|
| | سلسلـــة مبادئ الاخلاق فى القراءن الكريم .. متجدده | |
|
+17دموع حائرة *YaSseR~eLmAsSRy* الأميرة سلمي★ **ياسمين** منى الراوى sweet lolo محمد صوالحه ..Butterfly زيزى *الصـLEGENDـاعق* Ģ.£.m.Ў MaDa الأب الروحي كروان الفجر MOURAD بقايا جروح موناليزا 21 مشترك | |
كاتب الموضوع | رسالة |
---|
موناليزا
ســآعـتي : التسجيل : 13/06/2008 المساهمات : 2643 عدد النقاط : 9890 المزاج : المهنة : الهوايه : الدولة : الأوسمة : التميز :
| موضوع: سلسلـــة مبادئ الاخلاق فى القراءن الكريم .. متجدده الثلاثاء 27 يوليو 2010, 2:20 am | |
| تذكير بمساهمة فاتح الموضوع : سلسله مبادئ الاخلاق فى القراءن الكريم
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين نبينا وحبيبنا سيدنا محمد صلى الله عليه واله وسلم. نعيش في هذا البحث إن شاء الله تعالى مع أعظم دستور للمعاملات عرفه الإنسان حيث الأداب الربانية الرفيعة والأخلاق التي إن طبقناها لأصبحنا خير أمة أخرجت للناس. ويعتمد هذا البحث على كتاب الله ( القرآن العظيم ) والأحاديث الصحيحة التي وردت في كتب الصحاح كالبخاري ومسلم . والمراجع العلمية التي أهتمت بهذا الجانب
وهي كثيرة . . والله الموفق إلى صالح الأعمال.
الجزء الأول
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ -1 الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ -2 الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ -3 مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ -4 إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ
-5 اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ -6 صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ-7
**** نلاحظ هنا كيف بدأ القرآن العظيم بصفة الرحمة لله عز وجل ليدلك أن الإسلام كله رحمة .
قال تعالى :
وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ -107 الأنبياء
الرحمن الرحيم
الاسمان مشتقان من الرحمة , الرحمة التامة وهي إفاضة الخير على العباد. والرحمة العامة تعم جميع الخلائق , فإن رحمة الله تامة عامة ومن رحمة تعالى أن أنعم علينا بالإيجاد ثم بالهداية للإيمان ثم بأسباب السعادة في الدنيا ثم السعادة في الأخرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الله كتب كتابا قبل أن يخلق الخلق : إن رحمتي سبقت غضبي ، فهو مكتوب عنده فوق العرش . الراوي: أبو هريرة المحدث: البخاري - المصدر: الجامع الصحيح - الصفحة أو الرقم: 7554 خلاصة الدرجة: صحيح
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
إن لله مائة رحمة . أنزل منها رحمة واحدة بين الجن والإنس والبهائم والهوام . فبها يتعاطفون . وبها يتراحمون .
وبها تعطف الوحش على ولدها . وأخر الله تسعا وتسعين رحمة . يرحم بها عباده يوم القيامة
الراوي: أبو هريرة المحدث: مسلم - المصدر: المسند الصحيح - الصفحة أو الرقم: 2752
خلاصة الدرجة: صحيح
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
الراحمون يرحمهم الله ، ارحموا أهل الأرض يرحمكم من في السماء
الراوي: عبدالله بن عمرو بن العاص المحدث: ابن دقيق العيد - المصدر: الاقتراح - الصفحة أو الرقم: 127
خلاصة الدرجة: صحيح
فيجب أن نتخلق بهذا الخلق ألا وهو الرحمة , فالراحمون يرحمهم الرحمن .
***** خلق الاستقامة
اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ
ندرك من الآية مدى قيمة الاستقامة على طريق الحق , فالطريق المستقيم هو أقرب الطرق الى الهدف أما الطرق
المعوجة فلا تؤدي إلى شئ إلا الهلاك - والطريق المستقيم هو طريق المؤمنين الذين أنعم الله عليهم في الدنيا والاخرة
صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ.
*****
ومع أنوار سورة البقرة نلاحظ فضيلة التقوى من أولها , وكيف تؤدي التقوى بصاحبها إلى الفلاح في الدنيا والجنات
في الاخرة , فالتقوى هي خوف من الله تعالى في القلب ينعكس على كل جوارح الإنسان فيكون عبدا ربانيا ,
لايعصي الله ولا يعصي رسول الله قال تعالى: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الم -1 ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ -2 الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ -3 وَالَّذِينَ
يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ -4 أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ-5
أي هذا الكتاب العظيم الذي هو الكتاب على الحقيقة, المشتمل على ما لم تشتمل عليه كتب المتقدمين والمتأخرين من
العلم العظيم, والحق المبين.
والهدى: ما تحصل به الهداية إلى سلوك الطرق النافعة.
والتقوى اتخاذ ما يقي سخط الله وعذابه, بامتثال أوامره, واجتناب النواهي, فاهتدوا به, وانتفعوا غاية الانتفاع.
والهداية نوعان: هداية البيان, وهداية التوفيق. فالمتقون حصلت لهم الهدايتان,
فإقامة الصلاة, إقامتها ظاهرا, بإتمام أركانها, وواجباتها, وشروطها. وإقامتها باطنا بإقامة روحها, وهو حضور
القلب فيها, وتدبر ما يقوله ويفعله منها، فهذه الصلاة هي التي قال الله فيها:
إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ – 45 العنكبوت
وكثيرا ما يجمع الله تعالى بين الصلاة والزكاة في القرآن, لأن الصلاة متضمنة للإخلاص للمعبود, والزكاة والنفقة
متضمنة للإحسان على عبيده، فعنوان سعادة العبد إخلاصه للمعبود, وسعيه في نفع الخلق،
فالمتقون يؤمنون بجميع ما جاء به الرسول, فلا يفرقون بين أحد منهم.
أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ
وحصر الفلاح فيهم؛ لأنه لا سبيل إلى الفلاح إلا بسلوك سبيلهم,
وفي نهاية الربع الأول بشرى للمؤمنين الذين يعملون الصالحات , بكل ما تعنيه كلمة الإصلاح , سواء للدنيا أو للآخرة.
قال تعالى:
وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقًا
قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ - 25 الجزء الثانى
وبعض آيات من سورة البقرة
وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ أَيْنَمَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعًا إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ - 148
فالخلق الذي ينبهنا اليه ربنا في الآية السابق هو الهمة وبذل الجهد والمنافسة الشريفة في عمل الخيرات, والخيرات
كثيرة لا تعد ولكن حسبنا ان نقول أنها تشمل الخيرات التي تقربنا من الله تعالى سواء كانت للدنيا كاتقان العمل أو
للآخرة بالصلاة والصوم والحج والزكاة والجهاد والبر بجميع اشكاله وألوانه.
*****
ومن الأخلاق التي وردت في هذا الجزء خلق الصبر .
قال الله تعالى:
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ - 153
فالصبر هو: حبس النفس وكفها عما تكره, فهو ثلاثة أقسام:
صبرها على طاعة الله حتى تؤديها,
وعن معصية الله حتى تتركها,
وعلى أقدار الله المؤلمة فلا تتسخطها،
فالصبر هو المعونة العظيمة على كل أمر, فلا سبيل لغير الصابر, أن يدرك مطلوبه، خصوصا الطاعات الشاقة
المستمرة, فإنها مفتقرة أشد الافتقار, إلى تحمل الصبر, وتجرع المرارة الشاقة، فإذا لازم صاحبها الصبر, فاز بالنجاح, فلهذا أمر الله تعالى به, وأخبر أنه ﴿مَعَ الصَّابِرِينَ﴾ أي:
مع من كان الصبر لهم خلقا, وصفة, وملكة بمعونته وتوفيقه, وتسديده، فهانت عليهم بذلك, المشاق والمكاره,
وسهل عليهم كل عظيم, وزالت عنهم كل صعوبة، وهذه معية خاصة, تقتضي محبته ومعونته, ونصره وقربه,
وهذه منقبة عظيمة للصابرين، فلو لم يكن للصابرين فضيلة إلا أنهم فازوا بهذه المعية من الله, لكفى بها فضلا وشرفا، وأما المعية العامة, فهي معية العلم والقدرة, كما في قوله تعالى:
﴿وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ﴾ وهذه عامة للخلق.
وأمر تعالى بالاستعانة بالصلاة لأن الصلاة هي عماد الدين, ونور المؤمنين, وهي الصلة بين العبد وبين ربه، فإذا كانت
صلاة العبد صلاة كاملة, مجتمعا فيها ما يلزم فيها, وما يسن, وحصل فيها حضور القلب, الذي هو لبها فصار العبد إذا
دخل فيها, استشعر دخوله على ربه, ووقوفه بين يديه, موقف العبد الخادم المتأدب, مستحضرا لكل ما يقوله وما يفعله,
مستغرقا بمناجاة ربه ودعائه لا جرم أن هذه الصلاة, من أكبر المعونة على جميع الأمور فإن الصلاة تنهى عن الفحشاء
والمنكر، ولأن هذا الحضور الذي يكون في الصلاة, يوجب للعبد في قلبه, وصفا, وداعيا يدعوه إلى امتثال أوامر ربه,
واجتناب نواهيه، هذه هي الصلاة التي أمر الله أن نستعين بها على كل شيء.
وقال تعالى بعدها :
وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الأمْوَالِ وَالأنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ -155 الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ
مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ -156 أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُون -157
******
وجاءت في الجزء الثاني آيات الصيام وذلك لان مدرسة الصيام هي التي تخرج المتقين على أكمل وجه.
قال تعالى:
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ -183
فالتقوى خلق عظيم يلزمه تدريبات عظيمة , والصيام مجال كبير لترسيخ هذا الخلق.
فالتقوى معناها الخوف من الله لكي لا ارتكب الآثام , والخوف في القلب ينعكس على جوارح الإنسان فلا ترى
منه غش أو غدر أو خيانة لأنه يخاف يوما تتقلب فيه القلوب والأبصار.
فمما اشتمل عليه من التقوى:
أن الصائم يترك ما حرم الله عليه من الأكل والشرب ونحوها, التي تميل إليها نفسه, متقربا بذلك إلى الله, راجيا
بتركها, ثوابه، فهذا من التقوى.
ومنها: أن الصائم يدرب نفسه على مراقبة الله تعالى, فيترك ما تهوى نفسه, مع قدرته عليه, لعلمه باطلاع الله عليه،
ومنها: أن الصيام يضيق مجاري الشيطان, فإنه يجري من ابن آدم مجرى الدم, فبالصيام, يضعف نفوذه, وتقل منه
المعاصي، ومنها: أن الصائم في الغالب, تكثر طاعته, والطاعات من خصال التقوى.
يتـــــــبع | |
| | |
كاتب الموضوع | رسالة |
---|
دموع حائرة
ســآعـتي : التسجيل : 04/03/2011 المساهمات : 14462 عدد النقاط : 24857 المزاج : المهنة : الهوايه : الدولة : الأوسمة : التميز : أوسمة المسابقات :
| موضوع: رد: سلسلـــة مبادئ الاخلاق فى القراءن الكريم .. متجدده الأحد 24 أبريل 2011, 11:53 pm | |
| | |
| | | Celina
ســآعـتي : التسجيل : 21/12/2009 المساهمات : 12379 عدد النقاط : 18808 المزاج : المهنة : الهوايه : الدولة : الأوسمة : التميز : أوسمة المسابقات :
| موضوع: رد: سلسلـــة مبادئ الاخلاق فى القراءن الكريم .. متجدده الإثنين 23 مايو 2011, 4:09 pm | |
| | |
| | | ДvαţaR عضـــــو مـــــاسي
ســآعـتي : التسجيل : 14/06/2008 المساهمات : 2542 عدد النقاط : 9330 المزاج : المهنة : الهوايه : الدولة : الأوسمة : التميز :
| موضوع: رد: سلسلـــة مبادئ الاخلاق فى القراءن الكريم .. متجدده الأحد 29 مايو 2011, 4:09 am | |
| يسلموا عالموضوع موضوع جميل تسلم الايادي جزاك الله عنها كل خيرا ودي | |
| | | موناليزا
ســآعـتي : التسجيل : 13/06/2008 المساهمات : 2643 عدد النقاط : 9890 المزاج : المهنة : الهوايه : الدولة : الأوسمة : التميز :
| | | | موناليزا
ســآعـتي : التسجيل : 13/06/2008 المساهمات : 2643 عدد النقاط : 9890 المزاج : المهنة : الهوايه : الدولة : الأوسمة : التميز :
| موضوع: رد: سلسلـــة مبادئ الاخلاق فى القراءن الكريم .. متجدده الجمعة 01 يوليو 2011, 4:08 am | |
| مع الجزء الثامن عشر
( 8 )
وبعض أيات من سورة النورتحدثنا في اللقاءات السابقة عن المبدأ الأول و الثاني.
من مبادئ التربية الأخلاقية في الإسلام والتي وردت في سورة النور.
وبعون من الله تعالى نواصل بقية تلك المبادئ.
****** المبدأ الثالثونتيجة حتمية للأخلاقيات السابقة وهي العفة والطهارة والحس المرهف في أدب الإستئذان
نتيجة لكل ذلك يستنير القلب بنور الله تعالى ويستمد ذلك النور في بيوت الله تعالى.
والمبدأ الثالث يتوسط مجموعة الآداب
التي تتضمنها السورة، فيربطها بنور الله. ويتحدث عن أطهر البيوت
التي يعمرها هذا النور , وهي بيوت الله تعالى ( المساجد )
اللَّهُ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ
مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونِةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ
لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (35)
فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ (36)
رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالأَبْصَارُ
(37) لِيَجْزِيَهُمْ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ (38)
الله نور السموات والأرض منورهما يدبر الأمر فيهما ويهدي أهلهما، فهو- سبحانه - نور، وحجابه نور،
به استنارت السموات والأرض وما فيهما، وكتاب الله وهدايته نور منه سبحانه، فلولا نوره تعالى لتراكمت
الظلمات بعضها فوق بعض.
مثل نوره الذي يهدي إليه, وهو الإيمان والقرآن في قلب المؤمن كمشكاة, وهي الكُوَّة في الحائط غير النافذة،
فيها مصباح، حيث تجمع الكوَّة نور المصباح فلا يتفرق، وذلك المصباح في زجاجة، كأنها - لصفائها -
كوكب مضيء كالدُّر،
فذلك مثل الهدى يضيء في قلب المؤمن. والله يهدي ويوفق لاتباع القرآن مَن يشاء، ويضرب الأمثال للناس؛
والله بكل شيء عليم, لا يخفى عليه شيء..
هذا النور المضيء في مساجد أَمَرَ الله أن يُرْفع شأنها وبناؤها، ويُذْكر فيها اسمه بتلاوة كتابه والتسبيح والتهليل،
وغير ذلك من أنواع الذكر، يُصلِّي فيها لله في الصباح والمساء.
رجال لا تشغلهم تجارة ولا بيع عن ذِكْرِ الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة لمستحقيها, يخافون يوم القيامة الذي
تتقلب فيه القلوب بين الرجاء في النجاة والخوف من الهلاك، وتتقلب فيه الأبصار تنظر إلى أي مصير تكون؟
ليعطيهم الله ثواب أحسن أعمالهم، ويزيدهم من فضله بمضاعفة حسناتهم. والله يرزق مَن يشاء بغير حساب،
بل يعطيه مِنَ الأجر ما لا يبلغه عمله، وبلا عدٍّ ولا كيل.
*******
وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ
حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ (39)
أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ
يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَنْ لَمْ يَجْعَلْ اللَّهُ لَهُ نُوراً فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ (40)
وفي الجانب المقابل الذين كفروا وأعمالهم كسراب من اللمعان الكاذب؛ أو كظلمات بعضها فوق بعض.
والذين كفروا بربهم وكذَّبوا رسله، أعمالهم التي ظنوها نافعة لهم ، كسراب، وهو ما يشاهَد كالماء على الأرض
المستوية في الظهيرة، يظنه العطشان ماء، فإذا أتاه لم يجده ماء... فالكافر يظن أن أعماله تنفعه , فإذا كان
يوم القيامة لم يجد لها ثوابًا ، ووجد الله سبحانه وتعالى له بالمرصاد فوفَّاه جزاء عمله كاملا .
والله سريع الحساب ، فلا يستبطئ الجاهلون ذلك الوعد، فإنه لا بدَّ مِن إتيانه.
أو تكون أعمالهم مثل ظلمات في بحر عميق يعلوه موج, من فوق الموج موج آخر، ومِن فوقه سحاب كثيف
، ظلمات شديدة بعضها فوق بعض، إذا أخرج الناظر يده لم يقارب رؤيتها من شدة الظلمات ، فالكفار
تراكمت عليهم ظلمات الشرك والضلال وفساد الأعمال . ومن لم يجعل الله له نورًا من كتابه وسنة نبيه
يهتدي به فما له مِن هاد....
******
ثم يكشف عن فيوض من نور الله في الآفاق: في تسبيح الخلائق كلها لله تعالى . وفي إزجاء السحاب. وفي تقليب
الليل والنهار. وفي خلق كل دابة من ماء، ثم اختلاف أشكالها ووظائفها وأنواعها وأجناسها، مما هو معروض
في صفحة الكون للبصائر والأبصار..
وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ مَاءٍ فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى
أَرْبَعٍ يَخْلُقُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ -45
*******
وبهذا النور في أيات الله تعالى تتحرك العقول المؤمنة للبحث والعلم والإعمار في الأرض,
متجهة بالعبادة لله رب العالمين ملتزمة بشريعته التي تنظم حركتهم في الحياة حتى لا يقعوا في الفساد والرذيلة ,
إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ -
51 وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ - 52
******* ويختم ذلك المبدأ بوعد الله للمؤمنين الذين يعملون الصالحات
وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ
دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ
فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ - 55
مع الجزء الثامن عشر
( 9 )
وبعض أيات من سورة النور
تحدثنا في اللقاءات السابقة عن المبدأ الأول و الثاني والثالث والرابع من مبادئ التربية الأخلاقية في
الإسلام والتي وردت في سورة النور.
وبعون من الله تعالى نواصل بقية تلك المبادئ.
****** المبدأ الخامس
والمبدأ الخامس يقرر آداب الاستئذان والضيافة في محيط البيوت بين الأقارب والأصدقاء. وإلى آداب المجتمع
المسلم كله كأسرة واحدة.
العناية بتربية الأطفال على الفضائل
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلاثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ
تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلاةِ الْعِشَاءِ ثَلاثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ
عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ - 58
أمر المؤمنين أن يستأذنهم الذين تحت رعايتهم من الخدم والعاملين، والذين لم يبلغوا الحلم منهم.
قد ذكر الله حكمته وأنه ثلاث عورات للمستأذن عليهم، وقت نومهم بالليل بعد العشاء، وعند انتباههم قبل
صلاة الفجر، فهذا - في الغالب - أن النائم يستعمل للنوم في الليل ثوبا غير ثوبه المعتاد، وأما نوم النهار،
فلما كان في الغالب قليلا، قد ينام فيه الإنسان بثيابه المعتادة، قيده بقوله: ﴿ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ ﴾
أي: للقائلة، وسط النهار.
ففي هذه الأحوال الثلاثة، يكون الخدم والأولاد الصغار كغيرهم، لا يمكنون من الدخول إلا بإذن، وأما ما عدا هذه
الأحوال الثلاثة فقال تعالى: ﴿ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ ﴾ فإنهم يحتاج إليهم دائما، فيشق الاستئذان
منهم في كل وقت، ولهذا قال: ﴿ طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ ﴾ أي: يترددون عليكم في قضاء أشغالكم
وحوائجكم.
﴿ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ﴾ له العلم المحيط بالواجبات والمستحيلات والممكنات،
والحكمة التي وضعت لكل شيء .
******
العناية بتربية الأطفال بعد البلوغ
وَإِذَا بَلَغَ الأطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ الآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ - 59
وفي هاتين الآيتين فوائد، منها: وجوب التعليم للآداب الشرعية، لأن الله وجه الخطاب إليهم بقوله تعالى:
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ ﴾ الآية، ولا يمكن ذلك، إلا بالتعليم
والتأديب، ومنها: الأمر بحفظ العورات، والاحتياط لذلك من كل وجه.
ومنها: أن الصغير الذي دون البلوغ، لا يجوز أن يمكن من رؤية العورة، ولا يجوز أن ترى عورته.
ومنها: أن الحكم المذكور المفصل، إنما هو لما دون البلوغ، فأما ما بعد البلوغ، فليس إلا الاستئذان.
******
وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللاتِي لا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ وَأَنْ
يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ - 60
أي: لا يطمعن في الزواج، ولا يطمع فيهن الرجال ، وذلك لكونها كبيرة السن طاهرة النفس نقية السريرة ,
الجميع يتطلع لحنانها ودعاءها كأم وجدة.
﴿ فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ ﴾ أي: حرج وإثم ﴿ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ ﴾ أي: الثياب الظاهرة، كالخمار ونحوه، الذي قال
الله فيه للنساء : ﴿ وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ ﴾ فهؤلاء، يجوز لهن أن يكشفن وجوههن لآمن المحذور منها وعليها،
ولما كان نفي الحرج عنهن في وضع الثياب، ربما توهم منه جواز استعمالها لكل شيء، دفع هذا الاحتراز بقوله:
﴿ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ ﴾ أي: غير مظهرات للناس زينة، من تجمل بثياب ظاهرة ونحو ذلك ﴿ وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ ﴾
والاستعفاف: طلب العفة، بفعل الأسباب المقتضية لذلك، من ترك كل ما يخشى منه الفتنة، ﴿ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾ بالنيات والمقاصد.
******* اليسر في التشريع
لَيْسَ عَلَى الأعْمَى حَرَجٌ وَلا عَلَى الأعْرَجِ حَرَجٌ وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَلا عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ
آبَائِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ إِخْوَانِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخَوَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَعْمَامِكُمْ أَوْ بُيُوتِ عَمَّاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخْوَالِكُمْ أَوْ
بُيُوتِ خَالاتِكُمْ أَوْ مَا مَلَكْتُمْ مَفَاتِحَهُ أَوْ صَدِيقِكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعًا أَوْ أَشْتَاتًا فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتًا فَسَلِّمُوا
عَلَى أَنْفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ - 61
يخبر تعالى عن منته على عباده، وأنه لم يجعل عليهم في الدين من حرج بل يسره غاية التيسير،
وقوله تعالى : ﴿ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعًا أَوْ أَشْتَاتًا ﴾ فكل ذلك جائز، أكل أهل البيت الواحد جميعا،
أو أكل كل واحد منهم وحده.
﴿ فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتًا ﴾ نكرة في سياق الشرط، يشمل بيت الإنسان وبيت غيره، سواء كان في البيت ساكن أم لا، فإذا
دخلها الإنسان ﴿ فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ ﴾ أي: فليسلم بعضكم على بعض، لأن المسلمين كأنهم شخص واحد،
من توادهم، وتراحمهم، وتعاطفهم، فالسلام مشروع لدخول سائر البيوت، من غير فرق بين بيت وبيت،
ثم مدح هذا السلام فقال تعالى : ﴿ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً ﴾ أي: سلامكم بقولكم: " السلام عليكم ورحمة الله
وبركاته ...لأنها من الكلم الطيب المحبوب عند الله، الذي فيه طيبة نفس للمحيا، ومحبة وجلب مودة.
******* وتتم السورة بإعلان ملكية الله لما في السماوات والأرض، وعلمه بواقع الناس، وما تنطوي عليه حناياهم،
ورجعتهم إليه، وحسابهم على ما يعلمه من أمرهم. وهو بكل شيء عليم.
أَلا إِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ قَدْ يَعْلَمُ مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ وَيَوْمَ يُرْجَعُونَ إِلَيْهِ فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا
عَمِلُوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ - 64
مع الجزء التاسع عشر
( 1 )
وبعض أيات من سورة الفرقان
مبدأ الإختيار
من أعظم النعم على الإنسان أن كرمه الله تعالى وجعله مختارا في أمور كثيرة وأمده بالعقل والفطرة لكي يميز
بين الخير والشر والحق والباطل , وأن فترة الإختيار مرتبطة بعمر الإنسان, بعد البلوغ حتى الموت.
ومن رحمة الله تعالى أن بين لنا عاقبة إختيار سبيل الخير وعاقبة إختيار سبيل الشر ..
ونتيجة هذا الإختيار تظهر يوم القيامة, يوم الحسرة والندامة على من أعرض عن سبيل الحق . الذي دعى إليه
رسول الله, صلى الله عليه وسلم. وسلكه المؤمنون معه ومن بعده.
وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلا - 27 يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلانًا خَلِيلا
- 28 لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلإنْسَانِ خَذُولا – 29
﴿ وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ ﴾ بشركه وكفره وتكذيبه للرسول تأسفا وتحسرا وحزنا وأسف
. ﴿ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلا ﴾ أي طريقا بالإيمان به وتصديقه واتباعه.
ودعوة الرسول صلى الله عليه وسلم هي سبيل النجاة حيث أنها الحق الواضح المبني على اليقين والبرهان.
والمتتبع لهذه السلسلة يجد المنهج التشريعي المتكامل في كل مناحي الحياة . فهل يوجد سبيل أخر مثله
على وجه الأرض لكي تحيد إليه الإنسانية المعذبة ؟... لا سبيل إلا رسالة الله تعالى ( القرآن العظيم )
وهدي رسوله , صلى الله عليه وسلم.
قال تعالى: قُلْ هَـذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللّهِ وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ
– 108 يوسف
هذه دعوة الإسلام يقين وبرهان , وهذا سبيل كل مؤمن يدعو إلى ما دعا إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم
على بصيرة ويقين وبرهان عقلي وشرعي ....
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
ما من أحد يسمع بي من هذه الأمة ، ولا يهودي ، ولا نصراني ، فلا يؤمن بي ؛ إلا دخل النار .
الراوي: سعيد بن جبير - المصدر: السلسلة الصحيحة : الألباني- الصفحة أو الرقم: 3093
خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح رجاله ثقات.
وذلك لشدة وضوح الدلائل والبراهين على صدقه وأن رسالته التي بشر بها كل الأنبياء هي خاتمة الرسالات
وهي السبيل الوحيد للوصول إلى رضوان الله تعالى.
وهي السبيل الذي يدعو إلى العلم والمدنية والتحضر في ظل إيمان القلب بخالقه حيث الهداية.
وفي المقابل سبل الشهوات والظلمات والضلال حتى ولو لبست ثياب المدنية والتحضر والعلم فإنها لن
تغني عن الإنسان شيئا إلا لحظات متعة قليلة في الدنيا وشقاء في الإخرة.
﴿ يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلانًا خَلِيلا ﴾ وهو الشيطان الإنسي أو الجني، حبيبا وهو أعدى عدو لي الذي لم تفدني
ولايته إلا الشقاء والخسار والخزي والبوار.
﴿ لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي ﴾ حيث زين له ما هو عليه من الضلال بخدعه وتسويله.
﴿ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلإنْسَانِ خَذُولا ﴾ يزين له الباطل ويقبح له الحق، ويعده الأماني ثم يتخلى عنه ويتبرأ منه
ومن جميع أتباعه حين قضي الأمر، وقضى الله بين الخلق ﴿ وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الأمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَ عَدَكُمْ
وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلا تَلُومُونِي
وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ... ﴾ الآية 22 إبراهيم .
فلينظر العبد لنفسه وقت الإمكان وليتدارك الممكن قبل أن لا يمكن، وليوال من ولايته فيها سعادته وهو سبيل
الرسول الذي ارتضاه الله للبشرية لينقذهم من العذاب.
وليعاد من تضره صداقته من شياطين الجن والإنس. ويحاول أن يسلك سبيل الصالحين قبل أن يأتي يوم لا ينفع الندم..
*******
ومن الأمور الهامة التي تعين على سلوك الطريق المستقيم
أن يكون كل ما نقوم به من أعمال و معاملات مبنيا على حق التوكل على الله تعالى مدبر الكون ومصيره.
فلا يتم أمر إلا بإذنه , فهو المعين والهادي لكل أمور المؤمن.
وحقيقة التوكل هو بذل غاية الجهد مع التعلق بتوفيق الله تعالى في تحقيق ما نصبوا إليه. فكذلك تفعل بقية
المخلوقات.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصا وتروح بطانا
. الراوي: عمر بن الخطاب - المصدر: مسند أحمد - الصفحة أو الرقم: 1/111
خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح.
وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ وَكَفَى بِهِ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا - 58
﴿ وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ ﴾ الذي له الحياة الكاملة المطلقة ﴿ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ ﴾ أي: اعبده وتوكل عليه في الأمور
المتعلقة بك والمتعلقة بالخلق. ﴿ وَكَفَى بِهِ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا ﴾ يعلمها ويجازي عليها. وعلى هذه المبادئ النورانية يسير المؤمن في طريق الهدى والنجاة. قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ
– 31 ال عمران يتبــــــــــع | |
| | | Lady of the Sky عضـــــو عبقــــــري
ســآعـتي : التسجيل : 08/02/2010 المساهمات : 1381 عدد النقاط : 3697 المزاج : المهنة : الهوايه : الدولة : الأوسمة : التميز :
| موضوع: رد: سلسلـــة مبادئ الاخلاق فى القراءن الكريم .. متجدده الجمعة 01 يوليو 2011, 3:22 pm | |
| | |
| | | موناليزا
ســآعـتي : التسجيل : 13/06/2008 المساهمات : 2643 عدد النقاط : 9890 المزاج : المهنة : الهوايه : الدولة : الأوسمة : التميز :
| | | | موناليزا
ســآعـتي : التسجيل : 13/06/2008 المساهمات : 2643 عدد النقاط : 9890 المزاج : المهنة : الهوايه : الدولة : الأوسمة : التميز :
| موضوع: رد: سلسلـــة مبادئ الاخلاق فى القراءن الكريم .. متجدده السبت 02 يوليو 2011, 1:03 am | |
| مع الجزء التاسع عشر ( 2 ) وبعض أيات من سورة الفرقان
عِبَادُ الرَّحْمَنِ
الصورة الحقيقية والمشرقة للمؤمنين , في مشيتهم وردهم بالسلام على من يجهل عليهم . وعبادتهم
لربهم ودعائهم , وفي معاملاتهم المالية المتزنة, وفي إخلاصهم لله تعالى...وفي أمنهم للناس حيث لا يقترفون جرائم
القتل, واحترامهم للمحارم فلا يزنون .. ولا يشهدون الزور , رحماء فيما بينهم..
وإليكم تلكم الصورة
وَعِبَادُ ٱلرَّحْمَـٰنِ ٱلَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَىٰ ٱلأَرْضِ هَوْناً وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الجَاهِلُونَ قَالُواْ سَلاَماً -63
وَالَّذِينَ يِبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَقِيَاماً -64
وَٱلَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا ٱصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَاماً - 65
إِنَّهَا سَآءَتْ مُسْتَقَرّاً وَمُقَاماً – 66
وَٱلَّذِينَ إِذَآ أَنفَقُواْ لَمْ يُسْرِفُواْ وَلَمْ يَقْتُرُواْ وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً - 67
وَٱلَّذِينَ لاَ يَدْعُونَ مَعَ ٱللَّهِ إِلَـٰهًا آخَرَ وَلاَ يَقْتُلُونَ ٱلنَّفْسَ ٱلَّتِي حَرَّمَ ٱللَّهُ إِلاَّ بِٱلْحَقِّ وَلاَ يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذٰلِكَ يَلْقَ أَثَاماً - 68 يُضَاعَفْ لَهُ ٱلْعَذَابُ يَوْمَ ٱلْقِيامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً - 69 إِلاَّ مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُوْلَـٰئِكَ يُبَدِّلُ
ٱللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً – 70
وَمَن تَابَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى ٱللَّهِ مَتاباً – 71
وَٱلَّذِينَ لاَ يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّواْ بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِراماً - 72
وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُواْ بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّواْ عَلَيْهَا صُمّاً وَعُمْيَاناً – 73 وَٱلَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا
قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَٱجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً – 74
أُوْلَـٰئِكَ يُجْزَوْنَ ٱلْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُواْ وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلاَماً - 75 خَالِدِينَ فِيهَا حَسُنَتْ مُسْتَقَرّاً وَمُقَاماً – 76
*******
( وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هوناً وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا: سلاماً )..
ها هي ذي السمة الأولى من سمات عباد الرحمن: أنهم يمشون على الأرض مشية سهلة هينة، ليس فيها تكلف
ولا تصنع، وليس فيها خيلاء... فيها وقار وسكينة، وفيها جد وقوة. ولا يمشون متماوتين منكسي الرؤوس ممن
يريدون إظهار التقوى والصلاح .
قال أبو هريرة: ما رأيت شيئاً أحسن من رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ كأن الشمس تجري في وجهه،
وما رأيت أحداً أسرع في مشيته من رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ كأنما الأرض تطوى له ـ وإنا لنجهد أنفسنا
وإنه لغير مكترث.
وقال على بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ كان رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ إذا مشى تكفأ تكفياً كأنما ينحط
من صبب.
وهي مشية أولي العزم والهمة والشجاعة.
( وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا: سلاماً ) لا عن ضعف ولكن عن ترفع عن الدنايا والجهل ؛ وعن صيانة الوقت
والجهد أن ينفقا فيما لا طائل من وراءه.
( والذين يبيتون لربهم سجداً وقياماً. والذين يقولون: ربنا اصرف عنا عذاب جهنم. إن عذابها كان غراماً.
إنها ساءت مستقراً ومقاماً )..
يبيتون لربهم سجداً وقياماً، يتوجهون لربهم وحده، ويقومون له وحده، ويسجدون له وحده. ينام الناس وهم قائمون
ساجدون؛ ويخلد الناس إلى الأرض وهم يتطلعون إلى عرش الرحمن، ذي الجلال والإكرام.
وهم في قيامهم وسجودهم وتطلعهم وتعلقهم تمتلىء قلوبهم بالتقوى، والخوف من عذاب جهنم. يقولون:
( ربنا اصرف عنا عذاب جهنم إن عذابها كان غراماً. إنها ساءت مستقراً ومقاماً )..
وهم يتوجهون إلى ربهم في ضراعة وخشوع ليصرف عنهم عذاب جهنم. لا يطمئنهم أنهم يبيتون لربهم سجداً وقياماً ,
فالمؤمن يعيش بين الرجاء والخوف، الرجاء في رحمة الله تعالى , والخوف من التقصير, فيأملون أن يتداركهم فضل
الله وسماحته وعفوه ورحمته، فيصرف عنهم عذاب جهنم.
( إِن عذابها كان غراماً إِنها ساءت مستقراً ومقاماً ) أي ملازماً لا يتحول عن صاحبه , فهذا ما يجعله مروعاً..
*****
نموذج القصد والاعتدال والتوازن
في المعاملات المالية
( والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا، وكان بين ذلك قواماً )..
وهذه سمة الإسلام التي يحققها في حياة الأفراد والجماعات؛ ويتجه إليها في التربية والتشريع، يقيم بناءه كله على
التوازن والاعتدال.
فالإسراف مفسدة للنفس والمال والمجتمع؛ والتقتير مثله حبس للمال عن انتفاع صاحبه به وانتفاع المجتمع من حوله
فالمال أداة اجتماعية لتحقيق خدمات اجتماعية. والإسراف والتقتير يحدثان اختلالاً في المحيط الاجتماعي والمجال
الاقتصادي، وحبس الأموال يحدث أزمات ومثله إطلاقها بغير حساب. ذلك فوق فساد القلوب والأخلاق.
والإسلام وهو ينظم هذا الجانب من الحياة يبدأ به من نفس الفرد، فيجعل الاعتدال سمة من سمات الإيمان .
( وكان بين ذلك قواماً )..
*****
إن اقتران المعاملات بعقيدة التوحيد يعطيها قوة الإلزام لدى الفرد المؤمن .
( والذين لا يدعون مع الله إلهاً آخر، ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق، ولا يزنون. ومن يفعل ذلك يلق أثاماً.
يضاعف له العذاب يوم القيامة، ويخلد فيه مهاناً. إلا من تاب وآمن وعمل عملاً صالحاً، فأولئك يبدل الله سيئاتهم
حسنات، وكان الله غفوراً رحيماً. ومن تاب وعمل صالحاً فإنه يتوب إلى الله متاباً )
1- توحيد الله أساس هذه العقيدة، ومفرق الطريق بين الوضوح والاستقامة والبساطة في الاعتقاد؛ وبين الغموض
والالتواء والتعقيد، الذي لا يقوم على أساسه نظام صالح للحياة.
2 - الأمتناع من قتل النفس ـ إلا بالحق أي بالتشريع العقابي الذي ينص على إعدام من اقترف جريمة قتل مع سبق
الإصرار والترصد . وتطبقه السلطة الحاكمة وليس الأفراد.
فهذا المبدأ وهو عدم قتل النفس يعد مفرق الطريق بين الحياة الاجتماعية الآمنة المطمئنة التي تحترم فيها الحياة
الإنسانية ويقام لها وزن؛ وبين حياة الغابات والكهوف التي لا يأمن فيها الإنسان على نفسه ولا يطمئن إلى عمل أو بناء...
3 – الامتناع من مقاربة الزنا , فهو التزام الحياة النظيفة التي يشعر فيها الإنسان بارتفاعه عن الحياة الهابطة الغليظة
التي لا هم للذكران والإناث فيها إلا إرضاء ذلك السعار.
وإنما جعلت الحياة الزوجية النظيفة لعمارة الأرض والتراحم بين الأسر وتربية الأجيال تلو الأجيال في ظل
علاقات أسرية واضحة .
*****
وباب التوبة دائماً مفتوح، يدخل منه كل من استيقظ ضميره، وأراد العودة والمآب. لا يصد عنه قاصد، ولا يغلق
في وجه لاجئ، أياً كان، وأياً ما ارتكب من الآثام.
روى الطبراني من حديث أبي المغيرة عن صفوان بن عمر عن عبد الرحمن بن جبير " عن أبي فروة، أنه أتى النبي
ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقال: أرأيت رجلاً عمل الذنوب كلها ولم يترك حاجة ولا داجة، فهل له من توبة؟ فقال:
" أسلمت؟ " فقال: نعم. قال: " فافعل الخيرات واترك السيئات، فيجعلها الله لك خيرات كلها " قال:
وغدراتي وفجراتي؟ قال: " نعم ". فما زال يكبر حتى توارى ".
ويضع قاعدة التوبة وشرطها: ( ومن تاب وعمل صالحاً فإنه يتوب إلى الله متاباً ).. فالتوبة تبدأ بالندم والإقلاع
عن المعصية، وتنتهي بالعمل الصالح الذي يثبت أن التوبة صحيحة وأنها جدية.
وهو في الوقت ذاته ينشئ التعويض الإيجابي في النفس للإقلاع عن المعصية. فالمعصية عمل وحركة، يجب ملء
فراغه بعمل مضاد وحركة، وإلا حنت النفس إلى الخطيئة بتأثير الفراغ الذي تحسه بعد الإقلاع. وهذه لمحة في
منهج التربية القرآني عجيبة، تقوم على العلم المحيط بالنفس الإنسانية من الخالق سبحانه وتعالى!
*****
ونعود إلى سمات عباد الرحمن
وَٱلَّذِينَ لاَ يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّواْ بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِراماً - 72
وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُواْ بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّواْ عَلَيْهَا صُمّاً وَعُمْيَاناً – 73
وَٱلَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَٱجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً – 74
أُوْلَـٰئِكَ يُجْزَوْنَ ٱلْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُواْ وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلاَماً - 75 خَالِدِينَ فِيهَا حَسُنَتْ مُسْتَقَرّاً وَمُقَاماً – 76
هذه صفات عباد الرحمن , فهل وجد على الأرض صفات مثلها ,
هذه هي الصورة الصحيحة للإسلام نراها من خلال آيات القرآن العظيم.
وبهذه المبادئ ساد المسلمون العالم. وليس بغيرها.
مع الجزء التاسع عشر
( 3 )
وبعض أيات من سورة الشعراء
تحدثنا في اللقاء السابق في أواخر سورة الفرقان عن عباد الرحمن وعن أهم ما يميزهم.
في مشيتهم وردهم بالسلام على من يجهل عليهم . وعبادتهم لربهم ودعائهم , وفي معاملاتهم المالية المتزنة, فالمال أداة اجتماعية لتحقيق خدمات اجتماعية. والإسراف والتقتير يحدثان اختلالاً في المحيط الاجتماعي
والمجال الاقتصادي.
وتميزو أيضا في إخلاصهم لله تعالى...وفي أمنهم للناس حيث لا يقترفون جرائم القتل, واحترامهم للمحارم
فلا يزنون .. ولا يشهدون الزور , رحماء فيما بينهم..
وإن شاء الله تعالى نتحدث اليوم عن الإصلاح والبعد عن الفساد. من خلال بعض آيات من سورة الشعراء..
وفي معرض الحديث عن نبي الله "صالح" عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام , نستمع إلى كلام الله تعالى:
فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ - 150 وَلا تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ – 151 الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الأرْضِ وَلا يُصْلِحُونَ - 152
فالإصلاح في الأرض هو هدف رسالة الإسلام التي هي رسالة جميع الأنبياء.
قال تعالى في سورة هود:
وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحاً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ هُوَ أَنشَأَكُمْ مِنْ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا
فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ -61
أي: استخلفكم فيها وطلب منكم إعمارها، وأنعم عليكم بالنعم الظاهرة والباطنة، ومكنكم في الأرض، تبنون، وتغرسون،
وتزرعون، وتحرثون ما شئتم، وتنتفعون بمنافعها، وتستغلون مصالحها، فكما أنه لا شريك له في جميع ذلك،
فلا تشركوا به في عبادته.
فنحن مطالبون بالإمساك بشعلة الحضارة كما فعل أسلافنا وذلك لنكون منارة هداية للبشرية وإنقاذها من الكفر
والشرك والإحاد , فالحضارة في الإسلام وسيلة للتقرب من الخالق تبارك وتعالى , ووسيلة لفهم آيات الله تعالى
في الكون . ولا يكون ذلك إلا بالإصلاح..
وَلا تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ – 151 الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الأرْضِ وَلا يُصْلِحُونَ - 152
والفساد في المجتمعات كالمرض يصيب الإنسان , إن لم يتم معالجته يظل البدن في حالة إعتلال وضعف بحيث
لا يستطيع النهوض بما يطلب منه.
والأخطر من ذلك أن يتم الفساد على إنه الإصلاح . قال تعالى في سورة الكهف:
قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالأخْسَرِينَ أَعْمَالا – 103 الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا - 104
أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا - 105 ذَلِكَ جَزَاؤُهُمْ جَهَنَّمُ
بِمَا كَفَرُوا وَاتَّخَذُوا آيَاتِي وَرُسُلِي هُزُوًا – 106
أي: بطل واضمحل كل ما عملوه من عمل، يحسبون أنهم محسنون في صنعه، فكيف بأعمالهم التي يعلمون
أنها باطلة، وأنها محادة لله ورسله ؟
وقال تعالى في سورة البقرة عن المنافقين:
وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فِي الأرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ - 11 أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لا يَشْعُرُونَ – 12
أي: إذا نهي هؤلاء المنافقون عن الإفساد في الأرض, وهو العمل بالكفر والمعاصي, ﴿ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ ﴾
فجمعوا بين العمل بالفساد في الأرض, وإظهارهم أنه ليس بإفساد بل هو إصلاح, قلبا للحقائق, وجمعا بين فعل الباطل
واعتقاده حقا، وهذا أعظم جناية ممن يعمل بالمعصية, مع اعتقاد أنها معصية فهذا أقرب للسلامة, وأرجى لرجوعه.
﴿ ألا إنهم هم المفسدون ولَكن لا يشعرون ﴾ فإنه لا أعظم فسادا ممن كفر بآيات الله, وصد عن سبيل الله، وخادع
الله وأولياءه, وزعم مع ذلك أن هذا إصلاح, فهل بعد هذا الفساد فساد؟"
وإنما كان العمل بالمعاصي في الأرض إفسادا, لأنه يتضمن فساد ما على وجه الأرض من الحبوب والثمار والأشجار,
والنبات, بما يحصل فيها من الآفات بسبب المعاصي، ولأن الإصلاح في الأرض أن تعمر بطاعة الله والإيمان به,
لهذا خلق الله الخلق, وأسكنهم في الأرض, وأدر لهم الأرزاق, ليستعينوا بها على طاعته وعبادته ، فإذا عمل
فيها بضده, كان فسادا, وخرابا لها عما خلقت له.
ولذلك قال تعالى في سورة الروم:
ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ – 41
أي: استعلن الفساد في البر والبحر و فساد معايشهم ونقصها وحلول الآفات بها، وفي أنفسهم من الأمراض والوباء
وغير ذلك، وذلك بسبب ما قدمت أيديهم من الأعمال الفاسدة المفسدة بطبعها.
﴿ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا ﴾ أي: ليعلموا أنه المجازي على الأعمال فعجل لهم نموذجا من جزاء أعمالهم في الدنيا
﴿ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ﴾ عن أعمالهم التي جلبت لهم الفساد ، فتصلح أحوالهم ويستقيم أمرهم. فسبحان من أنعم ببلائه
وتفضل بعقوبته وإلا فلو أذاقهم جميع ما كسبوا ما ترك على ظهرها من دابة.
وقال تعالى في سورة الأعراف:
وَلا تُفْسِدُوا فِي الأرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ - 56
يتبـــــــع | |
| | | اسيرة الحرمان
صغنون اوي
ســآعـتي : التسجيل : 28/04/2011 المساهمات : 22 عدد النقاط : 69 المزاج : المهنة : الهوايه : الدولة : الأوسمة : التميز :
| موضوع: رد: سلسلـــة مبادئ الاخلاق فى القراءن الكريم .. متجدده الأربعاء 13 يوليو 2011, 2:41 pm | |
| | |
| | | اسيرة الحرمان
صغنون اوي
ســآعـتي : التسجيل : 28/04/2011 المساهمات : 22 عدد النقاط : 69 المزاج : المهنة : الهوايه : الدولة : الأوسمة : التميز :
| موضوع: رد: سلسلـــة مبادئ الاخلاق فى القراءن الكريم .. متجدده الأربعاء 13 يوليو 2011, 2:42 pm | |
| | |
| | | موناليزا
ســآعـتي : التسجيل : 13/06/2008 المساهمات : 2643 عدد النقاط : 9890 المزاج : المهنة : الهوايه : الدولة : الأوسمة : التميز :
| | | | | سلسلـــة مبادئ الاخلاق فى القراءن الكريم .. متجدده | |
|
مواضيع مماثلة | |
|
| صلاحيات هذا المنتدى: | لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
| |
| |
| |
|