنهم صدقوه عندما رسموا على وجوههم ملامح الدهشة لوجود "بطل" بينهم قام بأعمال خطيرة، من شأنها أن ترفعه إلى مصاف "الوطنيين المخلصين". وعندما كلفهم بكتابة تقارير مفصلة عن الحركة الطلابية داخل الجامعة لكي يقرأها "على مهل" بعد ذلك، ازداد يقينهم أن في الأمر ثمة لغز، وأن هذا الشخص يخفي وراءه الكثير. تظاهر الطلاب بالموافقة على كتابة التقارير، وحملوا شكوكهم إلى اللواء سيد فهمي رئيس مباحث أمن الدولة، الذي كلف اللواء أحمد رشدي ، مدير مباحث أمن الدولة، بوضع خطة محكمة، بالتعاون مع هؤلاء الطلاب، لإلقاء القبض على الجاسوس والحصول على أدلة مسموعة ومكتوبة تدينه. سقوط الجاسوس
[center]اختلط عمر حمودة بالمجتمع الطلابي بالمدينة الجامعية، واستطاع أن يدخل الحرم الجامعي في عين شمس الذي يضم كليات الحقوق والعلوم والآداب والتجارة. ومن خلال تردده المستمر تعرف بفتاة في السنة الثالثة بكلية الآداب، تدرس بقسم الدراسات اليونانية واللاتينية – أعرق أقسام الكلية – وحاول أن يوهمها بحبه. لكنها لاحظت كثرة حديثه عن دولة العدو الصهيوني واشتراكه في مظاهرات معادية لمصر في الخارج، فتخوفت منه الفتاة خاصة بعدما حاول مراراً أن يعرف من خلالها نبض الطلاب لكونها عضو في اتحاد الطلاب، ففشل فشلاً ذريعاً معها . . في ذات الوقت الذي كان فيه زملاء شقيقه عبد الحميد، بالاشتراك مع مباحث أمن الدولة، يرتبون أمر الإيقاع به على وجه السرعة. وحسب الخطة المرسومة أعد له الطلاب جلسة سمر في حجرتهم بالمدينة الجامعية بعد تزويدهم بجهاز تسجيل دقيق، وجلس الخائن بينهم يستعرض أعماله البطولية "الوهمية" في ليبيا معترفاً بأنه "عمل حاجة جامدة" وأقر صراحة بعلاقته بالقنصلية الصهيونية في تركيا وتدريبه بواسطة الموساد، وعرض عليهم خدماته المادية والمعنوية فيما لو أمدوه بصفة دورية بأنشطة الطلاب المعادية لدولة الكيان ، وبالمنشورات التي توزع داخل الجامعة. وحوت الجلسة تهجم الجاسوس على الأوضاع عامة في مصر وشتمه للمسئولين وللحكومة. وبعد عدة ساعات من السمر ذهب الخائن إلى حجرة شقيقه في مبنى "د" بينما حمل الطلاب شريط الكاسيت إلى فريق مباحث أمن الدولة المتواجد بالقرب منهم، وبعد الاستماع إلى الشريط وعرض الأمر على المسئولين، أصدرت النيابة أمراً فورياً بالقبض عليه. وفي الساعة الثالثة من صباح يوم 19 مايو 1973 توجهت القوة المكلفة باعتقاله إلى المدينة الجامعية واقتادته للتحقيق. وعندما تبين للخائن انكشاف أمره للسلطات المصرية، أخذ يضرب رأسه بقبضته ثم لطم خديه وبتفتيش أوراقه عثر على قائمة بالتكاليف التي جاء لأجلها وتضم "12" تكليفاً بخط يده بجمع معلومات عن الحركة الطلابية في مصر، والحصول على نسخ من المنشورات التي توزع داخل الجامعات، والعناصر التي تسيطر على الطلبة، ومعلومات عن الوضع الاقتصادي والسياسي، وأماكن الصواريخ على القناة، ورغبة الشعب المصري في الحل السلمي أو العكس، ومعلومات عن الطلبة الفلسطينيين في مصر، وعن الوحدة الاندماجية. ونصحه النقيب سامي قبل سفره بتمزيق ورقة التكليفات لكن الجاسوس نسى ذلك أو سخر من نصيحته. . وعثر لديه أيضاً على فاتورة الفندق في استانبول ومكتوب عليها "دفعت من قبل القنصلية الإسرائيلية". اعترف الجاسوس بكل شيء أمام محكمة أمن الدولة العليا، برئاسة المستشار مصطفى عبد الوهاب خليل، وحكم عليه بالأشغال الشاقة المؤبدة. برغم أن التحقيقات أكدت على أنه لم ينقل أية معلومات من مصر، وأن المعلومات التي ضبطت معه لا تشكل خطورة. وكان من المحتمل نقله إلى لبنان لمحاكمته لو أن الحكم عليه جاء بأقل من المؤبد، ولكن 25 سنة بين جدران السجن – عمر آخر – كفيل بأن يدمر ويبني أشياء كثيرة في حياة خائن ، شاذ !!
و إلى اللقاء مع قصة أخرى من قصص الخيانة
| |
|
| |
منى الراوى مشرف منتدي السياحة والآثار
ســآعـتي : التسجيل : 04/10/2010 المساهمات : 4915 عدد النقاط : 10549 المزاج : المهنة : الهوايه : الدولة : الأوسمة : التميز :
| موضوع: رد: خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر الإثنين 11 أكتوبر 2010, 11:14 pm | |
| الجزء الرابــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــع
خونة تبرأ منهم تاريخ مصر
التاريخ ذلك الماضى العريق المشرف الذى نتطلع إليه ونستحضره ليحفزنا لنستعيد ذلك المجد الذى كناه فى واقعنا ونكرره فى مستقبلنا أوهو ذلك الماضى المخزي المشين الذى نحرص على ألا يحدث فى واقعنا وألا يتكرر فى مستقبلنا ندرسه لنستلهم منه العبرة ونعرف كيف كنا وكيف يجب أن نكون و على صفحات التاريخ خونة لم يستطع التاريخ نسيان ما فعلوه و لم يستطع أن يغفر لهم جرائهم
و من هؤلاء الخونة الذين تبرأ منهم التاريخ
(1 ) مراد بك الطاعون يقتل الطاعون
حياة هذا الرجل سلسلةٌ لا تنتهي من الخيانات، لم يخلص أبداً طوال عمره لوطنٍ أو دين أو مبدأ.. انتماؤه الوحيد كان لمصلحته هو وحسب "كان يغلب على طبع مراد بك الخوف والجبن مع التهور والطيش والتورط في الإقدام مع عدم الشجاعة.. وكان من أعظم الأسباب في خراب الأقاليم المصرية"
عبد الرحمن الجبرتي
حياةٌ غريبة عاشها مراد بك الذي قال عنه الجبرتي في نعيه في وفيات أبريل نيسان عام 1801 "أنه كان من الأسباب في خراب الإقليم المصري بما تجدد منه ومن مماليكه وأتباعه من الجور والقصور، ومسامحته لهم فلعل الهم يزول بزواله " بدأ مراد حياته كأحد مماليك علي بك الكبير، وكان من قادة جيوش علي بك التي ذهبت إلى الشام لضمها إلى الدولة المصرية، ولكنه خان سيده، وقاتل علي بك الكبير إلى أن مات على يد قوات محمد بك أبو الدهب، الذي أصبح الحاكم لمصر وسعى لتثبيت الحكم العثماني واسترضاء السلطان العثماني ولكنه لم يمكث إلا ثلاثة أعوام مات بعدها فجأة, ثم تولى إبراهيم بك الحكم وتقاسم بعض سلطاته مع مراد بك (1790-1798) دون الدخول تحت طاعة الباشا الذي عينه السلطان العثماني
ويحكي عبد الرحمن الجبرتي ("عجائب الآثار في التراجم والأخبار" الجزء الثاني)
عن واقع الحكم المشترك فيقول: "وعكف مراد بك على لذاته وشهواته وقضى أكثر زمانه خارج المدينة مرة بقصره الذي أنشأه بالروضة وأخرى بجزيرة الذهب وأخرى بقصر قايماز جهة العادلية كل ذلك مع مشاركته لإبراهيم بك في الأحكام والنقض والإبرام والإيراد والإصدار ومقاسمة الأموال والدواوين وتقليد مماليكه وأتباعه الولايات والمناصب وأخذ في بذل الأموال وإنفاقها على أمرائه وأتباعه فانضم إليه بعض أمراء علي بك وغيره ممن مات أسيادهم كعلي بك المعروف بالملط وسليمان بك الشابوري وعبد الرحمن بك عثمان فأكرمهم وواساهم ورخص لمماليكه في هفواتهم وسامحهم في زلاتهم وحظي عنده كل جريء غشوم عسوف ذميم ظلوم فانقلبت أوضاعهم وتبدلت طباعهم وشرهت نفوسهم وعلت رؤوسهم فتناظروا وتفاخروا وطمعوا في أستاذهم وشمخت آنافهم عليه وأغاروا حتى على ما في يده واشتهر بالكرم والعطاء فقصده الراغبون وامتدحه الشعراء والغاوون وأخذا الشيء من غير حقه وأعطاه لغير مستحقه"
إلا أن شريكي الحكم فوجئا بحملةٍ عسكرية أرسلها عبد الحميد الأول بقيادة حسن باشا الجزايرلى فقاوما هذه الحملة، غير أن حسن باشا انتصر عليهما وحتى يكسبهما إلى جانبه أعطاهما حكم المنطقة الواقعة ما بين برديس قرب سوهاج حتى شلال أسوان
غير أن المماليك حشدوا صفوفهم وهيأوا الفرصة لإبراهيم بك ومراد بك للعودة إلى القاهرة والسيطرة على البلاد مرة أخرى وآل بعدها إلى مراد بك وإبراهيم بك منصب شيخ البلد وكان شيخ البلد حينها هو الحاكم الفعلي لمصر
[center]فتحت السلطة شهية مراد بك لكي يبدأ عهد المظالم ضد المصريين
ويروي الجبرتي في يومياته بأن أمراء مماليك اعتدوا على بعض فلاحي مدينة بلبيس فحضر وفد منهم إلى الشيخ عبد الله الشرقاوي وكان شيخاً للأزهر وقتها، وقدموا شكواهم له ليرفع عنهم الظلم. غضب الشرقاوي وتوجه إلى الأزهر, وجمع المشايخ، وأغلقوا أبواب الجامع، وأمروا الناس بترك الأسواق والمتاجر. واحتشدت الجموع الغاضبة من الشعب. فأرسل إبراهيم بك شيخ البلد لهم أيوب بك الدفتردار
فسألهم عن أمرهم. فقالوا نريد العدل ورفع الظلم والجور وإقامة الشرع وإبطال الحوادث والمكوسات (الضرائب) وخشي زعيم الأمراء مغبة الثورة فأرسل إلى علماء الأزهر يبريء نفسه من تبعة الظلم ويلقيها على كاهل شريكه مراد بك وأرسل في الوقت نفسه إلى مراد يحذره عاقبة الثورة فاستسلم مراد بك ورد ما اغتصبه من أموال وأرضى نفوس المظلومين. لكن العلماء طالبوا بوضع نظام يمنع الظلم ويرد العدوان)
واجتمع الأمراء مع العلماء، وكان من بينهم الشيخ السادات وعمر مكرم والشيخ الشرقاوي والشيخ البكري والشيخ الأمير. وأعلن الظالمون أنهم تابوا والتزموا بما اشترطه عليهم العلماء وأعلنوا أنهم سيبطلون المظالم والضرائب والكف عن سلب أموال الناس والإلتزام بإرسال صرة مال أوقاف الحرمين الشريفين والعوائد المقررة إليهم وكانوا ينهبونها. وكان قاضي القضاة حاضراً فكتب على الأمراء وثيقة أمضاها الوالي العثماني وإبراهيم بك ومراد بك شيخا البلد وعندما وصل جنود الحملة الفرنسية غرب مدينة الإسكندرية في 2 يوليو تموز عام 1798 زحفوا على المدينة واحتلوها بعد مقاومة من جانب أهلها وحاكمها محمد كريم دامت ساعات. وبعد ذلك أخذ نابليون يزحف على القاهرة بطريق دمنهور، حيث استطاع الفرنسيون احتلال مدينة رشيد في 6 يوليو تموز ووصلوا إلى الرحمانية وهي قرية على النيل
وفي تلك الأثناء، كان المماليك يعدون جيشاً لمقاومة الجيوش الفرنسية بقيادة مراد بك حيث التقى الجيشان بالقرب من شبراخيت في 13 يوليو تموز، إلا أن الجيوش المملوكية هُزِمَت واضطرت إلى التقهقر فرجع مراد بك إلى القاهرة
( يتبع ) | |
|
| |
منى الراوى مشرف منتدي السياحة والآثار
ســآعـتي : التسجيل : 04/10/2010 المساهمات : 4915 عدد النقاط : 10549 المزاج : المهنة : الهوايه : الدولة : الأوسمة : التميز :
| موضوع: رد: خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر الإثنين 11 أكتوبر 2010, 11:15 pm | |
| وعن هذه الموقعة يقول الجبرتي في كتابه "عجائب الآثار فى التراجم والأخبار":
"التقى العسكر المصري مع الفرنسيس فلم تكن إلا ساعة وانهزم مراد بك ومن معه ولم يقع قتال صحيح وإنما هي مناوشة من طلائع العسكرين بحيث لم يقتل إلا القليل من الفريقين واحترقت مراكب مراد بك بما فيها من الجبخانة والآلات الحربية واحترق بها رئيس الطبجية خليل الكردلي" ثم بدأ الإعداد لجولةٍ ثانية وحاسمة بين الجيشين كانت قوات مراد بك تمتد من بشتيل وإمبابة إلى الأهرامات وكان جيشه يتألف من نحو خمسين ألفاً من المماليك وممن انضم إليهم من الانكشارية وغيرهم، هذا عدا العربان الذين تألفت منهم إلى حد كبير ميسرة الجيش الممتدة من الأهرامات (د. محمد فؤاد شكري الحملة الفرنسية وظهور محمد علي مطبعة المعارف ومكتبتها بمصر، ص 138). غير أن جيش مراد بك كان يعاني من سوء التدبير وإهمال أمر العدو، فضلاً عن الجفاء الواضح بين مراد بك وإبراهيم بك بسبب التنافس القديم على السلطة (عبد الرحمن الرافعي تاريخ الحركة القومية ج 1، ص 421 التقى كلٌ من الجيش الفرنسي والجيش المملوكي مرة أخرى في موقعة إمبابة أو موقعة الأهرام حيث هُزِمَ جيش مراد بك مرة أخرى في هذه المعركة الفاصلة في 21 يوليو تموز، وفر مراد بك وبقايا جيشه إلى الجيزة، فصعد إلى قصره وقضى بعض أشغاله في نحو ربع ساعة ثم توجه إلى الصعيد. وأما إبراهيم بك الذي كان مرابطاً بالبر الشرقي من النيل فحين رأى الهزيمة حلت بجيوش مراد بك أخذ من تبعه من مماليك ومصريين والوالي التركي وانسحبوا جميعاً قاصدين بلبيس وبذلك خلت القاهرة من قوة الدفاع، فاستطاع نابليون بونابرت احتلالها ودخل القاهرة في 24 يوليو تموز عام 1798 مصحوباً بضباطه وأركان حربه ونزل بقصر محمد بك الألفي في الأزبكية أرسل نابليون بونابرت حملة إلى الصعيد لمطاردة مراد وإخضاع الصعيد بقيادة الجنرال ديزيه، ثم أرسل إليه أيضاً قنصل النمسا في الإسكندرية شارل روزنتي برسالةٍ مضمونها أن يقدم مراد الطاعة إلى الفرنسيين، مقابل ذلك يجعله الفرنسيون حاكماً على الصعيد. رفض مراد هذا العرض بحسم، وقال لـ"روزنتي": "ارجع وقل لـ"نابليون" أن يجمع عساكره ويرجع إلى الإسكندرية ويأخذ منا مصروف عسكره، ويحمي نفسه وجنوده منا"! كان مستغرباً أن يتحدث مراد بك بهذه الثقة الزائدة التي تعكس استخفافاً بالغاً بالخصم الذي هزم مراد شر هزيمةٍ في إمبابة وجعله يفر بجيشه إلى الصعيد. وبطبيعة الحال كان الرد المستفز بداية لحملة مطاردة طويلة بين ديزيه ومراد. انطلق مراد يجوب الصعيد وخلفه ديزيه يتبعه، كان مراد يسبق ديزيه بيومٍ أو ليلة. ويبدو أن مراد كان متيقناً من أنه لن يتمكن من مواجهة قوات الفرنسيين، خاصة أنهم يملكون المدافع ويفتقدها هو، لذا اتبع معهم خطة الفرار، والتي تؤدي إلى إنهاك خصمه في مطاردته عبر صحراء شاسعة وبلدان لا يعرف ديزيه عنها شيئاً، وفي المطاردة يفقد الفرنسيون الزاد والمئونة والسلاح أيضاً حققت هذه الخطة بعض أهدافها، لكن الذي تحمل ثمن وتكلفة تلك الخطة هم المصريون أبناء الصعيد، فلم يكن مراد ينزل بمدينة حتى يلزم أهلها بدفع "الميري"أي الضرائب التي كان يحصلها من الأهالي بعنف، ولا يهم إن كان الأهالي قد دفعوا الضريبة نفسها من قبل للدولة، ثم ما يكاد يتركها، حتى يتبعه ديزيه لينهب هو الآخر، فقد كان بحاجة إلى المال والطعام، فكان جنوده يأخذون الحبوب التي لدى الفلاحين ويذبحون حيواناتهم وطيورهم كطعام لهم، ثم يخلعون أسقف البيوت وأبوابها ونوافذها للتدفئة بها في ليل الشتاء، ويفرضون الضرائب الباهظة من جديد على الأهالي
@@ كليبر @@
لم يكن مراد معتاداً على هذا النوع من المعيشة، بعيداً عن قصوره وجواريه، وحياة الرفاهية التي يعيشها، فبدأت المراسلات بين كليبر ومراد بك، وانتهت باجتماعهما في الفيوم حيث اتفقا على أن يحكم مراد بك الصعيد باسم الجمهورية الفرنسية. وتعهد كليبر بحمايته إذا تعرض لهجوم أعدائه عليه، وتعهد مراد بك من جانبه بتقديم النجدة اللازمة لمعاونة القوات الفرنسية إذا تعرضت لهجوم عدائي أيًا كان نوعه، وأن يمنع أي قوات أو مقاتلين من أن يأتوا إلى القاهرة من الصعيد لمحاربة الفرنسيين، وأن يدفع مراد لفرنسا الخراج الذي كان يدفعه من قبل للدولة العثمانية، ثم ينتفع هو بدخل هذه الأقاليم
وكانت قمة خيانة مراد بك بحق أثناء ثورة القاهرة الثانية، حيث شارك في عمليات القتال ضد المصريين، ومنع عن القاهرة الإمدادات الغذائية التي كانت ترد إليها من الصعيد ومن الجيزة، فيُذكر أنه قد صادر شحنة من الأغذية والخراف تقدر بأربعة آلاف رأس كانت آتية من الصعيد لنجدة أهل القاهرة، وقدمها هديةً إلى كليبر والجيش الفرنسي، وكادت القاهرة تسقط في مجاعةٍ حقيقية
لم يكتفِ مراد بذلك، بل سارع أيضاً بإرسال الهدايا والإمدادات إلى جيش كليبر الذي يحاصر القاهرة، وقدم للفرنسيين المؤن والذخائر، وسلمهم العثمانيين اللاجئين إليه، وسعى إلى سحب الماليك الشرفاء الذين يقاتلون الفرنسيين داخل القاهرة إلى جواره لينضموا إليه في معاهدته وينهي بذلك ثورة القاهرة. ولما فشل في ذلك، كان هو الذي أسدى كليبر النصح بأن يحرق القاهرة على من فيها، وهو الذي أمد الفرنسيين بالبارود والمواد الحارقة التي استخدمت بالفعل في تدمير أحياء القاهرة. وكان مراد قد اشترى هذا البارود من قبل بأموال المصريين التي جمعها منهم للدفاع عن مصر ضد أي خطرٍ يمكن أن تتعرض له وبالفعل أشعل الجنود الفرنسيون الحرائق في البيوت والمتاجر والوكالات، فاندلعت النيران في حي بولاق –مصدر الثورة- وسقطت البيوت على من فيها، وتناثرت جثث القتلى، واستمر الضرب بالمدافع حتى دمر الحي بأكمله. ثم تتابع هجوم الفرنسيين على سائر أحياء القاهرة، حياً حياً، واستمرت هذه الأهوال ثمانية أيام جرت في أثنائها الدماء أنهاراً في الشوارع، وأصبحت أحياء القاهرة خراباً
نسخةٌ محلية من نيرون
هكذا بدا مراد بك في تلك اللحظة من التاريخ
ويذهب الجبرتي إلى أنه لولا انضمام مراد بك إلى كليبر لما انتهت ثورة القاهرة الثانية بهذه الهزيمة الساحقة للمصريين وتدمير القاهرة
انطلق مراد بعد ذلك إلى الصعيد، واستقر في جرجا، وكانت رسائل قادة الحملة إلى مينو -الذي تولى قيادة الحملة الفرنسية بعد اغتيال كليبر على يد سليمان الحلبي في 14 يونيو تموز عام 1800- تؤكد إخلاص مراد وولاءه الشديد للفرنسيين ومن مكانه في الصعيد، أخذ مراد بك يتابع الموقف في القاهرة والإسكندرية بدقة شديدة، وبدأ يرى بعينيه نهاية الحملة، واقتنع بضعف الفرنسيين أمام الإنجليز. ولأنه لا يستطيع أن يعيش بلا خيانة، فقد اتصل مراد بالإنجليز، ونجحت مفاوضاته معهم بالفعل، وأعلن الإنجليز أنهم سيصفحون عن كل ما ارتكبه مراد إذا ما انضم إلى الإنجليز في المعركة الأخيرة التي كان يجري التحضير لها لإنهاء وجود الحملة في مصر. وهكذا أبدى مراد استعداده التام للانضمام إلى الإنجليز ومحاربة الفرنسييين.وبدا أن مراد بك يغير انتماءه في سرعة كما يغير الواحد منا قميصه في يوم صيفي حار. وكانت انتماءات مراد كلها لمصلحته ولم تقترب قط من مصلحة المصريين
الطاعون القاتل ينتظره
فقبل نشوب المعركة الأخيرة بين الإنجليز والفرنسيين، وفي ذروة سعادته بأنه نجح في أن يلعب على الجانبين الفرنسي والإنجليزي بنجاح، كان المرض القاتل الطاعون أصاب مراد بك، ومات به في 22 أبريل نيسان عام 1801 ودفن في سوهاج
موتٌ طوى صفحات حياة طويلة مليئة بالانقلابات والتحولات والخيانات
و إلى اللقاء مع قصة أخرى
| |
|
| |
منى الراوى مشرف منتدي السياحة والآثار
ســآعـتي : التسجيل : 04/10/2010 المساهمات : 4915 عدد النقاط : 10549 المزاج : المهنة : الهوايه : الدولة : الأوسمة : التميز :
| |
| |
منى الراوى مشرف منتدي السياحة والآثار
ســآعـتي : التسجيل : 04/10/2010 المساهمات : 4915 عدد النقاط : 10549 المزاج : المهنة : الهوايه : الدولة : الأوسمة : التميز :
| موضوع: رد: خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر الإثنين 11 أكتوبر 2010, 11:19 pm | |
| 3) كلهم خانوك يا عرابى
ساكنو القصور قبل أصحاب الرتب والألقاب..الأعيان ونواب البرلمان قبل البدو والرحل
ولنبدأ بالرجل الذي كان يفترض به منصبه أن يدافع عن مصر: الخديو توفيق
وبدلاً من أن يقاوم الخديو توفيق المحتلين، استقبل في قصر الرمل بالإسكندرية الأميرال بوشامب سيمور قائد الأسطول البريطاني، وانحاز إلى الإنجليز، وجعل نفسه وسلطته الحكومية رهن تصرفهم حتى قبل أن يحتلوا الإسكندرية. فأثناء القتال أرسل الإنجليز ثلة من جنودهم ذوي الزي الأزرق لحماية الخديو أثناء انتقاله من قصر الرمل إلى قصر رأس التين عبر شوارع الإسكندرية المشتعلة. ثم أرسل الخديو إلى أحمد عرابي في كفر الدوار يأمره بالكف عن الاستعدادات الحربية، ويحمّله تبعة ضرب الإسكندرية، ويأمره بالمثول لديه في قصر رأس التين؛ ليتلقى منه تعليماته
وعندما رفض عرابي الامتثال لأوامر الخديو كان رد فعل الأخير هو عزل عرابي من منصبه، وتعيين عمر لطفي محافظ الإسكندرية بدلاً منه، ولكن عرابي رفض للقرار، واستمر في الاستعدادات لمقاومة الإنجليز
ويوم السبت الموافق 15 يوليو تموز عام 1882، اكتشف الخديو توفيق قطاراً محملاً بالدقيق من مخابز منطقة القبارى متوجهاً إلى الجيش فى كفر الدوار، فاحتجزه وقرر صرفه للجنود الإنجليز فى الإسكندرية
وفي (6 رمضان 1299 ه - 22 يوليو1882) عُقِد اجتماع في وزارة الداخلية، حضره نحو خمسمائة من الأعضاء، يتقدمهم شيخ الأزهر وقاضي قضاة مصر، ونقيب الأشراف، وبطريرك الأقباط، وحاخام اليهود والنواب والقضاة والمفتشون، ومديرو المديريات، وكبار الأعيان وكثير من العُمَد، فضلا عن ثلاثة من أمراء الأسرة الحاكمة
وفي الاجتماع أفتى ثلاثة من كبار شيوخ الأزهر- وهم محمد عليش، وحسن العدوي، والخلفاوي- بمروق الخديوي عن الدين؛ لانحيازه إلى الجيش المحارب لبلاده. وبعد تداول الآراء أصدرت الجمعية قرارها بعدم عزل عرابي عن منصبه، ووقف أوامر الخديوي ونظّاره (الوزراء) وعدم تنفيذها؛ لخروجه عن الشرع الحنيف والقانون المنيف. واتفق الحاضرون على إرسال لجنةٍ يترأسها علي باشا مبارك إلى الإسكندرية ليبلغ الخديو بقرارات هذه "اللجنة العرفية"، ولترى اللجنة إن كان الخديو والوزراء أحراراً من سيطرة الإنجليز فليأتوا إلى القاهرة
نصل إلى الميدان الشرقي في التل الكبير، لنجد السلطان العثماني السلطان عبد الحميد الثاني قد أصدر فرماناً سلطانياً بأن عرابي مارقٌ على السلطان وكافر وأنه يخوض الحرب معرضاً بلاد المسلمين للخطر ضد رغبة السلطان الذي أرسل جيش الخلافة الإسلامية لمحاربته وردعه .وقام الخونة بإيصال محتوى ذلك المنشور إلى جيش عرابي، ولابد أن الكثيرين منهم تساءلوا عن مصير من يموت تحت قيادة عرابي الكافر في حربه ضد خليفة المسلمين
وهكذا تباينت خُطب أئمة المسلمين فى صلاة الجمعة يوم السبت الموافق الأول من أغسطس آب عام 1882 وتراوحت بين وصف عرابي باشا بأنه خائنٌ للأمة مضيع لدماء المصريين عاصٍ لحاكم مصر الخديو توفيق وخارج على السلطان العثماني، حتى ردد بعضهم فى مساجد الإسكندرية:
تبين عقبى غيه كل معتدي... وأمسى العرابي وهو بالذل مرتدي
وفي المقابل، انتصر فريقٌ آخر من مشايخ المسلمين لعرابي باشا ورأوا فيه منقذ البلاد من الهلاك والدمار ورأى بعضهم أنه الموعود الإلهي الذي يرسل على رأس كل مئة سنة ليجدد لأمة المسلمين دينهم. ورأى بعضهم فيه باعثاً للأمة قامعاً للفساد ، ولم ينقصهم الشعر أيضاً ، وهناك عشرات القصائد التى تدندن حول هذه المعاني، كقول أحدهم:
إذا ما رايةٌ رفعت لمجدٍ... تلقاها عرابينا يمينا
وقول آخر:
يا صاح قم واشكر إلهك واحمدِ ... فالدين منصورٌ على يد أحمدِ
وكان من بين الخونة رئيس مجلس الأعيان محمد باشا سلطان، الذي اغترف من ذهب الانجليز، وراح يوزعه على البدو والرحل في الصحراء الشرقية، كي ينسحبوا من الجيش أثناء القتال. وقد سجل له التاريخ تقدمه مع فريق من الخبراء بهديةٍ فاخرة من الأسلحة، إلى كلٍ من الأميرال سيمور قائد الأسطول الإنجليزي الذي دمر الإسكندرية بقنابله، والجنرال غارنيت ولسلي القائد العام للجيش البريطاني، والجنرال دروري لو الذي كان أول من دخل العاصمة بعد سقوط التل الكبير
قدم سلطان باشا تلك الهدايا لقادة جيش الاحتلال، وذلك "شكراً لهم على إنقاذ البلاد من غوائل الفئة العاصية" كما ورد في جريدة "الوقائع المصرية". وقد أنعمت عليه ملكة بريطانيا فيكتوريا برتبة "سير" جزاء لخدماته لبلادها، وأنعم عليه الخديو بعشرة آلاف من الجنيهات الذهبية كمكافأة
وكان محمد باشا سلطان يرافق جيش الاحتلال - نائباً عن الخديو- في زحفه على العاصمة وأثناء المعارك مع العرابيين بغرض تقديم العون اللازم لتسهيل مهمته، وكان يدعو الأمة إلى استقبال هذا الجيش الغازي وعدم مقاومته، ويهيب بها إلى تقديم كافة المساعدات المطلوبة له. وبالفعل اتصل برؤساء العربان وأحضر مرشدين ليدلوا الإنجليز على الطريق
الغريب أن سلطان باشا كان يُحسب في البداية على العرابيين، حتى جعله المسيو سنكفكس قنصل فرنسا العام وسيطاً بينه وبين العرابيين بهدف قبول مطالب انجلترا وفرنسا الخاصة بطلب استقالة وزارة البارودي – التي شغل عرابي فيها منصب "وزير الجهادية" (الدفاع)- وخروج عرابي من مصر مؤقتاً مع احتفاظه برتبه ومرتباته، وإقامة علي باشا فهمي وعبد العال باشا حلمي – وهما من زملاء عرابي وكبار قادة الجيش- في الريف مع احتفاظهما برتبتيهما ومرتبيهما
وقدم سلطان باشا – كما ذكر عبد الرحمن الرافعي في كتابه "الثورة العرابية والاحتلال الإنجليزي"- هذه المقترحات وكأنها من أفكاره، فرفضها العرابيون، بل وفقدوا من بعدها ثقتهم في الرجل الذي انضم بدوره إلى صف الخديو توفيق ليبدأ مسلسل الخيانة
وقد وجد سلطان باشا –وهو بالمناسبة والد ناشطة الحركة النسوية نور الهدى محمد سلطان، المعروفة باسم هدى شعراوي- بين زعماء القبائل قوماً من جنسه، ممن لم تجد القوات البريطانية عناءً في استمالتهم، مثل مسعود الطحاوي ومحمد البقلي
على أن أخطر ما حققه معسكر الخيانة - من أمثال الطحاوي والبقلي- من نجاحٍ يتمثل في نجاحهم في ضم عددٍ من ضباط جيش عرابي إليهم. وقد لعب الدور الأكبر في هذا الخديو توفيق ومحمد سلطان باشا رئيس مجلس الأعيان، وكان من أذكى من وكِلَ إليهم هذا العمل عثمان رفعت ياور الخديو الذي استغل ما لديه من معلوماتٍ حول عوامل التنافس والحسد بين الضباط ليستميل إليه بعضهم، وهو ما وجه ضربة قاصمةً إلى الجيش المصري. وهكذا ضمت قائمة الخونة قادةً وضباطاً في جيش عرابي، مثل عبد الرحمن حسن قائد السواري (أو الحرس الراكب)، وعلي يوسف الشهير "بخنفس" أميرالاي الثالث "بيارة" الذي أشار إليه عرابي في مذكراته كأحد الذين "أظهروا قبول ما اوضحناه لهم وأسّروا الغدر والخيانة"
ولذا نرى المراجع تجمع على أن محمد باشا سلطان هذا "كان من أهم العوامل في إخفاقها وخذلانها) " ("الأعلام الشرقية"، زكي مجاهد، 1/161) وتقول إنه "كان – أي سلطان باشا - أكبر مساعدٍ للإنكليز على قومه بالرشوة مع أنه من أكبر الأغنياء" ("تاريخ الأستاذ الإمام"، رشيد رضا، 1/233) وتقرر أن "سلطان باشا قد لعب دوراً هاماً في تدعيم موقف العناصر الخائنة" ("الثورة العرابية"، صلاح عيسى، ص 424)
ومن أعضاء مجلس الأعيان آنذاك برزت أسماء عدد من الأشخاص الذين وضعوا أنفسهم في خدمة أهداف معسكر خيانة الثورة العرابية، ومنهم عبد المجيد البيطاش نائب الإسكندرية، وأحمد عبد الغفار نائب المجلس وعمدة تلا، والسيد الفقي عضو المجلس عن إحدى دوائر المنوفية
ويتسع معسكر الخيانة خلال الثورة العرابية ليشمل عدة أسماءٍ تجمعت حول السراي ودعمت موقفها، إذ التفت حولها عناصر من الارستقراطية الزراعية بزعامة شريف باشا، والشرائح العليا من البورجوازية الزراعية بقيادة سلطان باشا رئيس مجلس الأعيان.. فضلاً عن الارستقراطية العسكرية التركية المطرودة من الجيش وقبائل العربان وكانا يشكلان الجناح العسكري لمعسكر الخيانة
وشريف باشا مثلاً وافق على تشكيل وزارة برئاسته في الإسكندرية في 24 أغسطس آب عام 1882 في وقتٍ كانت رحى الحرب دائرة في البلاد بين الجيش الإنجليزي الغازي والجيش المصري، وأعلن فيه الخديو انضمامه إلى قوات الغزو وأعطاها تفويضاً لتقويض الثورة
وقد شكلت هذه الوزارة بعضوية كلٍ من رياض باشا ومحمد لطفي وحيدر باشا وعلي مبارك باشا وفخري باشا وأحمد خيري باشا وأحمد زكي باشا، وهم عناصر معروفةٌ بعدائهم للشعب باستثناء علي مبارك، وأغلبهم من من العناصر التركية والجركسية. فرياض باشا كان رئيسأ للوزراء قبل الثورة العرابية وانصياعه للأجانب معروفٌ، وإطلاق اسم "رياضستون" عليه يدل على موقف القوى الوطنية منه. وقد اشتهِرَ عنه قوله "إن المصريين ثعابين ولا يمكن قتل الثعابين إلا بسحقها بالأقدام"
أما عمر لطفي فكان محافظاً للإسكندرية إبان حوادث 11 يونيو حزيران المفجعة عام 1882 والمعروفة باسم "مذبحة الإسكندرية"، وأشارت إليه أصابع الاتهام أكثر من مرة
وللأسف أيضاً فإن عرابي لم ينصت إلى فكرة محمود فهمي باشا رئيس الأركان بسد قناة السويس لإقفال الطريق في وجه الإنجليز، وأخذ برأي فرديناند ديلسبس الذي أقنعه بأن الإنجليز سيحترمون حيدة القناة
والشاهد أن انخداع عرابي بالفرنسي ديلسبس يعد من أهم أسباب الهزيمة، إذ نجد في المصادر المعنية بتلك الفترة ما يشير إلى "إن مجلساً عسكرياً عقد في كفر الدوار أجمع فيه المجتمعون باستثناء عرابي وحده على عدم اعتبار رسالة دلسبس، ووجوب سد القناة" ("الثورة العرابية"، صلاح عيسى، ص 457)
والخديعة تبدأ بكلمات تفيد بأن الأمور تحت السيطرة، إذ نقرأ أنه "كان عرابي قد فكر ردم القناة كإجراء دفاعي، لكن دي ليسابس أكد له أن القناة لن تُستخدم في الهجوم على مصر، وأنه يضمن له ذلك، وقد أرسل له كتاباً في هذا الصدد "لا تحاول أية محاولة في سد قناتي، فإني هنا، فلا تخش شيئاً من هذه الناحية، فإنهم لن يستطيعوا إنزال جندي إنجليزي.." ("تاريخ العرب الحديث"، زاهية قدورة، ص 364)
وفي ظل الوضع المرتبك "انتقلت البوارج البريطانية تحت جنح الظلام إلى بور سعيد، ثم دخلت القناة، ومن منطقة القناة بدأت أعمالاً حربية انتهت بهزيمة عرابي" ("تاريخ العرب الحديث"، زاهية قدورة ، ص 364)
"ولو سُدت قناة السويس في بداية القتال لامتنع الاتصال بين القوات الإنجليزية الآتية من البحر المتوسط والقوات الآتية من الهند، واستحال عليها الوصول إلى الإسماعيلية من طريق القناة، وفي هذه الحالة يضطر الجنرال ولسلي إلى المغامرة بجيشه في الصحراء الشرقية حيث لا ماء ولا كلأ، أو يهاجم مصر من طريق الدلتا فتعوق الترع والجسور زحفه وخاصة في أيام الفيضان (أغسطس- سبتمبر)، ولكن عرابي لم يستمع لنصيحة محمود فهمي وخشي عواقبها، وظن أن الإنجليز يحترمون حياد القناة فلا يتخذونها قاعدة للزحف، فكان هذا الخطأ أكبر عامل في إخفاق خطة الدفاع التي وضعها محمود فهمي، واكتفى عرابي بإقامة معسكر في التل الكبير على بعد نحو خمسين كيلومتراً من الإسماعيلية، و110 كيلومترات من القاهرة حشد فيه جانباً من الجيش، ولكنه وزع معظم قواته في كفر الدوار وعلى سواحل البحر المتوسط، فكان الجنود السودانيون وهم من خيرة الجنود مرابطين في دمياط بقيادة عبد العال حلمي، ورابط في رشيد فيلق كبير، واستقر معظم الجيش بقيادة طلبة عصمت في كفر الدوار، ومع أن الإنجليز استعجلوا الحركات الفدائية في قناة السويس وكانت هذه الحركات نذيراً كافياً لعرابي بما اعتزموه من خرق حياد القناة، فإن عرابي أحجم عن العمل بنصيحة محمود فهمي في سدها" ("مصر المجاهدة"، عبد الرحمن الرافعي، ص 131)
وقد قال القائد البريطاني ولسلي فيما بعد: "لو أن عرابي سد القناة كما كان ينوي أن يفعل، لكنا للآن لا نزال في البحر نحاصر مصر" ("تاريخ العرب الحديث"، زاهية قدورة، ص 364)
بل إن هناك من يقرر أنه "وكان من أكبر أخطاء عرابي تردده في سد القناة، وانخداعه بالمؤامرة القذرة التي دبرها الإنجليز مع ديلسبس" ("الثورة العرابية"، محمد المرشدي، ص 80). وتدريجياً تتضح أمام أعيننا الحقيقة الساطعة: "لقد خدع فرناند عرابي وخانه، وفُتحت القناة أمام الأساطيل لتحتل بورسعيد والإسماعيلية، ثم بدأت القوات بعد ذلك تتجه إلى القاهرة" ("الأصول الفكرية لحركة المهدي السوداني"، د. عبد الودود شلبي، ص 129)
خيانة وخدئعة وخذلان..بالجملة والمجان
خيانةٌ كانت نتيجتها انتهاء حقبةٍ من تاريخ مصر وبدء حقبة أخرى عنوانها العريض: الاحتلال البريطاني | |
|
| |
*الصـLEGENDـاعق*
ســآعـتي : التسجيل : 21/04/2010 المساهمات : 14033 عدد النقاط : 54051 المزاج : المهنة : الهوايه : الدولة : الأوسمة : التميز :
| موضوع: رد: خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر الثلاثاء 12 أكتوبر 2010, 3:26 pm | |
| | |
|
| |
موناليزا
ســآعـتي : التسجيل : 13/06/2008 المساهمات : 2643 عدد النقاط : 9890 المزاج : المهنة : الهوايه : الدولة : الأوسمة : التميز :
| |
| |
زيزى مشرف منتدي المطبخ
ســآعـتي : التسجيل : 10/01/2010 المساهمات : 4424 عدد النقاط : 15321 المزاج : المهنة : الهوايه : الدولة : الأوسمة : التميز :
| موضوع: رد: خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر السبت 16 أكتوبر 2010, 9:13 pm | |
| | |
|
| |
محمدوهدان
بيـــبي
ســآعـتي : التسجيل : 03/09/2010 المساهمات : 54 عدد النقاط : 57 المزاج : المهنة : الهوايه : الدولة : الأوسمة : التميز :
| موضوع: رد: خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر الثلاثاء 19 أكتوبر 2010, 5:14 pm | |
| شكرا جزيلا لكم على نشر هذه الوقائع على المنتدى. . فهذه القصص فى واقع الأمر بمثابة تحصينات للشباب تحذرهم من الوقوع فى أفخاخ خنازير صهيون، وهى تكشف لهم أساليبهم الخبيثة فى تتبع نقاط الضعف الإنسانى ودراسة أفضل الطرق للإيقاع بالفرائس وتجنيدها. . ويزيد فى أهمية ذلك أن السلام الوهمى بيننا وبين هؤلاء اللصوص ماهو إلا قشرة خادعة ما يلبثون أن يشقوها ويكشفون عن واقع الصراع المؤلم متى ما وجدوا الظروف ملائمة لذلك. . فألف تحية لكم على هذه المادة الدسمة، ونرجو المزيد منها كلما توافر. .ولكم كل التقدير. . | |
|
| |
sweet lolo عضـــــو مـــــاسي
ســآعـتي : التسجيل : 04/06/2010 المساهمات : 2129 عدد النقاط : 7005 المزاج : المهنة : الهوايه : الدولة : الأوسمة : التميز :
| موضوع: رد: خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر الأربعاء 20 أكتوبر 2010, 8:35 pm | |
| | |
|
| |
Celina
ســآعـتي : التسجيل : 21/12/2009 المساهمات : 12379 عدد النقاط : 18808 المزاج : المهنة : الهوايه : الدولة : الأوسمة : التميز : أوسمة المسابقات :
| موضوع: رد: خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر الأربعاء 27 أكتوبر 2010, 11:28 pm | |
| | |
|
| |
**ياسمين** مشرف منتدي الأسرة و الطفل
ســآعـتي : التسجيل : 23/02/2010 المساهمات : 3285 عدد النقاط : 8188 المزاج : المهنة : الهوايه : الدولة : الأوسمة : التميز :
| |
| |
sweet lolo عضـــــو مـــــاسي
ســآعـتي : التسجيل : 04/06/2010 المساهمات : 2129 عدد النقاط : 7005 المزاج : المهنة : الهوايه : الدولة : الأوسمة : التميز :
| موضوع: رد: خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر السبت 30 أكتوبر 2010, 5:16 pm | |
| | |
|
| |
sweet lolo عضـــــو مـــــاسي
ســآعـتي : التسجيل : 04/06/2010 المساهمات : 2129 عدد النقاط : 7005 المزاج : المهنة : الهوايه : الدولة : الأوسمة : التميز :
| موضوع: رد: خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر السبت 30 أكتوبر 2010, 5:19 pm | |
| | |
|
| |
زيزى مشرف منتدي المطبخ
ســآعـتي : التسجيل : 10/01/2010 المساهمات : 4424 عدد النقاط : 15321 المزاج : المهنة : الهوايه : الدولة : الأوسمة : التميز :
| موضوع: رد: خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر الأحد 31 أكتوبر 2010, 7:29 am | |
| | |
|
| |
امل حياتى
عضو شغــــا ل
ســآعـتي : التسجيل : 28/08/2010 المساهمات : 157 عدد النقاط : 256 المزاج : المهنة : الهوايه : الدولة : الأوسمة : التميز :
| موضوع: رد: خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر الأحد 31 أكتوبر 2010, 1:44 pm | |
| | |
|
| |
Ģ.£.m.Ў
ســآعـتي : التسجيل : 13/06/2008 المساهمات : 27078 عدد النقاط : 69309 المزاج : المهنة : الهوايه : الدولة : الأوسمة : التميز :
| موضوع: رد: خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر الإثنين 01 نوفمبر 2010, 9:15 pm | |
| عجز قلمي عن التعبير عن روعة ما وجده هنا من كلمات تحمل في طياتها اعذب المعاني كلمات لها رقي ذو طابع خاص كلمات سطرت بحروف من نور اضائت لنا الظلمات اشكرك على روعة بوحك و على ذوقك العالي ادام الله عليك تميزك ولا حرمنا قلمك المبدع و تقبل مروري،،، | |
|
| |
MOURAD
ســآعـتي : التسجيل : 12/06/2008 المساهمات : 23392 عدد النقاط : 69617 المزاج : المهنة : الهوايه : الدولة : الأوسمة : رقم العضوية : 1 التميز :
| |
| |
دموع حائرة
ســآعـتي : التسجيل : 04/03/2011 المساهمات : 14462 عدد النقاط : 24857 المزاج : المهنة : الهوايه : الدولة : الأوسمة : التميز : أوسمة المسابقات :
| |
| |
**هزيم الرعد** مشرف منتدي الصحة والعافية
ســآعـتي : التسجيل : 29/10/2010 المساهمات : 5616 عدد النقاط : 11674 المزاج : المهنة : الهوايه : الدولة : الأوسمة : التميز :
| موضوع: رد: خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر الجمعة 24 يونيو 2011, 3:03 pm | |
| | |
|
| |
| خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر | |
|