هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر

اذهب الى الأسفل 
+9
امل حياتى
**ياسمين**
Celina
sweet lolo
محمدوهدان
زيزى
موناليزا
*الصـLEGENDـاعق*
منى الراوى
13 مشترك
انتقل الى الصفحة : 1, 2  الصفحة التالية
كاتب الموضوعرسالة
منى الراوى
مشرف منتدي السياحة والآثار مشرف منتدي السياحة والآثار
منى الراوى


انثى
ســآعـتي :
التسجيل : 04/10/2010
المساهمات : 4915
عدد النقاط : 10549
المزاج : خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر Qatary24
المهنة : خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر Unknow10
الهوايه : خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر Unknow11
الدولة : خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر Female31
الأوسمة : خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر 3h210
التميز : خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر 1510

خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر Empty
مُساهمةموضوع: خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر   خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر I_icon_minitimeالإثنين 11 أكتوبر 2010, 10:06 pm

( مستر أتش .......و جلاد دنشواى )




حملا لقباً واحداً..وسلكا الدرب نفسه: درب الخيانة

فأما الأول، فانتقل من معسكر المقاومة إلى معسكر موالاة الاحتلال، وباع رفاق الكفاح القدامى بأرخص الأثمان

والثاني، حمله المصريون على الأعناق.. لكنهم لم يغفروا له سقطته في دنشواي

ولنبدأ بالأول..محمد نجيب الهلباوي

والهلباوي هو أحد تسعة شبانٍ اعتقلتهم السلطات في حادث اغتيال الإنجليز..وهو أيضاً أحد اثنين من هؤلاء التسعة قدمتهما النيابة للمحاكمة، فحكمت عليه المحكمة العسكرية البريطانية –هو وزميله محمد شمس الدين- بالإعدام..إلا أن السلطان حسين كامل التمس من الإنجليز تخفيف الحكم، فاستبدلت به الأشغال الشاقة المؤبدة

ولكن من يصدق أن الهلباوي انتقل من معسكر الوطنية والفداء إلى معسكر الخيانة والغدر، فيعمل مرشداً وعميلاً لسلطات الاحتلال، ثم يبيع زملاء الجهاد بأبخس الأثمان حتى يسلمهم إلى حبال المشانق
عن محمد نجيب الهلباوي نقرأ ما كتبه جمال بدوي في كتابه "نظرات في تاريخ مصر" الذي يورد أن الهلباوي الذي اتُهِمَ بإلقاء قنبلةٍ على السلطان حسين في الإسكندرية في يوليو تموز عام 1915، أُفرِجَ عنه ضمن الفدائيين المحكوم عليهم في قضايا الاغتيالات السياسية بقرارٍ من وزارة الشعب الأولى برئاسة سعد زغلول. وفي اليوم التالي لإطلاق سراحه، ذهب الهلباوي طائعاً مختاراً إلى مبنى المخابرات البريطانية ليضع نفسه في خدمة الاحتلال، ويسخر خبرته السابقة ومعلوماته الغزيرة عن الأعمال الفدائية لتكون تحت أمر سلطات الاحتلال


وكان الإنجليز في شوقٍ شديدٍ لواحدٍ من هذا الطراز يكشف خبايا العمليات الجريئة
التي قام بها الجهاز السري التابع لقيادة ثورة 1919وذهب ضحيتها العديد من الإنجليز وأعوانهم من الوزراء المصريين


ظل الإنجليز يبحثون عمن يرشدهم إلى أسرار هذا الجهاز الغامض، حتى ظهر محمد نجيب الهلباوي ليصبح عميلاً في جهاز المخابرات البريطانية تحت اسم "مستر اتش" ويتحول من بطلٍ يحمل روحه على كفه إلى خائنٍ مهمته ملاحقة إخوانه الفدائيين والاختلاط بهم ومعرفة أسرارهم ونقلها إلى العدو

رحب الإنجليز بالهلباوي واعتبروه مكسباً كبيراً وتركوه يملي عليهم شروطه للتعاون معهم،

وهي شروطُ رخيصة الثمن، لا تزيد على راتبٍ شهري قدره 40 جنيهاً بخلاف المسكن والمأكل والمشرب. ويعترف الهلباوي في مذكراته المخطوطة التي أودعها عند الصحفي الكبير مصطفى أمين بأنه خرج من السجن فوجد بعض زملائه قد تقدموا عليه في الوظيفة..فهل يمكن الاقتناع بهذا السبب أو الذريعة لتبرير خيانته لوطنه؟

على أية حال، كان الهلباوي حريصاً على الاختلاط بدائرة الشبان الوطنيين وكان أعلاهم صوتاً وأشدهم حماسةً وسخطاً على الإنجليز..ثم ينقل أسرارهم وتفاصيل عملياتهم الفدائية لسلطات الاحتلال. وأسهم بهذه الطريقة في إلقاء القبض على الرجال الثمانية الذين خططوا لاغتيال السير لي ستاك سردار الجيش المصري وحاكم السودان العام في 19 نوفمبر تشرين ثانٍ عام 1924، ليقبض ثمن المكافأة التي رصدتها الحكومة له وقدرها 10 آلاف جنيه، ولينعم بالحياة التعسة على رقاب زملاء الكفاح القدامى


إبراهيم الهلباوى


الهلباوي الآخر الذي يضمه الكثيرون إلى الخونة

وبالرغم من أن الناس عرفوه كأحد أعظم المحامين الذين أنجبتهم مصر، فإن حياته تعد نموذجاً تقليدياً لقصة حياة البطل الذي يخطيء مرةً واحدةً فيهيل على تاريخه التراب، ويظل مثل سيزيف يكافح طوال ما تبقى من عمره –دون جدوى- للصعود بالصخرة إلى قمة الجبل، دون أن يغفر له أحدٌ خطيئته في حق الشعب

أحب شعب مصر آنذاك إبراهيم الهلباوي (1858-1940) الذي وصفه عباس محمود العقاد ذات مرةٍ بأنه "كان ذا ذلاقة لسانٍ لا تطيق نفسها ولا تريح صاحبها". وكان الهلباوي خطيباً مفوهاً وممثلاً رائعاً يمزج بين العربية الفصحى والعامية البسيطة ويتحرك بخفةٍ ورشاقة، يجبر المحكمة على سماعه ويجعل من يسمعه ويراه مشدوهاً بعبقرية هذا الرجل. قال عنه عبد العزيز البشري في "المرآة" إنه "شيخ يتزاحف على السبعين إن لم يكن قد اقتحمها فعلاً، عاش مدى عمره يحبه ناس أشد الحب ويبغضه ناس أشد البغض.. إلا أن هؤلاء وهؤلاء لا يسعهم جميعاً إلا التسليم بأنه رجل عبقري"


كان الهلباوي يقف في المحكمة فيهز مصر كلها بفضل حججه القانونية البارعة التي جعلته يدعى أعظم طلاب المرحمة، على حد وصف معاصريه..لكنه فشل في طلب الرحمة لنفسه من الشعب في حادثة دنشواي. وعلى امتداد 30 عاماً طويلة حاول أن يكفِرَ عن ذنب ارتكبه، لكن الشعب أصم أذنيه لأن الذنب كان من النوع الذي يصعب نسيانه وغفرانه
ففي يوم 20 يونيو حزيران عام 1906، أصدر بطرس باشا غالي ناروز وزير الحقانية بالنيابة قراراً بتشكيل المحكمة المخصوصة لمحاكمة المتهمين في حادثة دنشواي برئاسة بطرس باشا غالي نفسه، وعضوية كلٍ من "المستر" هبتر نائب المستشار القضائي، و"المستر" بوند وكيل محكمة الاستئناف الأهلية والقائمقام لهادلو القائم بأعمال المحاماة والقضاء بجيش الاحتلال، وأحمد فتحي زغلول بك (حمل لاحقاً لقب: باشا) رئيس محكمة مصر الابتدائية وأن يكون انعقادها في شبين الكوم يوم الأحد 24 يونيو حزيران

كان من المقرر أن يحضر إبراهيم الهلباوي التحقيق مع المتهمين الأبرياء في حادثة دنشواي يوم السبت الموافق 16 يونيو عام 1906 لكنه لم يحضر لعدم عثوره على وسيلة انتقال مباشرة إلى دنشواي ولارتفاع درجة الحرارة في ذلك اليوم

وعلى رصيف القطار في القاهرة، وجد الياور الخاص برئيس الوزراء مصطفى فهمي باشا يخبره بأن "الباشا" ينتظره في مكتبه لأمرٍ مهم. ثم التقى الهلباوي محمد محمود بك رئيس حزب الأحرار الدستوريين فيما بعد، وكان يعمل آنذاك سكرتيراً خاصاً لمستشار وزير الداخلية الإنجليزي "المستر" ميتشل، الذي سأله عما إذا كان أحد من المتهمين في حادثة دنشواي قد وكله للدفاع عنه..فلما نفى ذلك أخطره بأن الحكومة قد اختارته ليمثلها في إثبات التهمة ضد المتهمين أمام المحكمة المخصوصة، باعتباره من أكبر المحامين سناً وأقدمية

المفاجأة كانت في حسم الهلباوي تردده وقبوله المهمة، بل وتواضعه في تحديد أتعابه، فمع أنه –كما قال فيما بعد- "كان يتقاضى 500 جنيه في القضايا الكبرى، فإنه خفض أتعابه في هذه القضية، فقبِلَ أن يترافع فيها ب 300 جنيه فقط"

هذا هو الهلباوي..لا فارق لديه بين أن يدافع عن المتهم ليطالب بتبرئته، أو أن يكون المدعي العام الذي يثبت عليه الاتهام ليطالب بإعدامه

وهكذا استقبل الهلباوي في مكتبه "المستر" موبيرلي المفتش الإنجليزي لوزارة الداخلية لوزارة الداخلية و"المستر" مانسفيلد الحكمدار الإنجليزي لبوليس القاهرة اللذين أبلغاه أنهما مكلفان بأن يكونا في خدمته في كل ما يتعلق بقضية دنشواي، واقترحا عليه أن يحضر التحقيق وأن يشارك في استجواب المتهمين، لكنه اعتذر عن ذلك وفضلَ أن يزور مسرح الأحداث ليعاينه. وفيما بعد، قال الهلباوي – في معرض تبرير سقطته- إن قبوله القيام بدور المدعي العام قد مكَنه من صد المحاولات الإنجليزية التي استهدفت تضخيم الحادثة (مذكرات إبراهيم الهلباوي: تاريخ حياته، إبراهيم الهلباوي بك (1858-1940)، تحقيق عصام ضياء الدين؛ تقديم د. عبد العظيم رمضان)

ودنشواي هي قرية تقع في مركز الشهداء، شبين الكوم بمحافظة المنوفية، ويُعتقد أن الاسم مشتقٌ قديماً من دير جواي ثم تحول إلي دنجواي

وتعود بدايات الحكاية إلى عام 1906 حين صدرت أوامر الحكومة في مصر إلى عُمد بعض البلاد بمساعدة فرقة تابعةٍ للاحتلال البريطاني آنذاك مكونة من خمسة جنود ممن كانوا يرغبون في صيد الحمام ببلدة دنشواي المشهورة بكثرة حمامها كما اعتادوا

وفي نهار صيفي عادي في يوم الأربعاء الموافق 13 يونيو حزيران كان هؤلاء الجنود الإنجليز بقيادة الميجور كوفين يتجولون بالقرب من القرية المنكوبة ومعهم الأومباشي زقزوق والترجمان عبد العال. وكان الميجور مغرماً بصيد الحمام فأقنع رجاله - وهم: الكابتن بول، الملازمان بورثر وسميث، الطبيب البيطري الملازم بوستك - بأن يتراهنوا لاصطياد الحمام من على أشجار دنشواي

وكان كوفين وبول وبوستك يطلقون الأعيرة لاصطياد الحمام بجوار الأشجار على جانبي الطريق الزراعي، ولكن تشاء الأقدار أن يتوغل بورثر وسميث داخل القرية حيث كان الحمام عند أجران الغلال يلتقط الحب. ويصوب بورثر بندقيته إلى جُرن الحمام الخاص بالشيخ محمد عبد النبي مؤذن البلدة، فتفقد زوجة الشيخ وعيها بعد أن أصابها عيار طائش

وتفيد المصادر المختلفة بأن مؤذن البلدة جاء يصيح بهم كي لا يحترق التبن في جُرنه، لكن أحد الضباط لم يفهم منه ما يقول وأطلق عياره فأخطأ الهدف وأصاب المرأة، وتدعى أم محمد. واشتعلت النار في التبن، فهجم الرجل على الضابط وأخذ يجذب البندقية وهو يستغيث بأهل البلد صارخاً "الخواجة قتل المرأة وحرق الجُرن، الخواجة قتل المرأة وحرق الجُرن"، فأقبل الأطفال والنسوة والرجال صائحين "قتلت المرأة وحرقت الجُرن"، وهرع بقية الضباط الإنجليز لإنقاذ صاحبهم

وفي هذا الوقت وصل الخفراء للنجدة كما قضت أوامرهم، فتوهم الضباط على النقيض بأنهم سيفتكون بهم فأطلقوا عليهم الأعيرة النارية وأصابوا بعضهم فصاح الجمع "قتل شيخ الخفر" وحملوا على الضباط بالطوب والعصي، فألقى الخفراء القبض عليهم وأخذوا منهم الأسلحة إلا اثنين منهم وهما "كابتن" الفرقة وطبيبها اللذين أخذا يعدوان تاركين ميدان الواقعة وقطعا نحو ثمانية كيلومترات في الحر الشديد حتى وصلوا إلى بلدة سرسنا، فوقع "الكابتن" بول مطروحاً على الأرض ومات بعد ذلك متأثراً بضربة شمس إثر عدوه لمسافة طويلة تحت أشعة الشمس

عندها تركه زميله الطبيب وأخذ يعدو حتى وصل إلى المعسكر، وصاح بالعساكر فركضوا إلى حيث يوجد الكابتن، فوجدوه وحوله بعض الأهالي، فلما رآهم الأهالي لاذوا بالفرار، فاقتفى العساكر أثرهم وألقوا القبض عليهم إلا أحدهم –ويدعى سيد أحمد سعيد - هرب قبل أن يشد وثاقه واختبأ في فجوة طاحونةٍ تحت الأرض فقتله الإنجليز شر قتلة

وكان رد الفعل البريطاني قاسياً وسريعاً، فقد قدم 52 فلاحاً مصرياً للمحاكمة بتهمة القتل المتعمد

وهنا جاء دور الهلباوي في تلك المسرحية الهزلية



فقد استخدم الهلباوي دهاءه لتكييف واقعة اعتداء الفلاحين بالضرب على الضباط الإنجليز بحيث يثبت أن الحريق الذي وقع في الجُرن نتيجة رصاص الضباط الإنجليز أثناء رحلة الصيد في دنشواي،
هو حادثٌ تالٍ للاشتباك بين الفلاحين والضباط –وهذا لم يكن صحيحاً- بل زعم الهلباوي أن الضباط الإنجليز لم يكونوا أصلاً السبب في حدوث حريق الجُرن..وأشار إلى أنه حريقٌ متعمد اصطنعه الفلاحون ليخفوا أدلة سبق إصرارهم وتعمدهم التحرش بالضباط الإنجليز والاعتداء عليهم بالضرب
وهكذا تمكن الهلباوي من تبرئة الضباط الإنجليز من الأخطاء والجرائم التي ارتكبوها، في حين زاد من مسؤولية الفلاحين عن الحادثة. واتخذ الهلباوي من نجاح الفلاحين في إخماد النيران في الجُرن في غضون ربع ساعةٍ فقط دليلاً على أن الفلاحين هم الذين أطفأوا النيران بعد أن أشعلوها

ولم يبق في إثبات ركن سبق الإصرار على القتل والشروع فيه سوى إثبات أن فكرة القتل لم تكن عرضيةً وغنما كانت نيةً مبيتة

وصوّر الهلباوي الأمر أمام المحكمة وكأن الفلاحين رتبوا الأحداث بحيث صمموا على قتل الإنجليز إذا جاءوا للصيد في قريتهم. وكان الملازم بورثر قد ذكر أثناء إدلائه بأقواله أمام المحكمة أن المتهم التاسع عبد المطلب محفوظ قد حماه هو وزملاءه من العدوان عليهم، وقدم إليهم المياه ليشربوا، وهي شهادةٌ كانت كافية لتبرئته

وعندما جاء الدور على الشاهد فتح الله الشاذلي نجل عمدة دنشواي، ورد في أقواله هو الآخر أنه قد قدم الماء للضباط..فتنبه الهلباوي إلى نقطةٍ جزم بأنها فاتت على الملازم بورثر، ووقف ليقول إنه يلاحظ شبهاً كبيراً في الملامح بين المتهم عبد المطلب والشاهد فتح الله، وإنه يعتقد أن الأمر قد اختلط على الملازم بورثر..فاستدعت المحكمة الضابط الإنجليزي الذي حسم الامر، وقال إن الذي سقاه هو ابن العمدة وليس المتهم. وبذلك حرم الهلباوي المتهم التاسع من فرصته للنجاة من الحكم عليه بالأشغال الشاقة المؤبده

( يتبع )


عدل سابقا من قبل MOURAD في الثلاثاء 08 فبراير 2011, 11:32 am عدل 1 مرات (السبب : التثبيت)
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
منى الراوى
مشرف منتدي السياحة والآثار مشرف منتدي السياحة والآثار
منى الراوى


انثى
ســآعـتي :
التسجيل : 04/10/2010
المساهمات : 4915
عدد النقاط : 10549
المزاج : خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر Qatary24
المهنة : خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر Unknow10
الهوايه : خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر Unknow11
الدولة : خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر Female31
الأوسمة : خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر 3h210
التميز : خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر 1510

خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر Empty
مُساهمةموضوع: رد: خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر   خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر I_icon_minitimeالإثنين 11 أكتوبر 2010, 10:07 pm

وعلى هذا النهج يروي لنا صلاح عيسى في كتابه "حكايات من دفتر الوطن" كيف بذل إبراهيم الهلباوي جهداً ضخماً في تفنيد كل ما جاء في أقوال المتهمين والشهود ليهدم كل واقعةٍ يمكن أن تتخذ ذريعةً للتخفيف عن المتهمين الأبرياء في حادثة دنشواي، وليثبت للمحكمة أن الحادثة ارتكبت عمداً ومع سبق الإصرار، حتى يفوز بما كان قد اتفق عليه مع سلطات الاحتلال ويعطي المحكمة مبرراً للحكم بالإعدام على المتهمين

بل إنه فند التقارير الطبية التي قالت إن الضحية الوحيدة في الحادثة وهو الكابتن البريطاني بول، قد مات متأثراً بضربة شمس، وأكد أن موت بول بضربة شمس لا ينفي أن المتهمين هم الذين قتلوه لأنهم هم الذين ضربوه، وألجأوه إلى الجري تحت أشعة الشمس اللاهبة. أضف إلى ذلك أن الهلباوي اتهم المتهم البريء حسن محفوظ بأنه "لم يكدر قريةً بل كدر أمةً بأسرها بعد أن مضى علينا 25 عاماً ونحن مع المحتلين في إخلاصٍ واستقامة وأمانة.. أساء إلينا وإلى كل مصري..فاعتبروا صوتي صوت كل مصري حكيمٍ عاقل يعرف مستقبل أمته وبلاده"

وبذلك قتل الهلباوي شعبه كله بعد أن صدر الحكم بإعدام أربعة متهمين -هم: حسن علي محفوظ‏,‏ يوسف حسني سليم‏,‏ السيد عيسى سالم ومحمد درويش زهران-‏ والجلد‏50‏ جلدة على 12 متهماً، والأشغال الشاقة لباقي المتهمين


وفي الثانية من ظهر يوم ‏28‏ يونيو حزيران جرى تنفيذ تلك الأحكام الجائرة، بعد محاكمةٍ استمرت بضعة أيام فقط وأمام أعين الأهالي. وتقول جريدة "المقطم" يوم ‏18‏ يونيو حزيران عام ‏1906‏ إن المشانق أعدت داخل القرية قبل التحقيق‏

وعن جدارةٍ استحق الهلباوي لقب [size=25]"جلاد دنشواي"
الذي أطلقه عليه الشيخ عبد العزيز جاويش


عاش الهلباوي 34 عاماً بعد تلك المأساة، ذاق أثناءها الذل والهوان من المصريين الذين لم ينسوا له دوره في تلك المحاكمة، بالرغم من محاولته التكفير عن ذلك، وحورب حرباً شديدة من الناس وخصومه وأصدقائه، وطارده لقب "جلاد دنشواي" في كل مكان. وكانت له كلمته الشهيرة: "ما أتعس حظ المحامي وما أشقاه.. يعرض نفسه لعداء كل شخص يدافع ضده لمصلحة موكله فإذا كسب قضية موكله، أمسى عدواً لخصمه دون أن ينال صداقة موكله"
لكن إبراهيم الهلباوي لم يكن الخائن الوحيد لمصر في حادثة دنشواي، فقد كان هناك اثنان آخران أولهما بطرس باشا غالي (1846-20 فبراير شباط 1910) وزير الحقانية بالنيابة آنذاك الذي ترأس المحكمة. أما نهاية هذا الرجل فكانت على يد صيدلاني يدعى إبراهيم الورداني، اغتال بطرس غالي أمام وزارة الحقانية في الساعة الواحدة ظهراً يوم (11 من صفر 1328 هـ=20 فبراير 1910)، حيث أطلق عليه الورداني ست رصاصات أصابت اثنتان منها رقبته. وكان اغتيال بطرس غالي هو أول جريمة اغتيال في مصر الحديثة

أما الثاني فهو أحمد فتحي زغلول ( فبراير شباط 1863- 27 مارس آذار 1914) عضو المحكمة ورئيس محكمة مصر الابتدائية الذي كتب حيثيات الحكم بخط يده. ولم يغفر له أحد ما فعله في دنشواي..لم يغفر له أن الشقيق الأصغر لزعيم الأمة سعد زغلول، حتى أن ذكراه كانت تمر بعد ذلك وسعد زعيم الامة المحبوب، فلا يجسر أحدٌ على الإشارة إليها


بل إن خصوم سعد زغلول كانوا يشيرون إلى شقيقه أحمد فتحي كدليلٍ على عدم وطنية الأول


وكانت لطمةً قويةً..وأنقذ أحمد فتحي زغلول نفسه، فغادر الدنيا بعدها بسنواتٍ قلائل، إذ مات في عام 1914 وهو وكيلٌ لوزارة العدل
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
منى الراوى
مشرف منتدي السياحة والآثار مشرف منتدي السياحة والآثار
منى الراوى


انثى
ســآعـتي :
التسجيل : 04/10/2010
المساهمات : 4915
عدد النقاط : 10549
المزاج : خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر Qatary24
المهنة : خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر Unknow10
الهوايه : خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر Unknow11
الدولة : خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر Female31
الأوسمة : خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر 3h210
التميز : خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر 1510

خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر Empty
مُساهمةموضوع: رد: خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر   خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر I_icon_minitimeالإثنين 11 أكتوبر 2010, 10:10 pm

عبد الخالق ثروت عدو الوطنية و الوطنيين


ولد "عبد الخالق ثروت" في درب الجماميز عام 1873 م سليل أسرة أناضولية إستوطنت مصر.

جده "عبد الخالق أفندي" كان من كبار الحكام في أوائل عهد محمد علي وقيل أنه يمت لأسرة محمد علي بصلة قربى. ووالده "إسماعيل عبد الخالق" كان من كبار المسئولين عن الشئون المالية في عهده. وأمه تنتمي إلى أصول تركية. وتزوج "عبد الخالق ثروت" من السيدة "فاطمة هانم" ، وكان الإثنان يمتلكان أكثر من 1500 فدان في (منيا القمح، الشرقية ) وفي (دسوق البحيرة) وفي بني سويف. كان "ثروت" ينتمي إلى فئة الأعيان ينظر بتعال وعدم إحترام للجماهير الثائرة عام 1919م.

عرف عنه مطاردته للوفد والوفديين....

منذ بداية حياته الوظيفية عمل سكرتيرا للمستشار القضائي الإنجليزي وإنجار للإنجليز وإنحاز الإنجليز إليه. وكانوا وراء إختياره وزيرا للحقانية في 5 إبريل 1914 - 19 ديسمبر 1914 في وزارة حسين رشدي باشا الأولى.

ولعل أكثر فترات حياته موالاة للإنــــجليز تلك التي كان فيها وزيرا للداخـــــلية في (16 مارس 1921 – 24 ديسمبر 1921) في وزارة صديقه الحميم "عدلي يكن باشا" وصلت رغبته في إرضاء الإنجليز على حساب سعد والوفد أن أمر بمصادرة صور "سعد باشا" في أي مكان توجد به ومنع أية فضيات عليها صور سعد. وعندما أخرج "محمد بيومي" رائد السينما التسجيلية فيلما لإستقبال سعد باشا حذف "ثروت" عددا من المناظر.

ومنع وكلاء الأمة من الإجتماع في بيت الأمة. وإستغل سلطة الأحكام العربية في إعتقال الكثيرين من أعضاء الوفد. وسجل المؤرخ "أحمد شفيق" أن "عبد الخالق ثروت" كان له دور في نفي الوطنيين.

كان وزيرا للداخلية في وزارة "عدلي يكن" – 16 مارس 1921 – حتى 24 ديسمبر 192 – وكان "ثروت" في تلك الفترة يحارب "سعد والوفد" بضراوة وشراسة ، ويحرص على علاقات الود مع الإنجليز والقصر وعدلي يكن

الأستاذ عباس محمود العقاد كان له رأي ثاقب ثابت في أسلوب "عبد الخالق ثروت" وهو (الكيد مع إصطناع الطيبة والبراءة). وعندما عاد "سعد باشا" من منفاه الأول كتب "عبد الخالق ثروت" خطابا إلى سعد باشا لإنهاء الخصومة بينهما من خلال تحكيم الأمراء فيما هو قائم من خلاف. ورأي "العقاد" أن "ثروت" يريد بذلك الإيقاع بين سعد باشا والأمراء وأن هذه المحاولة تؤكد أسلوب ثروت (الكيد مع إصطناع الطيبة). ولهذا كما سنرى فيما بعد ظل "ثروت" يكره العقاد ويقرب إليه "الدكتور طه حسين".


وعندما شكل "ثروت" وزارته في اليوم التالي لتصريح 28 فبراير عام 1922 (شكل الوزارة في أول مارس – 29 نوفمبر 1922) صنع مع سعد والوفد ما صنعه الحداد. وفي عهد وزارته ألقي القبض على "حمد الباسل ومرقص حنا وواصف غالي وعلوي الجزار وويصا واصف ومراد الشريعي وجورجي خياط في يوليو عام 1922" وصدرت بعض أحكام بالإعدام في 14 أغسطس 1922. ووقف وراء تكوين حزب الأحرار الدستورين في أكتوبر 1922م. وكان الإنجليز بعد تصريح 22 فبراير قد إستشاروا "عدلي يكن" فيمن يشكل الوزارة فقال قوله المشهور "عدلي هو ثروت وثروت هو عدلي" وشكل ثروت الوزارة.


وفي 15 مارس عام 1923 شكل "يحي إبراهيم باشا" وزارته الأولى وهي وزارة إدارية. وصدرت قرارات الإفراج عن المعتقلين ، وفي 5 يوليو ألغيت المحاكم العرفية. وكان الدستور قد صدر في 19 إبريل بما عليه من ملاحظات.

وجرت أول إنتخبات برلمانية حقيقية في 12 يناير عام 1924 سقط فيها "يحيى إبراهيم باشا" ، وسقط "إسماعيل صدقي باشا" في دائـــرته (الغريـــــب) أمام مرشـــح سعد باشا ل"محمد نجيب الغربالي" .. ولم يجرؤ "عبد الخالق ثورت" على أن يرشح نفسه في أية دائرة إنتخابية لأنه لا ينسى ما فعله مع سعد ومع الوفديين ومع سائر العناصر الوطنية. وبعد تأليف الوزارة الشعبية عام 1924 إقترح "محمد نجيب الغرابلي" على "سعد باشا" تأليف محكمة لمحاكمة "ثروت" على جرائمه في حق الشعب

جناية فى حق بطل وطنى

اهتزت القاهرة، بل اهتزت البلاد كلها لطلق ست رصاصات من يد شاب وطني على عطوفة رئيس النظار بطرس باشا غالي، وهو خارج من نظارته يستعد لركوب عربته، أطلقها عليه فتى وطني يسمى إبراهيم ناصف الورداني لا يتجاوز عمره الثانية والعشرين، فقبض عليه في محل ارتكاب الجريمة، وربط بحبل، وسجن في إحدى غرف الحقانية واستلمه سعادة النائب العمومي للتحقيق معه".
وقد وجهت للورداني تهمة القتل العمد مع سبق الإصرار، وهي جريمة عقوبتها الإعدام، وانشغل الرأي العام المصري بالحادث انشغالا كبيرا، حتى فشت في تلك الفترة خطابات التهديد التي كانت ترد إلى النظار (الوزراء) وكبار المسئولين في الدولة.

وقد قام عبد الخالق باشا ثروت الذي كان يشغل في ذلك الوقت منصب النائب العام بالتحقيق في القضية، وقد ذكر في مرافعته أن الجريمة المنظورة أمام المحكمة هي جريمة سياسية وليست من الجنايات العادية، وأنها "بدعة ابتدعها الورداني بعد أن كان القطر المصري طاهرا منها" ثم طالب بالإعدام للورادني، ثم أرسلت القضية إلى المفتي (الشيخ بكري الصدفي) لإبداء رأيه فيها، لكن المفتي أخذ بوجهة نظر الدفاع القائلة باختلال قوى المتهم العقلية وضرورة إحالته إلى لجنة طبية لمراقبته، إلا أن المحكمة لم تأخذ برأي المفتي، وكانت سابقة أن يعترض المفتي على حكم محكمة الجنايات برئاسة الإنجليزي "دولبر وجلي"، وفي يوم (9 جمادى الأولى 1328هـ=18 مايو 1910م) أصدرت محكمة الجنايات حكمها بالإعدام على الورداني، وفي صباح يوم (21 من جمادى الآخرة 1328 هـ=28 يونيو 1910م) تم تنفيذ حكم الإعدام في الورداني.

وقد صدر قرار يُحرم على أي مصري الاحتفاظ بصورة الوردانى وبسببه غنّت مصر الأغنية الشهيرة ومطلعها:



قولوا لعين الشمس ما تحماشي
لاحسن حبيب القلب صابح ماشي



ألف المصريون هذه الأغنية وغنوها صباح اليوم الذي نفذ فيه حكم الإعدام في الصيدلي الشاب، وهي إحدى طرق مقاومة الاحتلال التي اشتهر بها المصريون وأمكنهم أن يغنوها دون أن يتعرضوا لعقاب المحتلين.
أما سبب الاغتيال فيعود إلى أن الحركة الوطنية المصرية التي استيقظت بعد ثمانية عشر عاما من الاحتلال، اعتبرت بطرس غالي رئيس الوزراء أداة طيعة في يد الإنجليز بإصداره قانون المطبوعات الذي كمم أفواه الصحافة، وكانت الصحافة رافعة مهمة من روافع الحركة الوطنية بسبب سيطرة سلطات الاحتلال على الأدوات الأخرى التي يمكن استخدامها مثل البرلمان أو الأحزاب أو التجمعات المختلفة، لذلك ما إن أصدر رئيس النظار بطرس غالي (بالمناسبة بطرس غالي الذي اختاره السادات وزيرا للشؤون الخارجية، ثم تولى أمانة الأمم المتحدة ورياسة المجلس القومي لحقوق الإنسان أخيرا من أحفاد العائلة نفسها، وكذلك وزير المالية الحالي بطرس غالي ينحدر من الأصول ذاتها)، قانون المطبوعات، حتى تعرض للهجوم الشديد وكتب حافظ إبراهيم قصيدته الشهيرة ومطلعها:



فتقيّدت فيه الصحافة عنوة
ومشى الهوى بين الرعية مطلقا

كانت تواسينا على آلامنا
صحف إذا نزل البلاء وأطبقا


وتوالت حملات الصحافة ضد بطرس غالي ولم يتورع الأخير عن استخدام القانون الجائر ضد الشيخ عبدالعزيز جاويش الذي كتب مقالا ناريا في ذكرى حادث دنشواي الذي أعدمت فيه سلطات الاحتلال فلاحين أبرياء وجلدت آخرين علنا في قرية دنشواي لإرهاب مصر بكاملها، وحكمت المحكمة على الشيخ جاويش بالسجن بسبب المقال المشار إليه.




الملفت للنظر أن الحكومة تخلد أسماء الخونة وتمحق أسماء الشرفاء

فعلي سبيل المثال عبد الخالق ثروت اسمه علي شارع من اهم شوارع وسط البلد

إبراهيم الهلباوي كذلك له شارع باسمه


بينما البطل إبراهيم الورداني لا يعرفه احد
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
منى الراوى
مشرف منتدي السياحة والآثار مشرف منتدي السياحة والآثار
منى الراوى


انثى
ســآعـتي :
التسجيل : 04/10/2010
المساهمات : 4915
عدد النقاط : 10549
المزاج : خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر Qatary24
المهنة : خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر Unknow10
الهوايه : خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر Unknow11
الدولة : خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر Female31
الأوسمة : خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر 3h210
التميز : خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر 1510

خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر Empty
مُساهمةموضوع: رد: خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر   خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر I_icon_minitimeالإثنين 11 أكتوبر 2010, 10:12 pm

كيف يتحول دم الشهيد إلي عصير عنب أحمر؟.. كيف يصبح عطر الفل نوعا من الخل؟ كيف تنقلب صلاة الوطنية إلي طقوس خيانة وثنية؟.. كيف تهبط أسهم الموت في سبيل الله إلي حضيض التجارة الفاسدة مع الشيطان؟.. كيف يترك العشق المقدس للوطن مكانته الرفيعة ويقيم في مقلب قمامة؟.

من صلب الشيخ حسن العطار خرج حفيده عصام العطار.. آخر الجواسيس الذين صادتهم المخابرات المصرية من حبة عين إسرائيل.. ومن ظهر البطل المصري الشجاع مصطفي حافظ ولدت ناهد أو نوني التي تمردت علي تاريخ أبيها وتنكرت لسمعة عائلتها وخرجت من دينها وسبت بلادها.. ومن صلب عائلة محمد نسيم.. الشهير بنديم قلب الأسد.. مفجر الحفار وإيلات ومدرب رأفت الهجان.. ولدت فتاة إسرائيلية.. ولم يتردد ابن رأفت الهجان نفسه في أن يمشي في الاتجاه المعاكس ويسبح تجاه الناحية الأخري ويعمل في خدمة الذين حاربهم أبيه.. المخابرات الإسرائيلية.


( 1 ) عصام العطار حفيد البطل الشيخ حسن العطار



لقد كان الشيخ حسن العطار من علماء الأزهر الشريف الذين تمردوا علي جمود العقل الديني.. لم يطق ثوب الاجتهاد القديم والضيق الذي فرضه عليه شيوخه ومعلموه.. خشي أن يتحول ذلك الثوب العتيق إلي كفن يعيش فيه وهو علي قيد التفكير.. فأعلن حماسه لسفر تلاميذه إلي أوروبا لاستيعاب علوم"الفرنجة"وكان أشهرهم رفاعة الطهطاوي.. أول شعاع نور يلتهم ظلام العصور الوسطي ويفتح باب النهضة الحديثة التي جعلت مصر دولة إقليمية عظمي.. جعلت لمحمد علي باشا الكبير مكانا مستقرا في تاريخها.. وجعلتنا نشعر بحزن ممزوج بالشجن علي ما جري لحفيد حفيده الذي سقط في شباك المخابرات المصرية بعد أن تورط مع المخابرات الإسرائيلية.
إن كل الذين تأملوا صورة الجاسوس الصغير محمد عصام العطار تعاطفوا معه وإن لم يبرروا جريمته.. بل إن جهات التحقيق نفسها راحت من جانبها تفسر ما فعله بمعلومات إنسانية تضاعف من الشفقة عليه وإن كانت لا تخفف عنه العقوبة المشددة التي تنتظره.. فقد تحول منذ أن كان طفلا إلي كرة يد يلقي بها في الهواء أبوه وأمه اللذان انفصلا قبل أن يستوعب كلمة بيت وأسرة وشجرة وحب ووطن.. ولم يجد في جامعة الأزهر التي وجد نفسه متحمسا لها رائحة جده ولا سماحته ولا حماسه لفتح نوافذ العقل.. بل وجد جماعات متشددة.. متشنجة.. متعصبة.. تكره كل من يختلف معها.. وتسعي للتخلص ممن لا يسايرها.. وبين حلم لا يأتي وواقع لا يتفاهم معه وبيت لا يشعر فيه بالأمان قرر أن يهج.. تاركا وراءه حكما بالحبس في قضية شيك دون رصيد.. ولم تكن أمامه سوي تركيا.. دولة سياحية يسهل دخولها.. وهناك تضاعف شعوره باليأس فقرر حرق ما تبقي من جسور تربطه بوطنه.. وتقدم بخطي ثابتة إلي السفارة الإسرائيلية ليحصل علي وظيفة جاسوس.. وهناك جري ما جري.
ولو كان صوت الجد بعيدا لم يسمعه حفيده فكيف لم يسمع صوت الأب وكان قريبا؟!.. إن الأب ضابط سابق.. خدم في جهاز أمني رفيع ربما ساهم فيما بعد في القبض علي ابنه.. فكيف تحول ابن العين اليقظة إلي مؤخرة تقبل الشذوذ الجنسي والوطني ويتزوج مرتين بما لا يجوز.. من رجل آخر.. ووطن آخر؟
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
منى الراوى
مشرف منتدي السياحة والآثار مشرف منتدي السياحة والآثار
منى الراوى


انثى
ســآعـتي :
التسجيل : 04/10/2010
المساهمات : 4915
عدد النقاط : 10549
المزاج : خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر Qatary24
المهنة : خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر Unknow10
الهوايه : خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر Unknow11
الدولة : خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر Female31
الأوسمة : خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر 3h210
التميز : خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر 1510

خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر Empty
مُساهمةموضوع: رد: خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر   خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر I_icon_minitimeالإثنين 11 أكتوبر 2010, 10:15 pm

إبنةرجل المخابرات الشهير مصطفى حافظ



رجل المخابرات المصري القوي الذي كان مسئولا في منتصف الخمسينيات عن عمليات الفدائيين ضد إسرائيل.. وقد عاش في غزة.. في انتظار استدعائه للقاهرة لتولي رئاسة جهاز المخابرات العامة.. لكن.. في يوليو عام 1956 نجحت الموساد في التخلص منه بعبوة ناسفة داخل كتاب أرسلوه مع عميل مزدوج (هو سليمان طلالقة) إلي قائد الشرطة في غزة (لطفي العكاوي) بزعم أنه كتاب الشفرة الجديدة بعد أن اشاعوا أنه جاسوس لهم وكانت الموساد علي ثقة أن العميل المزدوج سوف يرسل الكتاب الملغوم أولا إلي مصطفي حافظ ليتأكد من خيانة قائد الشرطة وهو ما حدث.. لكن.. ما أن فتح مصطفي حافظ الكتاب وهو في حديقة استراحته حتي لقي مصرعه وأصيب سليمان طلالقة بجروح وحروق هائلة في واحدة من أسوأ عمليات المخابرات الإسرائيلية وأكثرها ألما لنا.
ولد مصطفي حافظ في قرية تابعة لبندر طنطا في 25 ديسمبر 1920 وتخرج في الكلية الحربية عام 1940 وعين في سلاح الفرسان (المدرعات فيما بعد) وفي يوليو 1948 نقل إلي مكتب الحاكم الإداري المصري في غزة مسئولا عن رفح.. وبعد الثورة التي كان أحد ضباطها الأحرار حضر اجتماعا سريا مع جمال عبد الناصر تقرر فيه إنشاء كتيبة فدائيين تواجه الاعتداءات الإسرائيلية علي الفلسطينيين في غزة وما حولها.. قاد الرجل الذي يهوي الظل تلك الكتيبة التي أرقت مضاجع العدو دون أن يتوصلوا إليه أو حتي يعرفوا صورته أو مكانه.. وفشلت كل محاولات اغتياله.. فقد كان يترك المكان قبل تنفيذها بدقائق.. واضعا في رأسه جملة قالها جمال عبدالناصر له: "خللي بالك يا مصطفي من الخونة مصر تريدك بشدة".. لكن.. كان القدر يعمل ضده وكذلك المخابرات الإسرائيلية التي كانت تريده حيا أو ميتا.. بل إن القوات الإسرائيلية لم تترد في إطلاق نيران مدرعاتها علي صورته التي علقت في الشوارع وفاء لذكراه.
تزوج مصطفى حافظ في مارس عام 1946 و أنجب ولدا وأربع بنات.. محمد وهو دبلوماسي لابد أنه اصبح الآن سفيرا وهدي وكانت طبيبة وزوجة للدكتور مصطفي ابوالنصر ، ومي التي كانت تعيش مع أمها في المعادي وكان عمرها ستة أشهر يوم قتل والدها وسهير زوجة الكاتب الصحفي شريف الشوباشي وناهد المهاجرة المقيمة في الولايات المتحدة الأمريكية والتي مسحت تاريخ أبيها بأستيكة وسكبت علي صورته اللامعة طنا من الزفت والقطران.
لقد غيرت ناهد حافظ اسمها إلي نوني درويش وغيرت ديانتها واعتنقت المسيحية وسخرت من استشهاد ابيها ووصفت ما فعله بالإرهاب واثنت علي الإسرائيليين الذين قتلوه ووصفتهم بحمائم السلام الذين سينشرون الخير والعدل في المنطقة الجاحدة التي لا تستحقهم.. بل إنها أعلنت استعدادها للتطوع دفاعا عن إسرائيل ضد البرابرة العرب والمسلمين.. وقد نشرت ذلك كله واكثر في كتاب، اعتبرها العرب بعد نشره عميلة للمخابرات المركزية الأمريكية والموساد معا. لقد كان عمرها خمس سنوات يوم مات ابوها وتخرجت في الجامعة لتعمل في الصحافة الأجنبية ثم هاجرت إلي الولايات المتحدة عام 1978 وعمرها ثلاثين سنة وبقيت هناك مجهولة ومهجورة حتي وقعت هجمات سبتمبر الشهيرة فقررت ان تنسلخ من جلدها وأصلها وعائلتها وشهرة أبيها ونشرت ما نشرت


و إالى اللقاء مع قصه أخرى

خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر 36_3_16%5B1%5D
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
منى الراوى
مشرف منتدي السياحة والآثار مشرف منتدي السياحة والآثار
منى الراوى


انثى
ســآعـتي :
التسجيل : 04/10/2010
المساهمات : 4915
عدد النقاط : 10549
المزاج : خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر Qatary24
المهنة : خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر Unknow10
الهوايه : خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر Unknow11
الدولة : خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر Female31
الأوسمة : خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر 3h210
التميز : خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر 1510

خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر Empty
مُساهمةموضوع: رد: خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر   خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر I_icon_minitimeالإثنين 11 أكتوبر 2010, 10:17 pm

( 3 ) صائد الجواسيس( ظابط المخابرات البطل ) و شقيقه الخائن


أنه محمود نور الدين ... ضابط المخابرات المصري الذي لم يهز قلب الوطن ويثير أوجاعه برحيله المفجع فحسب ... فقد هزه قبل ذلك كثيرا مرة حينما قرر أن يستقيل من عمله ويؤسس تنظيما لمطاردة جواسيس الموساد و مرة حين بدأ أولى عملياته ...ومرة حين قرر توسيعها لتشمل جواسيس أمريكا

وكانت البداية لتنظيم عرف فيما بعد باسم ثورة مصر استهدف تصفية عملاء الموساد بشكل أساسي ممن يدخلون البلاد تحت غطاء السياحة او الحصانة الدبلوماسية... ونفذ التنظيم عدة عمليات ناجحة بالفعل ولكن..

دائما ما تكون نهاية الفرسان مفجعة ليس لأنهم يرحلون فجأة دون مقدمات، أو لأن مكانهم يظل خاليا لفترة طويلة حتى يظهر فارس آخر، وإنما لأن الطعنة التى تقضى عليهم دائما ما تكون من الخلف وهم عزل، ومن أقرب الناس اليهم.

محمود نور الدين واحد من فرسان الظل , الذى عاش ومات دون أن يسمع الكثيرون عنه , وقد يرجع ذلك لطبيعه التنظيم الذى قام بإنشاؤه ..

ومحمود نور الدين دبلوماسي وضابط مخابرات مصرى, قرر الإستقاله من عمله, وإن لم يترك حياه المخابرات بالكامل, إذ لم يكن قرار إستقالته إلا خطوة أولى فى طريق تكوين تنظيم سرى بإسم "ثورة مصر" .. وقد إستهدف التنظيم تصفيه عملاء الموساد الذين يدخلون مصر تحت مظله الحمايه الدبلوماسيه ,وهذا النوع من التجسس (العلنى) إستخدمته المخابرات الإسرائيليه والأمريكيه ضد مصر فى فترات عديدة كان أكثرها ظهورا عام 1985 .

وتوجد العديد من الشواهد والظواهر التى تؤكد تعاون سفراء أمريكا وإسرائيل مع جواسيس علنين أو متخفين فى الداخل, دون أن تستطيع السلطات (الرسميه) المصريه إتخاذ إجراءات ضدهم نظرا لما يتمتعون به من حمايه دبلوماسيه كفلتها لهم القوانين الدوليه ...

عمل نور الدين لمدة 20 عاما في إنجلترا بالسلك الدبلوماسي المصري بالإضافة إلى دائرة المخابرات، وهو حاصل على وسام للشجاعة أثناء حرب أكتوبر 1973.

لكنه قرر بشكل مباغت الاستقالة من عمله بعد أن زار الرئيس السادات القدس المحتلة عام 1977, وركز جهوده على نشر مجلة معادية للسادات في لندن.

وبين عامي 1980 و1983 تعاون نور الدين مباشرة مع صديقه القديم خالد عبد الناصر نجل الرئيس الراحل، وعاد كلاهما إلى مصر في 1983. وخلال ستة أشهر، بدأ نور الدين تنظيمه المسلح السري الذي أطلق عليه "ثورة مصر".

وكان الهدف الرئيسي للتنظيم تصفيه الكوادر الجواسيس العاملين تحت غطاء السلك الدبلوماسي، لكن بصورة غير رسميه حتى لا تقع مصر فى أزمات دبلوماسيه أو ما شابه ...

وبعد عدة عمليات ناجحة، وجد نور الدين نفسه بين المطرقه والسندان ... فمن ناحيه تبحث عنه المخابرات الإسرائيليه (الموساد) بصفته خطرا على عملائها فى مصر, ومن ناحيه أخرى تبحث عنه السلطات المصريه بصفته مهددا لسلامه أشخاص تحت المظله الدبلوماسيه ... كان الوضع صعبا للغايه .. إلا أن رجل المخابرات المحنك لم يتنازل عن هدفه السامى فى إصطياد الجواسيس ...

وهكذا إستمر تنظيم ثورة مصر فى إثارة جنون الموساد بعد عملياته الناجحه الواحدة تلو الأخرى . كان الموساد بكل عيونه وجواسيسه ومحترفيه يفاجأ بضربات نور الدين الموجعه الواحدة تلو الأخرى , وكان إسم تنظيم ثورة مصر يذاع فى وسائل الإعلام مقرونا بعمليات تصفيه للموساد فى مصر منها عمليه قتل مسئول الأمن فى السفارة الإسرائيليه ( زيفى كدار ) الذى أعلن تنظيم ثورة مصر قتله فى يونيو 1985.

وكذلك قتل (ألبرت أتراكش) المسئول السابق عن الموساد فى إنجلترا والذى كان يعمل فى مصر , وتم قتله فى أغسطس من نفس العام , وأيضا الهجوم على سيارة إسرائيليه أمام معرض القاهرة الدولي بمدينة نصر فى العام التالى مباشرة ...

إلا أن نور الدين لم يكتفى بهذا القدر من العمليات , بل إمتد نشاطه ليشمل الأمريكيين , وكان يعلم بحكم عمله السابق فى المخابرات المصريه أن الولايات المتحدة هى حليفه إسرائيل , فإستهدف 3 عاملين فى السفارة الأمريكيه فى القاهرة فى مايو 1987 .

وهكذا دخلت المخابرات الأمريكيه فى دوامه البحث عن تنظيم ثورة مصر وقائدة محمود نور الدين ...

كان الأمر يزداد صعوبه فى وجه تنظيم ثورة مصر الذى تقوم 3 أجهزة مخابرات بتعقبه .. المصريه والأمريكيه والإسرائيليه ...

وكانت المخابرات الأمريكيه على إستعداد لدفع ثروة مقابل أى معلومه عن التنظيم ...

وللأسف جائتهم المعلومات على طبق من فضه ...كان لمحمود نور الدين شقيق يدعى عصام , كان يعتبر الرجل رقم 2 فى التنظيم , إلا أن عصام إنحرف و إتجه إلى طريق الإدمان ورفاق السوء .. وهدد عصام أخيه نور الدين بفضح أمر التنظيم للمخابرات إذا لم يعطه أموالا ليشترى بها المخدرات , فلم يكن من نور الدين إلا أن أطلق الرصاص على قدمه كإنذار له على عدم الوشايه بالتنظيم ..

إلا أن المخدرات لعبت فى أحد الأيام بعقل عصام , وخيل له الشيطان أن طريقا مفروشا بالورود أمامه إذا قام بالإبلاغ عن شقيقه محمود.

إتصل عصام بالسفارة الأمريكيه فى القاهرة , وما أن قال لعامل الإتصال أنه الرجل الثانى فى تنظيم ثورة القاهرة وطلب موعدا للقاء السفير حتى إنقلبت السفارة رأسا على عقب ...

وفى غرفه مغلقه ضمت السفير الأمريكى وعصام نور الدين ومسئول المخابرات الأمريكيه وأخر من الموساد , وبعد إجراءات تفتيش طويله لعصام , وبعد تكثيف الحراسه على السفارة كما لو أنها حصن حصين , بدأ عصام على مدار الساعات الأربع يشرح للجميع كيفيه عمل تنظيم ثورة مصر ...

كان يشرح لهم كيف يقومون بالعمليات ...
ومصادر التمويل ...
وطرق التنفيذ ..
كل شىء ...

أضاف لذلك قيامه بالإتصال أمام مسئولى السفارة بعدد من أعضاء التنظيم لضمان مصداقيه كلامه , ثم ختم سيمفونيه خيانته لأسرته الكبيرة ( الوطن ) وأسرته الصغيرة ( أخيه ) بتقديم ( نوته ) تحتوى على أسماء جميع رجال التنظيم وأرقام هواتفهم وعناوينهم ....

وفى النهايه طلب عصام من السفير ثمن كل هذة المعلومات الثمينه ...طلب ثمن الخيانه ...وكان الثمن نصف مليون دولار وجنسيه أمريكيه ....وأوهمه السفير ( كاذبا ) بأن كل طلباته ستكون مجابه ...وسقط تنظيم ثورة مصر فى ساعات معدودة ...

وبدلا من مكافأته، سلم الأمريكيين عصام إلى السلطات المصرية وحوكم وتمت إدانته بـ 15 سنة في السجن، لكن تم فصله عن باقي أعضاء التنظيم بعد ان وسم بالخائن.

وتمت محاكمه أعضاء التنظيم, وشملت التهم الموجهة إليهم:
1. القيام بأنشطة عرضت علاقات البلاد بالحكومات الأجنبية للخطر.
2. إغتيال دبلوماسي إسرائيلي في المعادي في 4 يونيو 1984.
3. قتل دبلوماسي إسرائيلي في 20 أغسطس 1985.
4. الهجوم ضد السرادق الإسرائيلي في معرض القاهرة التجاري عام 1986.
5. إغتيال الملحق الثقافي الإسرائيلي وجرح إثنان من رفقاء وزير السياحة الإسرائيلي الذي كان يزور السرادق.
6. محاولة إغتيال دبلوماسي أمريكي في 26 مايو 1987.

وكانت حصيلة العمليات: قتيلان إسرائيليان، ستة جرحى إسرائيليين وأثنين أمريكيين.

وحوكم نور الدين مع 10 من المتهمين، من بينهم خالد جمال عبد الناصر، الذي كان خارج البلاد في ذلك الوقت، وحوكم غيابيا بتهم بتمويل المجموعة وتجهيز الأسلحة، لكن تمت تبرئته وأربعة آخرين.

وتم تصوير المتهمين خلال المحاكمة كإرهابيين ومدمنو مخدرات.

ووضع محمود نور الدين فى السجن ليقضى فيه 11 عاما بعد أن حكم عليه بعقوبة 25 عاما قبل أن يلقى ربه في سجن طره جراء الحمى وبعد أن رفضت سلطات السجن تحويله إلى مستشفى متخصص لإخضاعه لفحوص مدققة لا يمكن أن تجري في مستشفى السجن، طبقا لبيان أصدرته المنظمة المصرية لحقوق الإنسان.

وفي 16 سبتمبر 1998 شيع جثمان محمود نور الدين في وداع مهيب عشية الذكرى العشرون لإتفاقيات كامب ديفيد التي أرست أسس العلاقات المصرية الإسرائيلية، وهي الإتفاقية التي أقسم نور الدين على محاربتها.

وعلى الرغم من الحضور الأمني الواضح والمكثف، هتف المشيعون بهتافات معادية لإسرائيل وأحرق العلم الإسرائيلي خلال الجنازة.

ويبقى أسم نور الدين في الأذهان .. كبطل فى زمن الخونه والعملاء الذين دمروا غزه بحجه الخوف من حماس ومن اقامه اماره اسلاميه على الحدود المصريه

و إلى اللقاء مع قصه أخرى



خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر 36_3_16%5B1%5D
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
منى الراوى
مشرف منتدي السياحة والآثار مشرف منتدي السياحة والآثار
منى الراوى


انثى
ســآعـتي :
التسجيل : 04/10/2010
المساهمات : 4915
عدد النقاط : 10549
المزاج : خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر Qatary24
المهنة : خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر Unknow10
الهوايه : خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر Unknow11
الدولة : خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر Female31
الأوسمة : خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر 3h210
التميز : خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر 1510

خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر Empty
مُساهمةموضوع: رد: خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر   خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر I_icon_minitimeالإثنين 11 أكتوبر 2010, 10:18 pm

( 4 ) هشام بن الأكابر

هشام ابن الأكابر كان يعمل ضابطا أول للعمليات الجوية في شركة مصر للطيران، مهمته رسم مسارات وارتفاعات الرحلات الجوية ومتابعة تجهيز جداول نوبتجيات الطيارين والموظفين وبعد مرض والده، الذي كان بدوره ضابطا بالقوات المسلحة علي المعاش، بالسرطان، اضطر لاصطحابه الي لندن لمحاولة انقاذه في المستشفيات البريطانية. وفي فندق رويال لانكستر في لندن بدأت اولي خطوات انحدار هشام في طريق خيانة الوطن. فمدير الفندق رأفت مصري ويعمل لحساب الموساد، والمخابرات المصرية تتابعه.


التفاصيل يستطيع القاريء ان يتوقعها، فعلاج الأب من السرطان في لندن يتكلف مبالغ طائلة، وعميل الموساد رأفت ينسج شباكه حول هشام، ووعده بانه يقدمه لرجل أعمال انجليزي من أصل لبناني ويحصل من خلاله علي عمل اضافي يساعده في علاج والده.


والتقي هشام برجل الأعمال في ملهي 'البلاي بوي' حيث كل طاقم الخدمة من أجمل الفتيات اللائي يرتدين يونيفورم الأرنب المشهور وهو ليس أكثر من اذان تبدو من فوق الرؤوس وقطعة فراء مستديرة تمثل ذيل الأرنب أعلي الارداف. أما رجل الأعمال ادوار كوشير فقد كان لطيفا وناعما يتكلم باللهجة الشامية وأخبر هشام بأنه يريد ان يستثمر جزءا من أمواله في مصر وتنقصه بعض المعلومات عن السوق المصرية.


وانتهي الأمر بعد لقاءات عديدة رتبت بعناية للايقاع بهشام محجوب الي تكليفه بتأسيس مكتب في القاهرة، كقاعدة للتحرك والاتصال. وعاد هشام بوالده في الاسبوع الأول من يونيو عام 1972 الي القاهرة لاستكمال علاجه، بينما كانت المخابرات المصرية تراقب الموقف عن كثب.


امتد مسرح العمليات بين القاهرة ولندن، وبدأ هشام يجمع المعلومات ويوصلها الي لندن، ووقع في الفخ أخيرا، وسافر بالفعل إلي اسرائيل للتدريب، ثم عاد إلي القاهرة ومنها الي لندن.. وفي نفس الوقت كانت المخابرات المصرية تتابعه وتدفع له بمن يمدونه بمعلومات تسهم في الخداع الاستراتيجي لاسرائيل حول استعدادات مصر العسكرية قبيل حرب اكتوبر حتي صدر القرار باغلاق ملف عملية السنجاب وهو اسم عملية هشام محجوب والذي يتضمن كلمة واحدة الصاعقة ليتم إلقاء القبض علي الخائن.


اعترف السنجاب تفصيليا بخيانته وصدر الحكم باعدامه، غير انه لم ينفذ الحكم، فقد مات في السجن قبل اعدامه.


و إلى اللقاء مع قصه أخرى من قصص الخيانه

خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر 36_3_16%5B1%5D
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
منى الراوى
مشرف منتدي السياحة والآثار مشرف منتدي السياحة والآثار
منى الراوى


انثى
ســآعـتي :
التسجيل : 04/10/2010
المساهمات : 4915
عدد النقاط : 10549
المزاج : خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر Qatary24
المهنة : خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر Unknow10
الهوايه : خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر Unknow11
الدولة : خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر Female31
الأوسمة : خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر 3h210
التميز : خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر 1510

خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر Empty
مُساهمةموضوع: رد: خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر   خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر I_icon_minitimeالإثنين 11 أكتوبر 2010, 10:22 pm

أشهر قضايا الجاسوسية فى مصر
خيانة من الدرجه الأولى ( أموال و أنحرافات و شذوذ ) أسباب لا تغفر الخيانة


هبه عبد الرحمن سليم ( ملكة الجاسوسية المتوجه )

إنها قصة مثيرة وعجيبة. . قصة أول جاسوسة عربية استُغلت أديولوجياً. . وعملت لصالح الموساد ليس لأجل المال أو الجاه أو أي شيء سوى الوهم. . الوهم فقط. .

فكانت بذلك اول حالة شاذة لم تماثلها حالة أخرى من قبل . . أو بعد. . !!

حقائق ثابتة

لم تدخر المخابرات الاسرائيلية وسيلة عند تجنيدها للجواسيس إلا وجربتها. وأيضاً – لم تعتمد على فئة معينة من الخونة . . بل جندت كل من صادفها منهم واستسهل بيع الوطن بثمن بخس وبأموال .. حرام، وأشهر هؤلاء على الإطلاق – هبة عبد الرحمن سليم عامر – وخطيبها المقدم فاروق عبدالحميد الفقي.

إنها إحدى أشرس المعارك بين المخابرات الحربية المصرية والمخابرات الإسرائيلية. معركة أديرت بذكاء شديد وبسرية مطلقة، انتصرت فيها المخابرات المصرية في النهاية. وأفقدت العدو توازنه، وبرهنت على يقظة هؤلاء الأبطال الذين يحاربون في الخفاء من اجل الحفاظ على أمن الوطن وسلامته.

لقد بكت جولدا مائير حزناً على مصير هبة التي وصفتها بأنها "قدمت لإسرائيل أكثر مما قدم زعماء إسرائيل" وعندما جاء هنري كيسنجر وزير الخارجية الأمريكي ليرجو السادات تخفيف الحكم عليها. . كانت هبة تقبع في زنزانة انفرادية لا تعلم أن نهايتها قد حانت بزيارة الوزير الامريكي.

لقد تنبه السادات فجأة الى أنها قد تصبح عقبة كبيرة في طريق السلام، فأمر بإعدامها فوراً، ليسدل الستار على قصة الجاسوسة التي باعت مصر ليس من أجل المال أو الجنس أو العقيدة. . إنما لأج الوهم الذي سيطر على عقلها وصور لها بأن إسرائيل دولة عظمى لن يقهرها العرب. وجيشها من المستحيل زحزحته عن شبر واحد من سيناء، وذلك لأن العرب أمة متكاسلة أدمنت الذل والفشل، فتفرقت صفوفهم ووهنت قوتهم . .الى الأبد.

آمنت هبة بكل هذه الخرافات، ولم يستطع والدها – وكيل الوزارة بالتربية والتعليم – أن يمحو أوهامها أو يصحح لها خطأ هذه المفاهيم.

ولأنها تعيش في حي المهندسين الراقي وتحمل كارنيه عضوية في نادي "الجزيرة" – أشهر نوادي القاهرة – فقد اندمجت في وسط شبابي لا تثقل عقله سوى أحاديث الموضة والمغامرات، وبرغم هزيمة 1967 الفادحة والمؤلمة للجميع. . إلا أن هبة انخرطت في "جروب" من شلة أولاد الذوات تسعى خلف أخبار الهيبز، وملابس الكاوبوي وأغاني ألفيس بريسلي.

وعندما حصلت على الثانوية العامة ألحت على والدها للسفر الى باريس لإكمال تعليمها الجامعي، فالغالبية العظمى من شباب النادي أبناء الهاي لايف، لا يدخلون الجامعات المصرية ويفضلون جامعات أوروبا المتحضرة .

وأمام ضغوط الفتاة الجميلة وحبات لؤلؤ مترقرقة سقطت على خديها، وافق الأب وهو يلعن هذا الوسط الاجتماعي الذي يعيش فيه ولا بد من مسايرة عاداته وتقاليده.

وفي باريس لم تنبهر الفتاة كثيراً، فالحرية المطلقة التي اعتادتها في مصر كانت مقدمة ممتازة للحياة والتحرر في عاصمة النور.

ولأنها درست الفرنسية منذ طفولتها فقد كان من السهل عليها أيضاً أن تتأقلم بسرعة مع هذا الخليط العجيب من البشر. ففي الجامعة كانت تختلف كل الصور عما ترسب بمخيلتها. . إنها الحرية بمعناها الحقيقي، الحرية في القول والتعبير . . وفي اختيار المواد الدراسية. . بل وفي مواعيد الامتحان أيضاً، فضلاً عن حرية العلاقة بين الجنسين التي عادة لا تقتصر على الحياة الجامعية فحسب. . بل تمتد خارجها في شمولية ممتزجة باندفاع الشباب والاحتفاء بالحياة.

جمعتها مدرجات الجامعة بفتاة يهودية من أصول بولندية دعتها ذات يوم لسهرة بمنزلها، وهناك التقت بلفيف من الشباب اليهود الذي تعجب لكونها مصرية جريئة لا تلتفت الى الخلف، وتنطلق في شراهة تمتص رحيق الحرية. . ولا تهتم بحالة الحرب التي تخيم على بلدها، وتهيمن على الحياة بها.

لقد أعلنت صراحة في شقة البولندية أنها تكره الحرب، وتتمنى لو أن السلام عم المنطقة. وفي زيارة أخرى أطلعتها زميلتها على فيلم يصور الحياة الاجتماعية في إسرائيل، وأسلوب الحياة في "الكيبوتز" وأخذت تصف لها كيف أنهم ليسوا وحوشاً آدمية كما يصورهم الإعلام العربي، بل هم أناس على درجة عالية من التحضر والديموقراطية.

وعلى مدار لقاءات طويلة مع الشباب اليهودي والامتزاج بهم بدعوى الحرية التي تشمل الفكر والسلوك. . استطاعت هبة أن تستخلص عدة نتائج تشكلت لديها كحقائق ثابتة لا تقبل السخرية. أهم هذه النتائج أن إسرائيل قوية جداً وأقوى من كل العرب. وأن أمريكا لن تسمح بهزيمة إسرائيل في يوم من الأيام بالسلاح الشرقي.. ففي ذلك هزيمة لها.

آمنت هبة أيضاً بأن العرب يتكلمون أكثر مما يعملون. وقادتها هذه النتائج الى حقد دفين على العرب الذين لا يريدون استغلال فرصة وجود إسرائيل بينهم ليتعلموا كيفية اختزال الشعارات الى فعل حقيقي. وأول ما يبدأون به نبذ نظم الحكم التي تقوم على ديموقراطية كاذبة وعبادة للحاكم.

وثقت هبة أيضاً في أحاديث ضابط الموساد الذي التقت به في شقة صديقتها. . وأوهمها باستحالة أن ينتصر العرب على إسرائيل وهم على خلاف دائم وتمزق خطير، في حين تلقى إسرائيل الدعم اللازم في جميع المجالات من أوروبا وأمريكا.

هكذا تجمعت لديها رؤية أيديولوجية باهتة، تشكلت بمقتضاها اعتقاداتها الخاطئة، التي قذفت بها الى الهاوية.

الشك المجنون

كانت هذه الأفكار والمعتقدات التي اقتنعت بها الفتاة سبباً رئيسياً لتجنيدها للعمل لصالح الموساد .. دون إغراءات مادية أو عاطفية أثرت فيها، مع ثقة أكيدة في قدرة إسرائيل على حماية "أصدقائها" وإنقاذهم من أي خطر يتعرضون له في أي مكان في العالم.

هكذا عاشت الفتاة أحلام الوهم والبطولة، وأرادت أن تقدم خدماتها لإسرائيل طواعية ولكن.. كيف؟ الحياة في أوروبا أنستها هواء الوطن. .وأغاني عبد الحليم حافظ الوطنية. .وبرج القاهرة الذي بناه عبد الناصر من أموال المخابرات الأمريكية التي سخرتها لاغتياله.

فقط تذكرت فجأة المقدم فاروق الفقي الذي كان يطاردها في نادي الجزيرة، ولا يكف عن تحين الفرصة للانفراد بها. .وإظهار إعجابه الشديد ورغبته الملحة في الارتباط بها. لقد ملت كثيراً مطارداته لها من قبل في النادي وخارج النادي، وكادت يوماً ما أن تنفجر فيه غيظاً في التليفون. . وذلك عندما تلاحقت أنفاسه اضطراباً وهو يرجوها أن تحس به. مئات المرات قال لها: "أعبدك .. أحبك .. أهواك يا صغيرتي". ولكنها كانت قاسية عنيفة في صده.

تذكرت هبة هذا الضابط الولهان، وتذكرت وظيفته الهامة في مكان حساس في القوات المسلحة المصرية، وعندما أخبرت ضابط الموساد عنه. .كاد أن يطير بها فرحاً، ورسم لها خطة اصطياده.

وفي أول أجازة لها بمصر. . كانت مهمتها الأساسية تنحصر في تجنيده.. وبأي ثمن، وكان الثمن خطبتها له. وفرح الضابط العاشق بعروسه الرائعة التي فاز بها أخيراً، وبدأت تدريجياً تسأله عن بعض المعلومات والأسرار الحربية. . وبالذات مواقع الصواريخ الجديدة التي وصلت من روسيا. . فكان يتباهى أمامها بأهميته ويتكلم في أدق الأسرار العسكرية، ويجيء بها بالخرائط زيادة في شرح التفاصيل.

أرسلت هبة سليم على الفور بعدة خطابات الى باريس بما لديها من معلومات ولما تبينت إسرائيل خطورة وصحة ما تبلغه هذه الفتاة لهم.. اهتموا بها اهتماماً فوق الوصف. وبدأوا في توجيهها الى الأهم في تسليح ومواقع القوات المسلحة. . وبالذات قواعد الصواريخ والخطط المستقبلية لإقامتها، والمواقع التبادلية المقترحة.

وسافرت هبة الى باريس مرة ثانية تحمل بحقيبتها عدة صفحات. . دونت بها معلومات غاية في السرية والأهمية للدرجة التي حيرت المخابرات الاسرائيلية. فماذا سيقدمون مكافأة للفتاة الصديقة؟

سؤال كانت إجابته عشرة آلاف فرنك فرنسي حملها ضابط الموساد الى الفتاة .. مع وعد بمبالغ أكبر وهدايا ثمينة وحياة رغدة في باريس. رفضت هبة النقود بشدة وقبلت فقط السفر الى القاهرة على نفقة الموساد بعد ثلاثة أشهر من إقامتها بباريس. كانت الوعود الراقة تنتظرها في حالة ما إذا جندت خطيبها ليمدهم بالأسرار العسكرية التي تمكنهم من اكتشاف نوايا المصريين تجاههم.

لم يكن المقدم فاروق الفقي بحاجة الى التفكير في التراجع، إذ أن الحبيبة الرائعة هبة كانت تعشش بقلبه وتستحوذ على عقله.. ولم يعد يملك عقلاً ليفكر، بل يملك طاعة عمياء سخرها لخدمة إرادة حبيبته. وعندما أخذها في سيارته الفيات 124 الى صحراء الهرم.. كان خجولاً لفرط جرأتها معه، وأدعت بين ذراعيه أنها لم تصادف رجلاً قبله أبداً. وأبدت رغبتها في قضاء يوم كامل معه في شقته. ولم يصدق أذنيه. فهو قد ألح عليها كثيراً من قبل لكنها كانت ترفض بشدة. الآن تعرض عليه ذلك بحجة سفرها، وفي شقته بالدقي تركت لعابه يسيل، وجعلته يلهث ضعفاً وتذللاً..

ولما ضمها الى صدره في نهم ورغبة .. صدته في تمنع كاذب. . فاندفع اليها بشوق أكثر، ولملم جرأته كلها يروي ظمأ ملهوفاً تلسعه موجات من صهد أنوثتها. فطار عقله وبدا كطفل نشبث بأمه في لحظة الجوع، لكنها.. هيهات أن تمنحه كل ما يريد. وأحكمت قيدها حول رقبته فمشى يتبعها أينما سارت. . وسقط ضابط الجيش المصري في بئر الشهوة ووقّع وثيقة خيانته على صدرها، ليصير في النهاية عميلاً للموساد تمكن من تسريب وثائق وخرائط عسكرية.. موضحاً عليها منصات الصواريخ "سام 6" المضادة للطائرات. . التي كانت القوات المسلحة تسعى ليلى نهار لنصبها لحماية مصر من غارات العمق الاسرائيلية.

لقد تلاحظ للقيادة العامة للقوات المسلحة ولجهازي المخابرات العامة والحربية، أن مواقع الصواريخ الجديد تدمر أولاً بأول بواسطة الطيران الإسرائيلي. حتى قبل أن يجف الأسمنت المسلح بها، وحودث خسائر جسيمة في الأرواح، وتعطيل في تقدم العمل وإنجاز الخطة التي وضعت لإقامة حائط الصواريخ المضادة للطائرات.

تزامنت الأحداث مع وصول معلومات لرجال المخابرات المصرية. . بوجود عميل "عسكري" قام بتسريب معلومات سرية جداً الى إسرائيل. وبدأ شك مجنون في كل شخص ذي أهمية في القوات المسلحة، وفي مثل هذه الحالات لا يستثنى أحد بالمرة بدءاً من وزير الدفاع.

يقول السفير عيسى سراج الدين سفير مصر في كوبنهاجي، ووكيل وزارة الخارجية بعد ذلك:

"اتسعت دائرة الرقابة التليفزيونية والبريدية لتشمل دولاً كثيرة أخرى، مع رفع نسبة المراجعة والرقابة الى مائة في المائة من الخطابات وغيرها، كل ذلك لمحاولة كشف الكليفية التي تصل بها هذه المعلومات الى الخارج. كما بدأت رقابة قوية وصارمة على حياة وتصرفات كل من تتداول أيديهم هذه المعلومات من القادة، وكانت رقابة لصيقة وكاملة. وقد تبينت طهارتهم ونقاءهم.

ثم أدخل موظفو مكاتبهم في دائرة الرقابة. . ومساعدوهم ومديرو مكاتبهم .. وكل من يحيط بهم مهما صغرت أو كبرت رتبته".

وفي تلك الأثناء كانت هبة سليم تعيش حياتها بالطول وبالعرض في باريس. وعرفت الخمر والتدخين وعاشت الحياة الاوروبية بكل تفاصيلها. وكانت تشعر في قرارة نفسها بأنها خلقت لتعيش في أوروبا، وتكره مجرد مرور خاطرة سريعة تذكرها بمصريتها.

لقد نزفت عروبتها نزفاً من شرايين حياتها، وتهللت بشراً عندما عرض عليها ضابط الموساد زيارة إسرائيل، فلم تكن لتصدق أبداً أنها مهمة الى هذه الدرجة، ووصفت هي بنفسها تلك الرحلة قائلة: "طائرتان حربيتان رافقتا طائرتي كحارس شرف وتحية لي. وهذه إجراءات تكريمية لا تقدم أبداً إلا لرؤساء وملوك الدول الزائرين، حيث تقوم الطائرات المقاتلة بمرافقة طائرة الضيف حتى مطار الوصول.

وفي مطار تل أبيب كان ينتظرني عدد من الضباط اصطفوا بجوار سيارة ليموزين سوداء تقف أسفل جناح الطائرة، وعندما أدوا التحية العسكرية لي تملكني شعور قوي بالزهو. واستقبلني بمكتبه مائير عاميت رئيس جهاز الموساد ، وأقام لي حفل استقبال ضخماً ضم نخبة من كبار ضباط الموساد على رأسهم مايك هراري الأسطورة (2)، وعندما عرضوا تلبية كل "أوامري". . طلبت مقابلة جولدا مائير رئيسة الوزراء التي هزمت العرب ومرغت كرامتهم، ووجدت على مدخل مكتبها صفاً من عشرة جنرالات إسرائيليين أدوا لي التحية العسكرية. . وقابلتني مسز مائير ببشاشة ورقة وقدمتني اليهم قائلة: "إن هذه الآنسة قدمت لإسرائيل خدمات أكثر مما قدمتم لها جميعاً مجتمعين".

وبعد عدة أيام عدت الى باريس. . وكنت لا أصدق أن هذه الجنة "إسرائيل" يتربص بها العرب ليدمروها!!

سفر بلا عودة

وفي القاهرة . . كان البحث لا يزال جارياً على أوسع نطاق، والشكوك تحوم حول الجميع، الى أن اكتشف أحد مراقبي الخطابات الأذكياء "من المخابرات المصرية" خطاباً عادياً مرسلاً الى فتاة مصرية في باريس سطوره تفيض بالعواطف من حبيبها. لكن الذي لفت انتباه المراقب الذكي عبارة كتبها مرسل الخطاب تقولن أنه قام بتركيب إيريال الراديو الذي عنده، ذلك أن عصر إيريال الراديو قد انتهى. إذن .. فالإيريال يخص جهازاً لاسلكياً للإرسال والاستقبال.

وانقلبت الدنيا في جهازي المخابرات الحربية والمخابرات العامة وعند ضباط البوليس الحربي، وتشكلت عدة لجان من أمهر رجال المخابرات، ومع كل لجنة وكيل نيابة ليصدر الأمر القانوني بفتح أي مسكن وتفتيشه. وكانت الأعصاب مشدودة حتى أعلى المستويات في انتظار نتائج اللجان، حتى عثروا على جهاز الإيريال فوق إحدى العمارات.. واتصل الضباط في الحال باللواء فؤاد نصار مدير المخابرات الحربية وأبلغوه باسم صاحب الشقة. . فقام بإبلاغ الفريق أول أحمد اسماعيل وزير الدفاع "قبل أن يصبح مشيراً" الذي قام بدوره بإبلاغ الرئيس السادات.

حيث تبين أنالشقة تخص المقدم فاروق الفقي، وكان يعمل وقتها مديراً لمكتب أحد القيادات الهامة في الجيش، وكان بحكم موقعه مطلعاً على أدق الأسرار العسكرية، فضلاً عن دوره الحيوي في منظمة سيناء

وكان الضابط الجاسوس أثناء ذلك في مهمة عسكرية بعيداً عن القاهرة.

وعندما اجتمع اللواء فؤاد نصار بقائدالضابط الخائن. . "قيل بعد ذلك أنه ضابط كبير له دور معروف في حرب أكتوبر واشتهر بخلافه مع الرئيس السادات حول الثغرة". . رفض القائد أن يتصور حدوث خيانة بين أحد ضباط مكتبه. خاصة وأن المقدم فاروق يعمل معه منذ تسع سنوات، بل وقرر أن يستقيل من منصبه إذا ما ظهر أن رئيس مكتبه جاسوس للموساد.

وعندما دخل الخائن الى مكتبه.. كان اللواء حسن عبد الغني نائب مدير المخابرات الحربية ينتظره جالساً خلف مكتبه بوجه صارم وعينين قاسيتين فارتجف رعباً وقد جحظت عيناه وقال في الحال "هو أنت عرفتوا؟؟".

وعندما ألقى القبض عليه استقال قائده على الفور، ولزم بيته حزيناً على خيانة فاروق والمعلومات الثمينة التي قدمها للعدو.

وفي التحقيق اعترف الضابط الخائن تفصيلياً بأن خطيبته جندته بعد قضاء ليلة حمراء معها .. وأنه رغم إطلاعه على أسرار عسكرية كثيرة إلا أنه لم يكن يعلم أنها ستفيد العدو.

وعند تفتيش شقته أمكن العثور على جهاز اللاسلكي المتطور الذي يبث من خلاله رسائله، وكذا جهاز الراديو ونوتة الشفرة، والحبر السري الذي كان بزجاجة دواء للسعال. ضبطت أيضاً عدة صفحات تشكل مسودة بمعلومات هامة جداً معدة للبث، ووجدت خرائط عسكرية بالغة السرية لأحشاء الجيش المصري وشرايينه، تضم مواقع القواعد الجوية والممرات والرادارات والصواريخ ومرابص الدفاعات الهامة.

وفي سرية تامة . . قدم سريعاً للمحاكمة العسكرية التي أدانته بالإعدام رمياً بالرصاص.. واستولى عليه ندم شديد عندما أخبروه بأنه تسبب في مقتل العديد من العسكريين من زملائه من جراء الغارات الاسرائيلية. وأخذوه في جولة ليرى بعينه نتائج تجسسه. فأبدى استعداده مرات عديدة لأن يقوم بأي عمل يأمرونه به.

ووجدوا – بعد دراسة الأمر بعناية – أن يستفيدوا من المركز الكبير والثقة الكاملة التي يضعها الاسرائيليون في هذا الثنائي. وذلك بأن يستمر في نشاطه كالمعتاد خاصة والفتاة لم تعلم بعد بأمر القبض عليه والحكم بإعدامه.

وفي خطة بارعة من مخابراتنا الحربية، أخذوه الى فيلا محاطة بحراسة مشددة، وبداخلها نخبة من أذكى وألمع رجال المخابرات المصرية تتولى "إدارة" الجاسوس وتوجيهه، وإرسال الرسائل بواسطة جهاز اللاسلكي الذي أحضرته له الفتاة ودربته عليه. وكانت المعلومات التي ترسل هي بالطبع من صنع المخابرات الحربية، وتم توظيفها بدقة متناهية في تحقيق المخطط للخداع، حيث كانت حرب أكتوبر قد اقتربت، وهذه هي إحدى العمليات الرئيسية للخداع التي ستترتب عليها أمور استراتيجية مهمة بعد ذلك.

لقد كان من الضروري الإبقاء على هبة في باريس والتعامل معها بواسطة الضابط العاشق، واستمر الاتصال معها بعد القبض عليه لمدة شهرين، ولما استشعرت القيادة العامة أن الأمر أخذ كفايته.. وأن القيادة الإسرائيلية قد وثقت بخطة الخداع المصرية وابتلعت الطعم، تقرر استدراج الفتاة الى القاهرة بهدوء.. لكي لا تهرب الى إسرائيل إذ اما كتشف أمر خطيبها المعتقل.


و إلى اللقاء مع قصه أخر

خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر 36_3_16%5B1%5D
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
منى الراوى
مشرف منتدي السياحة والآثار مشرف منتدي السياحة والآثار
منى الراوى


انثى
ســآعـتي :
التسجيل : 04/10/2010
المساهمات : 4915
عدد النقاط : 10549
المزاج : خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر Qatary24
المهنة : خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر Unknow10
الهوايه : خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر Unknow11
الدولة : خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر Female31
الأوسمة : خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر 3h210
التميز : خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر 1510

خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر Empty
مُساهمةموضوع: رد: خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر   خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر I_icon_minitimeالإثنين 11 أكتوبر 2010, 10:29 pm

( 2 )رجب عبد المعطى

أسم سيظل دائما فى قائمه الخونه ( هل أنتحر قبل أعدامه ؟)


جواسيس الأسكندرية . . حفلت بالكثيرين منهم ملفات المخابرات والجاسوسية . . وكانت ظاهرة لافتة ومحيرة ألقت ظلالاً من الدهشة حول تباين ظروف سقوطهم في مصيدة الموساد .. ويمثل كل جاسوس منهم حالة مختلفة عن الآخر. فبعضهم كان بمقدوره ألا يسقط .. ولكن النفوس الوضيعة والضعيفة .. والطمع، والنمو المبكر لبذور الخيانة، أمور معقدة لا ترتبط مباشرة بقيم أو مفاهيم أو شرف، فهناك مردودات أخرى وترسبات تتفاعل وتنسجم وتصنع في النهاية جاسوساً. .
المضطهد المطارد

في الأول من أكتوبر 1937 .. امتلأ منزل الحاج عبد المعطي بلفيف من الأهل والأصدقاء جاءوا يباركون مقدم مولوده الأول "رجب". ولأن الحاج عبد المعطي تاجر مشهور في حي القباري بالاسكندرية فقد انهالت عليه الهدايا من حيث لا يدري. فالمولود جاء بعد انتظار طويل مليء بالقلق والصبر والترقب. وتجارب لا حصر لها مع الأطباء والأدوية. وفي شهر رجب – جاء رجب.

وبعد عدة أشهر حمل الرجل وزوجته أمتعتهما وحطا الرحال بأطهر أرض ورفعا أيديهما عند الكعبة يطلبان من الخالق جل شأنه أن يبارك لهما في رجب ويشكرانه على "عطيته". وشب الوحيد نبتاً طرياً يأكل بملعقة من ذهب كما يقولون. . فقد وفر له أبوه كل أسباب الرغد، وجعل منه شاباً خنوعاً مدللاً كان مدعاة لأن يخفق إخفاقاً ذريعاً في الحصول على الثانوية العامة .. ومع عدة محاولات أثمرت جميعها عن خيبة أمل للأب اغتر الابن وأوهم نفسه بأن له من العقل ما لم يملكه غيره. . ويستطيع – بدون شهادات – أن يصبح رجل أعمال مشهوراً ينافس عمالقة السوق والميناء . . ووسوس له الشيطان أنه فقط بحاجة الى فرصة يثبت من خلالها أنه عبقري زمانه الملهم.

حاول الحاج عبد المعطي إفاقة ابنه من سكرة الغرور وإعادته الى طريق الصوات ففشل. إذ سيطرت على رجب عبقرية كاذبة نشأت من فراغ العقل والثقافة. وصار يحلم ليل نهار بشركة رجب للخدمات البحرية.

ولما امتنع والده عن إمداده بالمال اللازم حتى يتحصن بالخبرة .. مضطراً وافق رجب على العمل في وظيفة كاتب حسابات بميناء الاسكندرية . . إرضاء لوالده. واستغرق في عمله الجديد حتى توسعت مداركه واستوعب الكثير من الخبرة بعد الاحتكاك الفعلي في الحياة.

وبعد ثلاث سنوات من العمل في الميناء .. لم ينس حلمه الكبير ففاتح أباه . . وهذه المرة كان عنده إصرار عنيد على ألا يرجع. فلما عارضه والده بشدة غادر المنزل غاضباً.. وتحت ضغوط الأهل والأصدقاء.. رضخ الأب أخيراً أمام رغبة ابنه وأمده بعدة آلاف من الجنيهات وهو على ثقة من فشله وخسارته. وغمره للمرة المليون إحساس بندم شديد لأنه دلل ابنه وفتح له منذ الصغر خزينة أمواله بسحب منها كفيما يشاء. .وتمنى بينه وبين نفسه لو أن الزمن عاد به الى الوراء فيقوم على تربيته بالشكل الصحيح .. وينشئه فتى معتمداً على ذاته فيشب رجلاً يعرف قيمة العلم والقرش .. ويدرك جيداً أن للحياة ألف وجه ووجهاً.. ولكن . .فات الأوان وحسم الأمر . . !!

من ناحية أخرى كان رجب يدرك ما يدور بعقل والده، وأراد أن يؤكد له كذب ظنه واعتقاده.. فتوسع في أعماله دون خبرة كافية بمنحنيات السوق وتقلباته. وكانت النتيجة المؤكدة خسارة جسيمة مُني بها وفشلاً ما بعده فشل .. وديوناً تزاحمت بأرقامها دفاتره.

وجاءت نكسة يونيو 1967 وتعم حالة كساد ازدادت معها الأمور سوءاً، وحاول رجب باستماتة أن يقوم التيار القوي فخارت قواه وغرق في ديونه. . وقام بتصفية الشركة وحزم حقائبه ووجد نفسه على ظهر مركب يشق مياه البحر الى ميناء "بيريه" في اليونان.

(1) نزل ببنسيون "بروتاجوراس" [1] وحاول جاهداً أن يعثر على عمل لكنه باء بالإخفاق .. فلجأ الى بحار يوناني يدعى "زاكوس" ربطتهما معاً إحدى سهرات الاسكندرية.. وكذب عليه مدعياً أنه ينجز إحدى صفقاته التجارية واستولى منه على خمسمائة دراخمة وخرب الى "أثينا" العاصمة حيث ضاقت به المدينة الساحلية الساحرة. ووجد في أثينا أن الحياة بها أكثر ضجيجاً وحركة.

(2) وفي بنسيون "زفيروس" [2] جلس يفكر فيما وصل اليه من حال سيئة: لقد مر به شهر تقريباً ولم يعثر على عمل بعد. إنه الآن عاطل ينفق ليعيش. . وعما قريب ستنفذ دراخماته فماذا سيعمل؟ هل ضاقت به الحياة أيضاً في أثينا؟

مئات من المصريين جاءوا الى اليونان يعملون في أي شيء وكل شيء.. لكنه يبحث عن عمل من نوع آخر يتناسيب وعبقريته. وكثيراً ما حدث نفسه قائلاً "لا أحد يفهمني في هذا العالم". . لقد صور له خياله أنه مضطهد .. ومعظم عباقرة العالم اضطهدوا أيضاً قبله وها هو يواجه قوى الاضطهاد التي تطارده أينما حل وعليه بالصبر حتى يكتب له النجاح.

(3) وبينما هو يتجول في شارع "سوفوكليس" [3] التقى بشاب مصري من برديس جنوبي سوهاج يعمل في مصنع للعصائر .. عرض عليه أن يعمل معه في قسم التغليف لكنه أبى بشدة أن يعمل بوظيفة تافهة كهذه.. واستعرض له سيرة حياته السابقة في مصر. . فما كان من الشاب الصعيدي الى أن نصحه بالعودة الى الاسكندرية لكي لا يقع فريسة سهلة في قبضة المخابرات الاسرائيلية. . التي تتصيد الشباب المصري العاطل في اليونان وتغريه بالعمل معها مقابل مبالغ كبيرة. وسخر رجب في داخله من نصيحة الشاب له بالعودة. . فقد كان والده يعاني الأمرين من حجم الديون التي خلفها له ومن مطاردة الدائنين في المتجر كل يوم.
[/size]

المال والحسان


[center][size=21]تزاحمت الأفكار في رأسه وغمرته إحساسات اليأس من صلاح أمره في أثينا .. والخوف من العودة يجر أذيال الخيبة والفشل .. وداهمه شعور بالضآلة وقال لنفسه "لن أيأس .. لن أستسلم أبداً مهما حدث".

أيقظته دقات الباب من أفكاره. وكان الطارق موظف حسابات البنسيون. فطلب منه إمهاله عدة أيام .. وما كانت جيوبه تحوي سوى دراخمات قليلة لا تكفي لأسبوع واحد إلا بالكاد.

هرب منه النوم واختنق صدره واهتزت أمامه الرؤى وعندما تذكر مقولة الشاب الصعيدي "المخابرات الإسرائيلية تدفع الكثير" قال لنفسه "لن أخسر أكثر مما خسرت" وأمسك بالقلم ليكتب:

السيد المبجل / سفير دولة إسرائيل في أثينا

أنا موظف مصري أقيم في بنسيون زفيروس. ضاقت بي الدنيا وظلمتني في الاسكندرية وفي أثينا. قال لي البعض إنكم تمدون يد المساعدة لكل من يلجأ إليكم وأنتم الملجأ الأخير لي. فأرجو أن أنال عطفكم واهتمامكم.

رجب عبد المعطي أثينا 27/12/1967

ولم تكد تمر ثلاثة أيام – حتى فوجئ بمندوب من السفارة الإسرائيلية ينتظره في صالة الاستقبال .. فاصطحبه الى السفارة وهناك قابلوه بود وقالوا له:
وصلتنا رسالتك ولم نفهم منها ماذا تريد بالضبط؟

أجاب بصوت يغلفه الرجاء:
أريد أن أعمل في أثينا.

سلمهم جواز سفره وتركوه ثلاث ساعات بمفرده .. ثم جاءوا له باستمارة من عدة صفحات . . تحمل اسم السفارة وشعار دولة إسرائيل .. وطلبوا منه أن يملأها ويكتب سيرة حياته وأسماء أصدقائه وأقاربه ووظائفهم.

وبعدما تبين لهم أنه أمضى ثلاث سنوات في العمل داخل ميناء الاسكندرية. . طلبوا منه أن يكتب تقريراً مفصلاً عن الميناء وأهميته الاقتصادية والعسكرية ففعل. واستعرض ما لديه من مظاهر "العبقرية" الفذة في شرح كل شيء عن الميناء بتفصيل مطول. . فأذهلتهم المعلومات التي كتبها عن الميناء . . وأدرك ضابط الموساد الذي شرع في استجوابه بأنه وقع على كنز ثمين عليه أن يعمل على استثماره و"حلْب" ما لديه من معلومات.

وفي الحال سددوا حسابات البنسيون كافة ونقلوه الى فندق "أورفيوس". . وهو ابن ربة الفن الإغريقية .. وأعطوه مائتي دولار أمريكي وتركوه عدة أيام يمر نهاره وهو يغط في سبات عميق . . وفي الليل يتذوق طعم السهر في حانات وكباريهات أثينا المتحررة . . ويصاحب أجمل فتياتها وداعراتها في شارع "ارستيديس" الشهير. وعندما نفدت نقوده تماماً ود لو عاد إليه مندوب السفارة الإسرائيلية ببعض المال ليكمل مسيرة اللهو والسكر.

وحدث ما توقعه وجاءه المندوب بمائتي دولار أخرى. . فاستغرق في مجونه وتمنى لو استطاع أن يفعل أي شيء في سبيل أن يحيا حياة مرفهة في أثينا. أغرقته المخابرات الاسرائيلية بالمال حتى اطمأن الى رجالها.. وكلما نفدت نقوده ذهب بنفسه لمقابلة أبو ابراهيم في السفارة الاسرائيلية يعرض عليه خدمات مقابل الدولارات التي يأخذها. فيؤجل ضابط الموساد الحديث في هذا الأمر لوقت آخر . . وينصرف رجب بالنقود فيرتع بين الحسان عاريات الظهر والنهود هو بينهن يختال اختيالاً.

إن المال والنساء أهم أسلحة أجهزة المخابرات. بل هما الأساس الذي تبني عليه عملية صنع جاسوس أو اصطياد عميل. وأجهزة المخابرات ليست بالسذاجة التي تجعلها تنفق الملايين لاصطياد ضعاف النفوس والخونة الذين يسهل شراؤهم بالمال والفساد. . ولذلك أقامت فروعاً لها ومكاتب في الخارج تحمل أسماء شركات وهمية لا نشاط حقيقي لها سوى البحث عن الخونة. ويعمل بهذه الفروع ضباط مخابرات على أعلى مستوى من الخبرة والكفاءة. . وتخول لهم سلطات واسعة .. وتحت أيديهم مئات الآلاف من الدولارات. . وطابور طويل من السكرتارية والمساعدين الأكفاء . . بخلاف أجمل الفتيات اللاتي اخترن الطريق الصعب وخطون خطوات طويلة من الخبرة والحنكة. فهن يعرفن عملهن جيداً ويبدعن فيه وطريقهن الى الإبداع يبدأ وينتهي بالجسد. إنه السلاح السحري الذي يقتل مقاومة الهدف. . ويحرك فيه غريزته المجنونة التي تحيله الى إنسان بلا عقل أو إرادة.

والمخابرات الإسرائيلية – الموساد – تفوقت كثيراً في هذه الأمور. . وأصبحت أكثر أجهزة المخابرات خبرة في استخدام لغة الجسد. . تلك اللغة التي يفهمها الجميع ولا تحتاج الى مترجم أو قواميس تفسر مفرداتها.. ولكن الذي لا يعرفه أحد. . أن الخونة الذين يسقطون في براثن الموساد .. يتحولون في لحظة ما الى مجرد بهائم تدور في الساقية . . تطاردهم سياط الأوامر والطلبات التي لا تنتهي أبداً.. وأنها تقدر ما تدفع تريد المقابل أضعاف ما دفعته. وعندما يجف معين عميلها تنبذه كالكلب الأجرب وتلقي به في زوايا الذل والنسيان. . وتعامله كخائن باع وطنه وأهله ولا قيمة لإنسان فقد انتماءه، وسلك كل المسالك نحو المال واللذة.

(يتبع )
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
منى الراوى
مشرف منتدي السياحة والآثار مشرف منتدي السياحة والآثار
منى الراوى


انثى
ســآعـتي :
التسجيل : 04/10/2010
المساهمات : 4915
عدد النقاط : 10549
المزاج : خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر Qatary24
المهنة : خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر Unknow10
الهوايه : خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر Unknow11
الدولة : خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر Female31
الأوسمة : خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر 3h210
التميز : خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر 1510

خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر Empty
مُساهمةموضوع: رد: خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر   خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر I_icon_minitimeالإثنين 11 أكتوبر 2010, 10:32 pm

في المصيدة




لم يدرك رجب عبد المعطي هذه الحقائق بل اندفع بكل ثقله باتجاه المخابرات الاسرائيلية . . وصادق الكثير من ضباطها في أثينا ظناً منه أنهم سينقذونه من شبح الإفلاس الذي تعلق بتلابيبه ولا يود مفارقته. ورحب كثيراً بضابط الموساد – ابو ابراهيم – الذي فوجئ به يزوره في حجرته بالفندق الفخم . . ويحدثه طويلاً عن أزمة الشرق الأوسط والوضع المتفجر في المنطقة بسبب الحروب مع العرب . . وحقهم في أن يعيشوا فوق أرض الميعاد في سلام وأمان . . وأنهم ليسوا شعباً يحب سفك الدماء بل أمة مشردة ضعيفة تسعى الى العيش في هدوء بلا حروب أو صراعات.

واستعرض ابو ابراهيم في سرد اساطير وأحاجي اللص الذي يبرر مشروعية سرقاته ثم سأل رجب فجأة:
هل ترحب بالعمل معنا لصالح السلام؟

والابتسامة تملأ وجهه ..
بالطبع . . ولكن .. أي عمل بالتحديد؟

أخرج ضابط الموساد الخبير أربع ورقات ذات المائة دولار ودسها في يد رجب وهو يقول:
أنت كثير الأسئلة . . هل تعتقد أننا نريدك سفيراً لنا في مصر؟

إذن .. ما هو المطلوب مني؟

ألا تسأل كثيراً لكي لا أغضب منك .. عليك فقط أن تعرف أننا أصدقاء .. وأن لكل حديث أوان. هز رجب رأسه علامة على الرضوخ والطاعة ولحقه ابو ابراهيم بسؤال ذا مغزى:
هل لك صديقة في أثينا؟

أجابه على استحياء:
هجرتني فتاة تدعى انكسيميندرا لأنني لا أعرف اللغة اليونانية وقد ضاقت بإنجيلزيتي الركيكة.

أوه . . أتقصد تلك الفتاة التي يملأ النمش وجهها؟ دعك منها وسوف أعرفك بفتاة رائعة تتحدث بالعربية وستكون معك ليل نهار في أثينا.

تهلل وجهه وارتفع حاجباه دهشة وقال:
أين هي؟ أريدها حالاً. .

ستكون الى جوارك في الطائرة أثناء رجوعك من تل أبيب.

بهت رجب ووقف فجأة كالملسوع وقال بصوت متلعثم:
تل أبيب؟

نعم . . !!

بسرعة قالها ضابط الموساد بلغة الواثق، وأضاف كأنه يأمره بتنفيذ قراره الذي لا رجعة فيه:
ستسافر إسرائيل بعد عدة أيام .. وفي الغد عليك أن تحضر اجتماعاً مهماً في السفارة لمناقشة خطوات تنفيذ هذا الأمر فهل عندك اعتراض؟

هربت الكلمات وغاصت في قرار عميق . . وأجاب رجب الذي بدا كالأبله لا يضبط خلجاته:
لا . . لا . . أنا لا أعترض . . إنها مفاجأة لي.

عندما كتبنا تقريراً عنك وأرسلناه الى إسرائيل. . طلبوا منا أن نأخذك في رحلة سريعة الى هناك ليتعرفوا عليك أولاً. وثانياً هناك مفاجأة سارة تنتظرك. وثالثاً: لتختار صديقتك بنفسك من بين أجمل فتياتنا وتصحبها معك الى أثينا.

سكت رجب ولاحقه أبو ابراهيم:
المخابرات الاسرائيلية إذا أعطت فهي سخية بلا حدود. وإذا غضبت ومنعت فطوفان من الهلاك قادم. وثق يا رجب أننا ودودون معك الى أقصى درجة .. أعطيناك أكثر من ألف وخمسمائة دولار حتى الآن ولم نطلب منك أدنى شيء. ألا يدل هذا على كرم منا أيها المكار؟

وربت كتف رجب الغارق في ذهوله وهو يقول في لغة ظاهرها الثقة وباطنها التهديد والبطش:
عليك ألا تضيع هذه الفرصة .. انتهزها. . واركب قارب النجاة تنج نفسك من الطوفان والهلاك.

وعندما قام ضابط الموساد منصرفاً لم يستغرق رجب في التفكير كثيراً. لقد ثبتت لديه النية واتخذ قراره. .ولم يذهب الى سريره لينام بل خرج ينزف دولارات الموساد على الخمر وجسد داعرة صحبها الى شقتها وهو يمني نفسه بالجارية الاسرائيلية التي ستكون تحت إمرته. وفي الصباح الباكر كان يقف أمام باب سفارة إسرائيل تعلوه سحابة انكسار وبعينيه بريق خنوع ديّوث باع لحمه لمزايد !!

استغرق الاجتماع به نحو الساعة .. كانوا أربعة من ضباط الموساد في أثينا وخامساً جاء من فيينا كان يبدو أنه أكبرهم دراية بالتعامل مع الخونة وتطويع الجواسيس. طلب من رجب أن يرسم له خريطة الميناء في الاسكندرية وأين يقع مكتبه بالضبط؟!! وفوجئ رجب بماكيت مصغر للميناء دخل به موظفان ووضعاه على منضدة تتوسط الحجرة ..

أخذ رجب يشرح بتفصيل أكثر معلوماته عن الميناء. بل ويحدد أماكن مخازن التشوين التجارية . . ورصيف الميناء الذي يستقبل السفن الحربية السوفيتية. . وسفن الشحن التي تجيء بالأسلحة المختلفة من ميناء أوديس السوفييتي على البحر الأسود . . ومخازن تشوين السلاح المؤقتة .. وبوابات التفتيش والمداخل والمخارج.

وهكذا استمر يشرح لهم أسرار الميناء الحيوي، ولم يتركوا أدق التفاصيل إلا وسألوه عنها ثم طلبوا منه الانصراف والعودة صباح اليوم التالي ومعه أربع صور فوتوغرافية وجواز سفره. وبعد أن سلمهم الصور تسلم منهم وثيقة سفر إسرائيلية ذكر بها أنه إسرائيلي من تل أبيب واسمه "دافيد ماشول". . تسلم كذلك تذكرة سفر بالدرجة السياحية – أثينا تل أبيب على شركة العال الإسرائيلية – وأوصله مندوب من السفارة الى المطار وتأكد من صعوده الى الطائرة المتجهة الى إسرائيل.

وعندما جلس رجب في مقعده بالطائرة كان جسده يرتجف بشدة .. وتشوشت أفكاره للدرجة التي أصبح فيها كالمخمور الذي فقد تركيزه واتزانه . . وسرعان ما استعاد ثقته بنفسه وهو يرسم في خياله أحلام الثراء الذي ينتظره . . ووجه الفتاة المليحة التي سيختارها في إسرائيل . . وخطرت بباله فجأة فتاة من بورسعيد اسمها مايسة كانت قد هاجرت مع أهلها الى المنصورة وتعرف عليها في إحدى الحفلات العائلية وأحبها بسرعة إيقاع عجيبة وافترقا أيضاً بلا وداع. لماذا خطرت بباله في تلك اللحظة بالذات؟ ضحك بصوت مسموع فرمقته سيدة تجلس بالقرب منه بنظرة تعجب وابتسمت .. وأغمض عينيه ثم نام.. واستيقظ والطائرة تحوم فوق مطار بن جوريون تنتظر الإذن بالهبوط.


اليهودي الجديد


وعلى سلم الطائرة صافحه ثلاثة رجال .. ثم أدخلوه سيارة مسدلة التسائر كانت تنتظر أسفل جناح الطائرة .. سلكت به اتجاهاً آخر بعيداً عن بوابة خروج الركاب والجوازات . . ووجد نفسه في شوارع تل أبيب لا يصدق عينيه. .

وفي بيت يشبه الثكنة العسكرية على أطراف تل أبيب أدخلوه إحدى الشقق المخصصة لأمثاله من الخونة .. حيث كانت تنتظرهم بها فتاة رشيقة صافحته بحرارة .. ورحبت به بالعربية فسره ذلك كثيراً وقالوا له إن "زهرة" ستظل على خدمته طوال إقامته في الشقة.

وتركوه ليستريح بضع ساعات وعادوا إليه ثانية فصحبهم لمبنى المخابرات الاسرائيلية في شارع الملك شاؤل بوسط المدينة .. وكان في استقباله عدد كبير من كبار رجال الموساد. ولعدة ساعات أخضع لتحقيق واستجواب تفصيلي لكل ما كتبه عن ميناء الاسكندرية.

كان الاجتماع مغلقاً على الضباط المختصين والمحللين الذين أدركوا ميوله للنزعة العسكرية .. وكان ذلك واضحاً جداً من خلال إجاباته الحاسمة .. التي تشبه إجابة عسكرية مدعومة بلغة عسكرية بحتة .. وتغلفها تفاصيل استراتيجية دقيقة لا ينتبه اليها الرجل المدني الذي لم يجند بالقوات المسلحة.

وفي ختام الاجتماع أعد له حفل استقبال كبير في إحدى القاعات بالمبنى .. حضره عدد أكبر من ضباط الموساد ورؤساء الأقسام . . وتم منح رجب عبد المعطي رتبة "رائد" في المخابرات الاسرائيلية، ولم يضيعوا وقتهم كثيراً في مظاهر الترحيب.. إذ أعدوه لدورة مكثفة بدأها أحد الضباط بمحاضرة طويلة عن "ذراع إسرائيل الطويلة" .. وأنها تجعل العدو يرتجف رعباً، وتمنح الإسرائيليين القدرة على النوم في هدوء. وأن الموساد نجحت في حل الكثير من مشاكل الدولة اليهودية وهي على استعداد للقيام بمهام أخرى.

. . وإن عمليات الموساد ليست على درجة أقل أهمية .. بل هي أساس شهرتها.

وجاء ضابط آخر كانت مهمته تدريبية فنية تتعلق باستخدام الشفرة والاستقبال بواسطة موجات خاصة بالراديو. . وبعد أيام أجاد رجب استقبال الرسائل المشفرة وترجمتها بسرعة وكان عليه اجتياز دورة أخرى مهمة .. وجاءته هذه المرة ضابطة شابة تتحده العربية بطلاقة شرعت في تدريبه على كيفية استخدام الحبر السري في الكتابة وقراءة الرسائل المرسلة إليه بالحبر السري أيضاً. . وكذلك استعمال شفرة خاصة للمراسلة لا يكتشفها أحد.

استمرت برامج الدورة التدريبية المكثفة خمسة عشر يوماً كانت عصيبة ومرهقة. وبعد أن اجتاز الاختبارات بنجاح مذهل . . رافقته زهرة الى منتجع خاص آمن يقع على بحيرة طبرية. . وهناك أذاقته من لدائن أنوثتها ما حار فيه العقل وأذهل الشعور. قالتها له صراحة إنها هدية له لاجتيازه الاختبارات وتعاونه مع المخابرات الاسرائيلية بإخلاص. . بل وأكدت له أنها عبدة له يفعل بها ما يشاء . . وعندما صارحها بأنه يستريح إليها ويود لو صاحبته الى أثينا وعدته بأن تعرض طلبه على رؤسائها..

وفي تل أبيب أخبره الضابط المسؤول بأنه سيعود الى الاسكندرية مرة أخرى ليعادو نشاطه السابق في شركة رجب للخدمات البحرية. وأنهم سوف يمدونه بالأموال اللازمة لإحياء شركته وتجديدها. . ولكي يتم تنفيذ ذلك عليه أن يمكث عدة أشهر في أثيناء .. ويشيع بين المصريين العائدين الى مصر بأنه يمارس أنشطة تجارية رابحة جداً في أثينا .. ويجب عليه أن يتأكد من وصول هذه الأقاويل الى مصر والى أهله بالذات.

لقد تمكنوا خلال تلك المدة من تدريبه على كيفية إعداد التقارير وتلخيص الجمل واختصار عدد الكلمات. هذه الدورة المكثفة زرعت بداخله إيماناً حقيقياً واهماً بأنه صاحب رسالة مهمة أوكلت اليه. وبرغم أنهم بثوا لديه الثقة في مناعة المخابرات الاسرائيلية ضد كشف عملائها في الدول العربية .. واستماتها في استردادهم حال القبض عليهم ، إلا أنه أحس بالتعاطف معهم بعد عدة محاضرات عن تاريخ اليهود . . واضطهادهم على مر الأحقاب والعصور . . ومحاولات إبادتهم التي أسفرت عن تشريدهم ومقتل الملايين منهم . . وكانت آخر المحاولات تلك التي قام بها أدولف هتلر الذي أقام معسكرات لتجميع اليهود. . ثم حرقهم في محارق خاصة لاستئصال كل يهود أوروبا.. وهكذا حشوه بأكاذيبهم المضللة لكسب عطفه.

وعندما عاد رجب الى أثينا برفقته زهرة .. كان بداخله إصرار غريب على التعاون مع الموساد لحماية إسرائيل وأمن إسرائيل . . من التهديد العربي الدائم والذي يدعو إليه جمال عبد الناصر . . وإصراره على إلقاء اليهود في البحر ليتخلص منهم .. وترسب بداخله اعتقاد بأن عبد الناصر ما هو إلا هتلر جديد جاء ليبيد اليهود الذين يدافعون عن أمنهم . . وحقهم في أن يعيشوا في سلام.


( يتبع )
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
منى الراوى
مشرف منتدي السياحة والآثار مشرف منتدي السياحة والآثار
منى الراوى


انثى
ســآعـتي :
التسجيل : 04/10/2010
المساهمات : 4915
عدد النقاط : 10549
المزاج : خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر Qatary24
المهنة : خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر Unknow10
الهوايه : خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر Unknow11
الدولة : خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر Female31
الأوسمة : خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر 3h210
التميز : خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر 1510

خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر Empty
مُساهمةموضوع: رد: خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر   خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر I_icon_minitimeالإثنين 11 أكتوبر 2010, 10:34 pm

النجاح الزائف

غادر رجب مطار بن جوريون في تل أبيب في طريقه الى أثينا ترافقه "زهرة" .. جميلة الجميلات والعبدة التي تحدثه بلغته وبلغة الجسد الناطقة.

لم تكن مهمتها إفراغ ثورات رجولته المشتعلة دائماً بقدر ما كانت رقيبة على سلوكه وتصرفاته.. وتمتحن إخلاصه للمخابرات الاسرائيلية بين آن وآخر. وكلما حاولت تصيد أخطائه وجدته أكثر منها إخلاصاً لليهودية .. وإيماناً بحق الإسرائيليين في القدس وسائر أرض فلسطين.

إنها تواجدت بجواره لتدفعه بقوة الى عشقها والذوبان فيها. فكلما ازداد عشقاً لها. . أخلص لإسرائيل .. وتفانى في خدمتها.

استأجرت له المخابرات الاسرائيلية إحدى الشقق الصغيرة في حي دميتير الهادئ. . وهيأت له من أسباب العيش والرخاء والإمتاع الكثير .. لتجعله لصيقاً بهم يدور في فلكهم لا يستطيع فكاكاً. وعلموه كيف يتعامل مع المصريين الوافدين الى اليونان للسياحة أو للبحث عن عمل. فالذين جاءوا للسياحة خصص لهم بعض الوقت وصحبهم للمزارات السياحية والأسواق والمتاحف. . وأفاض في خدماته اليهم وحملهم الهدايا الى أهله بالإسكندرية تأكيداً على تيسر أحواله وظروفه المالية في الخارج. وبدون توصية كانت صور حياته المختلفة تنقل الى والده من خلال المصريين العائدين الى مصر.

صور وجوانب مشرقة رسمتها المخابرات الاسرائيلية بإحكام شديد.. وأضفت عليها هالة من النجاحات أثلجت صدر أبيه بعدما فقد الأمل في إبنه . . وأرسل رجب خطاباته واضعاً في إسهاب عمله في إحدى الشركات الكبرى .. التي استوعبت مواهبه واكتشفت فيه عبقرية فذة دفعت بها الى الأمام بعد تعثر طويل .. فارتقى في وظيفته واحتل مكانة مهمة في بلاد الإغريق. وأكد ذلك للأب كل من حملوا إليه هدايا ابنه الرقيقة له ولوالدته ولأصحابه. وضمت خطاباته صوراً فوتوغرافية مختلفة في مكتبه وفي مسكنه.. وفي إحدى رحلاته "الى جزر بحر إيجه حيث الشاطئ يموج بالحسناوات يرتدين البكيني. . ويطاردن شبح الملل بالرقص واللهو.

لكل هذه المظاهر المزيفة .. صدق الأهل بالإسكندرية ما تبوأه رجب من نجاح .. فأرسل إليه والده يرجوه أن يعود الى وطنه مرة ثانية ليعادو نشاطه من جديد .. وليؤكد نجاحاته على أرض وطنه بعدما صقلت شخصيته. . ودرج على القيام بمهام صعبة أوصلته الى القمة. . فاستمهله رجب بعض الوقت، وانشغل بالعسي مع المصريين القادمين بحثاً عن عمل في أثينا فكان يصحبهم – بترتيب دقيق من الموساد – الى الشركات البحرية في بيريه . . والى شركات تجارية أخرى في أثينا. . على أمل أن يسقط من بينهم شاب آخر في براثن المخابرات الاسرائيلية.

لأجل ذلك اختلط العميل الخائن بالمصريين المقيمين باليونان ووطد علاقاته بهم. . وتعددت خدماته ومواقفه تجاه كل من يلجأ اليه فأحبه الشباب المصري هناك .. ووجدوا فيه صورة المصري الشهم النبيل . . في حين أنه كان يدير حوارات سياسية معهم .. ويسجل تقارير مطولة تحمل بين سطورها خسة نياته القذرة في خدمة جهاز مخابرات العدو .. فبدا كما لو كان قد اندرج لسنوات طويلة في صفوف أكاديمية الجواسيس في إسرائيل.. وأعيد مرانه وتدريبه في أثينا على استخدام الحس الأمني والملاحظة والتمويه والخداع. وهذه كلها أمور أسهب في شرحها "فيكتور أوستروفسكي" في كتابه: "الموساد" حيث بين لنا كيفية صنع جاسوس محترف في إسرائيل بواسطة أمهر الخبراء . . وأحدث دراسات علوم المخابرات والجاسوسية في العالم.

فقبل أن يخرج الجاسوس من مخبئه ليمارس وظيفته يخضع لبرنامج مكثف لا بد له أن يجتازه بنجاح وهو عن "خداع المراقبة". . ويدرك جيداً إذا ما كان قد "ألقى بظلاله" أم لا. . ومن النافذة يستطيع أن يرى الشخص الذي يقتفي أثره .. وكيف تابعه؟ وعندما يلتقي الجاسوس الظل وخاصة عند الخروج من فندق – مكتب – متجر. سيجري بسرعة لمدة خمس دقائق . . ويسير بعدها في خط متعرج الى أحد المباني ويبحث عن نقطة مراقبة ليراقب . وهذه الطريقة ستعطي الجاسوس الفرصة ليعرف أسلوب المراقبة .. وعليه حينئذ أن يمتنع عن إثارة أية شبهات أو إتمام عمل .. ويركب وسيلة مواصلات الى مكان آخر بالمدينة خلاف الذي كان يقصده.

هكذا تدرب الجواسيس وأيقنوا أن هذا التصرف يتعلق بتكتيك السلامة الذي يجب أن يتبعه كل جاسوس. خاصة إذا كانت ظروف عمله معرضة لبعض الشكوك.

واتبعت الموساد أيضاً مع رجب ذات النظرية التي شرحها "ديفيد تلبيني" في كتابه: "فرق الرصد" عن كيفية الإثارة التي تتولد لدى الجواسيس والعملاء الصغار من ذوي "الميول المظهرية". . وقد كان الخائن رجب يعشق اللكنة العسكرية في الحديث .. والمرافعات العسكرية في الوصف ولو لم يلتحق بالقوات المسلحة . . وعندما لاحظ خبراء الموساد هذا الاتجاه منحوه رتبة رائد في الجيش الاسرائيلي أشباع لغروره


عودة الظافر

لم تكن زهرة فتاة فراش للجواسيس الجدد بل إنها عميلة مدربة أخضعت فكرياً ومعنوياً وجسدياً لخدمة الموساد. عميلة تؤدي عملاً مهماً وأساسياً لصالح إسرائيل. وجسدها أحد أركان هذا العمل الأساسية.

إنها تستغل جسدها في تطويع الجواسيس وربطهم بها. . حيث درست وتعلمت أن لكل رجل عادات وميولاً.. خاصة تظهر جلية عندما يتجرد من ملابسه أمام امرأة عارية. قد تكون ميوله سوية أو شاذة .. لا يهم .. فإن لديها القدرة على احتواء كل أنواع الرجال وإشباعهم وتأكيد رجولتهم وتضخيم فحولتهم. إن الجنس بالنسبة إليها عمل مهم، وترتقي من خلاله وظيفياً ومهنياً إذا ما أبدعت فيه مع الخونة الذين يجري إعدادهم، وتنال شهادات شكر وتقدير بعد تطويعهم.

ولذا . . لم يكن وجود زهرة على مسرح الحدث عملاً ثانوياً يحسب على جهاز المخابرات الاسرائيلي. إنه جزء مكمل لتعمية العميل عن الحقائق والثوابت .. وإخضاعه بتصويره في أوضاع شاذة تظهر مدى ضعفه. . وخلق دفء عاطفي يزيل غمامة الخوف التي قد تؤثر في إقدام العميل فينشط ويبدع ويقوم بعمله خير قيام.

مر عام ونيف ولم يزل رجب في أثينا في حضن المخابرات الاسرائيلية يترقب موعد رجوعه الى الاسكندرية. وعندما اعتقد أنه هيأ "الجو" لعودته .. تحدث مع أبو ابراهيم ضابط الموساد في السفارة الاسرائيلية الذي أمهله عدة أيام ليكتب بذلك الى رؤسائه .. ولما جاءت الموافقة .. اشاع رجب خبر عزمه على العودة الى مصر غانماً بآلاف الدولارات التي جمعها من "أعماله الناجحة" في اليونان. وعندما أشار عليه البعض بإكمال مسيرة النجاح دون العودة – مؤقتاً – الى مصر .. تملكته نعرة الوطنية المزيفة .. وأقسم ألا يحرم وطنه من خبرته وعبقريته التي يشهد بهما الأجانب. وأقيم حفل وداع صغير في أحد الفنادق حضره بعض المصريين الذين صادقهم هناك . . وبعد نهاية السهرة حمل حقائبه وتوجه الى المطار في طريقه الى القاهرة.

كان الجو قائظاً في سبتمبر 1970 والإسكندرية لا زالت تموج بعشرات الآلاف من المصطافين .. الذين هربوا من لسعة القيظ وحرقة الوهج الى الشواطئ الممتدة الجميلة وفي شقة الحاج عبد المعطي كانت جموع أخرى من البشر تتوافد لتهنئ الرجل بسلامة وصول ابنه الوحيد من اليونان.

كان الرجل أسعد الناس على سطح الأرض.. وجهه يتهلل بشراً وسحنته تضحك خطوطها ويرقص قلبه طرباً. والخائن لا يستحي وهو يحكي عن عبقرية مزعومة .. ويختلق اقاصيص الوهم التي لقنته إياها مخابرات العدو .. فأفاض في الحديث والوصف وأضفى على نفسه بطولات وبطولات.

وبعدما استقر به المقام عدة أيام، اصطحب مهندس الديكور الى مكتبه القديم حيث كانت لافتة "شركة رجب للخدمات البحرية" قد ضربتها الشمس وتشققت قشرة خشبها. وبالداخل كان العنكبوت قد نسج خيوطه فخيمت على كل شيء وبدا المكتب كمقبرة مهجورة.

وبينما كان المهندس يشرح له تصورات وتخيلات الشقة بعد تجديدها. .حدث زلزال هز أعماق مصر كلها وضرب فيها الأمل والأمان .. وزحفت جموع الشعوب العربية لهول الصدمة عندما أعلن موت جمال عبد الناصر.

يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
منى الراوى
مشرف منتدي السياحة والآثار مشرف منتدي السياحة والآثار
منى الراوى


انثى
ســآعـتي :
التسجيل : 04/10/2010
المساهمات : 4915
عدد النقاط : 10549
المزاج : خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر Qatary24
المهنة : خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر Unknow10
الهوايه : خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر Unknow11
الدولة : خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر Female31
الأوسمة : خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر 3h210
التميز : خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر 1510

خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر Empty
مُساهمةموضوع: رد: خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر   خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر I_icon_minitimeالإثنين 11 أكتوبر 2010, 10:35 pm

العميل رقم 1041


امتلأت الشوارع بفيضان من البشر كالطوفان يجرف أمامه هدأة الحياة وغفلة الزمن زحف من الأحياء يغلي، وكتل ملتصقة من الحناجر تصرخ في هلع وبكاء مرير يمزق القلوب . . وشروخ بدت في الوجوه بفعل الدموع. وتوقفت الحياة ومادت موازين العقل فلا عقل يصدق أن الزعيم رحل.

ودون أن يدري . . بكى رجب، وكان لا يدري أيبكي ناصر الأمل؟! أم يبكي بذور الخيانة التي تعملقت بداخله وعظمت فروعها؟

وود للحظات لو أن أقدام الباكين الحائرين داسته. لكنه سرعان ما استعظم ذاته وأبى ألا يضعف. بل سطر أولى رسائله، وكانت هذه الرسالة هي الخطوة العملية الأولى في عالم الجاسوسية. . رداً على رسالة وصلته بطريق الراديو تطلب منه مراقبة حركة ميناء الاسكندرية وعما إذا كانت اسلحة سوفييتية تتدفق على مصر بعد موت زعيمها الأول أم لا

ومع إطلالة الأيام الأولى في عام 1971 كان رجب قد انتهى من تشطيب مكتبه . . وليس حلة جديدة من بهاء تتفق ورونق أعمال الديكورات الفخمة .. التي تدل على ذوقه الأوروبي ويساره. .

افتتح المكتب جمع غفير من الأهل والأصدقاء، وملأت إعلانات الدعاية بالعربية والإنجليزية صفحات الأهرام تعلن عن ميلاد شركة خدمات بحرية متميزة . . قادرة على تحمل مسؤوليات الشحن والتفريغ وما يخصهما من إجراءات مع الجهات المختصة.

وساعدته المخابرات الإسرائيلية كثيراً ليحصل على ثقة بعض الشركات البحرية العالمية ليصبح وكيلاً لها في الاسكندرية .. وتحول مكتبه الى خلية نحل اضطر معها الى الاستعانة بعدد كبير من الموظفين والسكرتارية، وازدحم المكتب بالزوار وذوي المصالح، وازدادت الخطابات الواردة اليه من الشركات الملاحية ومن رؤسائه في أثينا يغذونه بالمعلومات . . ويلقون أوامرهم وتوجيهاتهم ويدفعونه ليكبر أكثر وأكثر. فازدهرت أعماله بسبب التوكيلات العالمية التي حصل عليها، وصار اسمه مشهوراً ودخوله الى الميناء بالتصاريح الممنوحة أمراً سهلاً وقويت علاقاته بالموظفين وبالمديرين.

ولأنه يعمل في "المهنة" فقد كان سؤاله عن أحوال الميناء يوماً بيوم أمراً عادياً لا يثير ريبة ولا شكوكاً في نياته. . وهذا هو ما كانت تقصده المخابرات الاسرائيلية. . أي زرع جاسوس داخل ميناء الاسكندرية يرصد كل أسراره وأوضاعه دون أن يشك فيه أحد. ومرت الشهور تلو الشهور وهو لا يزال يرتقي سلم النجاح والشهرة، ولم ينس أفضال اليهود عليه للحظة واحدة.

إنهم أولى أمره الذين ثبتوا قدميه على طريق النجاح، وهم الذين تسعى مصر ومن خلفها جميع الدول العربية للإضرار بهم رغم قلتهم ومحدودية أرضهم ومواردهم.

لقد أكدوا له أنهم لا يريدون حروباً مع العرب.. فهم يدافعون عن رقعة صغيرة من الأرض يعيش عليها أطفالهم وضعافهم. وكلما شن أنور السادات هجماته من خلال خطبه السياسية .. كان رجب يرتعد خوفاً من حماس وعوده بأن هذا العام هو عام "الحسم" لتدمير إسرائيل. . وكثرت الرسائل الى رجب بطريق البريد والراديو .. وتعددت رسائله أيضاً الى "أصدقائه".

وانحبس النفس في رئتيه هلعاً يوم السادس من أكتوبر 1973 وجنودنا البواسل يعبرون الهزيمة ويدكون خط بارليف الحصين ويكتبون النصر غالياً بدمائهم.

وعندما كانت مصر – بل والأقطار العربية كلها تزغرد للنصر . . كان رجب يبكي في مكتبه وينتفض جسده خوفاً وشفقة على شعب إسرائيل الذي يقتله العرب بلا رحمة مجتمعين. وكثرت في تلك الأثناء زياراته للميناء يستقص الأخبار ويستقي المعلومات بجرأة، دون أن يلفت انتباه أحد، لكثرة أسئلته عن السفن الراسية بالميناء وفي الغاطس تنتظر الدخول.

لفتت رسائله المتعددة الى أثينا وروما انتباه ضابط المخابرات المصري المكلف بمراقبة البريد الصادر الى خارج مصر والوارد اليها. واكتشف أمر الرسائل المشفرة. وقام جهاز المخابرات المصرية بمراقبة بريد رجب عبد المعطي . . وجرى الكشف عن كل رسائله وصورت وأعيد إغلاق الرسائل بدقة متناهية.. لكي تكون دليل إدانة ضده أمام النيابة وعند محاكمته.

وبينما كان الجاسوس مشحوناً بحماس النصر، وبدأت الخريطة السياسية للمنطقة تتشكل من جديد .. نشط رجب في رصد حركة الميناء المستمرة وأرسل رساله الى صديقه "الوهمي" ديميتريوس في اليونان


.قتلته ظنونه

. . . وأخيراً .. بعد أن جمعت المخابرات العامة المصرية كل الأدلة التي تدينه . . توجهت قوة من رجال المخابرات صباح 13 يناير 1975 الى مكتبه. . اعتقد رجب أنهم "زبائن شغل" ولكن . . حينما أخبره قائد القوة بأنه ضابط مخابرات . . لم يستطع رجب أن يقف . . ظل ساكناً على كرسيه تتحرك ركبتاه لا إرادياً، واصطكت أسنانه فجأة، وزاغت عيناه في هلع لا حدود له.

ومن قبيل الصدف العجيبة أن رجل البريد جاء برسالة من المخابرات الاسرائيلية – مرسلة من الداخل – أثناء وجود المخابرات في مكتبه حيث طلبوا منه حلها . . ووضعوا أمامه كتاب الشفرة التي عثروا عليه في درج سري بالمكتب مع كل أدوات التجسس المزود بها.

لم يستطع رجب استيعاب الأمر على حقيقته. فقد كانت نظرات ذهوله تدل على مدى الرعب الذي أصابه. . إنهم أفهموه في تل أبيب وفي أثينا أن المخابرات الاسرائيلية لم يحدث لها أن فشلت مرة واحدة في مهامها.. ولكن الفشل يأتي دائماً من العميل الذي قد يهمل تكتيكات الأمان التي يجب عليه أن يلتزم بها ولا يهملها أبداً. فجهاز المخابرات الاسرائيلي – حسبما اقنعوه – أفضل أجهزة المخابرات في العالم.

ابتسم رجب في سخرية عندما تذكر ادعاءاتهم الباطلة، وبينما كانت قافلة السيارات تنطلق به الى القاهرة – كانت المخابرات الاسرائيلية ترسل بالراديو رسالتها الدورية الى عميلها:

"ننتظر ردك على الرسالة التي وصلتك .. لا تتأخر، واستعد للسفر خلال شهر مارس الى أثينا".

وفي مبنى المخابرات المصرية جرى استجوابه فاعترف تفصيلياً – وهو مذهول – بقصة سقوطه في مصيدة المخابرات الاسرائيلية .. وعقدت له محكمة عسكرية وجهت اليه التهم الآتية:

باع نفسه ووطنه للعدو مقابل المنفعة المادية.
أمد العدو بمعلومات عسكرية واقتصادية تضر بأمن الدولة ومصلحة البلاد.
ارتضى لنفسه أن يحمل اسماً يهودياً وجواز سفر يهودياً ورتبة عسكرية يهودية.
التخابر مع دولة معادية "إسرائيل" بقصد الإضرار بالعمليات الحربية لمصر.
التخابر مع دولة أجنبية معادية لتسليمها سراً من أسرار الدفاع عن البلاد.

وحكمت المحكمة بالإعدام شنقاً. . وصدق المفتي ورئيس الجمهورية على الحكم. وأثناء انتظار التنفيذ . . شعر الخائن بعظم جرمه وفداحة مسلكه. وعامله المجرمون والقتلة في السجن معاملة سيئة، وكادوا أن يفتكوا به عدة مرات كلما سنحت لهم فرصة لقائه. وأنزوى الخائن يجتر ذكرياته فتتقلص عضلات جسده.. ومضت عليه عدة أسابيع، ذاق خلالها مرارة الحسرة والذل والمهانة. . ونحتت بدنه عضات الندم .. حتى عثر عليه ذات يوم ملقى على الأرض بزنزانته وسط بركة من الدم المتجلظ . . وقد عثر على إحدى عدستى نظارته منزوعة ومهشمة. . وتبين أن هناك ثمة قطع غائر بيده اليسرى طال شريانه.

ترى .. هل أصابه مس من العقل وأدرك فداحة جرمه فانتحر؟
أم أنه استشعر الفارق الشاسع ما بين الرفاهية والحبس؟
أو ربما ظن أن الموساد ستنقذه لا محالة فقتلته ظنونه؟ لا أحد يعرف..
لكنه حتماً أفاق بعدما خسر الكثير..
خسر نفسه وأهله ووطنه . . وكل شيء . . كل شيء ضاع..

لكن اسمه سيظل دائماً بقائمة الخونة . . أولئك الذين باعوا عروبتهم بثمن بخس. . ولن يغفلهم التاريخ على مر الأحقاب . .!!


إلى اللقاء مع قصه أخرى


خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر 36_3_3
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
منى الراوى
مشرف منتدي السياحة والآثار مشرف منتدي السياحة والآثار
منى الراوى


انثى
ســآعـتي :
التسجيل : 04/10/2010
المساهمات : 4915
عدد النقاط : 10549
المزاج : خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر Qatary24
المهنة : خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر Unknow10
الهوايه : خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر Unknow11
الدولة : خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر Female31
الأوسمة : خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر 3h210
التميز : خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر 1510

خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر Empty
مُساهمةموضوع: رد: خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر   خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر I_icon_minitimeالإثنين 11 أكتوبر 2010, 10:37 pm

إنشراح موسى زوجة لعوب و إبراهيم شاهين زوج خائن
يستحقون الأعدام مليون مره




الجاسوس عندما يعشق امرأة يبث فيها سمومه رويداً رويداً. . فتموت . . أو قد تنقلب مثله الى أفعى سامة. . عندئذ تكون سمومه مصلاً واقياً يقيها خطره الفتاك . . فتتوحش. . وتقوى لديها روح المغامرة. . وتقامر بحياتها لمرة واحدة فقط.

والمرأة . . عندما تعشق جاسوساً.. فإن حبها له قد يحوله – أحياناً – من ثعبان قاتل الى قط أليف لا يستخدم مخالبه. . وربما منحه الثقة ليعمل بفاعلية أكثر . . تدعوها الى مشاركته والدخول معه الى وكر الجواسيس.
فالحبيبة التي صارت حية رقطاء. . تضحي – تأكيداً لحبها – بكل ثمين في سبيل حبيبها.
وفي عالم الجاسوسية . . من باعت الوطن في سبيل الحب . . ما عزّ عليها بيع أولادها. . أو قذفهم الى وكر الثعابين..
وهذا ما فعلته انشراح بسبب الحب . . !!!

أزمة لم تطلْ

في مدينة المنيا ولدت انشراح علي موسى عام 1937 لأسرة متوسطة الحال .. وبرغم التقاليد المتزمتة في ذلك الوقت دخلت الفتاة الصعيدية المدرسة وواصلت تعليمها حتى حصلت على الشهادة الاعدادية عام 1951.

وبعد نجاحها بأيام قليلة أراد والدها مكافأتها فاصطحبها معه الى القاهرة لحضور حفل عرس أحد أقاربه.

كانت انشراح ذات وجه مليح وعينان نجلاوان .. وجسد دبت به معالم الأنوثة وخرطته خرطاً. . فبدت أكبر كثيراً من سنها.. مما لفت الأنظار اليها واخترقتها سهام الباحثين عن الجمال. . فكانت تقابل تلك النظرات بحياء فطري غلف ملامحها مما أزادها جمالاً فوق جمال.

وفي حفل العرس اصطدمت نظراتها البريئة بنظراته.. فتملكها الخجل وتوردت خدودها للسلع لذيذ أحست به يجتاح مشاعرها.. فيوقظها من رقدتها.. معلناً عن مولد مشاعر جديدة غزت عقلها وقلبها لأول مرة.

كان فتاها الذي حرك فيها دماء الأنثى هو إبراهيم سعيد شاهين ابن العريش المولود عام 1929. . الذي ما غادر الحفل إلا وعرف عنها كل شيء. وبعد أيام قلائل فوجئت به يطرق باب بيتها في المنيا برفقته والده.. طارت انشراح من السعادة وحلقت بين السحب بخيالها تستطلع مستقبلها الهنيء. . فمنذ رأته في الحفل انغرس حبه بصدرها. . وباتت ليالي تحلم به وتترقب الليل لتسرح معه طويلاً. . وتطوف مع نظراته الحانية في عوالم الأمل. . والحبور. .

وانزعجت الفتاة الصغيرة عندما اعترضت والدتها في أمر زواجها منه. . متحججة ببعد المسافة بين المنيا والعريش. . وبكت بحرقة وهي ترى أحلامها الوردية تكاد أن تحقق. . ثم سرعان ما تنهار في ذات الوقت .. دون أن تقدر على عمل شيء..
وأمام عيونها الصامتة .. سألها أبوها:
أتوافقين عليه يا ابنتي.. ؟
فكان في صمتها إجابتها..
وأعلنت الخطبة..
وفي أول حديث مع خطيبها صارحته بأنها أعجبت به مذ رأته في حفل القاهرة. . وازداد إعجابها به حينما سعى وراءها حتى المنيا ليطلب يدها.
وأكد لها الشاب الولهان أنه تمناها زوجة له منذ النظرة الأولى.. ويومها عاهد ربه ألا تضيع منه أبداً..

وفي حفل أكثر من رائع انتقلت انشراح الى بيت الزوجية في العريش. . تحفها السعادة بحبيبها الذي أيقظ فيها مشاعر دفينة لم تكن تدركها. . وأرسل الى قلبها سهام الحب فأسلمت اليه نفسها.. وتدفقت موجات متلاحقة من الحب مع كل نبضة من نبضات قلبها الصغير.

كان إبراهيم شاهين يعمل كاتب حسابات بمكتب مديرية العمل بالعريش. . وهو أيضاً لم يحصل سوى على الإعدادية مثلها. . لذلك. . اتفق وانشراح على أن يواصل أولادهما تعليمهم حتى أعلى الشهادات العلمية. . وأصبح هذا الأمل هو هدفهما الذي يسعيان اليه ويعملان على تحقيقه مهما كانت الظروف.

وفي أواخر عام 1955 رزقا بمولودهما الأول "نبيل". . ثم جاء المولود الثاني محمد عام 1956، ثم عادل في 1958، فعظم حبه لها لأنها ملأت عليه الدنيا بهجة. . وملأت بيته بضجيج الأبناء الثلاثة. . وهكذا سارت بهما الحياة ترفل في أهازيج الفرح وأغاريد الوئام.

وفي عام 1963 – وكما اتفقا من قبل – أرسلا بأولادهما الى عمهم بالقاهرة ليواصلوا الدراسة هناك. . وليعيشوا حياة رغدة بعيداً عن مظاهرة البداوة وظروف الحياة الأقل حظاً من العاصمة.. وفي أكتوبر 1966 ضبط إبراهيم يتلقى الرشوة وحبس ثلاثة أشهر.. خرج بعدها ليكتشف مدى قسوة الظروف التي تمر به. . والمعاناة الشديدة في السعي نحو تحقيق آماله في الارتقاء والثراء.

وذات يوم من أيام التاريخ المكفهرة – اجتاحت إسرائيل سيناء واحتلتها في يونيو 1967 . . وأغلقت فجأة أبواب السبل أمام السفر الى القاهرة. . فتأزمت انشراح نفسياً قلقاً على أولادها. . وكانت كلما نامت تراهم في المنام يستغيثون بها فتصرخ وتستيقظ. . ويحتضنها الزوج الملتاع في حنان ويهدئ من روعها. . وإن كان هو الآخر لا يقل عنها قلقاً واشتياقاً لهم.

هكذا تظل انشراح تبكي معظم الليل والنهار حتى قارب عودها على الذبول.. وأوشك جمالها أن ينطفئ.. ووجد إبراهيم أن الحياة في العريش كما لو كانت في الأسر.. فالحزن يخيم على البيت الذي ما عرف إلا الضحك والفرح.. والمعيشة أضحت في أسوأ حال.. فمنذ الغزو وهو عاطل عن العمل لا يملك المال الذي يشتري به أبسط الأشياء.. كالشاي.. والشاي عند البدوي يعد من الضروريات الأساسية في حياته. . فاستعاض عنه إبراهيم بعشب بري يعرف باسم "المرمرية" له مذاق طيب.. وأصبحت المرمرية مشروباً مستقلاً في بيته بعدما كانت وريقاتها تضاف الى الشاي كالنعناع.

وسط هذا المناخ كانت المخابرات الاسرائيلية تعمل بنشاط زائد.. وتسعى لتصيد العملاء بسبب الضغوط المعيشية الصعبة وظروف الاحتلال. . فالاحتلال الفجائي لسيناء وقع على سكانها كالصاعقة، فاختنقت نفوس الأهالي برغم اتساع مساحات الأرض والجبال. . ولكونهم ذوي تقاليد بدوية ومحبين للحركة والتجوال والتنقل، أحسوا بثقل الأمر ولم يطيقونه . . لكن الظروف التي وضعوا فيها اضطرتهم الى محاولة تحملها لثقتهم أنها أزمة لن تطول. لكن ما كان يحز في نفوسهم هو تضييق الخناق عليهم في المعيشة والتنقل.. فكانت التصاريح التي يمنحها الحاكم العسكري الإسرائيلي لا تتم بسهولة. . وأصبح السفر الى القاهرة يحتاج لمعجزة من السماء. فالتعنت في منح التصاريح بلغ منتهاه.. واشتدت عضات الغضب في الصدور.. الى جانب آلام الجوع التي تنهش الأبدان وتجتث الصبر والقوة.

( تبع )
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
منى الراوى
مشرف منتدي السياحة والآثار مشرف منتدي السياحة والآثار
منى الراوى


انثى
ســآعـتي :
التسجيل : 04/10/2010
المساهمات : 4915
عدد النقاط : 10549
المزاج : خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر Qatary24
المهنة : خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر Unknow10
الهوايه : خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر Unknow11
الدولة : خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر Female31
الأوسمة : خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر 3h210
التميز : خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر 1510

خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر Empty
مُساهمةموضوع: رد: خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر   خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر I_icon_minitimeالإثنين 11 أكتوبر 2010, 10:39 pm

الأفعى النائمة

ضاقت الحياة باتساعها على إبراهيم وانشراح في العريش.. وخلا البيت من الطعام والشراب والسرور. . وخيمت قتامة سوداوية على نفسيهما. . فازدادا يأساً وشوقاً الى الأبناء في العاصمة.. وأمام البكاء المستمر الذي تورمت له عينا انشراح. . اندفع ابراهيم الى مكتب الحاكم العسكري يطلب تصريحاً له ولزوجته بالسفر الى القاهرة.

ولما ماطلوه كثيراً بوعود كاذبة .. صرخ في وجه الضابط الاسرائيلي قائلاً إنه فقد عمله ودخله ولا يملك قوت يومه. . فطمأنه الضابط "أبو نعيم" ووعده بالنظر في أمر التصريح في أسرع وقت. . وبعد حديث طويل بينهما حاول ابراهيم خلاله التقرب اليه لإنجاز التصريح. . أمر له أبو نعيم بجوال من الدقيق وبعض أكياس الشاي والسكر. . فحملها فرحاً الى زوجته وهو يزف اليها السفر الى القاهرة عما قريب.

استبشرت انشراح خيراً وغمرتها السعادة بما جاءها به، وغاصت في أحلامها وتخيلاتها باللقاء الحميم مع فلذات أكبادها. لكن الأيام تمر وأبو نعيم يعد ولا ينفذ .. ويعود إبراهيم في كل مرة محبطاً. . لكنه كان يحمل معه دائماً أكياس المواد التموينية التي أصبحت هي المصدر الوحيد للإعاشة.. ولولاها لمات جوعاً هو وزوجته.

وذات صباح فوجئ بمن يستدعيه لمكتب أبو نعيم.. فذهب اليه في الحال وقدم له الشكر على الإعانة الدورية التي يمنحها له.. فأخبره الضابط بأن الحاكم العسكي وافق على منحه تصريح السفر هو وزوجته..

تهلل وجه ابراهيم بشراً وقبل ظهر يده شكراً لله.. فباغته أبو نعيم وقال له بأن موافقة الحاكم العسكري جاءت بشرط أن يكون متعاوناً ويأتيه بأسعار الفاكهة والخضروات في مصر.. والحالة الاقتصادية للبلد بواسطة أخيه الذي يعمل بالاستيراد والتصدير.

أجاب إبراهيم على الفور أن الشرط بسيط للغاية. . فبإمكانه القيام بهذه المسألة خير قيام. . وأضاف بأنه سيأتيهم بأسعار السلع الاستهلاكية والبقالة والسمك أيضاً.. ولو أنهم أرادوا أكثر من ذلك لفعل.

عندئذ.. وضحت الرؤية للضابط الإسرائيلي.. فقد نجح ابراهيم شاهين في الاختبار الأول.. وكان عليه أن يتصرف معه حسبما هو متبع.. ويحيله الى الضابط المختص لإكمال المهمة.. فدوره ينحصر فقط في "الفرز" لا أكثر.

وبينما ابراهيم وانشراح يحتفلان بالأمل الجديد الذي راودهما طويلاً.. توقفت سيارة جيب أمام المنزل، وطلب منه جندي أن يرافقه الى مكتب الأمن. . وهناك كان ينتظره ضابط يدعى "أبو يعقوب" بالغ في الاحتفاء به بدعوى أن أبا نعيم أوصاه به خيراً. فشكره ابراهيم وأثنى على أبو نعيم وامتد بينهما الحوار لوقت طويل. . استشف أبو يعقوب بحاسته أن ابراهيم يدرك ما يبتغيه منه.. فطلب منه أن يذهب معه الى بئر سبع .. حيث المكتب الرئيسي للأمن المختص بالتعامل مع أبناء سيناء.

وفي بئر سبع استضافوه وأكرموه بكل السبل، ولوحوا له بإغراءات ما كان يحلم بمثلها يوماً. . نظير إغراقه بالنقود وتأمين حياته وذويه في العريش وافق إبراهيم على التعاون مع الإسرائيليين في جمع المعلومات عن مصر.. وتسلم – كدفعة أولى – ألف دولار في الوقت الذي لم يكن يملك فيه ثمن علبة سجائر.

لم تكن تلك الإغراءات أو التهديدات المغلفة هي وحدها السبب الأول في سقوطه.. لكن تشريح شخصيته يعطينا مؤشراً عن استعداده الفطري للخيانة.. فلا يمكن لشخص سويّ أن يستسهل بيع نفسه ووطنه هكذا بسهولة.. لمجرد منفعة مادية مؤقتة.. فالمؤكد أن خلايا الخيانة كانت قابعة بين أنسجته منذ ولادته. . وكان يجاهد كثيراً حتى وجد لها منفذاً فأخرجها.

ففي بئر سبع تغير المشهد.. إذ تحول ابراهيم شاهين من مواطن يسعى للحصول على تصريح بالسفر الى القاهرة .. الى جاسوس لإسرائيل وعيناً لها على وطنه.

تناقض شاسع بين الحالين يدعونا للبحث في تقلبات النفس البشرية التي لا يعلم سرها إلا خالقها..

أخضع الجاسوس الجديد لدورة تدريبية مكثفة تعلم أثناءها الكتابة بالحبر السري وتظهير الرسائل.. ووسائل جمع المعلومات من الأهل والأصدقاء. . درب أيضاً على كيفية التمييز بين الطائرات والأسلحة المختلفة.. واجتاز العميل الدورة بنجاح أذهل مدربيه. . فأثنوا عليه ووعدوه بالثراء وبالمستقبل الرائع. . وبحمايته في القاهرة حتى وهو بين ذويه . . فعيونهم في كل مكان لا تكل.

دربوه أيضاً على كيفية بث الإشاعات وإطلاق النكات السياسية التي تسخر من الجيش والقيادة .. الى جانب الاحتراز وامتلاك الحس الأمني العالي، ولقنوه شكل الاستجواب الذي سيتعرض له حال وصوله القاهرة من قبل أجهزة الأمن، وكيف ستكون إجاباته التي لا تثير الشكوك من حوله.

وعندما رجع الى بيته محملاً بالهدايا لزوجته وأولاده. . دهشت انشراح وسألته عن مصدر النقود .. فهمس لها بأنه أرشد اليهود عن مخبأ فدائي مصري فكافأوه بألف دولار. . ووعدوه بمنحه التصريح خلال أيام.

بهتت الزوجة البائسة لأول وهلة .. ثم سرعان ما عانقت زوجها سعيدة بما جلبه لها .. وقالت له في امتنان:
كانوا سيمسكونه لا محالة . . إن عاجلاً أم آجلاً. .

فسألها في خبث:
ألا يعد ذلك خيانة .. ؟

فغرت فاها وارتفع حاجباها في استنكار ودهشة وأجابته:
مستحيل . . كان غيرك سيبلغ عنه ويأخذ الألف دولار. . أنت ما فعلت إلا الصح.

غمغم ابراهيم كأنه مستاء مما فعل وأضاف:
لقد عاملوني بكرم شديد. . ووعدوني بالكثير بسبب إخلاصي.. وتعهدوا بحماية أهلي وأقاربي إذا ما تعاونت معهم في القاهرة . .

صرخت انشراح في هلع:
تعاونت معهم في القاهرة .. ؟ يانهار اسود يا ابراهيم .. كيف .. ؟

وهي يغلق فمها بيده:
طلبوا مني موافاتهم بأسعار الخضر والفاكهة في مصر نظير 200 دولار لكل خطاب. أذهلها المبلغ فسرحت بخيالها وألجمها الصمت ثم قالت له فيما يشبه الهمس:
أنا خائفة.

جذبها الى صدره واحتضنها بقوة وأخذ يردد:
أنا لا أملك عملاً الآن وليس لي مورد رزق. . وبالمعلومات التافهة التي طلبوها سآخذ الكثير وسنعيش في مأمن من الفقر. . ثم إنني لست عسكرياً حتى أخاف على نفسي. . ولأنني رجل مدني فمعلوماتي ستكون هزيلة ولن تفيدهم بشيء.

وظل الثعبان ينفث السم الزعاف في أذني زوجته حتى هدأت

. وأعلنت المفاجأة التي شلت تفكيره. . وتركيزه أيضاً. .

قالت له إنها لكي لا تكون قلقة خائفة . . يجب أن يطلعها على رسائله أولاً بأول. . وأن تقوم بشطب أية معلومات لا داع لإرسالها لهم.

ولما وافقها ابراهيم على الشرط النهائي لموافقتها. . نامت قريرة العين تتوسد ذراعه. . واستغرق هو في تفكير عميق .. بينما أنفاسها المنتظمة الرتيبة تشبه فحيح أفعى تتربص بفريستها.

( يتبع )
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
منى الراوى
مشرف منتدي السياحة والآثار مشرف منتدي السياحة والآثار
منى الراوى


انثى
ســآعـتي :
التسجيل : 04/10/2010
المساهمات : 4915
عدد النقاط : 10549
المزاج : خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر Qatary24
المهنة : خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر Unknow10
الهوايه : خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر Unknow11
الدولة : خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر Female31
الأوسمة : خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر 3h210
التميز : خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر 1510

خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر Empty
مُساهمةموضوع: رد: خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر   خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر I_icon_minitimeالإثنين 11 أكتوبر 2010, 10:40 pm

أفضل تغطية


في 19 نوفمبر 1967 وصل ابراهيم وانشراح الى القاهرة بواسطة الصليب الأحمر الدولي .. فمنح سكناً مجانياً مؤقتاً في حي المطرية .. ثم أعيد الى وظيفته من جديد بعدما نقلت محافظة سيناء مكاتبها من العريش الى القاهرة.

وبعدما استقرت الأمور قليلاً. . انتقل ابراهيم الى حي الأميرية المزدحم .. ومن خلال المحيطين به في العمل والمسكن . .بدأ في جمع المعلومات وتصنيفها.. وكانت زوجته تساعده بتهيئة الجو الآمن لكتابة رسائله بالحبر السري.. وكثيراً ما كانت تعيد صياغة بعض الجمل بأسلوب أفضل .. وتكتب أيضاً حياتها الى الموساد على أنها شريكة في العمل. . واعتاد ابراهيم أن يختتم رسائله بعبارة: "تحيا اسرائيل العظمى . .موسى".

ولأجل التغطية اتجه الى تجارة الملابس والأدوات الكهربائية .. وبواسطة المال والهدايا كان يتغيب كثيراً عن العمل غالبية أيام الأسبوع، ولشهور عديدة تواصلت الرسائل الى روما مزدحمة بالأخبار .. مما حدا برجال الموساد الى دعوته الى روما لاستثمار هذا الثنائي الرائع في مهام أكثر أهمية ..

وفي أغسطس 1968 وتحت ستار التجارة لا أكثر . . أبحر الثعبان والحية الى لبنان. . ومنها طارا الى روما حيث التقيا بمندوب الموساد الذي سلمهما وثيقتي سفر إسرائيليتين باسم موسى عمر ودينا عمر .. وعلى طائرة شركة العال الاسرائيلية طارا الى مطار اللد. .

كان استقبالهما في إسرائيل بالغ الحفاوة والترحيب . . إذ عوملا معاملة كبار الزوار. . وأنزلا بفيلا خيالية في تل أبيب مكثا بها ثمانية أيام .. حصلا خلالها على دورة تدريبية مكثفة في تحديد أنواع الطائرات والأسلحة .. والتصوير الفوتوجرافي.. وجمع المعلومات .. ومنح ابراهيم رتبة عقيد في الجيش الاسرائيلي باسم موسى . أما انشراح فقد منحت رتبة ملازم أول باسم دينا.


] وفي مقابلة مع أحد القيادات العليا في الموساد .. أكدت إنشراح على ضرورة زيادة المكافآت لاشتراكها في العمل يداً بيد مع ابراهيم. . ووصفت له صعوبة جمع المعلومات ما لم يشتركا معاً في جمعها وتصنيفها .. وأفاضت في سرد العديد من الحيل التي تقوم بها لانتزاع المعلومات من العسكريين الذين صادقهم زوجها ويجيئون لمنزلهم.. ومن ذلك أنها تعلن بمرارة مدى كراهيتها للإسرائيليين وتنتظر يوم الانتقام منهم .. ولأنهم يتحدثون مع امرأة جميلة سرعان ما تنفك عقدة ألسنتهم . . وتخرج الأسرار منهم بسهولة . . خاصة والخمر تدغدغ الأعصاب وتذهب بالعقل.

ونظراً لأهمية المعلومات التي حصلوا عليها من خلال الجاسوس وزوجته. . فقد قرروا لهما مكافأة سخية وأغدقوا عليهما بآلاف الدولارات التي عادا بها الى القاهرة .. حيث استغلا وجودهما وسط حي شعبي فقير في عمل الصداقات مع ذوي المراكز الحساسة من سكان الحي. . وإرسال كل ما يصل اليهما من معلومات الى الموساد فوراً..

لقد برعا خلال حرب الاستنزاف – 1967 – 1970 – في التحليل والتصنيف، وتصوير المنشآت العسكرية أثناء رحلات للأسرة بالسيارة الجديدة فيات 124.

يقول الابن الأصغر عادل في حديث نشرته جريدة معاريف الإسرائيلية عام 1997:

"لن أنسى ذلك اليوم الملعون من صيف 1969 طيلة حياتي . . فقد استيقظت مبكراً على صوت همسات تنبعث من حجرة نوم والدي. . كان أبي وأمي مستغرقين في نقاش غريب. .وكانت أمي تمسك في يدها حقيبة جلدية بينما كان أبي يحاول إدخال كاميرا الى داخلها لم أر مثلها من قبل في ذلك الحين.

كانت أمي غاية في العصبية وقالت له: لا ليس كذلك. . هكذا سيرون الكاميرا. فأخرج أبي الكاميرا وأدخلها مرات ومرات الى الحقيبة.. فجلست أنظر اليهما وهما يتناقشان . . ثم قال لي أبي: نحن ذاهبون الى رحلة الى الاسكندرية.

وخلافاً لنا نحن الأولاد الذين سعدنا جداً بالقيام بهذه الرحلة . . كان الوالد والوالدة غاية في القلق. . ولم أرهما متوترين الى هذا الحد من قبل.

أخذ أبي يتصبب عرقاً كلما ابتعدنا عن القاهرة، الى أن بلل قميصه تماماً كلما ابعتدنا أكثر فأكثر من القاهرة. وكان يتبادل الكلمات مع أمي بصعوبة، وصمتنا نحن أيضاً لشعورنا أن هذه الرحلة ليست ككل رحلة.

وفي تلك الفترة كانت هناك قواعد عسكرية ومصانع حربية كثيرة متناثرة حول الطرق الرئيسية في مصر. لم تخف السلطات شيئاً. ربما كنوع من استعراض القوة. وعندما بدأنا في الاقتراب من إحدى القواعد العسكرية أخرجت أمي الكاميرا وأمرها أبي قائلاً: "صوري . ياللا صوري . . صوري". فقالت له وأصابعها ترتعش: "سنذهب الى الجحيم بسببك". وحركت أمي الجاكيت المعلق على النافذة وبدأت في التصوير، وامتلأت السيارة الصغيرة بصرخاتها الممزوجة بالخوف. فأجابها أبي بنفس اللهجة: "هذه نهايتنا". واستمرت أمي في احتجاجها قائلة: "سنذهب الى السجن". وفي النهاية نظر أبي اليها بعيون متوسلة: "عدة صور أخرى. . فقط عدة صور أخرى".

وحاول "محمد" أن يسأل ما الذي يحدث لكن الرد الذي تلقاه كان "اسكت" فلم نسأل أية أسئلة أخرى بعد ذلك.

عدنا للبيت سعداء في ذلك اليوم. وعلى الفور أغلق أبي حجرته على نفسه وبعد فترة طويلة خرج وعانق أمي وقال لها: "يا حبيبتي لقد قمت بالتقاط صور رائعة للغاية". وبكت أمي وقالت له: "الى هنا يجب أن نشرح الأمر للأولاد". وكنا ما زلنا في صدمة وغير مدركين لهذه الجلبة التي تحدث.

وتحولت الرحلات الأسرية في أنحاء مصر الى روتين. . وكنا نخرج في نهاية كل أسبوع وكنا نسافر الى الأقصر، وأسوان، ليس هناك مكان لم نذهب اليه.. وأحياناً كان أبي يحصل على إجازة في وسط الأسبوع وكنا نسافر لعدة أيام. . وقد صورت قواعد ومنشآت عسكرية في مصر. . وكان أبي يسجل عدد الكيلو مترات في الطريق. . وبذلك يحدد موقع المصانع والقواعد العسكرية. . وكنا نحن الأولاد أفضل تغطية".

( يتبع )
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
منى الراوى
مشرف منتدي السياحة والآثار مشرف منتدي السياحة والآثار
منى الراوى


انثى
ســآعـتي :
التسجيل : 04/10/2010
المساهمات : 4915
عدد النقاط : 10549
المزاج : خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر Qatary24
المهنة : خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر Unknow10
الهوايه : خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر Unknow11
الدولة : خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر Female31
الأوسمة : خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر 3h210
التميز : خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر 1510

خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر Empty
مُساهمةموضوع: رد: خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر   خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر I_icon_minitimeالإثنين 11 أكتوبر 2010, 10:42 pm

ضمان الولاء

تعددت زيارات ابراهيم وانشراح الى روما. . بعضها كان باستدعاء من الموساد.. والبعض الآخر كانت لاستثمار عشرات الآلاف من الدولارات التي حصلوا عليها من جراء عملهما في التجسس.

وفي إحدى هذه الزيارات.. قررا إشراك ولديهما لزيادة الدخل بتوسع حجم النشاط. . ولم يكن من الصعب عليهما تنفيذ ما اتفقا عليه..

يقول الابن عادل في حديثه المنشور بجريدة معاريف: "عاد أبي وأمي ذات مساء من روما يحملان لنا الملابس الأنيقة والهدايا. . وأحسست من خلال نظراتهما لبعضيهما أن هناك أمراً ما يجري الترتيب له وعرفت الحقيقة المرة عندما أجلسني أبي قبالته أنا وأخويّ وقال في حسم:

مررنا كثيراً بظروف سيئة.. لم نكن نملك أثناءها ثمن رغيف الخبز.. أو حفنة من الملح.. والآن نعيش جميعاً في رغد من العيش. . ويسكن حوالينا أولاد في عمركم يحيون جوعى كالعبيد. . أما أنتم فتنعمون بكل شيء كالملوك. ولم تسألوني يوماً من أين جئت بكل هذا.. ؟

إن عملي في الحكومة .. وتجارتي أنا وأمكن وشقائي طوال تلك السنوات لم يكن هو سبب النعيم الذي نحن جميعاً الآن. . والحقيقة .. أن هناك أناساً يحبوننا للغاية.. وهم هؤلاء الذين يرسلون لنا الهدايا والمال. . وبفضلهم لدينا طعام طيب وملابس جميلة.. إنهم الاسرائيليون. . وهم الذين أنقذوا حياتنا من الجوع والضياع. . وأمنوا لنا مستقبلاً مضموناً يحسدنا عليه كل من نعرفهم.

حدث ذلك في صيف 1971، وكنت وقتها في الثالثة عشر من عمري، وكان أخي نبيل يكبرني بعامين تقريباً وأخي محمد بعام واحد.

وكطفل . . لم أعر الأمر أهمية خاصة . . لحقيقة أن أبي "يعمل" مع الاسرائيليين.. ومثل كل الأولاد. . كنت قد كبرت وتربيت على كراهية اليهود. . لكن في البيت تلقيت تربية أخرى . . فقد عرفت أن الاسرائيليين هم المسؤولون عن الطعام الذي آكله. . وعن الملابس الجديدة التي أرتديها. . وعن الهدايا التي أتلقاها. . لذلك .. سعدت لأنني كنت محظوظاً.

وكلما كبرت .. بدأت أدرك معنى "عمل" أبي .. وبدأ الخوف ينخر أكثر وأكثر في عظامي. . فقد كانت كماشة من الموت تطبق علينا. . وكفتى بالغ أدركت أنهم لو ضبطونا سيتم شنقنا.. من ناحية أخرى كان الخوف من حياة الفقر يصيبني بالشلل. . فقد كنت ملكاً لديه كل شيء".

هكذا انخرطت الأسرة كلها في التجسس. . وأصرت انشراح على الانتقال من الحي الشعبي الفقير الى آخر رقياً وثراء. . وعندما عارض زوجها قالت له: دعنا نستمتع بالحياة فربما ضبطونا.

وفي النهاية انتقلوا الى فيلا فاخرة بمدينة نصر.. ونقل نبيل ومحمد وعادل مدارسهم الى الحي الراقي الجديد.

احتفظ ابراهيم شاهين بعلاقاته القديمة وأقام أخرى جديدة. . وامتلأ البيت مرة أخرى بالأصدقاء من رجال الجيش والطيارين. . وتحول أولاده الى جواسيس صغار يتنافسون على جلب المعلومات من زملائهم أبناء الضباط في المدرسة والشارع. . ومناوبة الحراسة ريثما ينتهي أباهم من تحميض الأفلام. . فكان نبيل يتولى المراقبة من الخارج. . وعادل من داخل البيت . . وحصل نبيل على أدوار أكثر جدية.. فكان أبوه يسمح له بكتابة الرسائل بالحبر السري وتظهيرها. . وصياغة التقارير وتحميض الصور.

وذات مساء بينما هم جميعاً أمام التليفزيون . . عرض فجأة فيلم تسجيلي عن أحد الجواسيس الذي انتهى الأمر بإعدامه شنقاً.. وطوال وقت عرض الفيلم انتابتهم حالة صمت تضج بالرعب والفزع. . واستمروا على تلك الحال لأسابيع طويلة.. امتنعوا خلالها عن كتابة التقارير أو الرسائل. . حتى تضخم لديهم الخوف وأصيبوا بالصداع المستمر.. ومرض ابراهيم فاضطرت انشراح للسفر وحدها الى روما تحمل العديد من الأفلام. . خبأتها داخل مشغولات خشبية.

كانت الرحلة الى روما منفثاً ضرورياً للخروج من أزمتها النفسية السيئة.. وفي الوقت نفسه لتطلب من رجال الموساد السماح لهم بالتوقف عن العمل. . فلما التقت بأبو يعقوب ضابط الموساد الداهية. . قصت عليه معاناتهم جميعاً ومدى الخوف الذي يسيطر على أعصابهم.. فطمأنها الضابط ووعدها بعرض الأمر على الرئاسة في تل أبيب.. وصحبها الى ناد ليلي فرقصت وشربت لتنسى همومها.. وعادت معه آخر الليل ثملة لا تعي ما حولها.. وفي الصباح وجدت نفسها عارية بين أحضانه فبكت. . ومع أحضانه الدفيئة تكرر المشهد وهي بكامل وعيها... بعدها عادت الى القاهرة تحمل آلاف الدولارات. وكانت قبلما يفترقا في روما قد طلبت منه أن يرسل في طلبها بمفردها في المرات القادمة.

هكذا. لقد نسيت انشراح رغبتها في اعتزال الجاسوسية. . واستمرأت مذاقات اللذة الجامحة مع ضابط الموساد. . وبالرغم من أن ما حدث يخالف وظيفة ضابط المخابرات ومهامه. . إلا أنه ما لجأ الى ذلك سوى لرغبته في احتوائها. . وضمان ولائها لإسرائيل.

وفي آخر سبتمبر 1973 كانت انشراح بمفردها في رحلة أخرى الى روما .. فاستقبلها أبو يعقوب المسؤول عن توجييها واستلام التقارير والأفلام منها. لذلك فقد كان عليه أن يسارع بمغادرة بئر السبع الى اللد ثم روما في كل مرة تطير فيها انشراح خارج القاهرة. وفي ذات الوقت كان الضابط الاسرائيلي مكلف بألا يتعدى أية حدود مع الجاسوسة المصرية طالما رغبت هي في ذلك. . لكن ولأن انشراح كانت من النوع الحار لم تجد غضاضة في أن تتغمس في بحور اللذة لا تريد الطفو على السطح أبداً. . حتى فاجأها أبو يعقوب بنبأ هجوم الجيش المصري والسوري على إسرائيل. . وأن احتمال القضاء على دولة اليهود أصبح وشيطاً. كان يقول لها ذلك وهو يبكي ويرتعد جسده انفعالاً.. فأخذت تواسيه وتبكي لأجله ولأجل إسرائيل. . الدولة الصغيرة التي يسعى العرب لتدميرها (!!).

وفي أبريل 1974 اقترحت إنشراح على أسرتها السفر الى تركيا للسياحة.. وبينما هم في أنقرة اتصل بهم أبو يعقوب وطلب من ابراهيم أن يسافر الى أثينا لمقابلته. ومن هناك سافر الى إسرائيل. وفي مبنى المخابرات الاسرائيلية سألوه:
كيف لم تتبين الاستعدادات للحرب في مصر؟

فأجابهم:
لم يكن هناك إنسان قط يستطيع أن يتبين أية استعدادات. فبعض معارفي وأقاربي من ضباط القوات المسلحة تقدموا بطلبات لزيارة الكعبة للعمرة.

وأضاف ابراهيم:
في حالة ما إذا كنت قد علمت بنية الحرب فكيف أتصل بكم . .؟ فالخطابات تأخذ وقتاً طويلاً وهي وسيلة الاتصال الوحيدة المتاحة.

وبعد اجتماع مطول قرر قادة الموساد تسليم ابراهيم أحدث جهاز إرسال لاسلكي في العالم يتعدى ثمنه المائة ألف دولار. فلقد كانت لديهم مخاوف تجاه الفريق سع الدين الشاذلي الذي يريد تصعيد الحرب. . والوصول الى أبعد مدى في سيناء مهما كانت النتائج. . عكس السادات الذي كان يريدها حرباً محدودة.

دُرب ابراهيم لمدة ثلاثة أيام على كيفية استخدام الجهاز. . وعندما تخوف من حمله معه الى القاهرة.. عرضوا عليه أن يذهب الى الكيلو 108 طريق القاهرة السويس الصحراوي. وهناك سيجد فنطاس مياه كبيرة مثقوب وغير صالح للاستخدام. . وخلفه جدار أسمنتي مهدم عليه أن يحفر في منتصفه لمسافة نصف المتر ليجد الجهاز مدفوناً. وأخبره ضابط الموساد الكبير أن راتبه قد تضاعف، وأن له مكافأة مليون دولار إذا ما أرسل للإسرائيليين عن يقين بميعاد حرب قادمة.

عاد ابراهيم الى أثينا ثم أنقره حيث تنتظره الأسرة. . فقضوا أوقاتاً جميلة يستمتعون بالمال الحرام وبثمن خيانتهم.


نهاية كل خائن




عندما رجعوا الى القاهرة استقلوا السيارة الى الكيلو 108 وغادرت انشراح السيارة وبيدها معول صغير. .وظلت تحفر الى أن أخرجت الجهاز. . فنادت على ابنها عادل الذي عاونها وحمله الى السيارة ملفوفاً في عدة أكياس بلاستيكية. . وعندما ذهبوا بالجهاز الى المنزل أراد ابراهيم تجربته بإرسال أولى برقياته فلم يتمكن من إكمال رسالته.. بعدما تبين له أن مفتاح التشغيل أصيب بعطل (ربما نتيجة الحفر بالمعول).

حزن الجميع. . لكن انشراح عرضت السفر لإسرائيل لإحضار مفتاح جديد.. وسافرت بالفعل يوم 26 يوليو 1974 ففوجئ بها أبو يعقوب ودهش لجرأتها. . وأراد الاحتفاء بها فأقام حفلاً صاخباً ماجناً على شرفها انتهى بليلة حمراء. .. . ، ومنحها مكافأة لها 2500 دولار مع زيادة الراتب للمرة الثالثة الى 1500 دولار شهرياً (كان مرتب الموظف الجامعي حينذاك حوالي 17 جنيهاً).

وأثناء وجود انشراح في اسرائيل تائهة بين أحضان ضابط الموساد، كانت هناك مفاجأة خطيرة تنتظرها في القاهرة فعندما كان ابراهيم يحاول إرسال أولى برقياته الى إسرائيل بواسطة الجهاز – استطاعت المخابرات المصرية التقاط ذبذبات الجهاز بواسطة اختراع سوفييتي متطور جداً اسمه (صائد الموجات) وقامت القوات بتمشيط المنطقة بالكامل بحثاً عن هذا الجاسوس. ومع محاولة تجربة الجهاز للمرة الثانية أمكن الوصول لإبراهيم بسهولة.

وفي فجر 5 أغسطس 1974 كانت قوة من جهاز المخابرات المصرية تقف على رأس ابراهيم النائم في سريره. استيقظ مذعوراً وفي الحال دون أن توجه اليه كلمة واحدة في هلع:

أنا غلطان . . أنا ندمان .. الجوع كان السبب . . النكسة كانت السبب. . اليهود جوعوني واشتروني بالدقيق والشاي.

ولما فتشوا البيت عثروا على جهاز اللاسلكي ونوتة الشفرة. . والتزم ابراهيم الصمت. . وكان بدنه كله يرتجف. . سحبوه في هدوء للتحقيق معه في مبنى المخابرات العامة، بينما بقيت قوة من رجال المخابرات في المنزل مع أولاده الثلاثة تنتظر وصول انشراح، تأكل وتشرب وتنام دون أن يحس بهم أحد.

وعلى طائرة أليطاليا رحلة 791 في 24 أغسطس 1974، وصلت انشراح الى مطار القاهرة الدولي قادمة من روما بعد شهر كامل بعيداً عن مصر، تدفع أمامها عربة تزدحم بحقائب الملابس والهدايا، ونظرت حولها تبحث عن زوجها فلم تجده، فاستقلت تاكسياً الى المنزل وهي في قمة الغيظ. . وعندما همت بفتح الباب اقشعر جسدها فجأة، فدفعت بالباب لا تكترث. . لكنها وقفت بلا حراك. . وبالت على نفسها عندما تقدم أحدهم. . وأمسك بحقيبة يدها وأخرج منها مفتاحين للجهاز اللاسلكي بدلاً من مفتاح واحد. وكانت بالحقيبة عدة آلاف من الدولارات دسها الضابط كما كانت .. وتناول القيد الحديدي من زميله وانخرست الكلمات على لسانها فكانت تتمتم وتهذي بكلمات غير مفهومة . . وقادوها مع ولديها الى مبنى المخابرات وهناك جرى التحقيق مع الأسرة كلها.

ولما كانت المخابرات الاسرائيلية لا تعلم بأمر القبض على أسرة الجواسيس. . وتنتظر في ذات الوقت الرسالة التي سيبعث بها ابراهيم ليطمئنوا على كفاءة عمل الجهاز . . فوجئت الموساد بالرسالة.. لم تكن بالطبع من ابراهيم بل أرسلتها المخابرات المصرية.

"أوقفوا رسائلكم مساء كل أحد. . لقد سقط جاسوسكم وزوجته وأولاده، وقد وصلتنا آخر رسائلكم بالجهاز في الساعة السابعة مساء الأربعاء الماضي".

وفي 25 نوفمبر 1974 صدر الحكم بإعدام انشراح وزوجها شنقاً، والسجن 5 سنوات للابن نبيل وتحويل محمد وعادل لمحكمة الأحداث.

وفي 16 يناير 1977 سيق ابراهيم الى سجن الاستئناف بالقاهرة لتنفيذ الحكم، كان لا يقو على المشي. . والى حجرة الاعدام كان يجره اثنان من الجنود وساقاه تزحفان خلفه بينما هو يضحك في هستيريا ثم يبكي. . وبعدما تيقن من أنه سوف يُعدم أخذ يردد آيات من القرآن الكريم بكلمات غير مفهومة ثم صاح في انهيار: سامحني يا رب. . وتلا عليه مأمور السجن منطوق الحكم .. ثم ردد الشهادتين وراء واعظ السجن . . عندئذ عرضوا عليه آخر طلب له قبل إعدامه فطلب سيجارة.. وبعد أن انتهى من تدخينها جروه جراً الى داخل غرفة الإعدام . . فقام عشماوي بتقييد يديه خلف ظهره. . ثم ألبسه الكيس الأسود ووضع الحبل في رقبته . . وشد ذراعاً فانفتحت طاقة جهنم تحت قدميه. . وظل الجسد معلقاً في الهواء يتأرجح الى أن همد وسكن. . واستمر النبض ثلاث دقائق وعشر ثوان بعد التنفيذ . . حتى أعلن طبيب السجن وفاة الجاسوس الذي ظل يتعامل مع الموساد طوال سبع سنوات.

أما انشراح فقد ترددت الأنباء في حينها عن شنقها هي الأخرى .. ولكن في 26 نوفمبر 1989 نشرت صحيفة "حداشوت" الاسرائيلية قصة تجسس ابراهيم على صفحاتها الأولى . . وذكرت الصحيفة أن ضغوطاً مورست على الرئيس السادات لتأجيل إعدام انشراح بأمر شخصي منه. . ثم أصدر بعد ذلك عفواً رئاسياً عنها .. وتمكنت انشراح (في صفقة لم تعلن عن تفاصيلها) من دخول اسرائيل مع أولادها الثلاثة. . حيث حصلوا جميعاً على الجنسية الاسرائلية واعتنقوا الديانة اليهودية.. وبدلوا اسم شاهين الى (بن ديفيد) واسم انشراح الى(دينا بن ديفيد) وعادل الى (رافي) ونبيل الى (يوسي )


و إلى اللقاء مع قصه أخرى من قصص الخيانه



خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر 36_3_16%5B1%5D
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
منى الراوى
مشرف منتدي السياحة والآثار مشرف منتدي السياحة والآثار
منى الراوى


انثى
ســآعـتي :
التسجيل : 04/10/2010
المساهمات : 4915
عدد النقاط : 10549
المزاج : خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر Qatary24
المهنة : خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر Unknow10
الهوايه : خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر Unknow11
الدولة : خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر Female31
الأوسمة : خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر 3h210
التميز : خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر 1510

خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر Empty
مُساهمةموضوع: رد: خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر   خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر I_icon_minitimeالإثنين 11 أكتوبر 2010, 10:45 pm

4 جمال حسنين
الجاسوس الذى مات مرتين




ليس ضرورياً أن يكون الجاسوس ملماً بالنواحي العسكرية، أو يملك خبرة فنية في تخصص ما، أو ذو علم غزير يستفيد من ورائه العدو.

فالجاسوسية الحديثة لا تشترط وجود أي من هذه الصفات لدى الجاسوس. كل ما في الأمر، أن يكون منزوع الانتماء . . فقيد الضمير، يسعى بين أهله ومواطنيه كالحية الرقطاء تتربص بالفريسة.

لكن .. ماذا بعد السقوط وقضاء ربع قرن بين جدران السجون؟ هل تغيرت الحية وتبدلت؟ لا أحد يعرف . . ولم يكتب أبداً أي صحفي في مصر عن حياة جاسوس خارج السجن . . لا أحد يعرف !!
منذ فتره قريبه . . أفرج عن الجاسوس جمال حسنين بعد أن أمضى 25 عاماً خلف جدران سجن المزرعة في أبو زعبل. . فقصته مع التجسس مثيرة ومادة شيقة للتناول. وعظة للشباب الذي يسافر الى أوروبا بحثاً عن عمل بعدما ضاقت به السبل وأغلقت دونه أبواب الأمل.

ولد جمال في 29 أكتوبر 1941 بالقاهرة لأسرة موظف صغير في وزارة الشؤون الاجتماعية يعول سبعة أفراد. دخل مرحلة التعليم الابتدائي وشق طريقه في التعليم . . متعثراً. وتمكن عام 1962 من الحصول على دبلوم في المساحة .. وعين فوراً في مصلحة المساحة بالقاهرة. . وكان راتبه الصغير يشعره بأنه قزم تافه.

لذلك سعى للحصول على دبلوم المعهد الأوليمبي بالاسكندرية في محاولة للارتقاء بوضعه الوظيفي، وأمكن له بالفعل الحصول على دبلوم المعهد عام 1968، وكانت مصر حينئذ في حالة يرثى لها . . وتسعى للنهوض من عثرة النكسة وتنظيم صفوفها من جديد استعداداً للثأر من العدو الإسرائيلي.

في ذلك الوقت لم يكن جمال حسنين بعيداً عن نبض الجماهير. . والإحساس بالمهانة لهزيمة الجيش واحتلال أرض عربية أخرى. وحنق كثيراً على القيادة العسكرية. . وكثيراً ما كان يجادل أصحابه ويثور لأنه لم يلتحق بالقوات المسلحة بسبب "الفلات فوت" اللعين. وكظم غيظه وأحلامه وحبس طموحه بداخله الى أن تحين اللحظة المناسبة للتحرك.

ولكن الوقت يجري و "سماح" تنضج وتفور أنوثتها ولا يزال كما هو بلا حركة .. وخطابها عرفوا الطريق لبيتها فتملكه الرعب لمجرد أن تخيل خطبتها لآخر. ولما أضناه الأرق وهده الفكر . .صارح والده بحبه للفتاة ورغبته في الزواج منها. . فقال له "عليك أن تدبر حالك".

أسرع الشاب العاشق الى أسرة فتاته يطلب يدها .. فاشترطوا عليه ما يعجز عن تحقيقه. . ولكنه في سبيل الفوز بها قرر المغامرة وتملكته فكرة السفر الى بيروت للعمل.

كانت بيروت وقتئذ قبلة الباحثين عن الرزق الوفير وتتعدد بها مصادر الرزق لكل من سعى. وتقدم جمال حسنين بطلب الحصول على أجازة من عمله بدون راتب "كان راتبه 16 جنيهاً" فسمح له بإجازة ستة أشهر. وقبل أن يغادر الإسكندرية الى بيروت بحراً. . أخضع لدورة توعية تثقيفية مع غيره من الراغبين في السفر خارج مصر لأول مرة. والمحاضرون بالطبع ضباط في جهازي المخابرات العامة والمخابرات الحربية. وكان هذا النظام معمول به في ذلك الوقت نظراً لاكتشاف العديد من الجواسيس والذي تبين أن غالبيتهم وقعوا في براثن الموساد بعد إغرائهم بالمال والنساء. وفي قرارة نفسه. . سخر جمال حسنين من ضعاف النفوس الذين سقطوا في شباك الموساد واحتقرهم. وانتبه جيداً للطرق المختلفة التي يصفها الضابط المحاضر للإيقاع بالشباب المصري في الخارج.


بداية الطريق


وفي السفينة الى بيروت تمدد على سطحها يتأمل وجه حبيبته فتخيله ماثلاً أمامه على صفحة المياه الممتدة .. والتي لا نهاية لها. ولم تكن يده تمتد كثيراً الى محفظته الجلدية التي تحوي صورتين لسماح الجميلة، فوجهها الرائع النقاء بكل بهائه محفور في فؤاده وموشم على خلاياه.

كان يمني نفسه بعمل مربح في بيروت، أي عمل، لا يهم، إنها حرب عليه أن يخوضها ليفوز بالحبيبة.

وأيقظه من تخيلاته وأفكاره شاب سوري يعمل في التجارة ما بين بيروت والاسكندرية. وتناول الحديث بينهما نواح عديدة .. ولما سأله جمال عن إمكانية العمل في بيروت أفاده بأن لبنان سوق مفتوح للعمل. . وفرص الكسب به متوفرة إذا ما ذهب الى مقهى فاروق. . ومجرد أن غادر السفينة توقفه الزحام وصافحته الوجوه بتجاهل. . وقادته قدماه الى حي المزرعة جنوبي الميناء . . وفي بنسيون رخيص وضع الرحال وذهب الى مقهى فاروق أشهر المقاهي هناك . . حيث بالإمكان العثور على صاحب عمل، فالمقهى يعرفه كل المصريين في بيروت ويرتادونه ويتواعدون على اللقاء به. لذا فهو يموج بالوجوه المصرية المرهقة التي تغربت من أجل الحصول على المال.

ومرت الأيام وجمال حسنين ينفق من الجنيهات القليلة التي حولها الى ليرات لبنانية. ولم تظهر في الأفق بشائر خير أو تبدو بارقة من أمل. حاول كثيراً ففشل. . وقبل أن تنفذ نقوده حمل حقيبته خائباً وعاد الى القاهرة. . تعشش الكآبة بأعماقه ويحس بالقهر يطحن أعصابه. استقبلته سماح فرحة بعودته بعد ثلاثة أشهر من الغربة. . وحاولت إقناعه بالعمل في إحدى الشركات بعد الظهر لإنجاز المطلوب منه للزواج. . لكنه كان دائم الشكوى وسب الحال وغير قانع بالمقسوم له. وبات يحلم من جديد بالسفر الى اليونان. . إنها الحلم الكبير الذي سيتحقق.. وفشل رحلة بيروت لن يتكرر.

لقد ثبت لديه أن لا مناص من الخروج من أزمته إلا بالسفر. وعقد العزم على الاستماتة هذه المرة. وعندما رفض الانصات لمعارضة سماح.. تركته يائسة يفعل ما يريد. ولما تقدم للعمل بطلب أجازة أخرى.. رفض طلبه . .فقدم استقالته على الفور. . وركب سفينة قبرصية الى ميناء بيريه لا يملك سوى مائتي دولار أمريكي وعدة جمل بالإنجليزية.

ولأن بيريه أشهر موانئ اليونان ففرص العمل بإحدى الشركات البحرية متوفرة. هكذا قيل له في القاهرة، وأظلمت الدنيا في وجهه بعد ما تأكد من كذب المقولة. وكلما يمر به يوم بدون عمل. . تضطرب أعصابه ويختنق صدره ويقترب من حافة الجنون.

وفي خضم معاناته يتلقي بشاب مغربي يدعى سمعان ويشكو حاله. . فيطمئنه بأنه سيسعى من أجل توفير عمل له. وظل يعده يوماً بعد يوم الى أن فرغت جيوبه حتى من كسور الدراخمة. فأقنعه سمعان ببيع جواز سفره والإبلاغ عن فقده فوافق جمال حسنين . . واصطحبه المغربي الى القنصلية الاسرائيلية في بيريه. . بحجة وجود صديق له هناك سيشتري منه جواز السفر . .وقد يدبر له عملاً في أحد الفنادق. وبسذاجة شديدة ذهب معه ليلتقي داخل القنصلية الإسرائيلية بأحد ضباط الموساد الذي يعده بإيجاد عمل له خلال أيام .. وطلب منه أن يجيب على الأسئلة المكتوبة في استمارة التعارف عن حياته وأسرته وأصدقائه ووظائفهم وعناوينهم ليتمكن من توفير فرصة عمل مناسبة له. . وتفاوض معه بخصوص جواز السفر فاشتراه بمائتي دولار .. بعد ذلك اصطحبه سعفان الى فندق "ايسخيلوس" الشهير وحجز له غرفة رائعة تخوف جمال حسنين من سعرها المرتفع لكن عميل الموساد طمأنه بأنه ضيف على القنصلية الاسرائيلية .. التي لا تدخر وسعاً في مساعدة الشباب العربي بقصد إبراز الصورة الحقيقية للإسرائيليين التي يعمل الإعلام العربي على تشويهها.


( يتبع )
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
منى الراوى
مشرف منتدي السياحة والآثار مشرف منتدي السياحة والآثار
منى الراوى


انثى
ســآعـتي :
التسجيل : 04/10/2010
المساهمات : 4915
عدد النقاط : 10549
المزاج : خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر Qatary24
المهنة : خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر Unknow10
الهوايه : خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر Unknow11
الدولة : خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر Female31
الأوسمة : خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر 3h210
التميز : خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر 1510

خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر Empty
مُساهمةموضوع: رد: خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر   خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر I_icon_minitimeالإثنين 11 أكتوبر 2010, 10:47 pm

السقوط السهل

وبعدما خلا جمال الى نفسه تساءل عما يدور حوله، وتذكر الدورة الإرشادية التي تلقاها في مصر قبل سفره. . وما قيل له عن أساليب المخابرات الإسرائيلية المختلفة في استقطاب المصريين بالخارج. . والحيل المموهة الذكية – التي تبدو بريئة – لجرهم الى التعاون معهم. . بدعوى العمل على مساعدتهم .. وبشعارات زائفة رنانة يعملون على إزالة حاجز الخوف من التعامل معهم. . وما كان قصدهم في النهاية إلا الإيقاع بضعاف النفوس الذين تواجههم ظروف صعبة في الخارج.
وقطع تفكيره اتصال من شخص لا يعرفه اسمه "يوسف" أبلغه بأنه مكلف بإيجاد عمل له.
فرح جمال كثيراً بذلك الضيف البشوش ودار بينهما حديث يغلفه الود عن الحياة والدين والطبيعة وتربية الكلاب.. ثم تطرق يوسف الى مشكلة الشرق الأوسط، والسلام الذي يجب أن يسود المنطقة. . وحقوق الجار التي أوصى بها الرسول صلى الله عليه وسلم.
ولم اعرف منه أن له علاقة خطبة بفتاة في مصر وأطلع على صورتها. . ضحك ضابط الموساد لتواضع ملامحها وقال له:
إنك في اليونان فلماذا لا تستمتع كما يحلو لك؟
وأخذه الى سهرة لم يصادفها من قبل. وعلى الباب الخارجي للنادي الليلي وقفت سيدة عجوز تمسك بعدسة نظارة ذات عين واحد تستقبل الزوار بحفاوة كبيرة .. وعندما رأت جمال حسنين هتفت في سعادة قائلة: - أوه أيها المخلص. . ألا زلت تتذكرني؟!
وهي تنظر باندهاش الى الضابط:
إنه زبون قديم عندي.
ضحك جمال بينما يدلف من الباب الداخلي وهو يقسم بأنه لم ير المرأة من قبل.

وبعد سهرة جميلة عاد جمال الى حجرته ترافقه فتاة لعوب استطاعت على مدى يومين أن تستنزف دولاراته. . وتركته خاوي الوفاض في بلاد الغربة. . يطوف ضباط المخابرات الإسرائيلية من حوله ويخططون لاصطياده.
وفي قمة محنته ذهب اليه بالفندق شخص آخر اسمه إبراهيم. . وذكر له بأنه صديق يوسف وأنه قرأ استمارة بياناته ومعجب جداً به.
كان إبراهيم ضابط مخابرات ماهر. . استطاع التعرف على نقطة الضعف التي يعاني منها جمال. . فركز عليها جيداً. . واستغل جهله بالسياسة والتاريخ وأخذ يلقي على مسامعه الأكاذيب والمفتريات عن مشكلة اليهود . . وفي خلال المسجل بينهما، واستطاع أن ينتزع منه اعترافاً ضمنياً بحق اليهود في فلسطين. . ثم أخذ يضغط على مشكلة الأزمة الاقتصادية التي تعاني مصر منها. . بدليل تواجده في اليونان بحثاً عن عمل ليتمكن من الزواج، وأرجع الضابط هذه الأزمة الى حالة التأهب الدائم للحرب التي تدمر خطط مصر للتنمية.
ولأنه أحمق غرير . . اقتنع جمال حسنين بآراء الضابط الذي شحنه نفسياً ومعنوياً .. ووصل به الى المدى المطلوب في الاندفاع والتهور وسب النظام في مصر وانتقد الحياة بها.

كان الطرق على الحديد الساخن أسهل الطرق لتشكيله. . وأمام حالة الضعف التي وصل اليها جمال فلا مال لديه ولا حصانة من وطنية .. بالإضافة الى كلمات متناثرة فهم منها أن له صوراً عارية مع الفتاة الداعرة. . أمور كلها هيأت مناخاً مناسباً لتجنيده. خاصة بعدما أقنعه ضابط الموساد بأن الجاسوس الذي يسقط في أيدي المخابرات المصرية. . لا بد لهم من مبادلته في صفقة سرية بواسطة الصليب الأحمر الدولي أو الدول الصديقة، وعدد له أسماء كثيرة لجواسيس مصريين تمت مبادلتهم. . ويعيشون في إسرائيل في فيلات فاخرة، وجرى سحب أسرهم من مصر تباعاً. هكذا كانوا يقنعونه ويضيقون عليه الخناق فيجد صعوبة في التفكير أو الفرار. وسقط جمال حسنين في قبضة الموساد.

وفي شقة مجهزة بكل أدوات الرفاهية .. أقام الخائن برفقة ضابط الموساد ليتعاطى شراب الخيانة وليتعمل مبادئ الجاسوسية.
ولأنه لم يلتحق بالقوات المسلحة فقد دربوه على كيفية تمييز الأسلحة المختلفة بواسطة عرض أفلام عسكرية وأسلحة.. وعقد اختبارات له لبيان مدى استيعابه.
ولكونه يعمل في مصلحة المساحة، فقد كانت لديه خبرة كبيرة في وصف المباني والمنشآت ورسم الخرائط المساحية، وتقدير المسافات والارتفاعات، وبالتالي رسم الأشكال المختلفة وكل مظاهر الحياة التي تصادفه.
ولم تكد تمر أربعة أسابيع إلا وأنهى جمال حسنين الدورة التدريبية ببراعة . . وتخرج من تحت يد ضابط الموساد جاسوساً خبيراً، وخائناً مخلصاً لإسرائيل. الرسالة الوحيدة
كان – ضابط الموساد – إبراهيم هو المسؤول عن تلميذه النجيب. وعلى عاتقه تقع مسؤولية توجيهه ومتابعته. ويلزم لذلك ربط علاقة إنسانية قوية بينه وبين الجاسوس.

وفي أمسية سمر لاحظ شروده وقلقه، وحاول جاهداً مساعدته حتى لا تتوقف مراحل خيانته، فصارحه جمال بمدى تعقله الشديد بسماح، وخوفه من عودته خاوياً فتضيع منه. فطمأنه إبراهيم وأمده بألف دولار مكافأة، فضلاً عن راتب شهري قدره مائتي دولار، ومكافأة أخرى "50" دولاراً عن كل رسالة تحمل معلومات قيمة يرسل بها الى روما لاسم "كاستالا يوستالي" ص. ب. 117.
وأمضى الخائن التعس في بيريه أربعة أشهر حتى لا يثير الشكوك بالأموال التي معه، ثم أعد حقيبته وسافر بالطائرة الى القاهرة يحمل فستان الزفاف لعروسه هدية من المخابرات الاسرائيلية.
كان عجولاً جداً. . إذ لم ينتظر حتى تزف اليه حبيبته، بل شرع في الحال في كتابة رسالة عاجلة – بدون حبر سري – الى صديقه الوهيم يوستالي – يخبره فيها بوصوله سالماً وزواجه قريباً.
وبعدها عمد الى زيارة أقاربه واصدقائه من عسكريين ومدنيين وسؤالهم عن أحوال الجيش والحرب. . وكان يسجل كل ما يصل اليه في مفكرة خاصة حتى جمع بعض المعلومات التي اعتبرها مهمة لإسرائيل. . وأغلق عليه حجرته وسطر – للمرة الأولى – رسالة بالحبر السري . . حوت ما جمعه من معلومات وأرسل بها الى روما. وادعى أنه يحمل رسائل من أصدقاء في اليونان الى ذويهم في الاسكندرية ودمياط والمنصورة ومرسى مطروح. وقام بزيارة لهذه المدن لعله يصادف ما يثير انتباهه من تحركات عسكرية . . أو تنقلات للأسلحة بواسطة القطارات أو سيارات النقل العملاقة.

كانت مصر في تلك الأثناء . . نوفمبر 1972 . . تعيش أوقاتاً عصيبة بسبب حالة اللاسلم واللاحرب اللتين هيمنت على الطقس العام. وهناك حالة من القلق والتذمر تسود الشارع المصري يأساً من خطب الرئيس السادات التي لا تحمل أية نية للرد على الصلف الاسرائيلي المستفز، بل تفيض بالوعود الكاذبة بالحرب مما خلق شعوراً بالإحباط لدى الشعب.
وكانت المخابرات الاسرائيلية ترسل بجواسيسها الخونة .. لاستقصاء حالة الشعب والجيش . . ففي تلك المرحلة الحرجة كان الغليان العربي على أشده. خاصة وأن عمليات المقاومة الفلسطينية اتخذت مساراً آخر في مواجهة إسرائيل . . بعدما تقاعست دول المواجهة عن الإقدام على ضربها.

لذلك . . فقد كثفت إسرائيل من نشاطها التجسسي داخل الأراضي المصرية. . لعلمها أن مصر هي زعيمة العرب وكبرى دول المواجهة التي حتماً ستثأر وتسترد سيناء.
ويقابل هذا التكثيف التجسسي جهداً متزايداً من المخابرات الحربية والمخابرات العامة المصرية .. لضبط إيقاع الأمن في الداخل والخارج. . فسقط عدد كبير من الجواسيس ما قبل أكتوبر 1973. . وكان من بينهم جمال حسنين الذين أرسل رسالته الوحيدة الى مكتب الموساد في روما.
فبواسطة رجل المخابرات الذكي الذي يعمل رقيباً على البريد. . اكتشف الكتابة بالحبر السري في الرسالة. . وتبدأ على الفور مطاردة شرسة بين المخابرات المصرية والجاسوس في معركة سرية لا يشعر بها أحد .. وسباق محموم مع الزمن من أجل إلقاء القبض عليه.

وفي فترة وجيزة جداً .. سقط الخائن في الكمين الذي نصب له مساء يوم 29 نوفمبر 1972 أثناء نومه في هدوء .. يتنفس هواء مصر النقي ويملأ معدته طعامها وخيرها. ومن بين الأدلة الدامغة على تجسسه لصالح الموساد ضبطت المفكرة التي سجل بها معلومات جديدة قام بجمعها، وتقريراً عن زيارته لبعض المدن، ورسالة انتهى من كتابتها بالحبر السري كان ينوي إرسالها الى روما في الصباح.
أصطحبوه الى مبنى المخابرات لاستجوابه، واعترف مذهولاً بكل شيء في الحال. وأقر بأن حصيلة المعلومات التي جمعها كانت من معارفه وأقربائه. . الذين كانوا يتحدثون أمامه بما يعرفونه من معلومات. . وهم على ثقة به ولا يتصورون أن بينهم جاسوساً ينقل ما يتفوهون به الى إسرائيل.

وأثناء محاكمته أخبروه بأن سماح زفت لآخر وسافر بها الى الكويت، فسرت بشرايينه مرارة شديدة لا تعادل إحساسه بمرارة جرمه وخسة مسلكه.
وحكم عليه بالأشغال الشاقة المؤبدة . . أي 25 عاماً. . بين جدران السجن ليلاً وفي تكسير الحجارة نهاراً. فلولا ظروفه التي مر بها قبل وأثناء تجنيده. . وقصر تجسسه على رسالة واحدة تحوي معلومات تافهة لكان نصيبه الاعدام.
ومنذ فترة قليلة مضت . . انتهت مدة عقوبته. . وخرج من أبي زعبل وعمره يقارب الستين عاماً. . مطأطأ الرأس منكس الهامة.

ترى .. هل كان أهله في استقباله على باب السجن كما نرى في الأفلام المصرية؟ أم أن والديه توفاهما الله غاضبين عليه، وانشغل اخوته في أعمالهم ونسوا أن لهم أخاً – جاسوساً – باعهم ذات يوم عندما باع وطنه.
فماذا حدث إذن؟ وأين سيعيش هذا الخائن بيننا؟ وهل لا زالت عنده الجرأة لكي ينتسب الى هذا الوطن، ويقر بأنه مصري مات مرتين، مرة داخل السجن وأخرى خارجه عندما يجتر تاريخه..!!


و إلى اللقاء مع قصه أخرى من قصص الخيانه


خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر 36_3_16%5B1%5D
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
منى الراوى
مشرف منتدي السياحة والآثار مشرف منتدي السياحة والآثار
منى الراوى


انثى
ســآعـتي :
التسجيل : 04/10/2010
المساهمات : 4915
عدد النقاط : 10549
المزاج : خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر Qatary24
المهنة : خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر Unknow10
الهوايه : خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر Unknow11
الدولة : خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر Female31
الأوسمة : خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر 3h210
التميز : خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر 1510

خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر Empty
مُساهمةموضوع: رد: خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر   خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر I_icon_minitimeالإثنين 11 أكتوبر 2010, 10:49 pm

( 5 ) السيد محمود

علم أخوه التجسس ... فأحترف !!!!





عالم المخابرات والجاسوسية عجيب كل العجب. إنه بالفعل يفتقد العواطف. . ولا تصنف أبداً تحت سمائه، حتى وإن بدت المشاعر مشتعلة متأججة – فهي زائفة في مضمونها، ووجودها فقط لخدمة الموقف ثم تنتهي الى أفول.
.
أنه جاسوس آخر من جواسيس الاسكندرية، استغل شقيقه المجند بالقوات المسلحة، وجنده ليحصل من وراء معلوماته العسكرية على مال وفير.
كل القصص تؤكد أن علاقات الدم والرحم ومشاعر الحب – تتوه بين غمام عالم الجاسوسية الغامض . . وتمحي . . في لحظة يغيب فيها العقل .. ويغتال الانتماء.. !! الصدمة الفجائية

بالرغم من التنسيق الاستخباري الامريكي الصهيوني الذي وصل الى أعلى المستويات . .فقد جاءت حرب أكتوبر 1973 لتثبت عجز المخابرات الاسرائيلية والامريكية وهزيمتها معاً إزاء هذه الحرب المفاجئة. فقد طار زيفي زامير رئيس الموساد (كما طار من قبله مائير عميت قبل حرب يونيو 1967) الى كل من أوروبا وأمريكا بمهمة سرية.. ليحاول التحقق من المعلومات التي وردت اليهم قبل حرب أكتوبر باستعدادات العرب للهجوم على إسرائيل.
وفي صباح السادس من أكتوبر بعث ببرقية محمومة من نيويورك الى جولدا مائير رئيس وزراء إسرائيل تقول: "إن الحرب ستبدأ اليوم". وكان الأوان قد فات. وكانت مفاجأة الحرب التي منيت بها إسرائيل، نتيجة "الفكرة" الخاطئة التي يتمسك بها القادة الإسرائيليون، والمستندة الى أن الحرب لن تقع بسبب عجز العرب عن القيام باتخاذ قرار الهجوم ضدهم.
لقد كانت هذه "الفكرة" متأصلة الجذور في أذهان العسكريين الإسرائيليين، حتى أن الجنرال "إلياهو زعيرا" – الذي كان يشغل منصب رئيس الاستخبارات العسكرية – ذهب في ظهر ذلك اليوم الى مؤتمر صحفي في تل أبيب وهو مطمئن الى حقيقة "الفكرة".

وعندما تكلم بهدوء وثقة الى الصحفيين قائلاً: "لن تقع الحرب". اقتحم المكان ضابط برتبة ميجر ودفع ببرقية الى الجنرال زعيرا في غرفة المؤتمر الصحفي، وعندما قرأها هذا، خرج من الغرفة ولم ينبس ببنت شفة، ولم يعد مرة أخرى. وأدرك الصحفيون الحقيقة على الفور، فقد وقعت الحرب، وفي جمع أرجاء تل أبيب. . أخذت صفارات الإنذار ترسل صيحاتها.

هذا التقييم الغير صحيح للمعلومات التي تجمعت لدى المخابرات الاسرائيلية، والتي وصلتها قبل الحرب بمدة كافية وتتعلق بالحشود المصرية والسورية، أكد على تقصير المخابرات الاسرائيلية في تحليل النوايا العربية. . والاستعدادات العسكرية التي سارت بخطوات دقيقة وسرية للغاية، وخدعت أجهزة المخابرات الصهيونية والأمريكية، بما يدل على جهل هذه الأجهزة بمؤشرات الحروب والأزمات .. مما أدى الى تفويض نظرية الأمن الإسرائيلي القائمة على قوة جهاز مخابراتها، وعلى عنصر إنجاح الطيران في تنفيذ الضربة الوقائية وإفشال الاستعدادات العربية.

وبعد توقف الحرب، عمدت الحكومة الاسرائيلية الى التحقيق في كارثة يوم الغفران وشكلت لجنة "إغرانات" لتحديد موضع الخلل والتقصير. . وقد رأت اللجنة أن الاستخبارات العسكرية هي المسؤولة عن تقييم نوايا وقدرات القوات العربية. . وأشارت الى أربعة مسؤولين بها غير مرغوب فيهم ويفضل تسريحهم. . كان على رأسهم بالطبع إلياهو زعيرا رئيس المخابرات العسكرية.

ولذلك، نشطت أجهزة المخابرات الاسرائيلية المختلفة. . وعملت على تلافي هذا الخطأ المدمر الذي راح ضحية له آلاف الجنود والضباط، وسبب الذعر في كل أرجاء إسرائيل، وقررت ألا تترك معلومة، ولو تافهة صغيرة، إلا وحللتها وتأكدت من صحة ما جاء بها. وذلك من خلال تجنيد طابور طويل من العملاء والجواسيس في كل البلاد العربية. . يمدون إسرائيل بجسر متصل من المعلومات السرية يومياً، فتستطيع بذلك تدارك أية كوارث أخرى قبل وقوعها. وكان لا بد من القيام بعدة انتصارات هامة. . تعيد الثقة الى هذا الجهاز الذي أثبت فشله في التنبؤ بحرب أكتوبر.

وعلى هذا الأساس .. صعّدت قيادة جديدة لأجهزة المخابرات الإسرائيلية، تتعطش لإثبات جدارتها ومقدرتها، وأخذت على نفسها أمر حماية إسرائيل من الخطر الدائم المحيط بها. ورصدت ملايين الدولارات تحت تصرف هذه الأجهزة. وكان للموساد الإسرائيلي نصيب أكبر منها لتجنيد العملاء والجواسيس، وشراء ضعاف النفوس في كل مكان.

ولم تعد المخابرات الاسرائيلية تلقى بالاً للعناصر التي تعيش على هامش الحياة، بل سعت لتجنيد البارزين في المجتمع، ومن ذوي المراكز الدقيقة الهامة. إذ لم يعد عمل الجواسيس مقصوراً على الإنصات الى ثرثرات سكير في حفل كوكتيل. . أو تخاويف جاهل بالأمور يدعى المعرفة بكك شيء، وإنما أصبحت مهمة الجاسوس تتعلق الى حد بعيد بالحصول على الوثاقئق السرية وتصويرها . . وإعادتها الى مكانها الذي أخذت منه. . ومن ثم إرسال ما صوره الى مركز اتصاله.

وأيقنت المخابرات الاسرائيلية أن المعلومات المجموعة .. سواء بالوسائل البشرية أو التكتيكية، لا تكتسب قيمتها الكاملة .. إلا بعد الدراسة والتحليل والتركيب والاستقراء م نقبل خبراء أخصائيين على مستوى عال من العلم والخبرة.

وبسبب الخوف من "مفاجآت" العرب الغير سارة – أطلقت إسرائيل جواسيسها داخل البلاد العربية، يجمعون لها الأسرار العسكرية والصناعية. . وكل ما يتصل بأمور الحياة اليومية بما فيها أرقام هواتف وعناوين المسؤولين.

وهذا ليس عبثاً من جانب العدو، إنما هو عمل مخابراتي أصيل، وتخريبي يؤدي الى نتائج خطيرة فيما لو أتيح استعمال هذه المعلومات. . فعملاء إسرائيل السريين لا يتورعون عن ارتكاب أية جريمة مهما كانت حقارتها لتحقيق أهدافهم ومهامهم.

ويبدو أن المخابرات العربية قد تفهمت بحق تغير أسلوب جهاز المخابرات الاسرائيلي. . خاصة بعد تجديد دماء رؤسائه ومديري أقسامه المختلفة .. والحرص على اصطياد الخونة العرب في كل مكان .. ودفعهم الى بلادهم بعد دورات تدريبية ينشطون بها مداركهم. . ويوقظون لديهم الحاسة الأمنية .. ويزرعون بداخلهم الولاء لإسرائيل بإغراءات المال والجنس، وبالتهديد أحياناً كثيرة.
لذلك .. فقد كان على المخابرات العربية أن تنشط هي الأخرى لتواجه هذا النشاط المضاد. وكان أن أعلن مسؤول كبير في المخابرات المصرية في 10/10/1974 بأن أي مواطن مصري تورط تحت أي ظروف مع جهاز المخابرات الإسرائيلي، فإنه في حالة التبليغ عن ذلك فور وصوله الى البلاد أو لأي سفارة من سفاراة مصر. . فسوف يعفى نهائياً من أية مسؤولية جنائية. . ولا توجد له أي تهمة مهما كانت درجة تورطه.
وأضاف المسؤول: إن المخابرات المصرية تعلم الأساليب التي تتبعها المخابرات الاسرائيلية .. والظروف التي يقع تحتها المواطن مرغماً، مما يغفر له ما وقع فيه مادام قد قام بالإبلاغ خدمة لوطنه.

وفي نهاية البيان . . أعلن المسؤول الكبير نبأ القبض على جاسوسين شقيقين يقومان بالتجسس لصالح المخابرات الاسرائيلية .. وأنهما بين أيدي المحققين لاستجوابهما. . وسوف يحالان للمحكمة المختصة فور انتهاء التحقيق.

فلنفتح ملف القضية ونقرأ ما به.


دراسة الحالة


في الثاني عشر من مارس 1929 ولد "السيد محمد محمود محمد" بالاسكندرية لأسرة ثرية يعمل معظم أفرادها في "البحر". وانصرف السيد عن دراسته مبكراً ولم يحصل على الشهادة الاعدادية، فكان شغفه بالبحر أعظم من فصل المدرسة لديه.

لذا .. فقد أثمر هذا الحب لكل ما هو "بحري" عن خبير بالشؤون البحرية يشهد له الجميع بذلك. وكان عمله في ميناء الاسكندرية قد أتاح له – من خلال عائلته – الارتباط بصداقات عديدة بالعاملين بالميناء، ومعرفة أدق التفاصيل عنه.

وفي الثانية والعشرين من عمره .. أحب ابنة صديق للأسرة يعمل في الميناء أيضاً. وتزوج من "إخلاص" وعاشت معه في شقة رائعة بمنطقة سيدي جابر.

ومرت به الأعوام وهو يكبر بين أصحاب المهنة وتتسع علاقاته واتصالاته. وينجح في عمله الى مدى بعيد. فاستثمر هذا النجاح وامتلك 40% من الباخرة التجارية اللبنانية "م. باهي" وترك العمل على الشاطئ لينتقل الى عمق البحر، إذ عمل مساعداً للقبطان. . وبدأ يبتعد كثيراً عن الاسكندرية في رحلاته الى موانئ العالم. . فزداد الماماً بعلوم البحر والطقس .. وامتلأت جيوبه بالمال فاستثمره هذه المرة في الزواج من فتاة صغيرة رائعة الجمال .. كان قد التقى بها في المعمورة ورآها "غادة" حسناء تمرح على الشاطئ كأنها عروس البحر.

لقد كلفه الزواج منها مبالغ طائلة أرهقت ميزانيته. وتورط بسببها حتى اضطربت أحواله المادية أكثر بعدما احتاجت الباخرة لـ "عمرة" كاملة، كان عليه أن يدفع 40% من تكلفتها، فقد كانت بينهم وبين شركة التأمين مشاكل طائلة أدت الى تعسرهم مالياً.

وأمام أزمته الطاحنة .. اضطر السيد محمود الى "رهن" نسبة من نصيبه في الباخرة، وكان من تلك الفترة قد دخل بكل قوة الى دائرة الإفلاس التي تضيق حوله وتعتصره.

كان السيد محمود قد قارب الأربعين من عمره، وسيم أنيق المظهر، خبير بالأمور البحرية. . وأعلى خبرة بشؤون النساء وأنواع الخمور. . وكان لا ييأس إذا ما صدته امرأة أو تجاهلته فتاة جميلة. فهو يملك من وسائل اجتذابها ما يحير العقول، يساعده على ذلك لسان زلف رقيق، وعينان بريقهما عجيب كل العجب يسهل له مسعاه، وكانت علاقاته النسائية متعددة برغم زواجه من اثنتين.. ولا يكف عن إثبات ذاته أمام الفتيات الصغيرات اللاتي ينجذبن سريعاً لطلاوة حديثه وجرأته، ولقدرته الفائقة على احتوائهن.

كان أيضاً يستغل المال في شراء النساء بالهدايا القيمة التي يجلبها من الخارج كلما عاد محملاً بها. . في وقت كانت الأسواق المحلية تفتقر الى البضائع المستوردة التي تلقى إقبالاً شديداً خاصة حوائج النساء.

كل ذلك ساعد بطريقة أو بأخرى على تعدد علاقاته النسائية ومفاخرته بذلك أمام أصدقائه الذين طالما حسدوه لحظه الواسع من الجنس اللطيف.

هذه المغامرات . . خلافاً لليالي الأنس والفرفشة. . التي كان يقيمها في شقة خاصة في سبورتنج .. كانت تستنزف منه أموالاً كثيرة أيضاً، وأدت الى ابتعاده – مؤقتاً – عن هوايته في تصيد النساء .. التي أرهقت مدخراته وإن كانت قد قضت عليها بالفعل.

وأثناء توقف الباخرة للإصلاح بميناء نابولي الايطالي. . ذهب السيد محمود الى روما. . وبالمصادفة قابله هناك صديق قديم من يهود الاسكندرية اسمه فيتورا . . قال له إنه يعمل ضابطاً إدارياً في شركة السفن التجارية الايطالية.

وعلى مدار جلسات طويلة بينهما. . استعرضا مراحل حياتيهما الماضية والحاضرة. وشكا له فيتورا شوقه الشديد لزيارة الاسكندرية، فدعاه السيد محمود لزيارته هنا وهو على ثقة بأنه لن يلبي دعوته. . لكن خاب ظنه عندما فوجئ به يزوره بالاسكندرية.

وخلال هذه الزيارة الغير المتوقعة .. تكشف لفيتورا أمر صاحبه ومدى معاناته. . بسبب أزمته المادية الحرجة التي تنغص عليه حياته، وتتهدد مستقبله كله. خاصة وهو صاحب بيتين وزوجتين . . وحجم المصروفات يزداد كل يوم يمر. وصارحه السيد بمدى يأسه من صلاح حاله والسفينة قد فتحت فاها ولا تريد إغلاقه، وأنه أخيراً باع نصيبه بالديون التي تراكمت عليه وتضخمت. وطلب من صديقه اليهودي راجياً أن يبحث له عن عمل في أي مكان من العالم.

وبعد تفكير .. أخبره فيتورا أنه سيعمل على تقديمه لصديق إنجليزي يعمل صحفياً على منظمة "حلف شمال الأطلسي" ويقيم في أمستردام بهولندا. وعندما سأله السيد عن نوع العمل الذي قد يقوم به مع صديقه الصحفي، أخبره فيتورا أن مجال الصحافة ليس له حدود. لأنه يتدخل في شتى المجالات وليس قاصراً على معلومات بعينها.

ولما أكد له أن الصحافة الأجنبية تدفع كثيراً. . تهلل السيد محمود فرحاً. . وطلب بإلحاح من فيتورا أن يسعى عند صديقه الانجليزي، وأنه مستعد للتعامل معه كمراسل صحفي بالشكل الذي يرضاه.

وفي اليوم التالي ادعى فيتوار أنه اتصل بصديقه في أمستردام وعرض عليه الأمر، فوافق وطلب موافاته بعدة تقارير اقتصادية وتجارية وسياسية. . مع التركيز على ميناء الاسكندرية وكتابة بيانات شاملة عنه وعن الحركة التجارية والملاحية والتسويقية من خلاله.

فرح السيد محمود كثيراً واستغرق عدة أيام في كتابة التقارير بعدما زار الميناء الحيوي للاستعانة بصداقاته هناك في الحصول على إجابات وافرة على العديد من التساؤلات. . ثم حزم حقيبته وسافر برفقة صديقه الى أمستردام رأساً حيث نزلا بفندق "أمريكا" الفخم.

وفي الفندق. . زاره الصحفي البريطاني "ميشيل جاي طومسون" – الذي هو في الأصل ضابط مخابرات إسرائيلي – واستغرق وقتاً طويلاً في الحديث معه ومناقشته فيما جاء بتقاريره الهامة. . ووجد السيد محمود نفسه يعيش حياته السابقة من جديد حيث الخمر والنساء الجميلات.. وبخاصة كريستينا الرائعة التي قدمها له طومسون كصحفية تعمل معه. وغاب عن ليومين تاركاً كريستينا معه وتحت أمرته.



( يتبع )
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
منى الراوى
مشرف منتدي السياحة والآثار مشرف منتدي السياحة والآثار
منى الراوى


انثى
ســآعـتي :
التسجيل : 04/10/2010
المساهمات : 4915
عدد النقاط : 10549
المزاج : خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر Qatary24
المهنة : خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر Unknow10
الهوايه : خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر Unknow11
الدولة : خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر Female31
الأوسمة : خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر 3h210
التميز : خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر 1510

خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر Empty
مُساهمةموضوع: رد: خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر   خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر I_icon_minitimeالإثنين 11 أكتوبر 2010, 10:51 pm

الجاسوس المغيب العقل


كانت الفتاة اليهودية المثيرة تعلم أنه زوج لاثنتين. وزير نساء خبير بأمورهن، ولذا كان عليها أن تكون مختلفة عن كل النساء اللاتي عرفهن. فأبدعت في إثارته الى درجة الهوس. وفي حجرته بالفندق لم تسكره الخمر بقدر ما أسكره دلالها. . وجسدها الأنثوي الذي تفوح منه رائحة الرغبة. . فكانت تدعوه اليها وتتمنع، وكلما اقترب منها زادته لسعات الشوق لها، ويقسم بأنه ما ذاق من قبل طعم امرأة، ولا ذهب عقله بلا خمر إلا معها.
فتضحك العميلة المدربة في نعومة آسرة، وتخبره بأنها تعمل مع طومسون لصالح المخابرات الامريكية. . إضافة الى عملها في "حلف شمال الأطلسي" فلم يندهش العاشق الغارق بين أحضانها أو يحس بمدى الخطر الذي يحيط به. وعندما جاءه طومسون . .أبلغه تحيات فيتورا الذي سافر الى استراليا، "حيث انتهت مهمته الى هنا".
رجع السيد الى القاهرة ومعه مئات الدولارات. . والعديد من الهدايا التي حرم من حملها لفترة طويلة. وأيضاً – يحمل عدة تكليفات محددة عليه الكتابة عنها بتفصيل. وأغراه ضابط الموساد بمبلغ كبير لكل تقرير مفصل. . يحوي معلومات قيمة لا تتوافر في المادة الصحفية المنشورة في الصحف المصرية.
وما هي إلا أسابيع حتى سافر الى أمستردام مرة ثانية بحقيبته عدة تقارير غاية في الأهمية. وإحصائيات عن حركة ميناء الاسكندرية اليومية.

اندهش طومسون لغزارة المعلومات التي جلبها تلميذ الجاسوسية الجديد. واهدى اليه كريستينا لعدة أيام مكافأة له، فغيبت عقله وحركت بداخله كل إرهاصات النشوة وتياراتها المتلاحقة.
نوع آخر من النساء هي. دربها خبراء الموساد على التعامل مع المطلوب تجنيده بأساليب شتى تجعله يعشق الجنس. . ويدمنه . .. وبنعومة الحية تنسج معه قصة حب ملتهبة مفعمة بالرومانسية الخالصة ثم تمتزج بالجنس فيختلط الأمرين ويقع الضحية فريسة الرغبة الشديدة في الارتواء والتي عادة ما تنطفئ أو تخمد.
فالعميلة المدربة تملك سلاح تأججها الدائم. والقدرة على السيطرة على الضحية بسلاح الضعف وعدم إيثار اللذات. . هكذا تفعل عميلة الموساد التي تخرجت من أكاديمية الجواسيس في إسرائيل برتبة عسكرية . . وترتقي وظيفياً كلما أجادت استخدام لغة الجسد في "العمل".
فالجسد الانثوي – مادة خصبة تجتذب ضعاف النفوس . . أمثال السيد محمود . . إذ أنها أخبرته في ضعف أنها إسرائيلية تحبه وتعشقه وتعبده و.. تكرر عليه القول فلا يهتم. وتفهم من ذلك أنه سقط. . سقط لآخره في عشقها وحبائلها. . ولأنه مغيب العقل فلا مفر من استسلامه. وبعد عدة أيام – كان في طريقه الى الاسكندرية – عميلاً للموساد الاسرائيلي، فهناك أحاديث سجلت له، وأفلام فاضحة تظهر لحظات ضعفه وشذوذه مع العميلة المدربة، وهناك ما هو أهم – التقارير الخطيرة التي كتبها بخط يده.

أغمض عينيه ولم يهتم بالنداءات المستمرة التي كانت تصدر عن جهاز المخابرات المصرية. . والتي تعفي أي مصري تورط مع الموساد بشرط الإبلاغ الفوري . . وتجاهل كل تلك النداءات لظنه أن إبلاغهم بالأمر. . معناه حرمانه من آلاف الجنيهات التي يحصل عليها مقابل عدة تقارير لا يبذل في جمعها مجهوداً يذكر . . فالمعلومات متوفرة بكثافة وكل معلومة لها ثمن يحدده هو حسب أهميتها. عليه إذن أن يبحث عن كل ما هو مهم لتزداد مكافآته. ويكبر راتبه الشهري الذي حددوه له بـ 500 دولار .. مبلغ كبير بلا شك من أين له بمثله إذا امتهن أية مهنة؟
كان يكتب تقاريره التفصيلية وبضمنها كل المعلومات التي تصل إليه. . ويتوقع أرقاماً معينة ثمناً لها.. ويسرع بالسفر الى أمستردام كلما تضخمت لديه المعلومات ليجد في انتظاره كريستينا وطومسون. هي تمنحه جسدها، وتزيل عنه أعباء الخوف الذي يتملكه عندما تنشر الصحف المصرية قصة القبض على جاسوس لإسرائيل. . وطومسون يعمل على إزالة الخوف منه بتدريبه على استخدام الشيفرة في الكتابة بالحبر السري، وعلى استعمال الراديو لاستقبال التعليمات من خلاله بالشيفرة وطريقة حلها وأسلوب تنفيذها. . وتدريبه أيضاً على كيفية تمييز الأسلحة بالنظر. وكان طومسون يؤكد له بصفة مستمرة. . أن التدريب الجيد فيه تأمين له .. وحصانة ضد الخطأ الذى يوقع به و يحثه دائما على الألتجاء إلى العلم و إلى التزود بالحس الأمنى العالى لحمايه نفسه


المصير الأسود


ومع جرعة التدريب العالية التي نالها. . عاد السيد لاستئناف نشاطه بشهية مفتوحة ومحفظته متخمة بالأموال . . وحقائبه ملأى بالهدايا. . وعرف أكثر وأكثر قيمة كل معلومة يجمعها. خاصة المعلومات العسكرية.
ولما كانت مصادر معلوماته العسكرية معدومة.. فكر في تجنيد شقيقه الأصغر "أمين" المجند بالقوات المسلحة. فاستغل حاجته الى النقود فترة تجنيده. . للإنفاق على نفسه على حبيبته التي يستعد للزواج منها، ولعب على هذا الوتر، وكلما أمد شقيقه بالنقود كلما أخضعه له.
لم يكن الأمر صعباً على أمين هو الآخر، فببعض معلومات عسكرية لا قيمة لها عنده . . يمنحه السيد مقابلاً كبيراً لها .. وعندما سأله أمين ذات مرة ضاحكاً: - هه يا أخي . .هل تعمل جاسوساً؟‍!
انتفض كالملسوع واكفهر وجهه وقام على الفور وصفعه بشدة قائلاً:
إياك أن تخبر أحداً بهذا الأمر . . أنا أعطيك مبالغ طائلة مقابل معلوماتك، وكلمة واحدة وتنتهي حياتنا الى الأبد.
وانخرس أمين ولملم جرأته وانغمس مضطراً بسبب المال الى الاستمرار في إمداد شقيقه بالمعلومات.
وذات مرة .. عرض عليه السيد أن يجلب له خرائط عسكرية. . ولوحات هندسية لتصميمات بعض المواقع الهامة. وتخوف أمين في البداية، وأمام إغراءات المال استجاب أخيراً ولكنه ساومه على الثمن، وتفاصلا في المبلغ حتى اتفقا.
وعندما رأى طومسون الصور العسكرية واللوحات البالغة السرية. . احتضن الجاسوس الخائن وقال له "سأكتب حالاً بذلك الى إسرائيل وسأطلب لك مكافأة سخية" وجاء الرد من تل أبيب يفيض كرماً وسخاءً.
هذه المرة .. لم يهتم السيد كثيراً بعشيقته التي لم تأت لمقابلته، بل انحصر اهتمامه في القيمة المادية التي سيتحصل عليها ثمناً لما أمدهم به، ولم يمكث كثيراً بأوروبا إذ عاد على وجه السرعة. . حيث جاءه مولود جديد من زوجته غادة بعد محاولات فاشلة سابقة، وحيث ينتظره أخوه أمين . .الذي يجهز شقته استعداداً للزواج من حبيبته "توحة".
كانت حرب أكتوبر قد انتهت. وكثف أمين من نشاطه في تصوير المستندات العسكرية والخرائط قبل خروجه من الجيش الى الحياة المدنية. وحرمانه من المبالغ الخيالية التي يحصل عليها من شقيقه، وهذا ما أوقع بالخائن وبشقيقه في قبضة المخابرات المصرية. .

فقد حامت شكوك حوله مصادر المال الذي ينفقه أمين بشراهة، ولفت انتباه أحد زملائه اهتمامه بالحجرة التي تحوي تصميمات هندسية سرية لممرات الطائرات في المطارات الحربية. . وقواعد يجري إنشائها في عدة مواقع سرية.
ووصلت الشكوك الى القائد الذي جمع التحريات عن الجندي أمين . . فاتضح له أنه يغدق بالهدايا على زملائه. .وأقام صداقات قوية للحصول على أجازات من القوات المسلحة يقضيها في اللهو والمجون.
وبوضعه تحت المراقبة هو وشقيقه السيد، وكانت النتيجة الحتمية سقوطهما في قبضة المخابرات المصرية وهما في غفلة من الزمن لا يتصوران أن أمرهما قد ينكشف في يوم من الأيام.

هكذا فاجأ فريق من رجال المخابرات العسكرية شقة أمين. . وتم العثور على وثائق عسكرية هامة، تحوي خرائط ولوحات لمواقع استراتيجية، اعترف أمين في الحال أنه جلبها لشقيقه السيد مقابل مائة جنيه. . وبمداهمة شقة السيد وجدوه يخبئ وثائق أخرى بجيب سحري بقاع حقيبته. . فانهار لا يصدق . .وأخذ يلطم خديه ويردد: - الطمع والنسوان ضيعوني . . وأنا أستاهل.
وضبطت لديه كل أدوات التجسس . . الأحبار السرية. . جهاز الراديو .. جدول الشيفرة .. الكاميرا. . الخ.

واستمر التحقيق معهما، ابتداء من 28 مارس 1974 حتى ديسمبر 1974 حيث اعترفا خلاله بتهمة التجسس لصالح المخابرات الاسرائيلية..
وعندما نطق القاضي بالحكم، دوت صرخات عالية في القاعة من ثلاثة نساء، كن إخلاص وغادة وتوحة، واقتيد السيد محمود ليقضي 25 عاماً في أحد سجون الصحراء، وكان منظراً عجيباً في قفص المتهمين بالمحكمة، إذ أمسك أمين بتلابيب شقيقه الأكبر وغرس فيه أظافره وأنيابه وهو يصرخ:
إنت السبب يا مجرم، أنا ح اقتلك. . ح اقتلك. . ضيعت خمستاشر سنة من عمري أونطة يا . . . . . وباعدوا بينهما واقتيد كل منهما في عربة مصفحة حيث ينتظرهما مصير أسود .. لا ضوء فيه ولا شعاع. .

فالطريق غامض تحفه المخاطر والأهوال . . !!

_________________

و إلى اللقاء مع قصه أخرى من قصص الخيانه



خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر 36_3_16%5B1%5D
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
منى الراوى
مشرف منتدي السياحة والآثار مشرف منتدي السياحة والآثار
منى الراوى


انثى
ســآعـتي :
التسجيل : 04/10/2010
المساهمات : 4915
عدد النقاط : 10549
المزاج : خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر Qatary24
المهنة : خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر Unknow10
الهوايه : خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر Unknow11
الدولة : خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر Female31
الأوسمة : خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر 3h210
التميز : خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر 1510

خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر Empty
مُساهمةموضوع: رد: خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر   خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر I_icon_minitimeالإثنين 11 أكتوبر 2010, 10:55 pm

6) سمير باسيلى

الجاسوس الذى جند أباه للموساد



السر العظيم




عندما ورط ابراهيم شاهين زوجته انشراح وأولاده الثلاثة. . ودفعهم بحماس للتجسس لصالح الموساد.. لم يكن دافعه الانتقام منهم.
كذلك هبة سليم. . التي جرجرت خطيبها المقدم فاروق الفقي للخيانة العظمى.. بالرغم من علمها أنه يحبها لدرجة الجنون.. لم يكن دافعها الانتقام منه.
أما جاسوس الاسكندرية. . السيد محمود. . الذي احتال على شقيقه أمين المجند بالقوات المسلحة. . وأغرقه في أموال الموساد. . فهو أيضاً لم يكن يقصد الانتقام منه.
لكن سمير وليم فريد باسيلي. . كان يختلف كثيراً عن هؤلاء وغيرهم. . إذ دفع بوالده – عن عمد – الى وكر الجاسوسية . . للانتقام منه. . وتشفياً به. . وورطه في عمليات تجسس لحساب إسرائيل . . انتهت بمصير مهلك لكليهما.
كيف حدث ذلك. . ؟
علماء النفس تحيروا. . ووقفوا عاجزين أمام أحداث القصة المؤسفة.. وفشلوا تماماً في تحليل شخصية الابن المجرم. . كما فشلوا من قبل مع ابراهيم وانشراح .
ولأن حالة سمير باسيلي حالة فريدة من نوعها. . خضعت للعديد من التحليلات النفسية . . وضعته في النهاية في مصاف المرضى .. وصنفه "يوجان" على أنه "الدوني السيكوباتي التكوين constitutional psychopathic inferior " . . والسيكوباتي هو دائماً في حالة توتر. . لا يستفيد إلا قليلاً جداً بالخبرة أو العقاب. . ولا يدين بأي ولاء حقيقي لأي مبدأ أو جماعة.
فلنقرأ معاً تفاصيل قصة سقوط سمير باسيلي. . ولا نتعجب لتحورات النفس البشرية وتقلباتها. . فتلك قضية شائكة معقدة .. ذلك لأن النفس البشرية سر لا يعلمه إلا خالقها سبحانه وتعالى.

على مقهى برنسيس




حصل سمير على الثانوية العامة بصعوبة شديدة عام 1960 وتوقف عن إكمال دراسته بأحد المعاهد. فالأب . . كان بخيلاً شديد البخل. . شرس الطباع في معاملته لأبنائه. . لا يترك قط مساحة ضئيلة من التفاهم تقربهم منه، وكره سمير في أبيه سلوكه فأدمن الخروج من المنزل والسهر مع أصحابه. . ولم تنطفئ برغم ذلك حرائق الصدام مع والده. لذلك فكر في السفر الى ألمانيا بعدما ضاقت به الحياة وعضه الجوع.
وعندما عرض الأمر على أبيه لم يسلم من تهكمه وسخريته اللاذعة. . وذكره بالفشل الذي أصبح سمة من سمات شخصيته.. رافضاً بشدة إمداده بنفقات السفر رغم توسط بعض أفراد الأسرة.
استدان سمير من أصدقائه ووجد نفسه فجأة على مقعده بالطائرة في طريقه الى ألمانيا، يتنفس الصعداء ويلعن الفقر. . ويسب والده الذي حطم كل الآمال لديه فأشعره باحتقاره لنفسه.. ودونيته.. وبث بأعماقه شعوراً مخجلاً بالضعف والحقارة.
لقد كان يبخل عليه بأبسط بوادر الحنان والأبوة. . وحرمه الحب. . فعاش معه مزوياً بلا هدف أو كيان. وأخذ سمير يجتر ذكرياته المرة مع والده البخيل .. الذي دأب على تسميم بدنه ليل نهار بالسباب والحط من شأنه. . وتحريض أمه على طرده من المنزل كلما عاد متأخراً وحرمانه من العشاء والهدوء. . مما أثار شجن الشاب الممزق.. وكثيراً ما كان يسأل نفسه أهو ابن شرعي لهذا الرجل أم لقيط وجدوه على الرصيف.
تحركت به الطائرة على الممر.. وقبل أن ترتفع مقدمتها عن أرض المطار. . أخرج سمير منديله وبصق على معاناته وآلامه وحظه، وكأنه يبصق على كل ما يذكره بأيامه الكئيبة. وظل يسرح طوال رحلته في خيال جميل أفاق منه على صراخ عجلات الطائرة وهي تنزلق على أرض مطار ميونيخ. وشرع من فوره في محاولة تحقيق الحلم. . فاتصل بمعارفه هناك لمساعدته.. وسريعاً حصل على وظيفة معقولة بشركة سيمونز الشهيرة فعاش حياة رائعة لم يكن خياله يقوى على وصفها أو يتخيلها.
مرت الأسابيع والشهور وفتانا منهمك في عمله لا يبغي سوى جمع المال. . وبدأ رويداً رويداً في استطلاع الحياة الجديدة. . التحرر الصاخب الذي يغش المجتمع من حوله. . وساعده المال الذي ادخره على المغامرة. . فانغمس في عالم آخر بعدما ضعف أمام إغراء المدينة الساحرة.. بحر هائج من اللذات لا ينتهي مد موجه أو يخمد.. أفرغ بين ضفتيه حياته السابقة لا يكاد يفيق من نشوته وسكرته إلا ويعود أكثر شراهة وطلباً.
ضمن له مرتبه الكبير التكيف مع حياته الجديدة. . ولأنه فقد هويته – أراد أن يرسم لنفسه هوية جديدة ابتدعها هو . . وهيأت له الظروف خطوطها لخدمة أحلامه وطموحاته. وتبلورت شخصيته الجديدة على مقهى برنسيس حيث الخمر والرقص والنساء.
وذات مساء وكان الزحام على أشده جلس بجواره رجل أنيق ودار حديث بينهما وفهم سمير أن نديمه ينتظر صديقته التي جاءت تخطر كظبي رشيق نفر الجمود والوخم .. وصاح "هاتز مولار" ينادي على صديقته "جينفيف يارد" في ترحاب زائد .. وعرفها على سمير باسيلي الذي غاص في الذهول والمفاجأة.
كانت أنوثتها الطاغية تقتل، وصدرها العاري ترتج لمرآة الخلايا، وسيقانها المرمرية المثيرة تُطيّر العقل.
وعندما قامت للرقص معه .. حرقته نيران الجسد. . وألهبته أنفاسها وهي ترسل تنهداً تسلل الى عقله فأوقفه ودمر مقاومته.. وكانت يداها كالقيد تطوقان رقبته تماماً كالقيد الذي كبل به مصيره ومشواره المقبل. وعندما صحبها هانز وخرجا لم يستطع سمير صبراً.. فلاحقهما بسيل من الاتصالات التليفونية تعمدا ألا يردا عليها لبعض الوقت. . الى أن أوشك الشاب العاشق على الجنون. . فدعاه "هانز" الى شقته وجاءت "جين" كفتنة تتحرك فتتحرك معها الرغبات وتثور معلنة عن نفسها.
ترك هانز الشقة إثر مكالمة تليفونية وتمنى سمير لحظتئذ لو منحها كل غال لديه للفوز بقطرة واحدة من شهد أنوثتها.. ولكن عندما أفاضت عليه بكئوس من النشوة خارت إرادته. . وود لو لم يفق من سكرته الى الأبد.
وكانت خطة السقوط التي رسمتها الموساد أغرب من الغرابة. . فبينما كان عارياً في الفراش المستعر قالت له جين وهي تمرر المنشفة على وجهه:
أنت مصري رائع، أشعرتني بأن "للحب" مذاقات لذيذة أخرى.
أجابها في ثقة:
هذا ما تعلمته منكم.
سألته في دلال:
ألم تكن لديك صديقة في مصر؟
قطب حاجبيه وأجاب بسرعة:
لا . . لا . . الجنس في مصر يمارس بشكل متحرر في الخيال. . وفي السر فقط. والصداقة بين الجنسين لا تعرف الجنس ولكنها تضج بالكبت وتفوح منها أبخرة الرغبة.
في نعومة زائدة سألته وهي تفرك أذنه:
وماذا تقول عني أيها المصري الشقي؟
قال وهو يقبلها: أفردويت ابنة زيوس وهيرا التي ولدت من زبد الماء في بحر إيجه وهي الان بأحضاني.
ردت وهي تحتضنه في تدلل:
لا تبالغ كثيراً!!.
ضغطها بين ذراعيه متولهاً وهو يقول:
أنت أروع فتاة عرفتها. . ولن أتركك أبداً.
تنهدت في حزن:
للأسف يا سمير . . سأتركك مضطرة خلال أيام.


لن أعيش وحيداً

انتفض منزعجاً وهو يبعد وجهها عن صدره ليتأمله:
جين ؟ ماذا تقولين؟ عندما عثرت عليك امتلكت الحياة وسأموت بدونك.
عانقته وهي تقبله في حنان بالغ:
فضلت أن أصارحك الآن قبل أن أغادر ميونيخ فجأة.
تشبث بذراعيها فتألمت وقال:
سأجيء معك حتى آخر الدنيا فلا دنيا لي سواك.
مستحيل. .
تنهد في زفرة طويلة وأردف:
سأثبت لك يا جين أن لا شيء مستحيل. .
وفي نعومة الحية قالت:
أرجوك . . أنت لا تعرف شيئاً. . فلا تضغط على أعصابي أكثر من ذلك.
هزها بين أحضانه وهو يردد:
أحبك لدرجة الجنون منذ رأيتك في البرنسيس يا أجمل برنسيس في الدنيا.
أحبك أيها المصري الأسمر "قالتها وهي تداعب شعره في ابتسامة عريضة".
مرت فترة صمت قبل أن يضيف:
تركت مصر وعندما رأيتك أحسست أنك وطن آخر. . نعم أنت الآن لي وطن وأهل وحياة . . ولن أتركك ترحلين فأغترب وأحترق.
تبدلت نبرتها الى نبرة حزن وهي تقول:
أنا أيضاً أعيش معذبة بعدما مات والدي منذ سنوات. إن الوحدة تقتلني وترهقني معاناة القتامة، لذلك فأنا أموت كل ليلة من التفكير والقلق. وبي حاجة الى صديق وحبيب يؤازرني.
تساءل:
أليس هانز صديقاً؟
أجابت مفتعلة الصدق والألم:
لا .. إنه رئيسي في العمل وفي ذات الوقت ملكه. إنني مثل سلعة تافهة يروجونها مجاناً.
تجهم وجهه وقطب حاجبيه وهو يسألها:
من ؟ من هؤلاء الذين تقصدين؟
تلتصق به كالخائف الذي يلوذ بمن يحميه..
. . . . . . . . . . . . . . . . ؟
في لهجة جادة يعاود سؤالها:
أجيبيني من فضلك جين ..
تزداد جين التصاقاً به ويرتعش جسدها بين يديه وتهمس بصوت متهدج:
لا أستطيع . . لا أستطيع . . مستحيل أن تثق بي بعد ذلك.
في إلحاح مشوب بالعطف:
أرجوك جين .. أنا أحبك ولن أتركك أبداً. . من هؤلاء الذين تعملين معهم؟
ركزت نظراتها على عينيه موحية له بالأسف:
الموساد ..
موساد ؟ !!
ردد الاسم ويبدو أنه لم يفهم. . إذ اعتقد أنهم جماعة من جماعات الهيبز التي كانت قد بدأت تنتشر في أوروبا وتطوف بالميادين هناك والشوارع.
نعم الموساد .. ألا تعرف الموساد؟
نظرت في عينيه بعمق تستقرئ ما طرأ على فكره .. وقالت له:
إنها المخابرات الاسرائيلية. و أكملت
ولما رأت جين أن حرارة تجاوبه لم تفتر.. تعمدت ألا تحاول استقراء أفكاره، وهيأت رائعات اللذائذ، وأسبغت عليه أوصاف الفحولة والرجولة فأنسته اسمه ووطنه الذي هجره.. والذي خط بالقلم أول مواثيق خيانته.
وبعد أن هدأت ثورة التدفق قالت له بخبث:
هل ستتركني أرحل؟ بيدك أن أظل بجانبك أو أعود الى تل أبيب. أجاب كالمنوم:
بيدي أنا.. ؟ كيف ؟ لا أفهم شيئاً..
عانقته في ود مصطنع وبكت في براعة وهي تقول:
لقد كلفوني بالتعرف على الشباب العربي الوافد الى ميونيخ، خاصة المصريين منهم وكتابة تقارير عما أعرفه من خلال حوارنا في السياسة والاقتصاد .. لكنني فشلت فشلاً ذريعاً بسبب اللغة. فالمصري أولاً ضعيف في الانكليزية ، وهم أمهلوني لمدة قصيرة وعلى ذلك لا مكان لي هنا.
وكان الأمر ثانوياً بالنسبة له:
ماذا بيدي لأقدمه لك؟
بتوسل شديد يغمسه الحنان قالت:
تترجم لي بعض التقارير الاقتصادية من الصحف المصرية والعربية وليس هذا بأمر صعب عليك.
أفاق قليلاً وقال:
وهل المخابرات الاسرائيلية تجهل ما بصحفنا لكي أقوم بالترجمة لها؟
أجابت في رقة:
يا حبيبي أريد فقط أن أؤكد لهم أنني ألتقي بمصريين وأقوم بعملي معهم.. ولا يهمني إن كانوا يترجمون صحفكم أو لا يترجمونها. أريد أن أظل بجانبك هنا في ميونيخ. .
وطال الحوال بينهما وعندما خافت جين من الفشل في تجنيده.. أجهشت بالبكاء وهي تردد:
لا حظ لي في الحب. . ويبدو أن صقيع الحياة سيظل يلازمني الى الأبد.
أخذتها نوبة بكاء هستيرية وهي تنعي حظها في الحب وافتقادها للدفء والحبيب. . فما كان منه إلا أنه جذبها الى صدره بقوة وهو يقول:
مهما كنت . . لن أتركك ترحلين.
وأمام رغبته الجامحة وخدعة المشاعر. . أسلم مصيره لها تفعل به ما تشاء. . فجاءته بأوراق وكتب بخطه سيرة حياته. . ومعلومات عن معارفه وأقاربه ووظائفهم وعناوينهم في مصر. وطلبت منه بتدلل أن يمدها بأخبار مصر من خلال المصريين الوافدين الى ميونيخ. فلم يعترض بل كان شرطه الوحيد أن تظل بجانبه.
هكذا سقط سمير في براثن الموساد. وبعد أن غرق لأذنيه في مهامه التجسسية واستسهل المال الحرام. . تركته جين لتبحث عن غيره. . وانشغل هو باصطياد المصريين والتقاط الأخبار. . وقبع في مطار ميونيخ ينتظر الطائرات القادمة من مصر عارضاً خدماته على الوافدين للمرة الأولى.. الذين يسعدون بوجود مصري مثلهم يرافقهم الى حيث جاءوا . . ويقوم بتسهيل أعمالهم في المدينة.
أشهر قليلة . . واستطاع أن يقيم شبكة واسعة من العلاقات. . خاصة مع بعض موظفي مصر للطيران وبعض المضيفين والمضيفات. . ويعود الى مسكنه في المساء ليكتب تقريره اليومي المفصل . . الذي يتسلمه منه مندوب من الموساد كل صباح. . ويقبض آلاف الماركات مكافأة له.


( يتبع )
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
منى الراوى
مشرف منتدي السياحة والآثار مشرف منتدي السياحة والآثار
منى الراوى


انثى
ســآعـتي :
التسجيل : 04/10/2010
المساهمات : 4915
عدد النقاط : 10549
المزاج : خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر Qatary24
المهنة : خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر Unknow10
الهوايه : خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر Unknow11
الدولة : خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر Female31
الأوسمة : خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر 3h210
التميز : خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر 1510

خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر Empty
مُساهمةموضوع: رد: خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر   خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر I_icon_minitimeالإثنين 11 أكتوبر 2010, 10:56 pm

الطماع والمغامر


وبعد أن استقرت أموره المالية كثيراً عرف أبوه طريقه.. فزاره في ميونيخ عدة مرات زاعماً أن المشاكل الاقتصادية في مصر تضخمت. . وأنه يطلب مساعدته في الإنفاق على أسرته.
كان سمير يتلذذ كثيراً بتوسلات والده. بل يرسل في طلبه خصيصاً ليستمع الى كلمات الرجاء تتردد على لسانه. . وليرى نظرات التودد تملأ وجهه. وتضخم الإحساس بالشماتة عند الابن تجاه أبيه حتى وصل الى درجة الانتقام.. وكان الانتقام بشعاً ويفوق كثيراً حجم الترسبات التي قبعت برأس الابن تجاه أبيه.
لقد دبر سمير كميناً محكماً لأبيه أوقعه في شراكه عندما صحبه الى مكتب هانز مولار ضابط المخابرات الإسرائيلية في ميونيخ. . والذي يبدو في ظاهره مكتباً للمقاولات.
ولأن وليم فريد باسيلي يعشق النقود .. أوضح له هانز أنه سبب الرفاهية التي يعيش فيها ابنه سمير. وأنه على استعداد أيضاً لبدء علاقة عمل بينهما وتأسيس شركة تجارية كبرى في القاهرة تدر عليهما ربحاً وفيراً. .
عندها . تخيل وليم شركته الجديدة والأموال التي ستغدق عليه. . تخيل أيضاً مقعده الوثير ومكتبه الفخم وسكرتيرته الجميلة وسيارته الحديثة.. وسافر بخياله يجوب شوارع القاهرة يختار موقع المكتب. فأيقظه هانز قائلاً إنه بحاجة الى معلومات اقتصادية عن السوق المصرية. . يستطيع من خلالها أن يحدد خطوطاً عريضة لنشاط الشركة. ولبى وليم الدعوة وجلس عدة ساعات يكتب تقريراً مفصلاً عن احتياجات السوق، وأحوال الاقتصاد في مصر.
دهش هانز لدقة المعلومات التي سردها وليم ومنحه فوراً 1000 مارك، ووعده بمبلغ أكبر مقابل كل تقرير يرسله من القاهرة.
نشط الجاسوس الجديد في كتابة التقارير وإرسالها الى ألمانيا وفي الزيارة التالية لميونيخ فوجئ وليم بثورة هانز بسبب سطحية تقاريره المرسلة اليه. وقال له إن المكتب الرئيسي على استعداد لدفع خمسة آلاف مارك للتقارير المهمة وأنه على استعداد لتدريبه على كيفية جمع المعلومات وكتابتها بعد تصنيفها. وعندما سأله وليم عن المكتب الرئيسي أجابه بأنه في تل أبيب، وهو مكتب مختص بالشؤون الاقتصادية في دول العالم الثالث.
ارتبك وليم فناوله هانز خمسة آلاف مارك في مظروف مغلق قائلاً إنه هدية من إسرائيل من أجل التعاون المخلص. أما التقارير فلها مقابل أيضاً. . وتسلم وليم خمسة آلاف أخرى فانكمش في مقعهده بعدما أدرك حقيقة موقفه ووضعه.
طمأنه هانز بأن علاقتهما لن تكشفها المخابرات المصرية، لأن هذه التقارير ليست مادة سرية فهي موجودة في الصحف القاهرية. وشيئاً فشيئاً. . تطورت العلاقة بين هانز ووليم الى علاقة بين ضابط مخابرات وجاسوس خائن، تحددت بدورات تدريبية خاضها الأب على يد ضباط فنيين، وانتفخت جيوبه بآلاف من الماركات بعدما كثرت تقاريره التي كان يجيد كتابتها بعد تحليلها. . وتعمده مصادقة ضباط القوات المسلحة والعسكريين المسرحين من المحيطين به.
(1) وفي كل زيارة لميونيخ كان هانز يحذره من قراءة قضايا التجسس في الصحف المصرية حتى لا يرتبك ويقع في قبضة المخابرات المصرية التي لا ترحم الخونة. وطمأنه على أسلوب عملهم الذي لا تستطيع المخابرات العربية كشفه. وحتى وإن حدث. . فهم سيتولون رعاية أبنائه والإنفاق عليهم من بعده "وقد ثبت بما لا يدع مجالاً للشك أن إسرائيل تتنصل من الخونة بعد سقوطهم وأنها تأخذ فقط وتمنح قبل السقوط .
أما الابن سمير . . فقد اتسعت دائرة نشاطه في التعرف على المصريين الوافدين وتصيد الأخبار منهم من خلال الدردشة العادية.. وهؤلاء الذين فشلوا في الحصول على عمل. . وشرع بالفعل في تجنيد ثلاثة من المصريين. استطاعوا الرجوع الى مصر وأخبروا جهاز المخابرات المصرية بتصرفات سمير .. ودوره في محاولات الإيقاع بهم لصالح المخابرات الإسرائيلية.. بواسطة فتيات جميلات يجدن استعمال لغة الجسد.
لقد جاءت البلاغات الثلاثة في فترة قصيرة ومن أشخاص لا يعرفون بعضهم، وكانت خطة المخابرات المصرية لاصطياد سمير وابيه محسوبة بدقة بالغة . . وإحكام


الحكم العادل


كان وليم قد افتتح مكتباً كبيراً للمقاولات في القاهرة استطاع من خلاله أن يمارس عمله في التجسس . . وجعل منه مقراً للقاءاته بالأشخاص الذين يستمد منهم معلوماته.. خاصة من العسكريين الذين أنهوا خدمتهم . حيث إنهم في الغالب يتفاخرون دائماً بدورهم وبعملهم السابق بصراحة مطلقة. . أمام الأشخاص الذين يبدون انبهاراً بما يقولونه ويسردونه من أسرار عسكرية وتفاصيل دقيقة.
وفي أحد الأيام . . فوجئ وليم برجل ثري عائد من الخليج.. يريد الاستفسار عن إمكانية فتح مشاريع استثمارية وعمرانية كبيرة.
كان الرجل قد أمضى في الخليج سنوات طويلة ويجهل حاجة السوق المصرية للمشروعات. . وتباهى وليم في سرد خبراته مستعيناً بإحصائيات تؤكد صدق حديثه.. واستطاع إقناع المصري الثري بقدرته على اكتشاف حاجات السوق وإدارة المشاريع. وبدا أن الرجل قد استشعر ذلك بالفعل إلا أن حجم ثروته ورغبته في عمل مشاريع عملاقة. . استدعى من وليم الاستعانة بخبرة سمير فكتب له يطلب مجيئه وألح عليه في ذلك. . وجاءه الرد من ابنه يخبره بميعاد قدومه.
وما هي إلا أيام حتى جاء الابن الى القاهرة.. بصحبته شاب ألماني وصديقته أرادا التعرف على الآثار الفرعونية . . فصحبهما سمير الى الأقصر حيث نزلوا بفندق سافوي الشهير على النيل .. ثم مكثوا يومين في أسوان وعادوا الى القاهرة.
كان سمير طوال رحلته مع صديقيه يقوم باستعمال كاميرا حديثة ذات عدسة زووم في تصوير المصانع والمنشآت العسكرية طوال رحلة الذهاب والعودة. . وفي محطة باب الحديد حيث الزحام وامتزاج البشر من جميع الجنسيات . . وقف سمير امام كشك الصحف واشترى عدة جرائد. وبعدما هموا بالانصراف. . استوقفه شاب انيق يرتدي نظارة سوداء برفقته أربعة آخرين وطلب منه أن يسير بجانبه في هدوء.
ارتسمت على وجه سمير علامات الرعب .. وحاول أن يغلفها ببعض علامات الدهشة والاستفهام لكنه كان بالفعل يرتجف.
اعتذر الرجل الأنيق للضيف الألماني وصديقته. . وودعهما سمير بلطف ومشى باتجاه البوابة الى ميدان رمسيس يجر ساقيه جراً محاولاً أن يتماسك. . لكن هيهات فالموقف صعب وعسير.
وعندما دلف الى داخل السيارة سأله الرجل الأنيق ذو النظارة:
أتريد أن تعرف الى أين تذهب؟
أجاب بصوت مخنوق:
أعرف !!
وعندما فكر في مصيره المحتوم . . أجهش بالبكاء. . ثم أغمى عليه بعدما تملكه الرعب وأصابه الهلع. . وحملوه منهاراً الى مبنى المخابرات العامة ليجد والده هناك. . نظراته أكثر هلعاً وصراخه لا يتوقف وهو يردد:
سمير هو السبب !!
واكتشف وليم أن الثري القادم من الخليج ما هو الا ضابط مخابرات . . واكتشف أيضاً أن تقاريره التي كان يرسلها الى الخارج تملأ ملفاً كبيراً.
ولم يستغرق الأمر كثيراً. فالأدلة دامغة والاعتراف صريح. وكان الحكم في مايو 1971 عادلاً لكليهما. الإعدام للإبن و15 عاماً أشغال شاقة للأب. . وعار أبدي للأسرة حتى الجيل المائة .. وكانت النهاية الطبيعية لكل خائن باع النفس والوطن.


و إلى اللقاء مع قصة أخرى من قصص الخيانه

خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر 36_3_16%5B1%5D
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
منى الراوى
مشرف منتدي السياحة والآثار مشرف منتدي السياحة والآثار
منى الراوى


انثى
ســآعـتي :
التسجيل : 04/10/2010
المساهمات : 4915
عدد النقاط : 10549
المزاج : خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر Qatary24
المهنة : خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر Unknow10
الهوايه : خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر Unknow11
الدولة : خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر Female31
الأوسمة : خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر 3h210
التميز : خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر 1510

خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر Empty
مُساهمةموضوع: رد: خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر   خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر I_icon_minitimeالإثنين 11 أكتوبر 2010, 11:01 pm

7) محمد إبراهيم كامل

الشهير بماريو

الجاسوس الذى سقط على يد فتاه مصريه


سؤال محير مازلنا نبحث عن إجابته .. وننقب بين الصفحات لعلنا نعثر على تعليل منطقي يحل هذا اللغز الشائك .. لماذا الاسكندرية؟
عشرات من الجواسيس الخونة أنجبتهم المدينة الجميلة فعاشوا تحت سمائها واستنشقوا نسائمها وتمددوا على شواطئها الباسمة وبذرت بداخلهم فجأة بذور الخيانة . . فمدت جذورها تقتلع الحب الخصيب وتغتال خلايا الانتماء؟؟..


لماذا الأسكندريه ..؟!!

لماذا عشرات من الخونه الجواسيس من الأسكندرية فالاسكندرية تختلف كثيراً عن كل مدن مصر . . وتتميز عنها بتنوع مصادر الرزق ووفرتها. . سواء أكانت مشروعات إنمائية وصناعية مصرية .. أو شركات أجنبية متعددة كلها خلقت مهناً جديدة فتحت مجالات أوسع للأسترزاق والتعيش. ولا يمكننا بأي حال أن نقارن بينها وبين مدينة العريش مثلاً. . التي برغم احتلالها عام 1967 ومعاناة أهلها من جراء تحكم المحتل وتضييق منابع الرزق .. إلا أن جواسيسها الذين عملوا لصالح العدو – اضطروا – بسبب الضغوط المادية والمعنوية الى السقوط . . تدفعهم مشاكل لا قبل لهم بها.
هؤلاء الجواسيس يقل عددهم كثيراً عن جواسيس الإسكندرية. . بل إن جواسيس العريش لم ينفذ حكم الإعدام إلا في قلة منهم أشهرهم على الإطلاق إبراهيم شاهين زوج انشراح موسى . . بينما نجد ملفات الجاسوسية في الإسكندرية تحف بعشرات القضايا التي انتهت غالبيتها بإعدام الخونة .. فتتفوق بذلك عن سائر مدن مصر بما فيها القاهرة. وهذا أمر يدعونا للبحث عن جذور الجاسوسية في الإسكندرية . . وعمقها داخل البنية الاجتماعية التي اختلت بعد النكسة عام 1967.. وأيضاً نتيجة لعدم مواكبة ركب حضارة أشرقت علاماته.. ودوت بيارقة لتهرب أحاجي التخلف وأسانيده.
و هذه قصة عن جاسوس الاسكندرية "ماريو" أو "محمد إبراهيم فهمي كامل" الذي يعد من أشهر عملاء إسرائيل في مصر الذين يتم تجنيدهم بسهولة يكاد العقل لا يستوعبها أو يصدقها. وأيضاً كانت قصة سقوطه في قبضة مخابراتنا أكثر سهولة .. أما نهايته البشعة فلم يكن ليصدقها هو أو يتخيل خطوطها السوداء. .


جذور متآكلة

منذ تفتحت عيناه على ضجيج الحياة في حي محرم بك المزدحم ذاب عشقاً في جرس الترام . . الذي كلما ملأ أذنية خرج الى الشرفة يبتسم في انبهار وحيرة .. فنشأت بينه – منذ طفولته – وبين الترام قصة غرام دفعته للهرب من مدرسته . . والسعي وراءه راكباً لجميع خطوطه المختلفة ومحطاته.
ولم يدم هذا الحب كثيراً إذ اندفع فجأة نحو السيارات فالتصق حباً بها . . والتحم عقله وقلبه الصغير بموتور السيارة مستغرقاً وقته كله.. حتى أخفق في دراسته الابتدائية. . وأسرعت به خطاه الى أول ورشة لميكانيكا السيارات يمتلكها إيطالي يدعى الخواجة "روبرتو" الذي اكتشف هذا الحب الجارف بين الولد والموتور فعلمه كيف يتفاعل معه؟! ويفهمه ويستوعبه. ولم تكد تمضي عدة أشهر فقط إلا وكان محمد أشهر صبي ميكانيكي في ورشة الخواجة روبرتو.
كانت السيارات تقف موازية للرصيف بجوار الورشة بأعداد كبيرة. . تنتظر أنامل محمد الذهبية وهي تداعب الآلة المعدنية الصماء. . وتمر بين أجزائها في تناغم عجيب فتعمل بكفاءة ويتحسن صوت "نبض" الموتور .. ويزداد الصبي شهرة كل يوم. ورغم محاولات البعض استدراجه واستثمار خبرته وشهرته في عمل ورشة "مناصفة" بعيداً عن روبرتو، أجبروا على أن يتعاملوا معه كرجل لا كصبي في الخامسة عشرة من عمره. وكثيراً ما كان ينزعج عندما كان يخرج الى الكورنيش مع أقرانه بسبب توقف السيارات ودعوة أصحابها له ليركب حتى منزله، فكبرت لدى الصبي روح الرجولة وارتسمت خطوطها المبكرة حيث كان مبعثها حبه الشديد للعمل والجدية والتفكير الطويل.
وبعد عدة سنوات كانت الأحوال والصور قد تغيرت.
صار الصبي شاباً يافعاً خبيراً بميكانيكا السيارات. تعلم اللغة الإيطالية من خلال الخواجة روبرتو والإيطاليين المترددين على الورشة وأصبح يجيد التعبير بها كأهلها.. فأطلق عليه اسم "ماريو".
وعندما لسعته نظرات الإعجاب من "وجيدة".. دق قلبه بعنف وانتبه لموعد مرورها أمام الورشة حين عودتها من المدرسة. فواعدها والتقى بها ولم يطل به الأمر كثيراً. . إذ تقدم لأسرتها وتزوجها بعدما اقنعتهم رجولته وسمعته الحميدة وشقته الجميلة في محرم بك.
ثمانية أعوام من زواجه وكانت النقود التي يكسبها تستثمر في ورشة جديدة أقامها بمفرده. ومنذ استقل في عمله أخذ منه العمل معظم وقته وفكره حتى تعرف على فتاة قاهرية كانت تصطاف مع أهلها بالإسكندرية وأقنعها بالزواج.. ولأنها كانت ابنة أسرة ثرية فقد اشترى لها شقة في الدقي بالقاهرة وأثثها.. وأقام مع عروسه "تغريد" لبعض الوقت ثم عاد الى الاسكندرية مستغرقاً في عمله متنقلاً ما بين وجيدة وتغريد ينفق هنا وهناك. وعندما توقف ذات يوم على الطريق الصحراوي بالقرب من الرست هاوس بجوار سيارة معطلة. . أعجبته صاحبة السيارة ودار بينهما حوار قصير. . على أثره ركبت معه السيارة الرائعة الى القاهرة .. وفي الطريق عرف أنها راقصة مشهورة في شارع الهرم .. سهر معها في الكباريهات وتنقل معها هنا وهناك. . ثم جرجرته معها الى شقتها. .واعترف ماريو أن هذه الراقصة كانت أول من دفعه والخطوة الأولى نحو حبل المشنقة. . ويقول في اعترافاته التفصيلية.


الجسد ينادي

في تلك الليلة شربت كثيراً وكلما رأيت جسد الراقصة المثير يرتعش أمام الزبائن ترتعش في جسدي خلجات الرغبة، وبعدما انتهت من فقراتها الراقصة في أربعة كباريهات . . عدنا الى شقتها في المهندسين وبدلاً من أن أنام أو أذهب لشقتي حيث تنتظرني تغريد . . وجدتني أطوق خصرها بشدة وأطلب منها أن ترقص لي وحدي، فأبدلت ملابسها وعادت لي بلباس الرقص الشفاف الذي سلب عقلي وأفقدني الصواب.
وذهبت الى تغريد التي وجدتها تشتاق الى جيوبي قبلما تشتاق الي .. فافتعلت مشاجرة معها وعدت ثانية الى الراقصة التي استقبلتني فرحة .. ومنذ ذلك اليوم وأنا لا أكاد أفارقها أو أبتعد عنها لأواصل عملي في الورشة.
لقد استعنت ببعض الصبية الذين دربتهم على القيام بالعمل بدلاً مني .. فكنت أتغيب لعدة أيام في القاهرة وأعود لأجمع ما ينتظرني من مال لديهم . . وسرعان ما أرجع لأنفقه على الداعرات والراقصات . . ونساء يبعن بناتهن ورجال يبيعون لحم زوجاتهم من أجل جنيهات قليلة.
ولأن للفلوس مفعول السحر فقد كنت أعامل كملك . . لأنني أصرف ببذخ على من يحطن بي من فتيات ونساء أشبعنني تدللاً . . وصورنني كأنني الرجل الأول لديهن، فأطلقت يدي ومددتها الى مدخراتي في البنك شيئاً فشيئاً حتى أصبح رصيدي صفراً وتحولت الورشة الى خرابة بعدما سرق الصبيان أدواتها وهرب منها الزبائن.
حاولت أن أثوب الى رشدي وكان الوقت قد فات، وخسرت سمعتي بعدما خسرت نفسي. . وأصبحت مصاريف وجيدة وتغريد تمثل عبئاً قاسياً على نفسي وأنا الذي لم يعضني الجوع أو تثقلني الحاجة من قبل . . فتألمت لحالي وقررت أن أخطو خطوة سريعة الى الأمام وإلا . . فالمستقبل المجهول ينتظرني والفقر يسعى ورائي بشراسة ولا أستطيع مجابهته.



تشاو .. تشاو .. تشاو ..



استخرجت جواز سفر وحصلت على عناوين لبعض زبائني القدامى في إيطاليا وركبت السفينة الإيطالية "ماركو" الى نابولي. . وبعدما رأيت أضواء الميناء تتلألأ على صفحة المياه صحت بأعلى صوتي تشاو .. تشاو نابولي.
وفي بنسيون قديم حقير وقفت أمام صاحبه العجوز أسأله هل زرت مصر من قبل؟ فقال الرجل لا . . ضحكت وقلت له أنني رأيتك في الاسكندرية منذ سنوات فجاءتني زوجته تسبقها حمم من الشتائم قائلة:
ماذا تريد أيها المصري من زوجي؟ أتظن أنك فهلوي؟ انتبه لنفسك وإلا . . ففي نابولي يقولون: إذا كان المصري يسرق الكحل من العين .. فنحن نسرق اللبن من فنجان الشاي. وكان استقبالاً سيئاً في اول أيامي في إيطاليا.
في اليوم التالي حاولت أن أتعرف على السوق وبالأخص أماكن بيع قطع الغيار المستعملة . . ولكن صديقاً إيطالياً توصلت إليه أخبرني أن في "ميلانو" أكبر أسواق إيطاليا للسيارات القديمة والمستعملة . . وثمنها يعادل نصف الثمن في نابولي. فاتجهت شمالاً الى روما وقطعت مئات الكيلو مترات بالقطار السريع حتى ميلانو .. وبالفعل كانت الأسعار هناك أقل من نصفها في نابولي.. والتقيت في ميلانو بأحد زبائني القدامى الذي سهل لي مهمتي. . ولفت انتباهي الى أماكن بيع منتجات خان الخليلي في ميلانو بأسعار عالية.
ابتعت طلباتي من قطع غيار سيارات الفيات 125 غير المتوافرة في السوق المصرية وعدت الى الاسكندرية وخرجت من الجمرك بما معي من بضائع بواسطة زبائني الذين يعملون في الدائرة الجمركية .. وقمت ببيع قطع الغيار بأضعاف ثمنها وذهبت الى خان الخليلي واشتريت بعضاً من بضائعه وسافرت مرة ثانية الى إيطاليا. . واعتدت أن أنزل ببنسيون "بياتريتشي" في روما ثم أتجه الى ميلانو لعدة أيام .. أنجز خلالها مهمتي وأعود ثانية الى روما ونابولي ثم الى الاسكندرية.
اعتدت السفر كثيراً وبدأت الأموال تتدفق بين أصابعي من جديد .. واتسعت علاقاتي بإيطاليين جدد بالإضافة للأصدقاء القدامى الذين يكنون لي كل الود.
وفي ذات مرة وبينما كنت في خان الخليلي أنتقي بعض المعروضات التي أوصاني صديق إيطالي بشرائها. . سألتني فتاة تبيع في محل صغير عما أريده .. وساعدتني في شراء بضائع جيدة بسعر رخيص وتكررت مرات الذهاب للشراء بواسطتها ولما عرفت أنني أسافر الى إيطاليا بصفة مستمرة عرضت علي أن تسافر معي ذات مرة. . لتشتري سيارة فيات مستعملة لتشغيلها تاكسياً في القاهرة. واطمأنت "زينب" وهذا هو اسمها – عندما أخبرتها أنني أعمل ميكانيكياً وأقوم بالإتجار في قطع الغيار. وتركتها لتجمع المبلغ المطلوب ثم أرسل لها من إيطاليا لأنتظرها هناك.
أراد أصدقائي الإيطاليين أن أظل بينهم وأمارس عملاً ثابتاً أحصل بمقتضاه على إقامة في إيطاليا. وقد كان. . إذ سرعان ما وجدوا لي عملاً في شركة. "راواتيكس". عندما حصلت على تصريح عمل وإقامة .. لم تتوقف رحلاتي الى الاسكندرية . . فالمكسب كان يشجع على السفر بصفة مستمرة لكي أعرف احتياجات سوق قطع غيار السيارات في مصر . . والذي كان يمتصها بسرعة فائقة.
وفي إحدى هذه السفريات وبينما كنت في مطار روما تقابلت بالصدفة مع صديق إيطالي قديم – يهودي – كانت بيننا "عشرة" طويلة واسمه "ليون لابي" فتبادلنا العناوين، وبعد عدة أيام جاءتني مكالمة تليفونية منه وتواعدنا للقاء في مطعم مشهور في ميلانو.
أشفق "لابي" كثيراً على حالي بعدما شرحت له ظروفي وتعثراتي المالية وزواجي من امرأتين ..
وسألته أن يتدبر صفقة تجارية كبيرة أجني من ورائها أموالاً طائلة . . فضحك "لابي" وقبل أن يقوم لينصرف ضربني على ظهر يدي وقال لي:
"لا تقلق ماريو . . غداً سأجد لك حلاً، لا تقلق أبداً".
[/size]



القتيــــــــــــل المصيدة


في اليوم التالي وفي الثامنة مساء
وقفت مرتبكاً للحظات أمام الباب المغلق. . ثم نزلت عدة درجات من السلم وأخرجت علبة سجائري وأشعلت سيجارة . . وعندئذ سمعت وقع خطوات نسائية بمدخل السلم فانتظرت متردداً. . وعندما رأيت الفتاة القادمة كدت أسقط على الأرض.
كانت هي بنفسها الفتاة التي واقعتها في شقة "لابي" لكن ابتسامتها حين رأتني مسحت عني مظاهر القلق وهي تقول:
بونجورنو
فرددت تحيتها بينما كانت تسحبني لأصعد درجات السلم ولا زالت ابتسامتها تغطي وجهها وقالت في دلال الأنثى المحبب:
أنا لم أخبر سنيور لابي بما حدث منك ..
قلت في ثقة الرجل:
لماذا؟ ألم تهدديني بالانتحار من النافذة؟
بهمس كأنه النسيم يشدو:
أيها الفرعوني الشرس أذهلتني جرأتك ولم تترك لي عقلاً لأفكر .. حتى أنني كنت أحلم بعدها بـ "أونالترا فولتا"، لكنك هربت!!
قلت لها:
ياليتني فهمت ذلك.
وانفتح الباب وهي تقول:
هل ترفض دعوتي على فنجان من القهوة الايطالية؟
ووجدت نفسي في صالة القنصلية الاسرائيلية والفتاة لا زالت تسحبني وتفتح باب حجرة داخلية لأجد "لابي" فجأة أمامي. قام ليستقبلني بعاصفة من الهتاف:
ميو أميتشو . . ماريو . . أهلاً بك في مكتبك.
وهللت الفتاة قائلة:
تصور . . تصور سنيور لابي أنه لم يسألني عن اسمي؟
قهقه لابي واهتز كرشه المترهل وهو يقول بصوت جهوري:
شكرية . .شكرية بالمصري سنيور ماريو تعني: جراتسيللا.
واستمر في قهقهته العالية وصرخت الفتاة باندهاش:
أيكون لاسمي معنى بالعربية؟ اشرحه لي من فضلك سنيور ماريو.
وكانت تضحك في رقة وهي تردد:
شوك . . ريا . . شوك . . ريا . جراتسيللا شوك .. ريا.
ولم يتركني لابي أقف هكذا مندهشاً فقال للفتاة:
أسرعي بفنجانين من الـ "كافي" أيتها الكافيتييرا جراتسيللا.
واستعرض لابي في الحديث عن ذكرياته بالاسكندرية قبل أن يغادرها الى روما في منتصف الخمسينيات. . وأفاض في مدح جمالها وشوارعها ومنتزهاتها. . ثم تهدج صوته شجناً وهو يتذكر مراتع صباه وطال حديثنا وامتد لأكثر من ساعتين بينما كانت سكرتيرته الساحرة جراتسيللا لا تكف عن المزاح معي وهي تردد:
شوك . . ريا .. سنيوريتا شوك . . ريا . .
وعندما سألتني أين أقيم فذكرت لها اسم الفندق الذي أنزل به. . فقالت وكأنها لا تسكن ميلانو:
لم أسمع عن هذا الفندق من قبل.
رد لابي قائلاً:
إنه فندق قديم غير معروف في الحي التاسع "الشعبي".
قالت في تأفف:
أوه . . كيف تقيم في فندق كهذا؟
قال لابي موجهاً كلامه اليها:
خذيه الى فندق "ريتزو" وانتظراني هناك بعد ساعتين من الان.
وربت لابي على كتفي في ود وهو يؤكد لي أنه يحتاجني لأمر هام جداً لن أندم عليه وسأربح من ورائه الكثير.


ليوباردو . . ماريو


وركبت السيارة الى جوار جراتسيللا فانطلقت تغني أغنية "بالوردو بيلفا" أي "أيها الوحش الضاري" وفجأة توقفت عن الغناء وسألتني:
هل تكسب كثيراً من تجارتك يا ماريو؟
قلت لها:
بالطبع أكسب . . وإلا . . ما كنت أعدت الكرة بعد ذلك مرات كثيرة. .
كم تكسب شهرياً على وجه التقريب؟
حوالي ستمائة دولار.
قالت في صوت مشوب بالحسرة:
وهل هذا المبلغ يكفي لأن تعيش؟ إن لابي يشفق لحالك كثيراً سنيور ماريو.
سنيور لابي صديقي منذ سنوات طويلة .. وأنا أقدر له ذلك.
إنه دائماً يحدثني عن الإسكندرية .. له هناك تراث ضخم من الذكريات . .!!
وفي فندق ريتز .. صعدنا الى الطابق الثاني حيث حجزت لي جراتسيللا جناحاً رائعاً وبينما أرتب بعض أوراقي فوجئت بها تقف أمامي في دلال وبإصبعها تشير لي قائلة:
"أونالترا فولتا" أيها المصري وهذه المرة "للإيطاليا نيتا" . . "محبة الوطن الإيطالي".
وغرست أظافرها بجسدي بينما كنت أرتشف عبير أنوثتها وأتذوق طعمها الساحر وكانت لا تكف عن الهتاف:
ليوباردو . .ليوباردو .. ماريو إيجتسيانو .
وعندما جاء لابي كان من الواضح أننا كنا في معركة شعواء انتهينا منها تواً.. أخرج من جيبه مظروفاً به خمسمائة دولار وقال لي إنه سيمر علي صباح الغد. .
وأوصاني أن أنام مبكراً لكي أكون نقي الذهن. وانصرفا بينما تملكتني الأفكار حيرى. . ، ترى ماذا يريد مني؟ وما دخلي انا فيما يريده لابي؟؟
وفي العاشرة والنصف صباحاً جاء ومعه شخص آخر يتحدث العربية كأهلها اسمه "ابراهيم" . . قال عنه لابي إنه خبير إسرائيلي يعمل في شعبة مكافحة الشيوعية في البلاد العربية.
رحب ابراهيم بماريو وقال له بلغة جادة مفعمة بالثقة:
إسرائيل لا تريد منك شيئاً قد يضرك . .فنحن نحارب الشيوعية ولسنا نريدك أن تخون وطنك. . مطلقاً. . نحن لا نفكر في هذ الأمر البتة. وكل المطلوب منك.. أن تمدنا بمعلومات قد تفيدنا عن نشاط الشيوعيين في مصر وانتشار الشيوعية وخطرها على المنطقة.
وأردف ضابط المخابرات الاسرائيلي:
كل ذلك لقاء 500 دولار شهرياً لك.
وعندما أوضحت له أنني لا أفهم شيئاً عن الشيوعية أو الاشتراكية. وأنني أريد فقط أن أعيش في سلام. ذكرني لابي بأحوالي السيئة بالاسكندرية والتي أدت الى تشتتي هكذا بعدما كنت ذا سمعة حسنة في السوق. واعتقدت أنني يجب ألا أرفض هذا العرض. . فهي فرصة عظيمة يجب استغلالها في وسط هذا الخضم المتلاطم من الفوضى التي لازمتني منذ أمد .. وتهدد استقرار حياتي.


الحصار في روما


عندما تسلمت زينب الرسالة الوافدة من إيطاليا، لم تكن تصدق أن يهتم بها هذا العابر المجهول الى هذا الحد.
كانت قد نسيته بعدما مرت عدة أشهر منذ التقت به في خان الخليلي حيث تعمل بائعة في محل للأنتيكات والتحف. وبعدما تردد عليها عدة مرات عرضت عليه السفر معه الى إيطاليا لتشتري سيارة لتشغيلها سيارة أجرة في القاهرة .. فوعدها بأن يساعدها ثم اختفى فجأة ولم يعد يذهب اليها . . حتى جاءتها رسالته تحمل طابع البريد الايطالي وعنوانه وتليفونه هناك.
أسرعت زينب بالخطاب الى خالها الذي يتولى أمرها بعد وفاة والديها، ولكنه عارض الفكرة وعندما رأى منها إصراراً رضخ للأمر ووافقها..
سنوات وزينب تحلم بالسفر الى الخارج للعمل. لقد بلغت الرابعة والعشرين من عمرها، ولم ترتبط بعد بعلاقات عاطفية تعوق أحلامها. لذلك تفوقت في دراستها بكلية الآداب – جامعة عين شمس وعشقت اللغة الإنجليزية عشقاً كبيراً. . والتحقت بعد الجامعة بالعمل في خان الخليلي بالقرب من بيتها في شارع المعز لدين الله بحي الجمالية. . حيث مسجد الحسين ورائحة التاريخ تعبق المكان وتنتشر على مساحة واسعة من الحي القديم العريق.
حجزت زينب تذكرة الطائرة ذهاباً وإياباً على طائرة مصر للطيران .. وبحقيبتها كل ما لديها من مال وفرته لمثل هذه الفرصة. وفي مطار روما كان ماريو بانتظارها يملؤه الشوق لأول الضحايا الذين سيجندهم للعمل لصالح المخابرات الاسرائيلية.
وعندما رأته كانت كمن عثر على شيء ثمين. إذ صدمتها اللغة الإيطالية التي لا تعرف منها حرفاً واحداً. . وسرت كثيراً عندما وجدت ماريو يتحدث بها "كالطليان" أصحاب البلد. اصطحبها الى فندق رخيص في روما ثم تركها لتستريح وذهب هو الى مسكنه ليرتب خطة تجنيدها التي رسم خطوطها عدة مرات. .
وفي الصباح ذهب الى الفندق حيث كانت الفتاة تنتظره فأخذها في جولة رائعة بسيارته لمنتزهات روما وأماكنها السياحية. ثم ذهب بها في اليوم التالي الى أماكن بيع السيارات المستعملة. معتمداً أن يرفع لها أسعار السيارات مستغلاً جهلها باللغة الايطالية. . واعتمادها عليه أولاً وأخيراً.
وتعمد أيضاً أن تطول مدة إقامتها في روما للبحث عن فرصة شراء سيارة أفضل وأرخص وأقنعها بشراء فيات 125 دفعت فيها معظم ما تملكه من مال. . وما تبقى معها كان يكفي بالكاد مصاريف الشحن الى الاسكندرية.
وصدمت الفتاة بعدما تبين لها أن فاتورة الفندق امتصت النصيب الأكبر من نقودها .. ولم تعد تملك مصاريف الشحن كاملة. لقد خدعها ماريو عندما ذكر لها أرقاماً تقل بكثيرعن الحقيقة عند شحن السيارة.


( يتبع )
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
منى الراوى
مشرف منتدي السياحة والآثار مشرف منتدي السياحة والآثار
منى الراوى


انثى
ســآعـتي :
التسجيل : 04/10/2010
المساهمات : 4915
عدد النقاط : 10549
المزاج : خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر Qatary24
المهنة : خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر Unknow10
الهوايه : خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر Unknow11
الدولة : خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر Female31
الأوسمة : خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر 3h210
التميز : خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر 1510

خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر Empty
مُساهمةموضوع: رد: خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر   خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر I_icon_minitimeالإثنين 11 أكتوبر 2010, 11:02 pm

صيد الغزلان

تركها ماريو لعدة أيام دون أن يتصل بها بحجة أنه كان في ميلانو. وبكت زينب في حرقة وهي تحكي له عن حالها. . وكيف انها لم تعد تملك أية أموال لتعود الى مصر بالسيارة الواقفة أمام الفندق ومتوسلة رجته أن يساعدها فوعدها بذلك.
ومرت ثلاثة أيام أخرى كانت زينب قد باعت حليها ولم تتبق معها سوى ساعة يدها الجوفيال التي لا تساوي شيئاً يذكر.
حاصرها ماريو جيداً وأفقدها التفكير واستعمل معها أسلوب "صيد الغزلان" بأن أغلق أمامها كل الطرق.. وترك لها فتحة ضيقة لتنفذ منها الى شبكته لتقع فيها ولا تخرج. وظهر لها فجأة بعد غياب عدة أيام معتذراً بشدة .. واصطحبها للعشاء بأحد المطاعم الراقية. . وبعد أن جلسا عزفت الموسيقى مقطوعة إيطالية شهيرة عنوانها "مولتي جراتسي ميو أميتشو" أي "شكراً جزيلاً يا صديقي" فقالت زينب لماريو:
طلبت منك قرضاً أرده لك في مصر فلم تجبني.
اعتدل ماريو في مقعده وقال بسرعة:
نعم . . نعم . . لا مشكلة إذن . . بعد غد سأتلوى شحن سيارتك الى الاسكندرية.
ولِم بعد غد؟
مشغول أنا غداً. . ولا أملك وقتاً مطلقاً "قالها ماريو وتعمد ألا ينظر لوجهها".
لقد وعدتني أن تدبر لي عملاً هنا في روما. فإن ذلك سيعفيك من إقراضي أية أموال.
ماذا تقولين؟ ألم أخبرك أنني أبحث بالفعل عن عمل مناسب لك؟
أنت تقول "قالتها زينب مليئة بالحسرة والإحساس بالندم"
فما كان من ماريو إلا أن أجاب:
عموماً . . بعد غد ستكون سيارتك على ظهر السفينة. أفهمت؟
وفي تلك اللحظة .. اقترب منها رجل وسيم تعدى الخمسين بقليل وقال بالإنجليزية بأدب جم:
أتسمحان لي بأن أطلب من إدارة المطعم إغلاق جهاز التكييف الحار حتى لا نصاب جميعاً بالبرد عند الخروج؟
ردت زينب في حماس بالغ ممزوج بالعرفان:
تفضل . . وشكراً يا سيدي
أردف الرجل قائلاً:
معذرة . . هل أنت تونسية؟
أجابته بأن لكنتها تدل على ذلك وضحكت وقالت في افتخار:
أنا من الجمهورية العربية المتحدة. من القاهرة.
هتف الرجل سعيداً:
أوه . .ناصر . . يا له من زعيم عبقري.
وفي حركة مسرحية سريعة مد الرجل يده الى محفظته.. وأخرج منها صورة لعبد الناصر يشرب من "القلة" ويجلس على الأرض بجوار صلاح سالم وأردف قائلاً:
تمنيت أن أراه وأصافحه ذات يوم. فهل يتحقق لي ذلك؟
تعال الى القاهرة يا سيدي وأعتقد أن ذلك ليس بالشيء الصعب.
هكذا قالت زينب بفخر، وهي تتكلم الانجليزية بطلاقة. .، وتكلم ماريو يخاطب الرجل بالإيطالية:
أنتم تكرهون ناصر في الغرب . . وفي الشرق تتوقف الحياة تماماً حينما يتكلم .. تناقض غريب.
أجاب الرجل في بشاشة:
نعم يا سيد .. ؟
ماريو . . ماريو إيجتسيانو "ماريو المصري".
نعم . . نعم سنيور ماريو هذه حقيقة لا ننكرها.. فمنذ أزمة القناة والغرب لا ينسى ذلك لناصر أبداً.
واعترضت زينب على حوارهما بالإيطالية فقال لها ماريو إن لغته الإنجليزية ضعيفة جداً .. وجاءت فاتورة الحساب ففوجئت زينب بالرجل الغريب يصر على دفعها.. وعندما تمسك ماريو برأيه قال الرجل:
إذن .. هلا قبلتما دعوتي على العشاء غداً؟
أجاب ماريو موافقاً بينما تحرجت زينب ثم فاجأهما ماريو بإعلان اعتذاره لارتباطه طوال الغد .. فأبدى الرجل الأنيق تفهمه ونظر الى زينب فتراجعت الكلمات على لسانها .. عندها لم يمهلها وقتاً طويلاً لتفكر وقال موجهاً حديثاً اليها أنه سيلتقي بها في الثامنة مساء الغد في مطعم "فريسكو" .. فقالت زينب في اضطراب "بعدما نظر اليها ماريو موافقاً" إنها لا تعرف الأماكن جيداً. وبدأ الرجل سيلاً من الأسئلة عن جوانب حياتها فأجابته زينب بحسن نية وأخيراً قال لها في دبلوماسية شديدة تدل على خبرة عالية في إدارة حوار:
لقاء الغد ستترتب عليه أشياء كثيرة مهمة لكلينا .. !!
وبعد انتهاء السهرة صحبهما بسيارته الفارهة وأنزل زينب أمام فندقها وانصرف. . وقضت هي وقتاً طويلاً تفكر فيما يقصده بعبارته الأخيرة. وماذا سيترتب عليها من أشياء مهمة؟؟
وفي مساء اليوم التالي كان في انتظارها بردهة الفندق كما اتفقنا بالأمس . . وأخذها في جولة ليلية بنوادي روما وشوارعها ثم دلفا معاً الى مطعم فريسكو الشهير .. حيث الأنواع الغريبة من الأسماك والمحار وكائنات بحرية مدهشة.
كان الرجل قد التمس مكاناً هادئاً في ركن بعيد وتوقعت زينب بأنه من زبائن المطعم المعروفين، للاحترام الجم الذي قوبل به. ولكنه انتشلها من حيرتها وقال لها بحرارة:
آنسة زينب .. منذ الأمس وأنا في حيرة شديدة. . وكما تعلمين فأنا رجل أعمال بريطاني معروف . . والذي لا تعرفينه أنني انفصلت عن شريك لي منذ مدة قصيرة .. وكنت أنوي توسيع أعمالي في لندن لكن أشار علي البعض باستثمار مشاريع إنمائية في جنوب أفريقيا . . وقمت بالفعل بالسفر الى جوهانسبرج وزيارة كيب تاون وحصلت على بعض تقارير اقتصادية لتساعدني في اتخاذ قراري. حتى كان لقاء الأمس الذي سبب لي حيرة شديدة فبرغم حبي لناصر إلا أنني لم أفكر من قبل في السفر الى القاهرة لدراسة السوق المصرية وإقامة بعض مشروعاتي بها.
وتنهد الرجل فيما يشبه إحساساً بالندم وأردف:
إنني الآن – وبإصرار وثقة – أريد اقتحام السوق العربية من خلال مصر. ومن خلالك أنت.
قالت له زينب في دهشة:
من خلالي أنا؟
نعم . . فأنت مصرية وجامعية طموحة .. تملكين اللغة العربية والإنجليزية والثقافة. . ويمكنني الاعتماد عليك في إعداد تقرير اقتصادي عن أحوال مصر الاقتصادية ومشاكل التنمية بها ومعوقات السوق. ومن خلال هذا التقرير سأقرر ما إذا كنت أستطيع إقامة مشاريع إنمائية في مصر من عدمه. ولذلك فهذا الأمر مهم بالنسبة لي ولك .. لأنك ستكونين مديرة لفرع القاهرة وتملكين حق اتخاذ قرارات لصالح مؤسستنا.


حلم اليتيم

انفرجت أسارير زينب وهللت بشراً وسعادة لهذا الخبر المنهمر الذي أغدق عليها فجأة. كانت تجلس أمامه ولا تملك بحقيبة يدها سوى ستة وعشرين دولاراً وبضع ليرات إيطالية لا تكفي ليوم آخر في روما. . واغرورقت عيناها بدموع الفرح عندما فاجأها قائلاً:
ومنذ اليوم سيكون راتبك ثلاثمائة دولار شهرياً.
صرخت بأعماقها لا تصدق أن غيمة النحس قد انقشعت . . وأن الحياة عادت لتضحك من جديد.. لقد مرت بها سنوات من الجوع والحرمان والحاجة .. وكلما ارتقت درجة من درجات الأمل انزلقت الى الوهم وأحلام الخيال. الآن جاءت أحلام الواقع لتزيح أمامها الأوهام فتتراجع القهقري.
كانت تبدو من قبل وكأنها تغرق في لجج من ماء ذي قوام .. الآن تطير في سماوات من الصفو اللذيذ. أخيراً تحقق الحلم الذي طال انتظار اليتيم له. حلم ليس بالمستحيل ولكنه كان المستحيل نفسه.
يا الله.
قالتها زينب وهي تتنهد فتغسل صدرها الصغير من تراكمات اليأس وخيوط الرجاء.
أوصلها الرجل الى الفندق بعدما منحها 600 دولار مرتب شهرين ودفع عنها حساب الفندق. وفوجئت زينب بماريو يسرع بشحن سيارتها ودفع مصاريفها ويودعها بالمطار.
وفي مقعدها بالطائرة أغمضت عينيها وجلست تفكر في أمر ماريو. لقد أخبرته بأمر العرض فأظهر موافقته. وبرغم كونه تاجراً لم يأخذ منها مصاريف الشحن . . بل ألح عليها كثيراً لكي تأخذ منه مائة دولار في المطار. وسلمها حقيبة هدايا بها علبة ماكياج كاملة وزجاجتا بارفان وحزام جلدي أنيق.
تشككت زينب في هذه الأمور وأخذت من جديد تستعرض شريط ما مر بها في روما. وتذكرت الدورة الارشادية التي حضرتها في أحد مدرجات جامعة القاهرة قبل سفرها بأيام. كان المحاضر يشرح أساليب الموساد في اصطياد المصريين في الخارج. ولأن ماريو مصري مثلها ومجريات الأمور كلها كانت شبه طبيعية.. فقد طردت وساوسها التي تضخمت الى حين .. وقررت أمراً في نفسها.
وفي مطار القاهرة انتحت بأحد الضباط جانباً وسألته سؤالاً واحداً. وفي اليوم التالي . . كانت تستقل سيارة صحبتها الى مقر جهاز المخابرات المصرية.. قالت كل شيء بدقة وسردت تفاصيل رحلتها الى ايطاليا وكيف خدعها ماريو لتنفق كل ما لديها من نقود. وحكت ظروفها النفسية السيئة التي مرت بها وكيفية تقرب رجل الأعمال البريطاني منها في تلك الظروف. وكيف شحن ماريو سيارتها الى الاسكندرية على نفقته.. وهو التاجر الذي يسعى للكسب. . ؟ بل إنه عرض عليها مائة دولار أخرى. ولماذا لم يعطها رجل الأعمال عنوانه في بريطانيا لتراسله وتبعث اليه بالتقارير التي طلبها؟ لقد أخبرها أن ماريو سيسافر الى القاهرة عما قريب وعليها أن تسلمه التقرير الاقتصادي الوافر الذي ستعده عن مصر.
وتذكرت زينب أيضاً كيف أن ماريو طلب منها في المطار أن تهتم جيداً بالعمل الذي أوكل اليها ولا تهمله. وعندما سألته هل لديك عنوان مكتب رجل الأعمال ؟!! أجاب بنعم في حين أنه من المنطقي أن يكون معها عنوانه. لقد سلمها 600 دولار وهي بلا شك لقاء قبولها التجسس على وطنها.


صراع العقول

وفوجئت زينب بما لم تتوقعه على الإطلاق . .صور عديدة لها مع ماريو . .قال ضابط المخابرات المصري أن المخابرات العربية على علم بأمره . . وتراقب تحركاته وتنتظر دليل إدانته وقال لها أيضاً:
إن إسرائيل منذ قيامها في عام 1948 وهي تسعى بشتى السبل لمعرفة كل ما يجري في البلاد العربية من نمو اقتصادي وتسلح وما لديها من قوات وعتاد .. ولذلك لجأت لشراء ضعاف النفوس والضمائر وجعلتهم يعملون لحسابها.. وينظمون شبكات التجسس المتعددة في العواصم العربية. . حتى إذا كشفت واحدة تقوم الأخرى مكانها وتتابع نشاط جواسيسها. وتنفق إسرائيل الملايين على هذه الشبكات للصرف عليها.
وأن السبب الرئيسي لسقوط بعض الأفراد في مصيدة المخابرات الإسرائيلية هو ضعف الحالة المادية. وبالإضافة الى الأموال الطائلة التي تنفقها الموساد على عملائها. . فإنها تغرقهم أيضاً في بحور الرغبة وتشبع فيهم نزواتهم . . وبذلك تتم له السيطرة عليهم.
لذا .. فقد أعلنت المخابرات المصرية في يناير عام 1968 بأنها ستساعد كل من تورط مع العدو .. ووقع في فخ الجاسوسية بالإغراء أو التهديد. وأنها على استعداد للتغاضي عن كل ما أقدم عليه أي مواطن عربي .. إذا ما تقدم بالإبلاغ عن تورطه مع الموساد مهما كان منغمساً في التجسس . . وذلك لتفويت الفرصة على المخابرات الإسرائيلية.
ووعد الزعيم جمال عبد الناصر صراحة بحماية كل من تورط بالتجسس لأي سبب. وقد أسفرت هذه الخطة عن تقدم سبعة مصريين الى جهاز المخابرات المصرية يعترفون بتورطهم ويشرحون ظروف سقوطهم.
وأضاف الضابط:
لقد تكلمنا مع ماريو عدة مرات من قبل . . وأفهمناه بطريقة غير مباشرة بأننا على استعداد لمساعدة المتورطين دون أن يعاقبوا. لكن يبدو أنه استلذ أموال الموساد. وسيسقط على يديك يا زينب لأننا سنحصل على دليل إدانته من خلالك.
ووضعت المخابرات المصرية خطة محكمة لاصطياد ماريو..
وفي أول اتصال هاتفي من روما بعد أيام من وصولها.. أخبرته زينب بأنها مشغولة "بترجمة الكتاب" – وهو مصطلح سبق لهما أن اتفقا عليه – وعندما سألها عن المدة التي تكفي لإنجاز "الترجمة" لأنه ينوي المجيء لمصر بعد يومين طلبت منه – حسب الخطة – أن يتأخر عدة أيام حتى تنجز العمل.
اطمأن ماريو وصديقه لردود زينب .. وقنعا بأنها منهمكة في إعداد التقرير . . فلو أن هناك شيء ما يرتبت في الخفاء لما ترددت في إيهامه بأنها أنجزت ما طلب منها ..
وفي مكالمة أخرى بعدها بثمانية أيام . . زفت إليه النبأ الذي ينتظره . . وينتظره أيضاً رجال الموساد في روما. . وعلى ذلك أكد لها بأنه سيصل الى القاهرة عما قريب.


سقوط الخائن

وبعد اللقاء المسجل بالصوت والصورة. اتجه الخائن الى شارع نوال بالدقي حيث شقة زوجته تغريد. فمكث معها يوماً واحداً وحمل كاميرته الخاصة التي تسلمها من الموساد وركب الى الاسكندرية بالطريق الزراعي . . يصور المنشآت الجديدة التي تقوم على جانبي الطريق . . ويراقب أية تحركات لمركبات عسكرية أو شاحنات تحمل المدرعات . . وأمضى مع زوجته وجيدة عدة ساعات ثم عاد الى القاهرة مرة ثانية بالطريق الصحراوي .. وكرر ماريو هذا السيناريو لمدة أسبوع بشكل متصل..
كان إخلاصه للموساد قوياً كعقيدة الإنسان أو إيمانه بمبدأ ما.. فآلاف الدولارات التي حصل عليها من الموساد بدلت دماءه وخلايا مصريته وأعمته عن عروبته.. وجعلت منه كائناً فاقد الهوية والشعور .. بل كان لأموال إسرائيل الحرام فعل السحر في قلبه وزعزعة ثوابت إسلامه. فلقد نسي أن اسمه محمد ابراهيم فهمي كامل . . مسلم .. من مصر . . وأن ماريو ليس اسمه الحقيقي الذي ينادى به. وفي إيطاليا كثيراً ما مر على مساجد روما – دون قصد – فكان يتعجب ويتساءل: ماذا يعني الدين والأنبياء والرسل؟ إن الدين هو "البنكنوت". .
وعندما اتصلت به معشوقته جراتسيللا – عميلة الموساد – تستقصي أخباره وأخبار ضحيته زينب أجابها بأن كل شيء على ما يرام. وحدد لها ميعاد سفره الى إيطاليا. وبعدما أنهت زينب إجراءات الإفراج الجمركي عن سيارتها . . استعدت "هكذا ادعت له" للسفر معه. . فأخبرها بموعد الطائرة وأنه سيمر عليها ليصحبها الى المطار.
وقبل السفر بعدة ساعات كان ماريو قد أعد أدواته. . وخبأ الأفلام التي صورها بجيوب سرية داخل حقائبه ونزع البطانة الداخلية لها وأخفى التقارير السرية التي أعدها بنفسه ثم أعاد إلصاقها مرة ثانية بإحكام فبدت كما كانت من قبل. ومن بين تلك التقارير كان تقرير زينب الذي كان لدى المخابرات المصرية صورة عنه.
وبينما كان ماريو يغادر منزله بالدقي في طريقه الى زينب ثم الى المطار. . فوجئ بلفيف من الأشخاص يستوقفونه .. وأقتيد الى مبنى المخابرات وأمام المحقق أنكر خيانته لكن الأفلام والتقارير التي ضبطت كانت خير دليل على سقوطه في وكر الجاسوسية . . فاعترف مذهولاً بعمالته للموساد .. وأمام المحكمة العسكرية وجهت اليه الجرائم الآتية:
الحصول على أسرار عسكرية بصورة غير مشروعة وإفشاؤها الى المخابرات الإسرائيلية.
الحصول على مبلغ "7 آلاف دولار" مقابل إفشاء الأسرار لدولة معادية "إسرائيل".
التخابر مع العدو لمعاونته في الإضرار بمصر في العمليات الحربية.
تحريض مواطنة مصرية على ارتكابها التخابر .. والحصول على أسرار هامة بقصد إفشائها للعدو.
وفي مايو 1970 صدر الحكم بإعدام ماريو شنقاً بعد أن كرر الخائن اعترافه بالتجسس على وطنه. . وبيعه لأسراره العسكرية مقابل سبعة آلاف دولار. وصدق رئيس الجمهورية على الحكم لعدم وجود ما يستدعي الرحمة بالجاسوس.
لم تنس المخابرات المصرية الدور الكبير الذي لعبته زينب للإيقاع بالخائن ماريو واصطياده الى حيث غرفة الاعدام ومشنقة عشماوي في أحد سجون القاهرة.
وكانت زينب بالفعل – أول مصرية – تصطاد جاسوساً محترفاً في روما . . لإعدامه في القاهرة.!!


و إلى اللقاء مع قصه أخرى !!

خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر 36_3_16%5B1%5D
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
منى الراوى
مشرف منتدي السياحة والآثار مشرف منتدي السياحة والآثار
منى الراوى


انثى
ســآعـتي :
التسجيل : 04/10/2010
المساهمات : 4915
عدد النقاط : 10549
المزاج : خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر Qatary24
المهنة : خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر Unknow10
الهوايه : خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر Unknow11
الدولة : خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر Female31
الأوسمة : خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر 3h210
التميز : خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر 1510

خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر Empty
مُساهمةموضوع: رد: خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر   خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر I_icon_minitimeالإثنين 11 أكتوبر 2010, 11:04 pm

8) توماس المصرى
صاحب أشهر شبكة جاسوسية للأنحراف و الشذوذ
سقطت فى مصر و لا يعرفها أحد !!



محدودة جداً... شبكات الجاسوسية الإسرائيلية في مصر، قياساً بعدد الجواسيس الذين يعملون بمفردهم. وأشهر هذه الشبكات التي نعرفها ولاقت شهرة واسعة.. شبكة التخريب التي تكونت من يهود مصر وفجرت "فضيحة لافون" عام 1954 فأحدثت أزمة طاحنة في إسرائيل حينذاك.
أما شبكة توماس – التي لم تأخذ ولو قدراً ضئيلاً من الشهرة – فتعد من أكبر الشبكات التي ضُبطت، وحجّمت كثيراً من شأن الموساد، وألقت الضوء مبهراً على براعة المخابرات المصرية.
وخطورة هذه الشبكة تكمن في تنوع أنشطتها وأهدافها، وكثرة عدد أعضائها من المصريين والأجانب، وكثافة المعلومات الحيوية التي نقلتها لإسرائيل، وأيضاً... عمرها القصير جداً الذي يقابله انتشار شرس محموم في أكثر من دولة.
إنها بحق ... أشهر شبكات الجاسوسية التي سقطت في مصر .. ولا يعرفها أحد... !!


الصياد والفريسة

في فبراير عام 1958 دخلت سوريا مع مصر في اتحاد اندماجي، وعرفت الدولتان باسم "الجمهورية العربية المتحدة" وكانت سوريا هي الاقليم الشمالي، ومصر هي الاقليم الجنوبي. ورأت إسرائيل في هذا الاتحاد خطراً عظيماً يتهدد أمنها في الشمال والجنوب ومن الشرق أيضاً.
وحوصرت الدولة اليهودية بالجيوش العربية، ولم يتبق لها سوى البحر الأبيض المتوسط – المنفذ الوحيد الآمن، فحصنته بالسفن وبالمدمرات، وزرعت غواصاتها بطول الساحل خوفاً من حصار هذه الجبهة بالقوات البحرية العربية، وأصبحت إسرائيل تعيش في حالة طوارئ دائماً لا تدري من أية جهة تأتيها الضربة الفجائية القاضية.
لذلك حرص ساستها – بواسطة أجهزة المخابرات – على عرقلة نمو هذا التطويق العربي من الشمال والجنوب، ولعبت على كل الأوتار لإفشاله والقضاء عليه. ولم يكن بمستطاعها وقف الزحف العربي لإنقاذ فلسطين المغتصبة، سوى باللجوء إلى كل الحيل القذرة والتصرفات الوحشية لإرهاب العرب، وبث الدعايات المسمومة لإخافتهم، وتصوير الجندي الإسرائيلي والعسكرية الإسرائيلية كأسطورة في الأداء والمهارة والقوة.
لذا فقد عمدت إلى ترسيخ هذا الاعتقاد لدى العرب بمحو ما يقرب من "293" قرية فلسطينية وإزالتها من فوق الأرض والخريطة، وارتكاب أبشع المذابح في التاريخ دموية وبربرية ضد العرب العزل في فلسطين. هذا بجانب التكثيف الإعلامي والنشاط الدبلوماسي للحد من يقظة روح الجهاد، التي جاهدت قوى الاستعمار على إسكاتها بالضغط على العرب وسد أفواههم.. ومنع السلاح عنهم وإغراقهم في مشاكل داخلية معقدة ... كالجهل والتخلف والفقر والمرض... وإثارة الثورات الداخلية طمعاً في شهوة الوصول إلى الحكم.
كل ذلك أدى إلى إضعاف الجيوش العربية في حين كانت إسرائيل تتشكل وتقوى، وتغدق عليها الدول الاستعمارية الكبرى الأسلحة المتطورة الحديثة التي صنعت إسرائيل، وزرعتها في قلب المنطقة العربية لتقسمها إلى نصفين – أفريقي وآسيوي – لا أمل في التقائهما إلا بفناء إسرائيل.
من هنا كان الرعب الأكبر لإسرائيل حينما قامت الوحدة في فبراير 1958 بين الشطرين المنفصلين في الشمال والجنوب، وربطهما اتحاد اندماجي وحكومة واحدة على رأسها الزعيم جمال عبد الناصر، خاصة بعدما فشل زعماء اتفاق "سيفر" بفرنسا في العدوان الثلاثي الغاشم على مصر في أكتوبر 1956، والذي انتهى بخيبة أمل أنجلترا وفرنسا وإسرائيل، وانسحابهم يملأهم الخزي والعار.
لذلك كان على إسرائيل أن تراقب اتحاد الشطرين، بل وتسعى إلى معرفة أدق الأسرار عنهما... لكي تحتاط إلى نفسها من مغبة تقويضها واجتياح الأرض السليبة فجأة.
وكانت أن أرسلت إلى مصر وسوريا بأمهر صائدي الجواسيس ... للبحث عن خونة يمدونها بالمعلومات وبالوثائق السرية، فجندت مصرياً خائناً من أصل أرمني اسمه "جان ليون توماس" استطاع تكوني شبكة تجسس خطيرة في مصر، وأرسلت إلى سوريا – إيلياهو كوهين – داهية الجواسيس على الإطلاق، وأسطورة الموساد الذي ظل جسده معلقاً في المشنقة لأربعة أيام في دمشق... والأرمن جالية أقلية استوطنت مصر هرباً من الاضطهاد والتنكيل الذي تعرض له الشعب الأرمني ... وتعدادهم بالآلاف في مصر .. امتزجوا بنسيجها الاجتماعي وتزاوجوا فيما بينهم في البداية... ثم اختلطت دماؤهم بالمصريين في مصاهرة طبيعية تؤكد هذا الامتزاج والاستقرار، واحتفظوا فيما بينهم بعاداتهم وتقاليدهم وبلغتهم الأصلية.
وتشير بعض المصادر أن تعدادهم في مصر يصل إلى مائة ألف أرمني، يتمتعون بالجنسية المصرية وبكامل الحقوق، وسمحت لهم السلطات بإصدار صحيفة باللغة الأرمينية، تدعم ترابطهم وتذكرهم بجذورهم.
اشتهر عن الأرمن أنهم أناس درجوا على العمل والكفاح والاشتغال بالتجارة، لذلك.. فأمورهم الحياتية والمادية ممتازة.. خاصة بعدما هيأ لهم المناخ المستقر في مصر فرص الانطلاق والنجاح.
وكان "جان ليون توماس" أحد ابناء هذه الجالية، وقد عمل بالتجارة والاستيراد والتصدير، واستطاع بعد عدة سنوات أن يجمع ثروة طائلة تؤمن له مستقبلاً رائعاً... تدفعه إليه زوجته الألمانية "كيتي دورث" فتغلغل داخل أوساط المجتمع الراقي يزهو بثمرة كده واجتهاده. ولظروف عمله وقرابته تعددت سفرياته إلى ألمانيا الغربية لإنجاز أعماله.
هناك ... اقترب منه أحد صائدي الجواسيس المهرة، واشتم فيه رائحة ما غالباً هي نقطة ضعف من خلالها يستطيع الالتفاف حوله وتجنيده لا سيما بعد تأكده من أن له علاقات واسعة في مصر.
ولم تخب حاسة الشم لدى ضابط المخابرات الإسرائيلي الذي يتستر وراء شخصية رجل أعمال. إذ اكتشف هواية خاصة جداً عن توماس... وهي عشقه للجنس مع الأطفال الصغار. ففي غمرة مشاغله وأعماله، سرعان ما ينقلب إلى ذئب شره يبحث عن فريسة تشبع نهم شذوذه.
كان توماس بالفعل يعاني من هذا الداء، ويصاب أحياناً بتوترات عصبية وتقلبات مواجية حادة، تظهر عادة في صورة ثورة على زوجته الجميلة... التي لم تكن تدرك السبب الحقيقي في هروب الخادمات صغيرات السن من بيتها، ولا يعدن إليه مرة ثانية؟ وفشلت كثيراً في الوصول إلى إجابة منطقية لذلك.

( يتبع )
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
خونه لا يغفر لهم تاريخ مصر
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 2انتقل الى الصفحة : 1, 2  الصفحة التالية
 مواضيع مماثلة
-
» هل يغفر الرجل للمراة ماضيها
» دعاء عظيم جدا يغفر الذنوب كلها ويهتز له ما في الكون
» دعاء قصير يقال قبل الانتهاء من الصلاه يغفر الله لك كل ذنوبك
» هل تريد ان يغفر الله لك وأن يستجيب دعاءك يسير بإذن الله
» تاريخ غزة الحبيبة .

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
 :: منتــــدي البيـــــت بيتـــــــك :: شخصيات في سجل الزمن-
انتقل الى: